الجمعة 13 جوان 2025 الموافق لـ 16 ذو الحجة 1446
Accueil Top Pub

قاعة ما قبل التاريخ بمتحف سيرتا: شريط أثري يوثق لعمق التواجد البشري بقسنطينة

تحت سقف قاعة ما قبل التاريخ، بالمتحف العمومي الوطني سيرتا بقسنطينة تتراصف قطع تراثية مشكلة ذاكرة حية تتقفى أثر إنسان ما قبل التاريخ بالمدينة وتقدم شواهد تروي طبيعة عيشه، والوسائل التي كان يعتمدها لضمان قوت يومه وحتى الثروة الحيوانية التي تزخر بها المنطقة، حيث تعد القطع بمثابة شريط مصور يحمل وثائق حية تروي حكايات تمتد إلى عقود مضت.

ربورتاج / أسماء بوقرن

افتتحت مؤخرا بالمتحف، وتحديدا في نهاية الرواق الطويل المتواجد بالطابق الأول، قاعة جديدة سميت قاعة « قسنطينة ما قبل التاريخ»، وهو فضاء يتربع على حوالي 15 مترا من المساحة الإجمالية للمتحف المقدرة بـ 2100 أمتار. حيث يشكل المكان خزانا أثريا وصفحة من تاريخ مدينة عريقة، وبطاقة سفر عبر الزمن لاسترجاع تفاصيل حياة إنسان ما قبل التاريخ، خصوصا وأن كل قطعة معروضة، وكل وثيقة تقدم معلومات تاريخية عن الإنسان القديم، وتكشف حقائق عنه.
خريطة لأهم مواقع فجر التاريخ بقسنطينة
تواجه عند دخولك للقاعة خريطة كبيرة، تعرفك بأهم مواقع «قسنطينة ما قبل التاريخ، وفجر التاريخ»، تجعلك الجدارية الفنية تعتقد أنك أمام مدينة استثنائية، أمعن النظر في توزيع المناطق المذكورة على الخريطة، وعددها 16 موقعا تحديدا، سيقودك توزيعها الدقيق بطريقة مذهلة للتوقف عند كل منطقة، لتأمل مدى عراقتها، واحتفاظها بشواهد تدل على تواجد إنسان ما قبل التاريخ، على غرار منطقة المنصورة التي يعود تاريخها كما جاء في الشرح المرافق للخريطة، إلى العصر الحجري القديم وبالضبط للحضارة الألدوانية،
هناك أيضا، منطقة أولاد رحمون، التي تعود للعصر الحجري القديم، وتحديدا للحضارة الأشولية، ويوجد كهف الدببة المؤرخ للعصر الحجري القديم الأوسط والعصر الحجري الحديث، إلى جانب كهف الأروي، وجبل الوحش الذي يرجع «للعصر الحجري الحديث».
تتوفر الخريطة كذلك، على إشارة إلى كهف الحمام، وكاف طرفانة «العصر الحجري الحديث»، وكاف سيدي صالح الذي يؤرخ «للعصر الحجري الحديث»، فضلا عن كاف تسنقة المؤرخ «للعصر الحجري الحديث»، وجبل مازلة المعروف بجبل الغرف، وكاف عين نحاس، ناهيك عن كاف فنطرية المعروف بسيدي بوحجر، والذي يعود للعصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث، فيما تصنف مواق « تيديس، وأم سطاس، ورأس العين بومرزوق»، ضمن مرحلة فجر التاريخ، وتعود منطقة بونوارة، إلى العصر الحجري القديم المتأخر، فجر التاريخ.

