أكد أساتذة باحثون بجامعة البليدة 2 أن خيار « العنف الثوري» عند فرانز فانون فكرة نفسية انطلق منها لمواجهة الاستعمار، وكل أشكال الطغيان والظلم والاضطهاد، وأكدوا للنصر على هامش ندوة حول الفكر السياسي عند فانون» أن المتغير الثابت عنده هو أن التحرر لا بد أن يتم عن طريق القوة العسكرية، وأجمعوا على أن فانون من بين المفكرين الثوريين الذين أسهموا في بلورة فكر نزع الاستعمار، فيما يؤكد الكاتب والطبيب المختص في الأمراض العقلية الدكتور ميلود يبرير أن تحاليل فانون مازالت صالحة لقراءة ما يحدث اليوم.
نورالدين عراب
* الدكتور ميلود يبرير طبيب الأمراض العقلية بمستشفى البليدة
تعليقات وتحاليل فانون لحوادث عصره ما زالت صالحة لتحليل ما يجري اليوم
يري الدكتور ميلود يبرير الكاتب و الطبيب بمستشفى الأمراض العقلية بالبليدة أن خروج فرانز فانون من «المارتينيك» في سنّ الثامنة عشرة والرحلة الطويلة التي قادته للمشاركة في الحرب العالميّة الثانيّة كانت المصدر الأوّل لوعيه بالعالم، مضيفا بأن تعليقات وتحاليل فانون لحوادث عصره ما زالت صالحة لتحليل ما يجري اليوم.
وقال إنّ انتباه فانون لا يقف عند التحولات الكبرى، بل كطبيب ملتزم بممارسة الطب العقلي، وهذه هي المهنة التي كان يتمنى أن يستمر في ممارستها بعد استقلال الجزائر، مشيرا إلى انتباهه أيضا لتحولات هذا التخصص الناشئ، وقد كان متحمّسا للتحليل النفسي ولكل جديد في تخصصه، لافتا إلى أن دراسته العيادية لعلاج ثنائي القطب بالليثيوم كانت أوّل دراسة في إفريقيا سنوات قبل اعتماده من طرف منظمة التغذية والدواء الأمريكيّة.
وبخصوص المنهج والايدولوجيا في فكر فرانز فانون يقول الطبيب ميلود يبرير أن فانون نضج في سياق تاريخي اتّسم بالحضور القوي لمناهج بحث وإيديولوجيات معينة، مثل الماركسيّة الفينومينولوجيا، إلاّ أنّه حافظ على قدر أدنى من الاستقلاليّة الفكريّة، وبالرغم من مشكلتي اللغة (العربيّة) والوقت ، وكون دقته لم تكن متناهية في بعض تحاليله إلاّ أنّ تعدد مساعيه فيما يشبه تداخل الحقول المعرفيّة دليل وعيه أيضا بقصور منهج البحث الواحد في العلوم الانسانيّة والاجتماعيّة من بين تلك التي كانت معروضة آنذاك لدراسة مجتمعات الجنوب أو المجتمعات “المستعمَرة”.
وأكد أن فانون تصدّى أو حاول التصدي لمشكلتين أساسيتين وهما حجم المعرفة القليل المنتج حول المجتمع الجزائري وقصور مناهج البحث المُطوّرة في مجتمعات أخرى والتي تحمل منطلقات وافتراضات وشبكة قراءة قد لا تتناسب كلّها مع المجتمع الجزائري، و قد جعله هذا في الأخير يبتعد عن المنهج الصلب، ويقترب أكثر من قراءة الواقع وتفكيكه ودراسة مخرجاته بحريّة أكثر، وهو الأمر الذي يلاحظ تطوّره عبر كُتبه الثلاث» بشرة سوداء أقنعة بيضاء، العام الخامس للثورة الجزائريّة ومعذبو الأرض» لافتا أن الوقت الذي ألف فيه فانون كتاب «معذبو الأرض» لم يكن يسمح بالوفاء لأيّ منهج، لكنّ التخفّف من المنهج قد جعله أقرب إلى قراءة أصيلة للواقع وهذا ما يفسّر راهنية هذا العمل.
