أبدى إسحاق ولد قدور، بطل الجزائر في رياضة الجودو لذوي الهمم، عدم رضاه بالميدالية البرونزية في بطولة العالم الأخيرة (تصنيف J2) التي احتضنتها العاصمة الكازاخية أستانا، مؤكدا في حوار مع النصر، أن طموحه لم يعد يرضى إلا بالذهب، وتحدث عن تفاصيل مشواره في البطولة، وأسباب إخفاقه في بلوغ النهائي، كما استعرض مسيرته التي انطلقت بدعم من شقيقه، ومدربيه هشام وجمال مزاري، والقاعة التي احتضنته منذ البداية، مُثمّنا الدعم الكبير الذي يحظى به رياضيو فئة ذوي الهمم من طرف رئيس الجمهورية.
كيف تُقيّم مشاركتك الأخيرة في بطولة العالم للبارا جودو بكازاخستان، خاصة بعد تتويجك بالميدالية البرونزية في تصنيف (J2)، وهل تشعر بالرضا؟
في الحقيقة، لا، لست راض عن هذه النتيجة، رغم أنها ميدالية عالمية وفي بطولة كبرى مثل هذه، لأن هدفي منذ البداية كان واضحا، وهو التتويج بالميدالية الذهبية. للأسف، لم يُحالفني الحظ في نصف النهائي عند ملاقاة البطل الأوزبكي، حيث لم أتمكن من بلوغ المباراة النهائية، ولكن رغم ذلك قاتلت في المباراة الترتيبية عند مواجهة أحد الأبطال الروسيين، حيث تمكنت من الظفر بالميدالية البرونزية، التي أهديها بكل فخر إلى بلدي الجزائر، خاصة وأنها جاءت في منافسة تضم نخبة أبطال العالم.
ماذا عن مشوارك في البطولة، وماذا حدث تحديدا في منازلة نصف النهائي؟
المشوار لم يكن سهلا أبدا، فمنذ بداية الدورة، واجهت منافسين أقوياء من مدارس مختلفة في الجودو، وكل منازلة كانت بمثابة معركة فنية وبدنية، وأما في نصف النهائي، فقد اصطدمت ببطل العالم لسنة 2023، وهو أوزبكي الجنسية، حيث يتمتع بمؤهلات عالية وخبرة ميدانية كبيرة، وكان خصما نشيطا فوق البساط، وكثير الحركة ومباغت في قراراته، وهو ما صعّب عليّ مجاراته، رغم أنني اعتمدت على القوة والثبات، ولقد أدركت نقاط ضعفه لاحقا، ولكنها لم تسعفني حينها لقلب النتيجة، وأرى أن هذا الدرس كان مهما لي، وسأعمل على دراسته جيدا لتفادي نفس الأخطاء مستقبلا، خصوصا أن هذا البطل يُعد من النخبة العالمية، ومن المتوقع أن أواجهه مجددا في المنافسات المقبلة.
بدأت مشواري مع أخي وقاعة شفة نقطة انطلاقي
ما هي أهمية هذه الميدالية بالنسبة لمشوارك في التصفيات المؤهلة للألعاب البارالمبية القادمة؟
هي ميدالية مهمة للغاية، لأنها تجعلني أستمر في البقاء ضمن المراكز المؤهلة، وتمنحني دفعة قوية في الترتيب العام لكأس العالم للجودو، وهو ما يُعزز حظوظي في التأهل إلى الألعاب البارالمبية القادمة في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية...البقاء فوق منصة التتويج في كل مرحلة من مراحل كأس العالم أمر ضروري، وأنا أركز حاليا على الاستمرارية وتطوير الأداء، من أجل تحقيق هذا الهدف المنشود.
سبق لك التتويج في المرحلة الأولى من كأس العالم بتبليسي الجورجية في مارس الماضي بذات الميدالية، كيف تُقيّم هذا الإنجاز؟
صحيح، أحرزت البرونزية في تبليسي، خلال المرحلة الأولى من كأس العالم، وكانت ميدالية ثمينة أيضا. أصف هذا الإنجاز بأنه جيد ومقبول في سياق مشواري، ولكن كما قلت، أنا لا أستهدف البرونز، وإنما الذهب فقط، وعن منافسات تبليسي فقد كانت شرسة أيضا، وواجهت فيها أبطالا عالميين وأولمبيين من طراز رفيع، وهذا النوع من المنافسات لا يرحم، وكل لحظة على البساط قد تغيّر مجرى النزال، ولذلك، فإن الظفر بالميدالية، حتى وإن لم تكن ذهبية، يعد مكسبا كبيرا يدفعني نحو المزيد من التحسين، وسأجعل من كل تجربة منصة للانطلاق نحو الأفضل.
البرونزية كانت من نصيبك أيضا في الألعاب البارالمبية باريس 2024، وهو إنجاز غير مسبوق بالنسبة لك، ما تعليقك؟
تلك الميدالية لها طعم خاص، فقد كانت في أكبر حدث رياضي للرياضيين ذوي الهمم، الألعاب البارالمبية باريس 2024، وشعور التتويج هناك لا يُوصف، وكان لحظة فخر لي ولعائلتي وكل الجزائريين، ولكنها في ذات الوقت ليست سقف طموحاتي، بل نقطة انطلاق نحو الذهب في النسخة المقبلة في لوس أنجلوس. لقد وضعت نصب عيني أن أُحسّن هذا الإنجاز، وسأعمل بكل جدية وقوة لتحقيق الأفضل.