ولتضاريس المنطقة المتنوعة دور هام في تحديد نوعية مواقع ما قبل التاريخ، حسب ما جاء في الملحق التعريفي، فمنها ما تواجد في الهواء الطلق، كمواقع المنصورة، وأولاد رحمون، وجبل الوحش. ومنها ما تواجد داخل الكهوف الطبيعية والملاجئ، مثل كهف الدببة، وكهف الأروي، وكهف الحمام، وكاف فنطرية وبونوارة، وتشير البطاقة إلى ما تم العثور عليه من أثريات في بعض هذه المواقع.
وجدت في كهف الحمام، الواقع في الجهة الشمالية لمنحدر القصبة، آثار لبقايا عظمية بشرية لأطفال صغار، وقطع فخارية متنوعة، عبارة عن أكواب وصحون وأطباق يرجع بعضها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، فضلا عن لقى أثرية عبارة عن صناعة عظمية وأدوات من صوان، وناب خنزير، وقواقع، وأصداف تعود للعصر الحجري الحديث، وهذا وفقا لما كشفته حفريات قام بها الباحث آرتر دوبريج.
تسلسل كرونولوجي عصري في العرض يوثق لعمر المدينة

يدفعك الفضول للتعرف على أهم المواقع التي عثر بها على آثار ما قبل التاريخ، إلى التنقل لواجهات العرض، لمشاهدة التحف واللقى المستخرجة من كل موقع، والموزعة وفق تسلسل كرونولوجي مدروس، وبطريقة عصرية تراعي مختلف الفئات العمرية، وتركز على عنصر الإضاءة لإبراز قيمة كل قطعة وتبيان المعلومات المتوفرة حولها، وقد خطت الملاحظات بطريقة واضحة وبسيطة يسهل على أي كان قراءتها.
أشرف على عملية توزيع الأثريات وأرشفتها فريق تقني من محافظين وملحقين بالحفظ، بقيادة مدير المتحف خليد بوجعطاط، المتخصص في فترة ما قبل التاريخ، والمشرف على القاعة، والذي بدل مجهودات حثيثة في إطار برنامج تهيئة قاعات متحف سيرتا الذي انطلق سنة 2017، من أجل استحداث قاعة قسنطينة ما قبل التاريخ، التي توثق اليوم لعمر المدينة وتبرز بعدها التاريخي.
وأثبتت الأبحاث الكثيرة التي أجريت من طرف الباحثين في القرن 19، حسب رئيس مصلحة الاتصال بالمتحف العمومي الوطني سيرتا، عبد المجيد بن زراري، أن أكثر من 30 ألف موقع أثري تعود إلى فترة ما قبل التاريخ، وهو ما دفع المتحف للتفكير وإقرار فتح قاعة خاصة بقسنطينة.
تعرض في الفضاء الجديد، مختلف الشواهد التي تثبت العمر الحقيقي للمدينة وعراقتها وتاريخها القديم، وقد كان هذه الكنوز الأثرية مخزنة منذ سنوات في المتحف دون عرضها أمام الجمهور، وحسب القائمين على المؤسسة المتحفية فإن الباحثين الفرنسيين لم يعطوا القيمة التاريخية المناسبة لهذه الموجودات، لتجنب إبراز المواقع الأثرية التي تثبت قدمها. لكن بعد افتتاح المتحف وبفضل كفاءات جزائرية متخصصة، أجريت أبحاث بناء على معطيات سابقة، شملت 30 موقعا أثريا، منها كهوف الدببة، والأروي، والحمام، وجرى تثمين هذه الأثريات.
وتعتبر اللقى شاهدا على تعمير بشري مبكر في المدينة يعود إلى 1.8 مليون سنة تقريبا، وهذا راجع إلى ما تميزت به قسنطينة آنذاك، من وفرة في مصادر المياه والغطاء النباتي، والتنوع الحيواني الكبير.
تثبت هذه النظرية من خلال طبيعة الأدوات الحجرية والعظمية، والنقوش الصخرية المكتشفة في مواقع متفرقة، والتي تعود إلى العصر الحجري القديم الأسفل، والعصر الحجري القديم الأوسط، والعصر الحجري القديم المتأخر، والعصر الحجري الحديث، وفجر التاريخ، حيث تم العمل من أجل تخصيص قاعة كاملة لها لاستعراض عراقة قسنطينة ما قبل التاريخ، انطلاقا من الأبحاث التي قام بها فرنسيون خلال فترة الاستعمار.
آثاريات تثبت التواجد البشري بقسنطينة منذ 1.8 مليون سنة
اعتمدت القاعة على خمس واجهات زجاجية لعرض القطع الأثرية والتعريف بكل قطعة باللغتين العربية والإنجليزية، مدعمة بخرائط توضح بدقة موقع العثور على كل قطعة والطبقة الترابية التي وجدت تحتها، باستعمال صور لحيوانات منقرضة كانت تعيش في المدينة ولافتتات تعريفية، للفصل بين الواجهات الزجاجية، وقد خصصت أول واجهة لعرض الآثار التي تم جمعها من كهف الأروى.
ينبهر المتأمل لهذه الواجهة الزجاجية وما تحفظه من أثريات وجدت بكهف الأروي، بغنى المعلومات التي ترويحها كل قطعة، وهو زخم يبعث على الفخر بالانتماء إلى مدينة عريقه عمرها ضارب في القدم.
يقع الكهف كما تشير إليه بطاقة الملاحظات، على بعد حوالي 02 كلم شمال وسط مدينة قسنطينة، داخل الكتلة الصخرية لسيدي مسيد، وهو على شكل رواق ضيق ينحدر تدريجيا من الجنوب الغربي نحو الشمال الشرقي، بطول يزيد على 100 متر وعرض يتراوح بين 5 و 6 متر، وارتفاع ما بين 1 و 4 متر.
وتشير المعطيات المرفقة، إلى أنه في صيف 1908 أجرى الباحث أ . دوبريج حفرية داخل الكهف، دامت ثلاثة أشهر، قام خلالها بفتح ممر جانبي بين الأنقاض المنهارة من السقف، لبلوغ الجهة الخلفية المنخفضة والتي ضمت بين طبقاتها لقى أثرية مهمة، تعود إلى العصر الحجري القديم الأوسط، والعصر الحجري القديم المتأخر، والعصر الحجري الحديث، وهي عبارة عن أدوات حجرية وعظمية إلى جانب عظام حيوانات للدب، والأروى، وابن آوى، والغزال، وحمار الوحش، وغيرها، بالإضافة إلى العثور على قطع فخارية تعود للفترة القديمة.
نصيلات وحجارة مصقولة تعود لإنسان ما قبل التاريخ