أمّا بخصوص فانون الإنسان يقول الدكتور ميلود يبرير بأن الاقتراب من فانون الإنسان هو الذي سيسمح بنزع الأسطرة التي التصقت به وفهمه بطريقة أفضل، مضيفا بأن فانون كان مقلا جدا في الحديث عن نفسه، غير محب للتكلّف والتملّك، مشيرا إلى أنه في إحدى المؤتمرات الصحفيّة في إفريقيا بقي فانون منكبا على ورقة أمامه وهو يحاول بصعوبة قراءتها، ورفض مرارا حمل نظارات، أو كما كتبت كاتبته الخاصّة ماري جون مانويلون “ يقال أنّ فانون كان يحبّ الفراغ، لا امتدادات لذاته في أشياء مختلفة، لقد كان يحمل كلّ ما يجب في رأسه” لقد كانت عينا فانون مصابتان بقصر النظر، لكنه كان يرى عن بعد.
* الدكتور ضياء الدين أوشريف
الفكر الثوري لفانون قام على فك الارتباط مع المستعمر
يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة البليدة 2 ضياء الدين أوشريف أن الفكر الثوري لفرانز فانون قام على فك الارتباط بالاستعمار، وقال إن فرانز فانون كان من بين المفكرين الثوريين الذين أسهموا في بلورة فكر نزع الاستعمار، وتناول هذا الفكر من جوانب متعددة، أبرزها الناحية النفسية والفكرية التجريدية.
وأشار إلى أن فانون كان طبيبًا نفسيًا عمل في مستشفى البليدة، وهناك قال كلمته الشهيرة عندما قدّم استقالته من مصلحة الطب النفسي والعصبي «الاستعمار قبل أن يكون استعمارًا مسلحًا، هو استعمار نفسي» مضيفا بأن فانون يرى أن الاستعمار هو عملية تعطيل للمسار العصبي الجماعي للشعب المستعمَر، أي أنه يقيّد الوعي الجماعي، ويحبس قدرته على التفكير الحر والمستقل. ومن هذا المنطلق، تبدأ عملية نزع الاستعمار نفسيًا من خلال تفكيك الانبهار بالآخر الأبيض، وهو ما يسميه بـ»الاستلاب» لافتا إلى أن فانون دعا إلى العصيان المعرفي تجاه كل ما كُتب عن الشعوب المستعمَرة من منظور المستعمِر، مؤكدًا أن الشعوب المستعمَرة يجب أن تكتب عن نفسها بنفسها، بعيدًا عن كتابات «الآخر الأبيض» الذي استعمرها سابقًا، كما انتقل فانون حسبه إلى الحديث عن بناء دولة ما بعد الاستعمار، مركزا على ضرورة وجود برجوازية وطنية تحرر نفسها من إرث الاستعمار، في حين انتقد بشدة هذه البرجوازية في دول العالم الثالث، معتبرًا أنها أحد أسباب تخلف هذه الدول، نظرًا لعجزها عن فك الارتباط مع «الطابور الخامس»الذي يُعد سببًا رئيسيًا في تعطيل التنمية المحلية.
وأضاف الدكتور ضياء الدين أوشريف أن فكر فانون كان موجهًا أساسًا إلى ذوي البشرة السوداء وأبناء إفريقيا، إلا أن تأثيره تجاوز ذلك ليصل إلى كل الشعوب الخاضعة للاستعمار، سواء في أمريكا اللاتينية أو إفريقيا أو غيرها، كما تأثر بفكره حسبه عدد من القادة والمفكرين الثوريين، مثل باتريس لومومبا، فيدال كاسترو وغيرهم من قادة حركات التحرر، مضيفا بأن فكر فانون كان له تأثير عميق في نخبة من المفكرين الآسيويين والعرب، منهم إدوارد سعيد، جورج حبش، وغيرهم ممن تأثروا بمشروعه الفكري في نزع الاستعمار.
* الدكتور مراد شرقي
المتغير الثابت في فكر فانون أن التحرر لابد أن يتم عن طريق القوة
قال الدكتور مراد شرقي أن المتغير الثابت عند فرانز فانون هو أن التحرر لا بد أن يتم عن طريق القوة العسكرية فقط، وهي السبيل الوحيد للخروج من ظروف الاستعمار، مشيرا إلى أن فانون حارب التمييز العنصري، الذي كان حاضرا في كل كتاباته، حيث وضع حسبه اللبنات الأساسية للأجيال وحث الشعوب، ولفت انتباههم إلى أن التحرر لا يتم بالكلام فقط بل بالعمل الثوري.