هل تمتلك إنجازات أخرى في مسيرتك الرياضية تستحق الذكر؟
نعم، مسيرتي تضم عددا من الألقاب التي أفتخر بها كثيرا، أبرزها حصولي على لقب نائب بطل العالم سنة 2018، ثم تتويجي ببرونزية الألعاب العالمية 2023، إضافة إلى برونزية كأس العالم بجورجيا، وبرونزية الألعاب البارالمبية باريس 2024، وأخيرا برونزية بطولة العالم التي أقيمت مؤخرا في كازاخستان، وكل هذه الإنجازات تؤكد أنني في الطريق الصحيح، ولكنني لا أعيش على أمجاد الماضي، وأضع دوما عيني على القمة، وأسعى جاهدا إلى تطوير نفسي فنيا وبدنيا حتى أكون أكثر جاهزية للاستحقاقات الكبرى القادمة... المعدن النفيس هو ما يليق ببلد مثل الجزائر، وسأقاتل لأرفع رايتها على أعلى المنصات.
فرضنا أنفسنا في الألعاب البرالمبية بباريس بميداليتين من أصل اثنين
كيف كانت انطلاقتك مع الجودو، ولماذا اخترت هذه الرياضة تحديدا؟
قصتي مع الجودو بدأت منذ نعومة أظافري، إذ كان أخي يعمل مدربا في هذه الرياضة، وكان شغفه بها ينتقل إليّ تدريجيا، وكنت أرافقه في تدريباته وأشاهد عن كثب كيف يمارسها باحتراف وشغف، ما جعلني أُحب الجودو وأتعلق بها أكثر فأكثر. لم يكن اختياري لها صدفة، بل كان عن حب واقتناع، كما أن وجود أخي إلى جانبي قد ساعدني كثيرا في التعلم، والتدرج بشكل صحيح، وقد كان سندا حقيقيا لي في كل مراحل تكويني وتطوري، وحتى اليوم، أعتبر نفسي ما زلت في رحلة الصعود، فطموحي لم يتحقق بعد، وأسعى لأن أكون في القمة، وتشريف اسم عائلتي وبلدي الجزائر في أكبر المحافل.
...ومتى كان التحاقك الرسمي بالمنتخب الوطني، وكيف كانت الانطلاقة هناك؟
انضممت للمنتخب الوطني عام 2017، وكانت خطوة مفصلية في حياتي الرياضية، حيث شعرت حينها بمسؤولية كبيرة، وكنت عازما على تشريف هذا الاستدعاء، ولم يطل الوقت حتى حققت إنجازا عالميا، إذ نلت الميدالية الفضية في بطولة العالم سنة 2018، أي بعد سنة واحدة فقط من التحاقي بالمنتخب.
كيف تُقيّم حصيلة المشاركة الجزائرية في الجودو خلال الألعاب البارالمبية باريس 2024؟
الحصيلة كانت أكثر من رائعة، بل يمكن وصفها بالممتازة، بالنظر إلى عدد الرياضيين المشاركين في الجودو خلال دورة باريس. فقط رياضيان جزائريان تأهلا للمنافسات، ومع ذلك، عدنا بميداليتين ثمينتين، الذهبية لزميلي عبد القادر بوعامر، والبرونزية لي.
هذا الإنجاز يؤكد بأن الجودو الجزائري يسير في الاتجاه الصحيح، رغم قلة الإمكانيات مقارنة ببعض الدول، ولكنه يعكس جودة التحضير والإصرار الكبير لدينا، وعبد القادر كان شريكي أيضا في التتويج الأخير بكازاخستان، حيث أحرز الفضية، وأنا البرونزية.
هل تتلقون ما يكفي من اهتمام ودعم من الجهات المسؤولة؟
نعم، نحظى باهتمام ملموس من السلطات، وقد تحسنت أوضاعنا كثيرا مقارنة بالماضي، وفئة ذوي الهمم كانت مهمشة لسنوات، ولكن خلال الفترة الأخيرة، شهدنا نقلة نوعية في الدعم، سواء من ناحية التحضيرات أو ظروف المشاركة في البطولات، ورئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، له فضل كبير في هذا التغيير، إذ يولي اهتماما خاصا بالرياضة بوجه عام، ورياضات ذوي الهمم على وجه الخصوص، وهذا الدعم يمنحنا حافزا كبيرا لبذل أقصى الجهد وتقديم أفضل ما لدينا من أجل الجزائر.
دعم الرئيس تبون أحدث نقلة نوعية في رياضة ذوي الهمم
ما هي أهدافك المستقبلية، وهل هناك رسالة تود توجيهها في هذا السياق؟
طموحي لا يتوقف عند الميداليات البرونزية أو الفضية، وهدفي دائما هو الذهب، وسأبذل كل ما بوسعي لأحقق ألقابا أكبر، وأرفع علم الجزائر عاليا في أرقى المحافل الدولية، وأغتنم هذه الفرصة لأتوجه بالشكر لكل من وقف إلى جانبي في مسيرتي، خاصة مسؤولي قاعة شفة التي أتدرب فيها، والمدربين هشام وجمال مزاري، اللذان ساهما في صقل مهاراتي وتطوير قدراتي بشكل مستمر، وكان لهما الدور الأكبر فيما وصلت إليه.
حاوره: سمير. ك