تحمل واجهة العرض الزجاجية كذلك، قطعا أثرية يقارب عددها 40 قطعة، تتمثل في مختلف النصيلات التي كانت تستعمل في تقطيع اللحوم، إلى جانب عديد الفخاريات التي عرفها الإنسان في العصر الحجري الحديث، ورحى تستعمل في الطحن، تعود للعصر الحجري الحديث حين عرف الإنسان الزراعة، بالإضافة إلى لقى أثرية مصنوعة من عظم الحيوانات كانت تستعمل في الحياة اليومية. وزعت الأثريات وفق تسلل كرونولوجي، حيث وجدنا قطعا تعود للعصر الحجري القديم المتأخر، تتمثل في نصال وشظايا من الصوان، وكذا نواة نصيلية ومحث من الصوان، إلى جانب عرض شظايا من الكوارتزيت تعود للعصر الحجري القديم الأوسط، كما تعرض أدوات حجرية كان يستعملها إنسان ما قبل التاريخ، تعود للعصر الحجري الحديث.
تتوفر الواجهة كذلك، على مخارز من العظم المصقول، وفؤوس حجرية مصقولة، وحواف أوان فخارية، وكلها شواهد يقول مرافقنا في الزيارة عبد المجيد بن زراري، إنها تدل على أن الإنسان عاش بهذه الكهوف وكان يقتات على صيد الحيوانات.
يوضح محدثنا: « إن صخر قسنطينة وواد الرمال والصناعة الحجرية من الدلائل على التواجد البشري بهذه المدينة»، مشيرا إلى أن القطع الأثرية الخاصة بهذه الحقبة، كانت معروضة بشكل محتشم في واجهات حائطية، عند افتتاح المتحف من قبل فرنسيين لم يعطوا للمرحلة حقها، بالرغم من أنها فترة مهمة جدا من تاريخ المدينة، وهو ما دفع إدارة المتحف اليوم، إلى استغلال كل ما هو متوفر من أثريات كانت مخبأة في المخزن، وعرضها بشكل يليق بقيمتها مع إبراز آثار الحيوانات المنقرضة.
جمجمة الأروي ..
من الشواهد التي تلفت أنظار الزوار

