بددت واشنطن المزاعم المغربية بشأن تسوية قضية الصحراء الغربية، وفندت كل القراءات التي رددتها الأوساط السياسية والإعلامية المغربية حول اصطفاف مجلس الأمن في صف الطرح المغربي لحل قضية الصحراء الغربية، وقالت الإدارة الأمريكية أن خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب ليست الحل الوحيد المطروح لتسوية نزاع الصحراء الغربية، وأن تنظيم تقرير المصير في الصحراء الغربية يبقى من صلاحيات بعثة “المينورسو” وحدها.
وجه مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية والعربية، مسعد بولس، صفعة جديدة لنظام المخزن، حيث أكد بأن خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب ليست الحل الوحيد المطروح لتسوية نزاع الصحراء الغربية، وقال بولس، في حوار مع قناة “فرانس 24” الفرنسية، الإثنين، بأن القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن “ترك الباب مفتوحا أمام كل المبادرات والأفكار الممكنة التي يمكن أن تقدمها الأطراف المعنية”.
وأوضح مسعد، أن مجلس الأمن لم يمنح “حصرية” لخطة الحكم الذاتي، بل رحب بكل الأفكار التي من شأنها دفع العملية السياسية قدمًا، مؤكدًا أن “السبيل الوحيد للحل هو توافق الطرفين المعنيين مباشرة، أي جبهة البوليساريو والمغرب، من خلال حوار شامل وصريح”.
وأضاف المسؤول الأمريكي أن الولايات المتحدة “تشجع جميع الأطراف على المضي قدما نحو الحوار للتوصل إلى اتفاق شامل يرضي الجميع”، معتبرا أن تصريح جبهة البوليساريو الأخير “لم يكن سلبيا بل يحمل تحفظات مشروعة، ومن حق أي طرف أن يبدي تحفظاته في مثل هذه الملفات الحساسة”.
وجاءت التوضيحات التي قدمها المسؤول الأمريكي، مطابقة للتصريحات التي أدلى بها وزير الدول وزير الشؤون الخارجية والجالية، أحمد عطاف، في حواره مع قناة الجزائر الدولية، والتي أكد خلالها أن مضمون القرار الأممي يعتبر نكسة للنظام المغربي، الذي حاول فرض سيادته المزعومة بالقوة على المجموعة الدولية، حيث أرد المغرب خلال جلسة مجلس الأمن ليوم الجمعة الماضي حول القضية الصحراوية، فرض مشروع «الحكم الذاتي» كإطار وحيد وحصري للبحث عن حل للقضية الصحراوية, إلا أنه لم ينجح في ذلك وأن اللائحة النهائية تتحدث عن «الحكم الذاتي» لكن مع البدائل الأخرى، لا سيما البديل المطروح من قبل الصحراويين. وحاول النظام المغربي، كما قال عطاف، اغتنام هذه الفرصة لتمرير أهدافها التاريخية المعروفة والمتمثلة في القضاء على بعثة المينورسو «سواء من خلال تفكيكها وحلها أو من خلال تغيير جذري لعهدتها»، والقضاء نهائيا على فكرة تقرير المصير للشعب الصحراوي.
وعكس ما كان يتمناه المخزن، فان المشروع الأمريكي ارتكز على مبدأ مهم وهو «أن الحكم الذاتي لم يعد الإطار الوحيد لحل القضية الصحراوية وإنما المجال مفتوح للبدائل». وهو ما ذكره كبير مستشاري الرئيس ترامب للشؤون الافريقية والعربية، الذي أكد بأن اللائحة تعكس رغبة لتسوية القضية الصحراوية من خلال الحوار الذي يجب أن يتم بين طرفي النزاع وهو ما تنص عليه أيضا اللائحة الأممية، وهي الفكرة التي تدعمها الجزائر. وأضاف المسؤول الأمريكي أن الولايات المتحدة “تشجع جميع الأطراف على المضي قدما نحو الحوار للتوصل إلى اتفاق شامل يرضي الجميع”، معتبرا أن تصريح جبهة البوليساريو الأخير “لم يكن سلبيا بل يحمل تحفظات مشروعة، ومن حق أي طرف أن يبدي تحفظاته في مثل هذه الملفات الحساسة”.
وأكد المسؤول الأمريكي، ما ذهب إليه وزير الدولة وزير الخارجية، أحمد عطاف، بأن الجزائر كانت على وشك التصويت على المشروع لولا فقرة تم إدراجها في المقدمة والتي رفضتها الجزائر، حيث قال مستشار ترامب، أن الجزائر لم تعارض اللائحة من حيث المبدأ ولا ما تضمنه من اقتراحات، بل اعترضت على ديباجة اللائحة، لافتا إلى أن “الإشكال الحقيقي يكمن في مقدمة القرار الأممي وليس في صلبه”.
الجزائر ليست طرفا في النزاع بين المغرب والبوليساريو
وبخصوص مسار الاستفتاء، أوضح بولس مسعد أن “بعثة المينورسو أُنشئت في الأصل من أجل تنظيم استفتاء لتقرير المصير، غير أن تفاصيل هذا الخيار تبقى من اختصاص الأطراف المعنية التي يمكنها التفاهم بشأنها”، وأوضح المسؤول الأمريكي، أن “قرارات مجلس الأمن الأخيرة حول الصحراء تميزت بالمرونة وتفتح المجال أمام جميع المقترحات، وهو ما يختلف عن الموقف الوطني الأمريكي الذي له أولوياته الخاصة”.
كما أكد مسعد بولس على أن “طرفي النزاع هما المغرب والبوليساريو، في حين تُعتبر الجزائر وموريتانيا دولتين مرافقتين للقضية بحكم الجوار والتاريخ، وليستا طرفين مباشرين في النزاع”.
وكان وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية، قد تطرق إلى الدور الأمريكي في الملف، وأشار إلى أن «الولايات المتحدة لها موقفها الوطني المعروف من قضية الصحراء الغربية، لكن اليوم هي تريد أن تلعب دور الوسيط، والوسيط يجب أن يتخلى عن موقفه الوطني وأن يبحث عن الحل الذي يرضي الطرفين ويمكن أن يلتفا حوله». ولفت إلى أن «هناك واقعية تؤكد أن الولايات المتحدة أصبحت تفرق بين موقفها الوطني وموقفها كوسيط في هذه العملية من خلال استعدادها للعمل مع الأمم المتحدة وتحت قبة هذه المنظمة التي لها عقيدة في ممارسات وضوابط تحكم تصرفها في معالجة القضايا الاستعمارية».
وأكد السيد عطاف بأن «هناك قناعة في الأمم المتحدة وبالخصوص داخل مجلس الأمن بأن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره هو حجر الزاوية»، مذكرا بأن 8 دول قدمت تعديلات على المشروع الأخير، وكلها ألتفت حول حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. كما أن اللائحة التي صدرت عن مجلس الأمن تشير في بنودها العملية، مرتين لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره دون ربطه بالحكم الذاتي. وقال إن «حق تقرير المصير ركن أساسي من أركان ميثاق الأمم المتحدة وركيزة من ركائز الدبلوماسية الجزائرية»، مذكرا بأن «القضية الجزائرية في الأمم المتحدة هي التي أدت إلى صدور القرار 1415، الذي يرسي الإطار الكامل لممارسة حق تقرير المصير. «
ع سمير