يكشف الباحث الجزائري فؤاد بوسطوان، تفاصيل عن عودته إلى الجزائر للمساهمة في تطوير أبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي، الحقل الذي اشتغل فيه خلال تجربته البحثية الطويلة بأمريكا. ويتحدث الباحث في علوم البيانات للنصر، عن هذه المحطة المهمة في مساره العلمي، الذي يصفه من خلال سرد جوانب من سيرته الذاتية كباحث مهمته اليوم إلهام جيل من الباحثين الجزائريين الشباب.
النصر: تحصلت على الدكتوراه المكافئة في أمريكا دون دراسة كيف تم ذلك ولماذا؟
فؤاد بوسطوان: أنا ابن حي الصفصاف « لزالمو»بمدينة عنابة، تحصلت على البكالوريا من ثانوية القديس أوغستين سنة 2005، ثم ليسانس في الرياضيات والإعلام الآلي، بعدها ماستر ودكتوراه في الذكاء الاصطناعي من جامعة باجي مختار بعنابة.
توجهت إلى أمريكا كباحث ما بعد الدكتوراه، أين حصلت على الدرجة من الجامعة الأمريكية في الإعلام الآلي، دون أن أعيد الدراسة قاموا بالمكافئة مباشرة والاعتراف بشهادة الدكتوراه الجزائرية، وذلك نظير تميز ما قدمته من بحوث ومنشورات علمية. بدأت مشواري كجزائري طموح، اشتغلت كباحث في التعليم المعمق، كما تقلدت بعدها منصب مسؤول البحث في جامعة نيفادا، تم توجهت للبحث في المجال الصناعي، والعمل مع شركة رنجر، وهي من أغنى وأكبر شركة في العالم، وقد كنت مسؤول الابتكار هناك.
تحصلت على 50 براءة اختراع في مجال الذكاء الاصطناعي، بفضل الكفاءة التي اكتسبتها في الجامعة الجزائرية وساعدتني في تطوير قدراتي. بعد 8 سنوات من العمل في المجال الصناعي أصبحت مسؤول التطوير على مستوى 26 دولة حول العالم. بعد مدة قررت العودة إلى جامعة شيكاغو، وهي من أفضل الجامعات في العالم و تحوز على 100 جائزة نوبل، وأشغل فيها حاليا كمدرس في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي وذلك نزولا عند طلب سلطات الولاية، ولدي فريق عمل ينتمي أفراده إلى 50 جنسية.
أنا مقيم في أمريكا الآن، لكن قلبي دائما مع الجزائر، لذلك أتردد على الجامعة لأجل المساهمة في تطوير المناخ التكنولوجي ومساعدة بلدي ومرافقة الشباب.
يجب أخلقة الذكاء الاصطناعي واستخدامه بطريقة مسؤولة
حدثنا عن قصة رجوعك إلى الجزائر؟
تلقيت دعوة من وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، نور الذين واضح أثناء تواجدي في أمريكا، ثم ذلك عن طريق قنصل الجزائر في واشنطن. قال لي الرجل إن الجزائر تحتاج للكفاءات الوطنية الشابة في الخارج، من أجل بناء جزائر قوية وهي مهمة تستوجب تكاثف جهود الباحثين في الداخل والخارج، كي لتكون البلاد رائدة في البحر المتوسط والعالم. وكنتيجة لهذه الدعوة أسسنا أول مجلس علمي للذكاء الاصطناعي، حيث أقوم بالمستطاع للتواجد في الجزائر والاحتكاك بالشباب بشكل كاف، قصد مشاركة خبراتي وتجربتي معهم.
ما هي مهامكم تحديدا كعضو في المجلس الأعلى للذكاء الاصطناعي ؟
الهدف من هذا المجلس الذي استحدثته الحكومة، هو وضع خارطة طريق لجعل الجزائر ضمن مصاف الدول الفعالة في مجال الذكاء الاصطناعي، لا نحاول فقط تهيئة التربة و المناخ للبحث، بل نشتغل على بنية تحتية وقواعد بيانات كبيرة، وأجهزة حواسيب متقدمة، لأجل تطوير الذكاء الاصطناعي و الحوسبة الرقمية.
من مهامنا كذلك وضع خطة متكاملة تخرج الجزائر من دائرة استهلاك الذكاء الاصطناعي، إلى دائرة أوسع تشمل التطوير الإنتاج، ولما لا تصديره منتجاته إلى الدول الأخرى. نتمنى اليوم وغدا أن نرى بلادنا من بين الدول الرائدة في هذا المجال، ليس في إفريقيا والبحر المتوسط فقط، بل في العالم بإذن الله، ولا ننكر أنه أمر ممكن بالنظر إلى أننا متواجدون في قائمة الدول التي سارعت إلى ضع استراتيجية كاملة وواضحة عن كيفية استخدام هذه التقنيات.
أعلم الناس كيف نعيش حياة اليوم والغد
أصدرتم مؤلفا علميا منذ مدة حدثنا عنه وعن صداه محليا ؟
نعم نشرت مند أسبوعين كتابا حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، هو متاح على منصة أمازون يباع حاليا في أمريكا وأوروبا، كما اشتغلت مع دار نشر في الجزائر من أجل توزيعه في الداخل عن قريب وذلك باللغتين العربية والفرنسية.
الإصدار متاح لجميع الناس، وتحديدا المتعاملين الأذكياء، لتعليمهم كيفية تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، وكيف نعيش حياة اليوم والغد وستكون الجزائر أول دولة عربية ينشر فيها العمل.
كيف سيكون شكل المستقبل في ظل تسارع تطوير التقنية؟
الذكاء الاصطناعي حتمية، وقد وجب على الجميع اليوم امتلاك هذه التقنية كل حسب قدراته ومجال اختصاصه، ونحن في الجزائر وضعنا استراتيجية واضحة قريبة وبعيدة المدى وذلك من خلال عملنا كباحثين ومستشارين في المجلس سالف الذكر.
ما نعكف عليه هو وضع ميكانيزمات لتطوير الذكاء الاصطناعي، وفق مستوى عالمي وذلك انطلاقا من تجاربنا المختلفة في مراكز البحث المرموقة، شخصيا أتواجد ذلك ضمن عضوية عديد المجالس العلمية في أمريكا و أوروبا وكلها تعنى بالذكاء الاصطناعي وأخلاقيات الذكاء الصناعي، الذي يجب استخدامه بطريقة مسؤولة ليستفيد منه الجميع. حسين دريدح