وأضاف الدكتور شرقي أن مواقف فانون دفعت السلطات الفرنسية إلى قمعه وصادرت أعماله الأدبية والعلمية والبحثية وأنهت مهامه في مستشفى البليدة، وطردته وأجبر على الخروج من الجزائر وتوجه إلى تونس، مشيرا إلى أن فانون كان طبيبا كوظيفة وباحثا كعالم اجتماع، وصحفيا انتقل إلى مهنة الصحافة عن طريق الصدفة ولم يدرس في الأكاديميات، وصقلته الظروف الحياتية، ودفعته لأن يكتب بشعور الثائر المجاهد، ولما نال شهادة الدكتوراه في الطب النفسي، تم تعينه كطبيب عسكري في مستشفى البليدة الذي يحمل اسمه اليوم ثم بدأ يلتحم بالثورة من خلال ما شاهده ومعايشته قبل ذلك من معاناة في الحرب العالمية الثانية من خلال مشاركته كعسكري، وبالتالي عندما كان يعالج العسكريين أو المدنيين في الجزائر لاحظ أن هناك شعبا يتألم ويعاني، فبدأ في كتابات متنوعة، وكانت له الكثير من المؤلفات التي عالجت معاناة الجزائريين والتميز العنصري وممارسات الاستبداد والبطش بالجزائريين.
وأفاد الدكتور شرقي أن فانون كتب في الصحافة وكانت له عدة مقالات في عناوين مختلفة، حيث التحق بجريدة المجاهد الجزائرية لما غادر إلى تونس وواصل كتاباته، وكانت له الكثير من المقالات التي تحث على مواصلة الثورة وعلى كشف التجاوزات اللاإنسانية التي كان يرتكبها الاستعمار في حق الجزائريين، مضيفا بأن كتابات فانون كانت صوت تعبئة في الداخل وصوتا مهما جدا أزعج السلطات الاستعمارية في الخارج، كما استطاع أن يكون ويعالج الجزائريين خلال الثورة التحريرية، ويكون صدا منيعا للدعاية الفرنسية، خاصة وأنه كان طبيبا نفسانيا، وكانت الدعاية الفرنسية في أوجها، وكان يكتب مقالات يفند ما تقوله ويحث المجاهدين على التجند والصبر.
وأكد نفس المتحدث أن هذا المجاهد الجزائري الذي سخر حياته للجزائر، كافأته الحكومة الجزائرية المؤقتة، وجعلته سفيرا لها في غانا والدول المجاورة، وخلال هذه الفترة لم يتوقف وظل يكتب إلى أن وافته المنية بمرض عضال وعمره 36 سنة، وذلك بعد أشهر فقط من إعلان وقف إطلاق النار.
* الدكتورعبد الحكيم ذهبي
الخلفية التاريخية والمنابع الفلسفية أثرت في بلورة فكره
أكد الدكتور عبد الحكيم ذهبي أن الخلفية التاريخية والمنابع الفلسفية أثرت في بلورة فكر فانون، مشيرا إلى أن نشأته تحت وطأة مستعمرة ومن عائلة مضطهدة تعاني من التهميش والتمييز العنصري أثر في شخصيته وتكوينه الفكري والنضالي.
وأشار إلى أن فانون ولد في جزيرة «مارتينيك» وترعرع وسط عائلة «كريولية» مختلطة ما بين السكان الأصليين والأوروبيين، وكان من القلائل الذين فازوا بالتعليم، وانتقل إلى فرنسا لمواصلة دراسته، لافتا إلى أن التمييز العنصري الذي عانى منه وهو صغير وحتى خلال تعليمه بفرنسا بجامعة ليون في تخصص الطب النفسي رأى منهج التمييز العنصري داخل المؤسسات الفرنسية خلال تلك الفترة، ومنها الجامعة باعتبارها مؤسسة مجتمعية، مشيرا في السياق ذاته إلى تأثر فانون بالمنابع الفلسفية المختلفة ومنها ماركس وهيقل والفكر الوجودي، إلى جانب التعليم النفسي عند فرويد، جعلت هذه المنابع كلها تساهم في بلورة أفكاره، خاصة صراع الطبقات وضرورة التحرر ومحاولة طمس الهوية للشعوب المستعمرة من طرف القوة الاستعمارية.
