الثلاثاء 15 جويلية 2025 الموافق لـ 19 محرم 1447
Accueil Top Pub

سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في إثراء سرديّات مُعاديّة بكتابات تدعو إلى التساؤل، آخرها تلك الأغنيّة التي تردّدت لأكثـر من مرّة في أسبوعيّة "لوبوان" اليمينيّة، حول علاقة الجزائر بإيران وكونها الهدف القادم لعدوانٍ، هو في حقيقة الأمر أمنيّة أطرافٍ معروفةٍ، أما أن يُروّج لذلك جزائريون عاشوا إلى وقتٍ متأخر من أعمارهم في الجزائر واشتغلوا فيها، فذلك مبعث الحيرة.

قد يقول قائلٌ بأنّ الأمر يتعلّق بعملٍ صحافيّ في منبرٍ حرّ لا يراعي المشاعر ولا الحسابات السيّاسيّة، لكن السؤال المطروح هو، هل يستطيع ذات المنبر الحرّ أن يُشير إلى المذبحة المفتوحة في غزة ويصف وضع الضحيّة ويشير إلى المعتدي؟ وهل يستطيع المنبرُ ذاته أن يقدّم عملًا غير موجّه عن الحرب التي دارت بين إسرائيل وإيران، ويكون نزيهًا وموضوعيًّا في طرح جوهر النّزاع بين كيانٍ مُصطنع في شكل دولة دينيّة مُتطرفة تمتلك مئات الرؤوس النوويّة تستخدمها في إرهاب جيرانها، ودولة تسعى لكسب التكنولوجيا النوويّة؟
وهل يستطيع الكاتبُ الذي يطلق السّهام في اتجاه بلده أن يكون حرًّا إلى الحدّ الذي يفلتُ فيه من السرديّة النيوكولونياليّة؟ وهل يُبرّر وقوف كاتبٍ في موقع المعارضة، دعوته للعدوان على بلده؟
لسنا هنا بصدد مساءلة منبرٍ أجنبي يخدم توجّهات ومصالح مُموليه، ولكن بصدد التوقّف عند ظاهرة جديدة تتمثّل في نجاح الطرف الفرنسي في استمالة كتّاب جزائريين و"توظيفهم"، وهو ما لم ينجح فيه في سنوات الحرب الطويلة وفي السّنوات التي تلتها، حيث كان الكاتب الجزائري المتخرّج من المدرسة الفرنسيّة عصيًّا على "الاختراق"، امتلك اللّغة ولم تمتلكه، بل حوّلها إلى "غنيمة" استخدمها في دعم مطلب الحريّة، وحافظ على مخياله الخاص حتى وهو ينشر في كبريات الدور الفرنسيّة كما هو شأن كاتب ياسين ومحمد ديب.
كان ياسين متخرّجا من مدرسة الحياة القاسيّة، وكان يقول:"سيبقى النّاشر الفرنسيّ فرنسيًّا وسأبقى كاتبًا جزائريًّا"، أما ديب فرفض طلب الناشر بتغيير أسلوب الكتابة مجاراة لما يطلبه سوق القراءة، وقال مقولته المشهورة:" يبدو أن اسمي هو الذي يزعجكم"..قبل أن يصل إلى استنتاجٍ مؤداه أن كتّاب المغرب العربي يأتون في مرتبة متأخرة بعد الخادمات البرتغاليات في سوق القيمة الفرنسي.
لكنّنا نرى اليوم كاتبًا جزائريا ينتقل إلى فرنسا، بعد الخمسين، ليقول للفرنسيين أنه أكثـر فرنسيّة منهم، ويبرهن على ذلك بقذف الحجارة في اتجاه بلده وامتداح سفّاحي غزة، وعلى منواله سينسج طامحون إلى مجدٍ سريعٍ. إنّنا أمام حالة سقوط أخلاقي لا يمكن تبريرها بالحريّة وأخواتها، لأنّ خطاب الحريّة يلفظ الظلم وخطاب الحقّ يرفض الخيّانة.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com