الأربعاء 19 نوفمبر 2025 الموافق لـ 28 جمادى الأولى 1447
Accueil Top Pub

المتوجة بجائزة كتارا سميرة بن عيسى للنصر: أدب الفتيان أعمق أنواع الأدب لأنه يخاطب مرحلة الوعي الأولى

17102529
أكدت الكاتبة والشاعرة الجزائرية سميرة بن عيسى المتوجة مؤخرا، بجائزة كتارا لأدب الفتيان عن روايتها «سيفار»، بأن الجائزة أثبتت بأن الإبداع الجزائري قادر على الحضور بقوة عندما يجد من يؤمن به ومن يحتضنه، وقالت في هذا الحوار مع النصر، بأن تجربة سيفار لم تكتب بغرض المنافسة بقدر ما كانت تجربة وجودية وروحية خاضتها مع نفسها، مضيفة بأن التتويج أتى لأن «سيفار» نابعة من صدق الفكرة وعمق الرؤية، لهذا اعتبرت الفوز تقدير للفكر الجزائري، كما اعتبرت أيضا أن جائزة كتارا مختلفة في بعدها وهي التي توجت بعديد الجوائز منها جائزة وصف منارة المسجد الأعظم وجائزة مانديلا وجائزة المجلس الأعلى للغة العربية.
بداية، هل كنت تتوقعين هذا التتويج؟ وماذا يعني لك الفوز بجائزة كتارا؟
في الحقيقة، كنت أشعر منذ البداية أن سيفار تحمل شيئا مختلفا، فهي لم تُكتب بغرض المنافسة بقدر ما كانت تجربة وجودية وروحية خضتها مع نفسي. ومع ذلك، حين أرسلتها إلى كتارا كنت على يقين داخلي بأنها ستصل، لأنها نابعة من صدق الفكرة وعمق الرؤية. أما الفوز، فهو تتويج لرحلة طويلة من الإيمان بالكلمة وبالخيال العربي، وهو تقديرٌ للفكر الجزائري الذي يسعى إلى التجديد دون أن يتنكر لجذوره. كتارا بالنسبة لي ليست جائزة فقط، بل جسر حضاري يربط المبدع العربي بالعالم.
 من أين بدأت رواية سيفار رحلتها وأين انتهت؟
بدأت الرحلة من دهشتي أمام مدينة سيفار الحقيقية في تمنراست، تلك المدينة الحجرية العتيقة التي تختزن ذاكرة الإنسان الأول. تساءلت: ماذا لو كانت هذه الحجارة تحفظ لغة قديمة؟ ومن هنا وُلدت فكرة لغة أرتاليس، لغة الجنّ العظام في الرواية. انتهت الرحلة مع نائل وهو يسلّم الناي للعم بشير، ليكتشف أن اللغة ليست كلمات فقط، بل نغمٌ وفهمٌ للروح. بهذا الشكل، تنتهي سيفار كما بدأت: بحثًا عن المعنى، لا عن النهاية.
 ما القيم التي تحملها رواية سيفار؟
تحمل سيفار قيمًا إنسانية وروحية عميقة: الوفاء، الشجاعة، التوازن بين العقل والعاطفة، احترام الآخر، والتصالح مع الذات. وهي أيضًا دعوة للتأمل في ماهية القوة — هل هي في السيف أم في الروح؟ لذلك سُمّيت ناي الروح، لأن الحقيقة في النهاية تُقال بنغمة، لا بسلاح.
 كيف حضرت بيئة سيفار في نصك الروائي؟
أنا أكتب من روح المكان، لا من صورته فقط. الصحراء في سيفار ليست خلفية للأحداث، بل كيان متكلم، فيها الضوء والمعنى والاختبار. أحاول دائمًا أن أقدّم البيئة الجزائرية والعربية بوصفها منبعًا للجمال والفكر، لا مجرد فضاء جغرافي. لذلك تمتزج في أعمالي الرمزية بالفلسفة، والواقعي بالأسطوري.
 كيف كانت بدايتك مع الكتابة الأدبية؟ وما الذي يجذبك إلى أدب الفتيان؟
بدأت الكتابة مبكرًا عبر الشعر، فقد كان هو لغتي الأولى للتعبير عن الدهشة والأسئلة. ومع الوقت، وجدت أن عالم الرواية يمنحني مساحة أوسع للتأمل والسرد والبناء الرمزي. أما أدب الفتيان، فهو الأقرب إلى قلبي، لأنه يخاطب مرحلة الوعي الأولى في الإنسان، حيث تتشكل الأحلام والمفاهيم والقيم. في هذا العمر، يكون الخيال نافذة للفهم والنمو، وأنا أؤمن بما قاله فيغوتسكي عن أن «النمو الحقيقي يحدث حين يكتشف اليافع ما هو أبعد من قدراته الآنية»، وسيفار تنطلق من هذه الفكرة تحديدًا.