وأضاف نفس المتحدث أن فانون لما انتقل إلى الجزائر رأى بعينيه مدى معاناة الجزائريين و تأثرهم النفسي، مما يعانون منه من سوء معاملة واضطهاد من طرف المستعمر الفرنسي، وتيقن أن محاربة المستعمر لن تتم إلا من خلال الثورة المسلحة، لافتا إلى أن مؤلفات فرانز فانون لا تزال إلى اليوم أيقونات في الأدب التحرري العالمي.
* الدكتور محسن الهاشمي خنيش
نهج فانون الثوري قام على وقائع عاشها لمجابهة فظائع المستعمر
يقول الدكتور محسن الهاشمي خنيش إن نهج فانون الثوري قام على وقائع حقيقية عاشها في مساره وشاهدها في تنقلاته من بلد إلى آخر، وتركز على مجابهة الفظائع الاستعمارية والقتل الممنهج والاغتصاب والخطف وغيرها من أعمال العنف التي يقوم بها الاستعمار حفاظا على بقائه كمستعمر، والذي لا يمكن مجابهته إلا بعنف مضاد وخطاب ثوري يكون في مستوى أو أكبر من خطاب المستعمر دون أن يرجع فانون ذلك حسبه إلى خطاب عنصري أو انتقامي، بل سلوك إنساني عالمي يقوم به أي شخص مضطهد في أي مكان وهذا ما حاول إبرازه في كتابه « معذبو الأرض»
وأضاف الدكتور خنيش أن فرانز فانون يعتبر من الأوائل الذين كتبوا ضمن مضمار ما بعد الكولونيالية، منذ خمسينات القرن الماضي من خلال كتبه « بشرة سوداء وأقنعة بيضاء» أو» معذبو الأرض» وغيرها من إسهاماته التي جعلت الدراسات المتخصصة في تلك المرحلة تجعل منه ‘نبي العالم الثالث» أو نبي ما بعد الكولونيالية» خاصة في مرحلة تصاعد حركات التحرر في العالم وتزايد استقطاب الامبريالية في مرحلة الحرب الباردة.
وأشار نفس المتحدث إلى أن كتابات فانون تركز على التفكيك الجدلي للمركب الثقافي الموروث عن الاستعمار خاصة الفرنسي، لكونه يؤثر بشكل مباشر في البنى الثقافية المحلية سواء في بعدها البنيوي أو في بعدها الوظيفي، بما يتماهى مع الفكر التحرري السائد في تلك المرحلة، مؤكدا أن أفكار فانون كانت نبراسا لكل من إدوارد سعيد وهومي بهابها وغاياتري وآخرين الذين اعتبروه من السباقين في تحليل البنى الاستعمارية بأبعادها المختلفة وأساليبها المنتهجة في مواجهة حركات التحرر، وتفكيك النظرة الدونية للشعوب والمجتمعات المستعمرة، وأن السبيل الوحيد لكسره هو العنف الثوري الذي يضمن القطيعة الحقيقية ما بين المستعمر والمستعمَر.
ولفت الدكتور خنيش إلى أن الجدلية المادية التي طرحها كارل ماركس وجدت سبيلا في أفكار فانون، وكانت كذلك أسلوبا وتقنية في تحليل السلوك المجتمعي، وتقسيمه في شكل طبقات تثير الجدل المجتمعي، وبذلك تكون محركا للعنف الثوري الناتج عن القهر الاستعماري، مضيفا بأن إسهامات فرانز فانون كان لها أثر عميق في تكوين النخب اليسارية القديمة وتأطير دراسات ما بعد الكولونيالية الحديثة، والتي تجردت إلى حد كبير من سياقها الثوري لتدخل في السبيل البنائي الذي يرمي إلى بناء فرد متكامل يتماشى مع الرؤى الحديثة دون نظرة استعمارية دونية، ولا تبعية أيديولوجية تقليدية، بل بأفكار تسمح له التكيف مع واقعه المعيش.
* الدكتور هشام دراجي
خيار «العنف الثوري» لمناهضة الطغيان والاضطهاد فكرة نفسية
أكد الدكتور هشام دراجي أن خيار العنف الثوري لمناهضة كل أشكال الطغيان والظلم والاضطهاد الذي كان يمارسه الاستعمار الفرنسي هو فكرة نفسية انطلق منها فرانز فانون لما كان طبيبا في مستشفى البليدة.
