الجمعة 7 فبراير 2025 الموافق لـ 8 شعبان 1446
Accueil Top Pub

أطلقه طلبة لحماية التراث ومنع تزييف التاريخ: «جفرا» مشروع مقاومة ثقافية فلسطينية ينطلق من الجزائر

اتخذ طلبة فلسطينيون متواجدون في الجزائر، وجها آخر لمقاومة الاحتلال الصهيوني، من خلال الترويج لثقافة بلدهم وحماية موروثهم عبر إطلاق مشروع يحمل اسم «جفرا»، يرمي للحفاظ على تراثهم الذي يحاول المحتل سلبه بالتلاعب بأوراق التاريخ وإعادة صياغته، لترسيخ حق كاذب عن ملكيته لأرض فلسطين، وإثبات سردية مدعومة بقوة السلاح، وذعر المجازر والإبادات الجماعية التي تُنفذ ضد شعب أعزل.

إيناس كبير

ويحمل شباب من فلسطين هم بلدهم في قلوبهم، فيعبرون بطريقتهم عن الويلات التي يعاني منها شعبهم، كما يدركون ثقل المسؤولية الواقعة على عاتقهم، وبالأخص في جانب دحض مزاعم الكيان الصهيوني وما يحاول تزييفه حول التاريخ والهوية الفلسطينية، إثباتا لأوهامه.
وقد خرجت أنشطة عديدة من مواقع التواصل الاجتماعي، أطلقها لاجئون فلسطينيون في مختلف البلدان العربية إلى أرض الواقع، وذلك لتقريب القضية من عقول ووجدان كل العالم، على غرار جمع التبرعات، وإقامة الفعاليات الثقافية للحديث عن الجذور التاريخية والثقافية للقضية الفلسطينية.
مشروع «جفرا» الذي ينشط في الجزائر ويقوم عليه طلبة فلسطينيون، يعتبر من بين أبرز نماذج المقاومة الثقافية، كما يؤكد الطلبة القائمون عليه و يفصل فيه ممثل المجموعة الطالب جهاد مرعي، الذي قابلته النصر، مؤخرا، على هامش معرض للحرف، احتضنته المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور بقسنطينة، أين أشرف على جناح للمنتجات الفلسطينية، مثل اللباس النسوي التقليدي، والكوفية، وهدايا تراثية تحمل رموزا فلسطينية، مشيرا إلى أن هدفهم من المشروع هو تأكيد هوية هذه القطع والحفاظ عليها من محاولات سرقتها ونسبها إلى غير أهلها.
قطع بسيطة برمزية كبيرة
ووفقا لجهاد، فإن «جفرا» هو مشروع شبابي بدأ في أوساط طلبة فلسطينيين يدرسون في جامعات ولاية قسنطينة، يختص في التعريف بالتراث الثقافي لدولة فلسطين والترويج له، وأردف محدثنا، بأن الأوضاع التي تعاني منها فلسطين وبالتحديد قطاع غزة من قتل وتهجير، وتعد على الهوية الوطنية لهذا الشعب، جعلتهم يتوصلون إلى أنه أصبح من الضروري التدخل للتصدي لمحاولات تزييف التاريخ ومحو الأثر الثقافي للفرد الفلسطيني من طرف العصابات الصهيونية التي تستهدف إبادة الإنسان و الحضارة معا.
ويعتمد القائمون على المشروع على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للتراث الفلسطيني، يضيف الطالب، وكذا المشاركة في مختلف الفعاليات، سواء في ولاية قسنطينة أو ولايات أخرى من الجزائر، كما يسلطون الضوء أيضا على المجازر المرتكبة في قطاع غزة، وتأثيرها على الشعب الفلسطيني.
ويحمل اسم المشروع في حد ذاته رمزية تاريخية وفنية، وقد أوضح محدثنا، أن «جفرا» جزء من الذاكرة الفلسطينية، يرمز إلى الفلكلور الذي يُقام احتفالا بالأعراس، أي أنه نوع من أنواع الرقص الشعبي على أنغام الجفرة التي شبهها جهاد بفن الراي في الجزائر.
كما يحمل المعنى ثورة على جرائم الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، حيث أخبرنا أن الاسم، يحفظ أيضا ذكرى اغتيال شهيدة فلسطينية اسمها «جفرا» خلال اجتياح بيروت سنة 1982، في غارة إسرائيلية، وقد نعاها الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة، في قصيدته الشهيرة «جفرا الوطن المسبي»، التي عبرت عن معاني مختلفة من تناقضات الحالة الفلسطينية بين التراث والشهادة، وذكر محدثنا أبرز أبياتها وهو»جفرا أمي إن غابت أمي، جفراء الوطن المسبي». ومع بداية الحرب الغاشمة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة منذ 400 يوم، لفت جهاد، إلى أنهم كطلبة كثفوا نشاطاتهم من خلال المشاركة في فعاليات ثقافية أُقيمت في ولايات جزائرية عديدة، وقد تفاعل معها الجزائريون وأبدوا اهتماما كبيرا بها.
حرب على التاريخ والهوية الفلسطينية
وذكر جهاد مرعي الناشط ضمن فريق مشروع «جفرا»، أن التراث الفلسطيني يُعرف بالأزياء والمأكولات التقليدية، والغناء، وفن الجزل الفلسطيني.
أما عن أهم القطع التراثية التي يتميز بها، فأشار إلى الثوب الفلسطيني النسوي، الذي يملك خصوصية، وشرح محدثنا، أن كل مدينة تتميز بطرز وألوان معينة، فمثلا نجد الألوان الفاتحة، كالأزرق والأخضر في مدن الساحل، أما الثوب الذي ترتديه نساء الأرياف فيكون بسيطا تعبيرا عن وقوف المرأة الفلسطينية إلى جانب عائلتها ومساعدة الرجال في زراعة الأرض.
ووفقا للمتحدث ذاته، فإنهن لم يكن لديهن الوقت الكافي للاهتمام بطرز أثوابهن، عكس نساء الحضر، اللائي اهتممن بالدقة في التطريز و كثافة التفاصيل.
وكشف الطالب، أن المحتل الصهيوني لا يتوقف عن محاولات الاستيلاء على الثوب الفلسطيني وتسجيله كتراث خاص به، حيث تعرضت هذه القطعة لعدة حملات ممنهجة، حسبه، آخرها ما قامت به شركة طيران صهيونية منذ ثلاث سنوات، عندما جعلت مضيفاتها يرتدينها، زاعمة أنها جزء من ثقافتهن.

