خرج سكان قالمة ومعهم السلطات المدنية والعسكرية، مساء الخميس، في مسيرة شعبية حاشدة، انطلقت من ساحة “الكرمات” التاريخية، وجابت شوارع قالمة القديمة دعما للذاكرة الوطنية، وتنديدا بالمجازر الفرنسية، المرتبكة في حق الشعب الجزائري، على مدى 132 عاما، بينها مجازر ماي الأسود، التي أودت بحياة 45 ألف شهيد بقالمة، سطيف خراطة ومناطق أخرى من الوطن المحتل.
المسيرة اختارت نفس التوقيت، وهو الرابعة مساء، كما حدث قبل 80 عاما، عندما قرر سكان قالمة، وقادة الحركة الوطنية بالمنطقة، بداية مسيرة التحرر، من ساحة “الكرمات” التاريخية قاصدين ساحة المدينة القديمة، حيث المقار الرسمية لسلطة الاحتلال، وذلك عبر شوارع وساحات باب السوق، عنونة، ساحة الشهداء، وشارع أول نوفمبر، و 8 ماي 1945 أين سقط الطفل عبد الله بومعزة، المدعو حامد، أول شهيد في تلك الانتفاضة المسيرة الخالدة التي مهدت الطريق الى ثورة التحرير الكبرى.
وقد كانت الكشافة الإسلامية يوم الخميس، في مقدمة المسيرة كما فعلت يوم 8 ماي 1945، عندما تقدمت صفوف الانتفاضة الشعبية، ودفعت الثمن باهظا، حيث تعرض قادتها بقالمة للاعتقال والتصفية الجسدية، بينهم سويداني بوجمعة وعلي عبدة.
وارتدت النساء الزي الأسود بشوارع قالمة تعبيرا عن الحزن، الذي عم الشرق الجزائري برمته، عقب المجزرة الرهيبة، التي استمرت عدة أشهر، يقتل فيها الناس الأبرياء، وتحرق القرى والمداشر، في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية، في القرن العشرين.
ورفعت المسيرة شعارات تندد بالمجزرة وتدعو الى الوحدة، وحماية الوطن، وتتذكر ضحايا ماي الأسود وتحث على عدم نسيان ما وقع في تلك الحقبة الدامية، من تاريخ الجزائر المليء بالأحداث، والمآسي والأمجاد أيضا.
ورفع السكان صورا لهؤلاء الأبطال، الذين سقطوا ضحية الغدر، بمواقع المجزرة المنتشرة عبر مختلف مناطق ولاية قالمة، بينها أفران الجير، والمحجرة وكاف البومبة، وجسر سيبوس وغيرها من المواقع، التي تحتفظ بذاكرة مأساوية، عاشها الشعب الجزائري في شهر ماي و ما بعده، من عام 1945.
فريد.غ