وقال إن فانون انطلق من مقاربة نفسية أساسية، واكتشف من خلال دراسته للكثير من المرضى الذين كان يشخص حالاتهم بالتأثر الكبير، والعلاقة بين المستعمر والشعب المستعمر، ولاحظ أن الأثر النفسي للمستعمر أثر بشكل كبير في شخصية الفرد الجزائري، مضيفا بأن أفكار فرانز فانون عرفت انتشارا واسعا في أمريكا اللاتينية وإفريقيا على أساس التمييز الذي كان يقع للسود من قبل البيض، وتيقن أن الظلم والقهر الذي كان يمارس يمكنه أن يتحول إلى عنف ثوري ويحقق ما يسمى بالحرية والاستقلال للشعوب المضطهدة.
وأفاد نفس المتحدث أن فرانز فانون ترك إرثا كبيرا في دراسات ما بعد الاستعمار، وهذا الإرث تأثر به الكثير من الباحثين والمفكرين الذين جاؤوا من بعده، ومن بينهم إدوارد سعيد الذي اتخذ من فكر فرانز فانون أرضية صلبة لينطلق في الحديث عن أهمية الاستشراف باعتبار هذا الأخير مثل مرحلة مهمة من مراحل دراسات ما بعد الاستعمار، خاصة على مستوى المنطقة العربية، ودول العالم الثالث، إلى جانب المفكر الهندي البريطاني « هومي بهابا « الذي تحدث كثيرا عن مسألة الهجانة والثقافة باعتبارها أسسا فكرية لمناهضة الاستعمار انطلاقا من الجانب الثقافي والفكري، مضيفا بأن كل هذه الدراسات للمفكرين المذكورين كانت تصب في خانة الإرث المشترك، الذي يظهر من خلال المنهج الذي كان مقتبسا من فكر فرانز فانون.
* الدكتور عبد القادر سوفي
فانون عمل بلا هوادة من أجل تفكيك الفكر الاستعماري
أكد الدكتور عبد القادر سوفي أن أعمال فرانز فانون كشفت عمله بلا هوادة من أجل تفكيك الفكر الاستعماري وعوامله النفسية والاجتماعية على المستعمر والشعوب المستعمرة في نفس الوقت، مضيفا بأن فانون مفكر مناهض للاستعمار وطبيب نفسي مزج بين الدقة الفكرية والجذرية السياسية والإنسانية المعادية بعمق للفكر الكولونيالي.
وأشار نفس المتحدث إلى أن فانون تحدث في كتابه « المعذبون في الأرض» عن العنف البنيوي الذي يجرد كل من المستعمر والمستعمر من إنسانيته، وبالتالي العلاقة التي تربط الاستعمار بالمستعمر تؤدي لا محال إلى انحرافات، وهذه الانحرافات هي التي تؤدي إلى إنتاج العنف، وكذلك الاغتراب من منظور آخر، وهذا الاغتراب هو الذي يؤدي إلى الصدمات النفسية، والذي تحدث عنه فانون في كتابه «بشرة سوداء أقنعة بيضاء» واستكشف من خلاله حسب نفس المتحدث الانقسام الهوياتي الذي يفرض على المستعمرين ويجبرون على استيعاب دونية عرقية، وهذا التجريد من الإنسانية، وأضاف أن فانون تحدث عن تحرير العقل بالتوازي مع النضال السياسي لكسر القيود والاغتراب، ويرى أن محاربة المستعمر لا تتم بالطرق السلمية والفكر فقط، لأنه عنفي يجبر على استعمال العنف المضاد، وقال إن فانون ناضل من أجل الإنسانية بغض النظر عن العرقية والانتماء، وكان من بين رواد الفكر التحرري في العالم، و مجاهد ناضل بأفكاره، ووصف نفسه بجزائري الانتماء والهوية، وآمن بالقضية الجزائرية قبل الحرب التحريرية وهو في بدايته في مستشفى البليدة، مضيفا بأن الجزائر تذكر فرانز فانون على أنه شهيد ومجاهد جزائري أثر من مركزه في الثورة التحررية وفكرها.