وطوال عقدين من الزمن، أصيب الاحتلال الصهيوني بحمى نسب كل ما هو فلسطيني إليه، باحثا عن منافذ لتحقيق دعم لرواية مجهولة النسب، بأنه «جاء إلى أرض بلا شعب، ليعطيها إلى شعب بلا أرض»، وعقب جهاد، في ذلك إنكار لكل ما يحمل روحا فلسطينية على غرار الأطباق التقليدية وغيرها.
وأضاف الطالب، أن هذه الحملات المتكالبة على فلسطين شعبا وتاريخا وثقافة، تدفع للاستنتاج أن حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني هي جزء من حرب الهوية، وأتبع قائلا «هي ليست حرب حدود ولا أرض فقط، إنما هي حرب وجود».
لذلك يرى، أن المقاومة من خلال التاريخ في هذه الظروف، أصبحت ضرورية بكل أشكالها، حفاظا على الهوية والذاكرة الشعبية، مثلما هو الحال مع المقاومة المسلحة، والمقاومة السياسية، والشعبية، كما دعا عضو مشروع «جفرا» الشباب الفلسطيني وكل الشباب العربي المهتم بالقضية الفلسطينية، إلى المساهمة في النشر عن كل ما هو فلسطيني، والمشاركة في التصدي للمزاعم الصهيونية.
عز الدين المناصرة.. شاعر جفرا
وبين جفرا التراث وجفرا الحقيقية قصص عن الاغتراب ولوعة الحنين إلى الوطن، تحولت إلى رمز فلسطيني وعربي وعالمي عندما نشر الشاعر عزالدين المناصرة، قصيدته «جفرا الوطن المسبي» عام 1976 في الصحف اللبنانية، وقد جاء في أبياتها «جفرا أُمّي إنْ غابتْ أُمّي.. ﻓﻲ شاطئ عكّا.. البيضاءِ الدورْ.. وأنا لعيونكِ يا جفرا، سأغنّي.. لفلسطينَ الخضراء… أُغنّي. «
تُرجمت قصيدة الشاعر إلى أكثر من عشرين لغة أجنبية، كما غناها من لبنان مارسيل خليفة، وخالد الهبر، وتحولت إلى فيلم يوغوسلافي تضمن الأغنية بصوت مارسيل خليفة، عُرض في مهرجان موسكو السينمائي الدولي عام 1980.
وتحولت أيضا إلى رقصة على ألحان خليفة في مدينة «برنو» السلوفاكية، وأنشدها أحد نجوم المسرح الفرنسي بالفرنسية في مسرح موليير في باريس عام 1997، بعد أن ألقاها المناصرة بالعربية، بحضور فدوى طوقان، ومحمود درويش، وبحضور الفيلسوف الفرنسي «جاك دريدا» الذي وصفها بقوله «كأنها السحر بعينه، « وخُلدت «جفرا» في أسماء فرق شعبية، ومراكز مؤسسات ثقافية وإعلامية، بل وظهرت روايات وقصص وقصائد ومدوّنات تحت اسم هذا الاسم الرمزي. إ.ك

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com