أكثر ما يشد انتباهك في القاعة بعد المرور على الواجهة الزجاجية المخصصة لعرض آثار كهف الأروي، صورة كبيرة لحيوان الأروي بخلفية لصخور قسنطينة، علقت عليها جمجمة هذا الحيوان، التي تعد أكبر شاهد على تواجده في المنطقة آنداك. وحسب بن زراري، فإن الصورة التوضيحية المرفقة بالشاهد الحي، تشد كل من يدخل القاعة لأول مرة، وتجعله يطرح عديد التساؤلات حول مكان العثور عليها.
ولم يكتف فريق المتحف بعرض صورة فوتوغرافية تقريبية للأروى، وإنما قدم رسما تخطيطيا لهذا الحيوان، علق قرب واجهة زجاجية بها آثار للحيوان وبعض الحيوانات المنقرضة الأخرى، وقد وجدنا فعليا قطعا عظمية ممثلة في عرقوب قرن الأروى وعظم مشط القدم الأمامية.
« الغار الزاهر».. شاهد على الوجود المبكر للإنسان في المدينة

يعد كهف الدببة كذلك، والذي كان يشتهر باسم « الغار الزاهر»، من المواقع الشاهدة على تعمير الإنسان بالمدينة مبكرا، وقد خصص فضاء في القاعة لعرض الآثار التي وجدت به، عن طريق ترتيبها داخل واجهتين زجاجيتين.
خصصت واجهة لعرض مختلف القطع واللقى الأثرية التي وجدت في الكهف، وتحديدا على مستوى طبقته السفلى وطبقاته العليا، منها ذوات عنق من الصوان، وأداة ذات عنق، وخمس شظايا من الكوارتزيت، محكات، ونصال، ومسننات ومثقب، ونصيلات، ونوى نصليى من الصوان.
عرضت أيضا، مدقات وفؤوس مصقولة، وأدوات فخارية، ولاحظنا بقايا فخارية مزخرفة، وإبرة من العظم المصقول، وملوق، ومخرز، وملاسة من العظم المصقول، وكلها أدوات كانت تستعمل في يوميات الإنسان الغابر.
أما الواجهة الثانية، فقد خصصت لعرض آثار حيوانات منقرضة كانت تعيش في الكهف الذي وجدت داخل أرضيته حسب بن زراري، مجموعة من الهياكل البشرية، مشيرا إلى أنها دليل على أن الإنسان سكن الكهف منذ العصر الحجري القديم الأوسط، إلى غاية الفترة القديمة، وهذا ما تشهد عليه كذلك بعض اللقى والأواني الفخارية الرومانية، التي تم العثور عليها مباشرة فوق الطبقات التي ضمت أدوات حجرية وقطعا عظمية تعود لما قبل التاريخ.

يفتح مدخل الكهف الرئيسي، على الواجهة الشمالية للكتلة الجبلية لسيدي مسيد، التي يرجع تكوينها إلى العصر الطباشيري، حيث يبلغ عرض المدخل حوالي 6 أمتار، بينما يصل الطول الإجمالي للكهف إلى 60 مترا، ويطلق عليه سكان المدينة اسم الغار الزاهر، ربما لصوت الصدى المنعكس على جدرانه الداخلية. وتشير المعطيات حسب مسؤول مصلحة النشاطات بالمتحف، إلى أن الحفريات على مستواه أجريت لأول مرة سنة 1908، تحت إشراف الباحث
أ . دوبريج، وأثمرت على اكتشاف كم هائل من اللقى الأثرية التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ والفترة القديمة.
طبقات ترابية توثق لعمر كل قطعة أثرية

