تعكف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على تحيين البرامج المرتبطة بمختلف الفروع التكوينية والتخصصات التي يضمها القطاع، وذلك بإدراج ما يعرف لدى المختصين بالكفاءات الأفقية، من بينها البرمجيات والذكاء الاصطناعي، من أجل إرساء جامعة مقاولاتية مبتكرة، وتلبية متطلبات سوق الشغل وتحقيق التنمية الاقتصادية.
تلقت مختلف المؤسسات الجامعية الموزعة على التراب الوطني مراسلة من الإدارة المركزية تتضمن ضرورة الشروع في إعداد برامج تكوين جديدة تتماشى مع الأهداف التي سطرتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، للرقي بأداء مستوى القطاع، وضمان الجودة في التعليم والتكوين وصولا إلى جامعة الجيل الرابع.
وتندرج هذه التدابير وفق مصادر من القطاع ضمن تجسيد مخرجات لقاء الحكومة الولاة الأخير، بهدف دمج الجامعة مع مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد، وجعل قطاع التعليم العالي والبحث العلمي ميدانا ملائما لتكوين يد عاملة مؤهلة مواكبة للتقدم التكنولوجي والرقمي، وذلك عن طريق تحيين برامج التكوين لجميع التخصصات العلمية والتكنولوجية، وكذا العلوم الإنسانية.
وتفرض الاستراتيجية التي تبنتها الوزارة على جميع المؤسسات الجامعية بالاندماج مع النظرة الجديدة للقطاع، الذي قطع أشواطا هامة لأجل بلوغ جامعة الجيل الرابع، والتكيف مع المتطلبات الجديدة لسوق الشغل الذي يشهد بروز مهن جديدة ذات صلة بعالم الرقمنة والذكاء الاصطناعي، واندثار المهن التقليدية.
ويعد تحقيق هذه الأهداف من جملة التحديات التي تواجه قطاع التعليم العالي، الذي أضحى مطالبا اليوم أكثر من أي وقت مضى بتكوين إطارات قادرة على التكيف مع المستجدات والتطوير التكنولوجي المتسارع من أجل اللحاق بركب التنمية.
وقد باشرت مؤخرا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جهودا مكثفة لإدراج الكفاءات أو المهارات الناعمة في برامج التعليم والتكوين، أو ما يصطلح عليه لدى أهل الاختصاص بالكفاءات الأفقية، ويقصد بها المعارف التي يتلقاها الطالب الجامعي خارج الإطار النظري والمعارف الأساسية، لأجل تدعيم الجانب الأكاديمي، عن طريق إضافة عناصر جديدة لبرامج التكوين، لإعداد طلبة مبدعين قادرين على التكيف مع مستجدات سوق العمل، وفق ذات المصدر.
وتعد المهارات أو الكفاءات الناعمة من القدرات المطلوبة في سوق الشغل وفق تأكيد مختصين، لأنها تعزز أداء العمال والموظفين، وهي تساعد قطاع التعليم العالي والبحث العلمي على تكوين مورد بشري مؤهل في شتى المجالات، بما يساهم في تحقيق أهداف التنمية، إلى جانب تجسيد البرنامج الذي سطرته الوزارة الوصية لإرساء جامعة مقاولاتية ومبتكرة.
ويشار إلى أنه تم على مستوى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي استحداث لجنة لمرافقة المؤسسات الجامعية للانتقال بسلاسة إلى جامعة من الجيل الرابع، عبر وضع استراتيجية تضمن التكيف مع التحديات الجديدة والتطور التكنولوجي والعلمي في ميدان التعليم العالي، مع تشجيع المؤسسات الجامعية على التحول الرقمي، وإدراج تخصصات جديدة ذات الصلة بريادة الأعمال والتكنولوجيا.
ويتطلب الانتقال إلى جامعة الجيل الرابع وفق ذات اللجنة مراجعة المناهج البيداغوجية، من خلال اعتماد أساليب تعليمية مبتكرة، من بينها دمج المهارات الناعمة في المناهج الدراسية، وهو ما تعكف عليه المؤسسات الجامعية تجسيدا لقرار الوزارة الوصاية، بهدف إعداد الطلبة لمواجهة تحديات سوق الشغل.
وتشمل هذه التدابير الجديدة التخصصات ذات الصلة بالعلوم الإنسانية التي تطمح الوزارة إلى إقحامها في عالم المقاولاتية والابتكار، عبر تحديث البرامج ومسايرتها مع التطور التكنولوجي لتلبية احتياجات سوق العمل، وامتصاص البطالة الناجمة عن عدم مسايرة المهارات التي يحملها خريجو الجامعة مع متطلبات سوق العمل.
وتطمح الوصاية من خلال إطلاق عملية مراجعة شاملة للبرامج التكوينية لإرساء المقاولاتية والابتكار وريادة الأعمال وتحقيق التحول الرقمي، من خلال تحسين عروض التكوين، بما يساهم في تلبية تطلعات الوافدين الجدد على قطاع التعليم العالي.
لطيفة بلحاج