
أكد أمس الأول متدخلون، خلال ندوة علمية حول « نظام التنبيه والمراقبة الصحية التحديات والحلول» بقسنطينة، أن الوضع الصحي في الجزائر عرف تحسنا كبيرا بعد جائحة كوفيد 19، مع تسجيل تراجع في العديد من الأمراض المعدية، بفضل تحسن الوعي الصحي لدى المواطن الذي أصبح أكثر حرصا على النظافة والتعقيم وعلى سلامة ما يستهلكه من غذاء وماء.
شارك في الندوة العلمية التي نظمها المعهد الوطني للصحة العمومية بالتعاون مع مديرية الصحة والسكان لولاية قسنطينة، أطباء مختصون في علم الأوبئة يمثلون 14 ولاية شرقية. وأوضحت رئيسة مصلحة النظافة الاستشفائية و المسؤولة عن التنسيق بين المراصد الجهوية للصحة التابعة للمعهد الوطني للصحة العمومية، حليمة إيمامي، أن اللقاء يهدف إلى تعزيز نظام الإنذار والمراقبة الصحية في الجزائر، من خلال مناقشة التحديات التي تواجه هذا النظام واقتراح حلول عملية لتحسين فعاليته واستجابته للأزمات الصحية، و تقييم واقع نظام الإنذار والمراقبة الصحية وتحديد نقاط القوة والضعف.
كما أضافت المتحدثة، بأنه سيتم في الندوة اقتراح حلول عملية لتعزيز جاهزية واستجابة النظام أمام الأخطار الصحية و تبادل الخبرات والتجارب بين الخبراء والمختصين في الميدان، وكذا تكوين الكفاءات في مجالات التحليل الوبائي والتدخل السريع، مع تحسين التنسيق بين المؤسسات الصحية الوطنية والجهوية.
وأوضحت في ذات السياق، بأنه في نهاية الدورة التكوينية، سيكون المشاركون قادرين على التمييز بين مفاهيم المراقبة الصحية والإنذار الصحي، وشرح تأثير ذلك على الصحة العمومية وإتقان الطرق والأدوات الأساسية للكشف والتحقق من إشعار الإنذار الصحي، مع وصف المراحل الأساسية للتحقيق السريع في حالة إنذار صحية واقتراح خطة للتكيف وتنفيذ مبادئ المراقبة الصحية في السياق الخاص بالمنطقة الشرقية.
من جهتها، أكدت المسؤولة عن مراقبة الأمراض غير المنقولة بالمعهد الوطني للصحة العمومية بالجزائر آمال بوغوفالة، أن أبرز الأمراض التي تسجل نسب انتشار مرتفعة في السنوات الأخيرة، هي الأمراض المتنقلة عن طريق الحيوان، على غرار الليشمانيا الجلدية وداء الكلب حيث ما يزال هذا الأخير منتشرا في عدة ولايات، مع تسجيل بعض الحالات الجديدة خلال الفترة الأخيرة.
وأضافت المتحدثة، أن هناك أيضا أمراضا متنقلة عبر المياه، من بينها الالتهاب الكبدي الفيروسي من المنط A، الذي يعد حاليا من أكثر الأمراض انتشارا، خاصة بين فئتي الأطفال والشباب.
وأوضحت، أن الوضعية الوبائية بالنسبة لأمراض أخرى مثل الحمى التيفودية، والزحار، قد شهدت تحسنا ملحوظا بفضل جهود المراقبة الصحية والوقاية، غير أن التهاب الكبد الفيروسي ما يزال يتصدر قائمة الأمراض المنقولة بالمياه.
كما أشارت بوغوفالة، إلى أن داء السل غير الرئوي يسجل بدوره انتشارا واسعا وهو ما يتطلب متابعة دقيقة ومتواصلة، وأكدت أن بعض الأمراض القابلة للوقاية بالتلقيح بدأت تعاود الظهور بشكل محدود في بعض الولايات، وتكتشف من خلال عمليات التحري الوبائي التي تنفذها مصالح الصحة.
ومن بين هذه الأمراض، الدفتيريا التي سُجلت أولى حالاتها منذ سنة 2022، وتتركز أغلب الإصابات في ولايات الجنوب على غرار تمنراست، عين قزام، وبرج باجي مختار.
مضيفة، بأنه و في الآونة الأخيرة سجلت بعض الحالات في مناطق من الشرق الجزائري، كما تم خلال سنة 2025 تسجيل حالات من مرض الحصبة، ما يستدعي بحسبها، الاستمرار في تعزيز برامج التلقيح والتوعية الصحية.
وفي حديثها عن آلية جمع وتحليل البيانات الوبائية، أوضحت المسؤولة بأنه يتم الاعتماد على معايير منظمة الصحة العالمية في عمليات التحليل والتدقيق، مضيفة أن نظام المراقبة الوبائية في الجزائر موجود منذ سنة 1962، ويعمل باستمرار على رصد أي بوادر لأوبئة جديدة في مختلف مناطق الوطن، بهدف التدخل السريع واتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة.
وأشارت بوغوفالة، إلى أن الوضع الصحي في الجزائر بعد جائحة كوفيد 19 عرف تحسنا كبيرا، حيث تراجعت العديد من الأمراض المعدية. وأرجعت ذلك إلى تحسن وعي المواطن الصحي، إذ أصبح أكثر حرصا على النظافة، والتعقيم، وعلى سلامة ما يستهلكه من غذاء وماء.
وأضافت، أن فترة الجائحة ساعدت على تعزيز ثقافة الوقاية ما أدى إلى انخفاض في حالات التسممات الغذائية، والالتهاب الكبدي الفيروسي من النمط A، بفضل الالتزام بإجراءات النظافة داخل المنازل والابتعاد عن الأطعمة المكشوفة.
وفيما يخص جاهزية النظام الصحي للتعامل مع تفشي الأمراض المعدية مثل الدفتيريا، أكدت بوغوفالة أن هناك فرقا متخصصة تعرف باسم الخدمات الطبية للوبائيات والوقاية «SMEP»، تعمل على مدار السنة وتكون في حالة تأهب دائم للتدخل الميداني عند ظهور أي حالة وبائية.
وتتمثل مهام هذه الفرق في الكشف المبكر عن الحالات، واتخاذ الإجراءات الوقائية والعلاجية اللازمة، إضافة إلى تنفيذ حملات تحسيسية وتوعوية لتفادي انتشار العدوى وضمان السيطرة السريعة على الوضع.
من جهة أخرى، أشار الباحث والطبيب بمستشفى ديدوش مراد البروفيسور عبد الحق لكحل، في مداخلة حول أنظمة التنبيه والمراقبة الصحية والمفاهيم الأساسية للأمن الصحي، أن حالة الحماية المستدامة للسكان ضد المخاطر البيولوجية، أو الكيميائية، أو الفيزيائية، أو البيئية التي قد تهدد صحتهم، يجب أن تعتمد على نظام متكامل للرصد والمراقبة والتقييم وإدارة المخاطر والتهديدات، وحشد كل الأطراف الفاعلة في النظام الصحي والقطاعات الأخرى.
لينة دلول