تتميز القاعة إلى جانب ما ذكر، برسومات تخطيطية توضيحية مرفقة توثق لطبقات ترابية وجدت بها آثار عظمية و حجرية، ترافق هذه الرسومات كل واجهة زجاجية في الفضاء، وتقدم تفسيرا وافيا عن تشكل الطبقات الترابية التي وجدت بها اللقى، بوصفها مؤشرا لقياس عمر القطعة والمرحلة الزمنية التي تنتمي إليها.
ويوضح بن زراري، أنه كلما زاد عمق الطبقة دل ذلك على طول عمر اللقى الأثرية، موضحا أن الطبقات الترابية تؤرخ لمراحل زمنية مختلفة، فكل طبقة لها عمر معين، بحيث كلما نزلنا أكثر كلما تعمقنا تاريخيا، حيث نجد في الطبقة العليا مثلا آثار الصناعة الحجرية لإنسان ما قبل التاريخ، وتتمثل في أدوات حجرية وعظمية، أما الطبقة السفلى فنجد فيها عظام الحيوانات.
وعلى مستوى واجهة كهف الدببة المخصصة لعرض آثار الصناعة الحجرية وغيرها من الأدوات، وضع مخطط للطبقات الترابية، يظهر ما تم العثور عليه داخل الطبقة السفلى للكهف، وقد قدر سمكها بـ 0.50 مترا، عثر داخلها على بقايا صناعة حجرية من الكوارتزيت والصوان.
قال محدثنا، إن هذه اللقى تنتمي من الناحية التنميطية إلى فترة العصر الحجري القديم الأوسط، وقد تمثلت في أدوات ذات عنق عاترية مختلطة مع بقايا حيوانية متحجرة.
أما على مستوى طبقات الكهف العليا، فوجد الباحثون أدوات حجرية ترجع إلى العصر الحجري الحديث، منها النصال، والنصيلات، والمحكات، والمدقات والفؤوس المصقولة، بالإضافة إلى العظم المصقول كالمخارز، والملاسات، وكذا أشقف من أوان فخارية ذات عجين خشن على بعضها زخارف بسيطة.
وعلى مستوى واجهة عرض آثار كهف الأروى، تم عرض رسم توضيحي لطباقية الكهف وفق وصف الباحث آرتير دوبريج، سنة 1908، مقسمة إلى ثلاث طبقات. تشير الأولى للآثار التي وجدت على عمق 1.50 مترا، وممثلة في شقف فخارية كالمدقات والفؤوس المصقولة، وترجع لفترة العصر الحجري الحديث. أما الطبقة الثانية المتواجدة على عمق 1.50 إلى 3 أمتار، فتوثق للصناعة الحجرية المشكلة في نصيلات ذات ظهر ونوى نصيلية، وصناعة عظمية، وبقايا حيوانات، وتعود إلى العصر الحجري القديم المتأخر.
أما الطبقة الثالثة، وتسمى بـ «الطبقة المصفرة ذات الرماد»، والمتواجد على عمق أكثر من 3 أمتار، فقد وجدت بها صناعة حجرية تمثل شظايا مختلفة من الكوارتزيت، وعظام حيوانية وتعود لفترة العصر الحجري القديم الأوسط.
حيوانات منقرضة عاشت في الصخر العتيق
وتشير صور الحيوانات المعروضة بالقاعة، إلى أنواع منقرضة كانت تعيش في المدينة، وجدت آثارها بكهفي الدببة والأروي، وهي الدب، والفهد، والضبع والحمار الوحشي، والغزال، وابن آوى، والظبي الوحشي، والشيهم، والثور البدائي والأروي، والنو «الثيتل الإفريقي»، والخنزير، والأيل، ووحيد القرن، وهذا وفق ما كشفت عنه حفريات الباحث م. بلاري.

