الجمعة 24 أكتوبر 2025 الموافق لـ 2 جمادى الأولى 1447
Accueil Top Pub

في اليوم الوطني للصحافة: الإعــــلام الوطنـــي في مواجهة تحدّيــات التحوّل الرقمـــي وتداعياتــه


أحيت الأسرة الإعلامية الوطنية أمس، اليوم الوطني للصحافة الذي يصادف الثاني والعشرين من شهر أكتوبر
من كل سنة، تاريخ صدور أول عدد من جريدة المقاومة الجزائرية سنة 1955.
وتعود هذه المناسبة، والإعلام الوطني يواجه اليوم تحديات من أشكال جديدة ومتنوعة، في عالم يبتعد شيئا فشيئا عن الالتزام بكل الأخلاقيات والأعراف والقوانين، ويتجه نحو المزيد من الانغماس في مفاهيم القوة و نكران الحقوق والكيل بمكيالين على المستوى الأخلاقي والسياسي.
ولا تبدو معركة الصحافة الوطنية اليوم أقل ضراوة وشراسة عن معركة جيل الصحفيين الذين واجهوا قبل سبعة عقود كل أشكال الاستعباد والبطش ونكران الحقوق، عندما كانت الجزائر تقاوم المستدمر الفرنسي بكل وحشيته المسنودة في ذلك الوقت من منظومة إعلامية قوية ومنظمة فاقت تأثيراتها حدود الجزائر.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات فقد تمكن ذلك الجيل من الصحفيين من رفع التحدي ومقاومة الآلة الدعائية للاستعمار فارتبطت بذلك رسالتهم الإعلامية برسالة الجهاد المقدس الذي كان يخوضه الشعب الجزائري لنيل حريته و الانعتاق، فكان "النصر" حليفهم وتمكنوا من إيصال صوت و نضال الشعب الجزائري إلى مختلف أرجاء المعمورة وإلى إلى كل شعوب الأرض.
وبعد الاستقلال وبعد عقود من المساهمة الفعالة في معركة البناء والعمل تمكنت أجيال من الصحفيين الجزائريين من تأسيس مدرسة وطنية متميزة في الإعلام الهادف والمدافع عن مصلحة الوطن العليا، وعن مصالح الشعب الجزائري في كل المجالات و الميادين، وعن الرؤية الإستراتيجية السياسية والدبلوماسية لجزائر الاستقلال، صحافة تدافع أيضا عن حقوق الشعوب المقهورة والمستعمرة انطلاقا من التجربة التي عاشتها الجزائر.
لكن الوضع الدولي الحالي بكل تقلباته و تحولاته الجيوسياسية والإستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، فرض تحديات جديدة وخطيرة على الإعلام الوطني، الذي يجب عليه رفعها بكل اقتدار و ذكاء والتكيف معها مهما كان الثمن في سياق الدفاع عن المصلحة العليا للبلاد.
وفي الواقع فإن التطور التقني والتكنولوجي الهائل في مجال تكنولوجيات الإعلام و الاتصال والذكاء الاصطناعي هو الذي فرض هذا النوع من التحديات والرهانات، حيث تعددت أشكال وأساليب الحروب الحديثة التي فرضت على الشعوب انطلاقا من مواقع افتراضية على شبكات افتراضية هي الأخرى وليس في مواقع ملموسة وثابتة كما كانت في عقود مضت.
فالحروب الجديدة من الجيلين الرابع والخامس والسادس قريبا فرضت على الإعلام تحديات كبيرة يتطلب الأمر لرفعها التماهي مع التطور التقني والتكنولوجي الكبير الذي يعرفه العالم في مجال الاتصالات، والتحكم في المعلومة و قدرة فائقة على الفرز والرد في الوقت المناسب.
والإعلام الجزائري كغيره في هذا العالم يواجه اليوم تحديات عديدة وأشكالا متنوعة من الحروب والمعارك، في ظل التسارع الكبير الذي يشهده المسرح العالمي في كل المجالات وكذا في ظل التحول الرقمي المتسارع أيضا.
ومن أبرز هذه التحديات التي تواجه الصحافة الجزائرية اليوم في بيئتها العربية والإفريقية خصوصا والعالمية بوجه عام، مواجهة المعلومات المضللة والمغلوطة التي تنشر بشكل واسع على شبكات التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها وفي وسائل إعلام معادية، والتي تستهدف بالدرجة الأولى اختراق النسيج المجتمعي الوطني وضرب وحدته وضرب استقرار وأمن البلاد، والتأثير على معنويات المواطنين وضرب الروح الوطنية.
ويتمثل التحدي الثاني في كسب معركة التحول الرقمي و امتلاك آخر التكنولوجيات في مجال الإعلام والاتصال و استخدام الذكاء الاصطناعي، ومواكبة التغيرات التكنولوجية الحاصلة في هذا المجال والتي تتسارع وتتغير يوميا وبشكل رهيب، وهي التي من خلالها يمكن للصحافة الوطنية القيام بعملية الفرز ومواجهة الأخبار الكاذبة والرد في الوقت المناسب على الأخبار والمعلومات غير الدقيقة و المضللة.
أما التحدي الآخر فيتمثل في كسب معركة المحتوى، أي صناعة محتوى وطني بقيمة إخبارية عالية يخدم المصالح الوطنية ويدافع عن البلاد في مواجهة مختلف الحملات التضليلية التي تتهددها، ويكون قادرا على الرد بشكل موضوعي عليها، وهي معركة تقوم على الاحترافية والتقيد بمفاهيم الموضوعية والمهنية في المقام الأول.
وخلاصة القول، فإن رفع كل هذه التحديات وكسب هذه المعارك على اختلاف حدتها لابد أن يتم داخل منظومة القيم المجتمعية و الثقافية الوطنية أولا، وأن يضع في الحسبان أيضا المنافسة الدولية الشرسة في هذا المجال التي تستثمر أموالا ضخمة في هذا النوع من الحروب.
وتبذل الصحافة الوطنية في ظل هذه التحديات جهودا كبيرة من أجل أن تضع موطئ قدم لها في هذا المشهد الرمادي بخطوات ثابتة وموثوقة وبشكل متدرج بما يتماشى مع المعطيات الوطنية الكبرى، بداية من وضع الأسس القانونية و التشريعية لمختلف أنواع الإعلام، المكتوب والإلكتروني والسمعي البصري، وصولا إلى ربح معركة الوسائل المادية الضرورية والتقنيات الحديثة في ظل توفر الأموال ودعم الدولة اللامحدود لها في هذا المجال. ويبقى على الإعلاميين بذل المزيد من الجهد في مجال التكوين العالي المستوى و الإطلاع باستمرار على الخبرات الأخرى في هذا المجال، دون إغفال الجانب المهني والمعنوي والفهم الدقيق للرهانات و التهديدات التي تواجه الجزائر كدولة وكمجتمع إقليميا ودوليا.
إلياس -ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com