كيف ترين واقع أدب الفتيان في الجزائر؟
هو أدب في طور التكوّن، لكنه يحتاج إلى رؤية مؤسساتية جادة تؤمن بقدرة هذا النوع على بناء الإنسان. للأسف، ما زال يُنظر إلى أدب الفتيان على أنه “كتابة خفيفة”، بينما هو في الحقيقة أعمق أنواع الأدب وأكثرها مسؤولية، لأنه يخاطب العقول التي ستبني الغد. أتمنى أن نرى اهتمامًا أكبر من دور النشر الجزائرية، والمؤسسات الثقافية بهذا المجال.
ما الذي يميز تتويجك بكتارا عن باقي الجوائز التي نلتها؟
نعم، فزت في مسابقات سابقة، منها مسابقة المنارة في وصف مسجد الجزائر الأعظم، وجائزة مانديلا العالمية في طبعتها العربية الأولى، وجائزة المجلس الأعلى للغة العربية، وغيرها من الجوائز التي أعتز بها كثيرا. هذه الجوائز لم تكن مجرد تتويجات، بل محطات تأمل وتطور في رحلتي الإبداعية. كل تجربة منها أضافت إليّ وعيا جديدا، وساعدتني على اكتشاف صوتي الخاص بين تعدد الأصوات في الساحة الأدبية. لكن تبقى جائزة كتارا مختلفة؛ لأنها جمعت بين الاعتراف العربي والبعد الإنساني، وأثبتت أن الإبداع الجزائري قادر على الحضور بقوة حين يجد من يحتضنه ويؤمن به.
 وكيف يحضر الشعر عند سميرة بن عيسى؟
الشعر لا يغيب عني أبدا، فهو يستوطن لغتي حتى حين أكتب رواية. في سيفار، رغم البناء السردي، يظل الشعر حاضرا في الإيقاع، في الصورة، في التأمل. كما أنني أكتب قصائد نثرية حديثة في مديح النبي ﷺ وفي موضوعات روحية تأملية، أحاول من خلالها المزاوجة بين الحداثة والقداسة، بين النَفَس الصوفي والرؤية المعاصرة.
 هل تلهمك مهنتك كمعلمة في الإبداع الأدبي؟
التعليم ليس عبئا على الإبداع، بل هو امتداد له. في القسم أتعلم من طلابي أكثر مما أُعلّمهم، وأجد في تفاعلهم مرآةً حقيقية للحياة والفكر. الكتابة تمنحني القدرة على التعبير، والتعليم يمنحني القدرة على الإصغاء، وبينهما أجد توازني الإنساني.
هل شكل تخصّصك الجامعي في القانون والحقوق تقاطعا مع توجهك الأدبي؟
بكل تأكيد، هناك تقاطع عميق. فالتخصص الأكاديمي يمنحني منهجية التفكير والتحليل، بينما يمنحني الأدب الحرية والخيال. وحين يلتقي الاثنان، تتولد رؤية متزنة تجمع بين المنطق والحسّ، وهذا ما حاولت تجسيده في سيفار.
 هل يمكن القول أن جائزة كتارا محطة وصول؟
بعد جائزة كتارا، أعتبر أن المسؤولية أصبحت أكبر من الفرح بالفوز. الجائزة ليست محطة وصول، بل بداية مرحلة جديدة من النضج الفني والتأمل الإبداعي. أطمح إلى أن أواصل الكتابة بروح أكثر عمقا وصدقا، وأن أقدّم أعمالًا تترجم رؤيتي للأدب كرسالة للإنسان والوعي والجمال. ما بعد كتارا ليس سباقا نحو الجوائز، بل رحلة بحث متواصلة عن النصّ المختلف، النصّ الذي يضيف لا يكرر. أؤمن أن الكاتب الحقيقي لا يتوقف عند التكريم، بل يبدأ بعده من جديد، بعين أكثر وعيا ومسؤولية تجاه قارئه وثقافته ووطنه.
حاورها: يـاسين عـبوبو

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com