ومن الآثار الشاهدة على حياة هذه الحيوانات المنقرضة، ما تعرضه الواجهة الزجاجية الأولى الخاصة بكهف الدببة، والتي خصصت لعرض آثار الدب البني، والممثلة في خمس قطع عظمية، هي الفك السفلي، وعظم العضد، وعظم الزند وفقرة قطنية، وفضلات متحجرة.
كما حملت الواجهة عددا معتبرا من القطع العظمية لحيوانات منقرضة كانت تعيش بقسنطينة، منها لب قرن غزال، ولب قرن الظبي الوحشي، وفك سفلي للفهد، وفك سفلي لضبع، وأنياب الشيهم، فضلا عن ضرس حمار وحشي وعظمة مشط قدمه، وعضد وفك سفلي للظبي.
وقد عرضت كذلك، قطع عظمية عثر عليها في كهف الأروى خلال حفريات قام بها الباحث دي بريد سنة 1908، والممثلة في فك سفلي وأجزاء لجمجمة دب، وفك سفلي لابن آوى، وفك سفلي للشيهم، ولب قرن الظبي الوحشي، ولب قرن غزال، وعظم مشط القدم الأمامية للحمار الوحشي، وأجزاء من صدر سلحفاة، وقرون حيوان الأروى الذي كان يعيش حسب بن زراري، في منطقة سيدي مسيد.موضحا، أن الظروف المناخية في تلك الفترة كانت مساعدة على عيش هذه الأنواع وتأقلمها خاصة الأروي والدب وغيرها من مختلف الحيوانات المفترسة.
فرس النهر وجد بقسنطينة
ولعل أبرز ما تعرضه القاعة، من أنواع الحيوانات التي كانت تعيش في قسنطينة في فترة ما قبل التاريخ، حيوان الدب وكذلك فرس النهر، حيث تعرض القاعة قطعا عظمية هي عبارة عن فقرة لحيوان فرس النهر، ولوح كتف وناب سفلي وفقرة عنقية الثانية، إلى جانب عظم العضد الأيمن، وجدت كلها في منطقة المنصورة.
ينتمي الحيوان إلى سلالة هيبوبوتاموس أمفييبيوس، وقد تواجدت هذه السلالة خلال فترة البلايسوسان في الفترة ما بين « 2.58 م س ـ 11700 سنة قبل الحاضر»، وتنتشر في العديد من مناطق الجزائر، وتعيش على حواف البحيرات والأنهار، والمستنقعات.
وأشار مؤطرنا في الزيارة، مسؤول النشاطات بالمتحف، إلى أن بعض هذه الحيوانات كانت تعيش على ضفاف نهر الرمال الذي كان يمتاز بماء نقي وصاف وبه أنواع من السمك، فضلا عن بحيرات وصخور، فالبيئة والظروف الطبيعية كانت مساعدة جدا.
تشويق و عروض افتراضية

يواكب المتحف التكنولوجيا ويركز على العروض الافتراضية في الترويج للقاعات المستحدثة ولكن بحذر حسب عبد المجيد بن زراري، وذلك بعدم إتاحة رؤية كل ما تزخر به القاعة، والتركيز على عنصر التشويق لاستقطاب الزوار وبالأخص الأجانب قصد النهوض بالسياحة الثقافية التي تعول عليها الجزائر لدفع عجلة الاقتصاد الوطني.مشيرا، إلى أن هذا الترويج أعطى نتائج مبهرة تجلت في زيارة سياح أمريكيين أبدوا رغبة كبيرة في معرفة المزيد عن كل ما يعرضه المتحف من كنوز وبالأخص القاعات المستحدثة، حيث يقضون وقتا طويلا حسبه في تأمل القطع والاستفسار عن بعدها التاريخي.
وسيواصل المتحف كما قال، العمل على افتتاح قاعات جديدة أخرى ، معتمدا على قطع أثرية أصلية محفوظة على مستوى المخازن، لم تنل حظها من العرض نظرا لضيق القاعات، حيث انطلق العمل لفتح قاعة جديدة لإعادة الاعتبار للفترة البونية، وإبراز الحضارة النوميدية، وعرض شواهد من معبد الحفرة وغير ذلك. وأكد عبد المجيد بن زراري، أن التنسيق جار مع مختص في السينوغرافيا لوضع تصور للقاعة، وعرض الشواهد بطريقة نموذجية عصرية تعطي بعدا آخر لفترة مهمة من تاريخ الجزائر. 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com