يشرع نواب المجلس الشعبي الوطني بداية من اليوم وعلى مدار ثلاثة أيام، في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026 على أن يحددوا موقفهم منه في جلسة عامة يوم 18 من شهر نوفمبر الجاري.
ويرمي مشروع قانون المالية للسنة المقبلة إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطن ومواصلة تبني سياسة اجتماعية واضحة لصالح الفئات الاجتماعية البسيطة، ودعم الاستثمار والنشاط الاقتصادي وتكريس الشفافية ومكافحة التهرب الضريبي.
وأخذا بعين الاعتبار لتطورات الوضع الاقتصادي الوطني و الدولي يتوقع مشروع قانون المالية لسنة 2026 أن يحقق الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 4.1 من المائة في 2026، على أن يقفز الرقم إلى 4.4 من المائة في السنة التي تليها، ثم معدل 4.5 من المائة في سنة 2028، ويتوقع المشروع أن يواصل الاقتصاد الوطني منحاه الايجابي خلال السنة المالية الجديدة مدفوعا في ذلك بالنمو الذي تعرفه بعض القطاعات خارج المحروقات على غرار الفلاحة و الصناعة على وجه الخصوص.
و بنى مشروع القانون توقعاته على سعر مرجعي لبرميل النفط في حدود 60 دولارا في الفترة الممتدة بين 2026 و 2028، على أن يظل سعر البرميل في السوق في حدود 70 دولارا.
في موضوع آخر يكرس مشروع قانون المالية و الميزانية الطابع الاجتماعي للدولة، ويتجلى ذلك في حجم التحويلات الاجتماعية التي نص عليها المشروع و الذي خصص مبلغ2812 مليار دينار لتغطية الدعم الموجه للمؤسسات العمومية والهيئات تحت الوصاية، أما التحويلات الخاصة بالأشخاص فقد خصص لها مبلغ 2284 مليار دينار وتضم منحة البطالة بمبلغ420 مليار دينار، و 424 مليار دينار أخرى للتكفل بنظام التقاعد ودعم الصناديق الاجتماعية، فضلا عن تخصيص مبلغ 657 مليار دينار لدعم المواد الأكثر استهلاكا على غرار الحليب والحبوب والطاقة والسكر والماء المحلى والقهوة والزيت، فيما يتوقع أن تبلغ كتلة الأجور 5926 مليار دينار. أما في الجانب المتعلق بنفقات الاستثمار فإن المشروع يرمي إلى ترقية ودعم الاستثمار العمومي الذي يعتبر العمود الفقري للتنمية الوطنية والنمو الاقتصادي، وقد ارتفعت مخصصات الاستثمار العمومي بنسبة 27.5 من المائة في مشروع القانون الذي يتوقع أن تبلغ هذه النفقات في سنة 2026 ما مقدراه 4073 مليار دينار كاعتمادات دفع موجهة لقطاعات الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية وصيانة الموانئ والمطارات وتجديد خطوط السكة الحديدية وتوسعة ميترو العاصمة، فيما استفاد قطاع السكن والعمران والمدينة والتهيئة العمرانية بصورة عامة من مبلغ 600 مليار دينار، مع اقرار المشروع تمديد أجل اقتناء السكنات العمومية الايجارية ( الاجتماعية) إلى غاية نهاية سنة 2026.
وركز المشروع على دعم قطاعات الفلاحة والصناعة التحويلية، والتعليم والنقل في إطار التوجه نحو تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على عائدات المحروقات.
في ميدان التحصيل الجبائي اقترح مشروع قانون المالية عدة إجراءات وتدابير منها الامتثال الجبائي الطوعي عبر استحداث نظام استثنائي لتسوية جبائية طوعية وحدد تاريخ 31 ديسمبر 2026 كآخر أجل للتصريح بها، وتكون التسوية هذه بتطبيق إخضاع ضريبي محرر بنسبة 10 من المائة دون تطبيق العقوبات الجبائية، ويتعلق الأمر هنا بالنظام الجبائي المطبق على نشاط الاستيراد المصغر والإعفاءات الجبائية لعمليات استيراد الأغنام الحية بمناسبة عيد الأضحى الماضي، كما أقر المشروع تمديد الإعفاءات الجبائية المطبقة على زيت خام الصوجا والبن والبقول الجافة واللحوم البيضاء والحمراء إلى نهاية ديسمبر من العام القادم.
و أقر المشروع تمديد تدابير الإعفاء إلى سنتين الموجهة لدعم المؤسسات الناشئة وحاضنات الأعمال، وإعفاء استيراد 10 آلاف حافلة من الرسوم، وكذا إعفاء المركبات المخصصة لنقل 10 ركاب وأكثر من رسوم الحقوق عند الاستيراد لضمان تجديد حظيرة النقل.
وفي مجال تعزيز الرقابة و تكريس الشفافية ومكافحة التهريب فقد أقر مشروع قانون المالية تدابير خاصة، منها فرض رسوم جديدة على تهريب الوقود تفرض على السيارات السياحية والشاحنات التي تقوم بالخروج المتكرر عبر الحدود وذلك لتقليل تهريب هذه المادة الحيوية، إلى جانب إخضاع أنشطة الحرفيين والمصنعين والمصدرين وتجار الذهب والفضة والبلاتين لنظام الترخيص مسبق من الإدارة الجبائية، وتطبيق آليات رقابة على المكلفين الذين يعتمدون المحاسبة الرقمية وصناديق التسجيل الإلكترونية بداية من سنة 2027.
ومما سبق ذكره يمكن القول إن مشروع قانون المالية للسنة القادمة يكرس الاستمرارية في نهج المسار الميزانياتي المعتمد منذ سنوات والذي يركز على وجه الخصوص على ضبط النفقات العمومية ودعم الاستثمار العمومي في نفس الوقت وحسن توجيهه، وتطوير الإيرادات الجبائية و تحسين التحصيل الجبائي، ومواصلة تكريس الطابع الاجتماعي للدولة من خلال مواصلة دعم الفئات الهشة و تعزيز القدرة الشرائية للمواطن البسيط، و دعم المؤسسات الناشئة وحاضنات الأعمال.
وسيناقش نواب الغرفة السفلة للبرلمان المشروع بداية من اليوم بعد عرضه من طرف ممثل الحكومة وزير المالية عبد الكريم بوالزرد على أن يرد على انشغالاتهم وتساؤلاتهم الثلاثاء القادم.
إلياس -ب