الجمعة 13 جوان 2025 الموافق لـ 16 ذو الحجة 1446
Accueil Top Pub

البروفيسور عمار عزيون الفائز بجائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر للنصر: نستهدف تسويق الرقاقات الحيوية المطورة بمركز “سياربيتي” عالميا

يكشف البروفيسور عمار عزيون، مدير مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة في هذا الحوار مع النصر عن تاريخ مشروع تطوير الرقاقات الحيوية، الذي مكنه من الحصول على المرتبة الأولى في جائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر ضمن فئة الأساتذة والباحثين، حيث يحدثنا عن بداية اشتغاله على هذه التكنولوجيا ومساهمته العالمية في تطويرها ونقلها من أوروبا منذ أكثر من عشرين سنة إلى مواصلته هذا المسار لدى عودته إلى أرض الوطن قبل أكثر من عشر سنوات. ويؤكد البروفيسور عزيون، المشارك في تأسيس شركتين ناشئتين بأوروبا تعتبران الرائدتين دوليا في مجال الرقاقات الحيوية، أن الشركة الناشئة الجزائرية “ميميكال” التي تأسست بقسنطينة تستهدف تسويق الجيل الجديد من الرقاقات الحيوية المطورة في مركز البحث في البيوتكنولوجيا في الأسواق الدولية الأوروبية والأمريكية وغيرها، إلى جانب تلبية الاحتياجات الوطنية منها.

حاوره: سامي حباطي

النصر: هل يمكنك أن تخبرنا عن بداية مسارك التعليمي؟
- البروفيسور عمار عزيون: ولدت في 1967 في قرية الشعيبة ببلدية بوحاتم في ميلة، تلقيت دراستي الابتدائية في مدرسة مرج الكبير التي كانت تبعد عن قرية الشعيبة بحوالي كيلومترين، لذلك فقد كنت أتردد على الدراسة كل يوم مشيا على الأقدام في طرق غير معبدة لمدة لا تقل عن نصف ساعة، ولقد وصل بنا الأمر أنا وابن عمي أن نلجأ إلى ركوب الحمار من أجل الوصول إلى المدرسة، لاسيما أن الظروف المناخية كانت صعبة في المنطقة خلال فترة الشتاء.
النصر: هل انعكست ظروف التنقل الصعبة على تحصيلك الدراسي في المرحلة الابتدائية؟
- البروفيسور عمار عزيون: لا أبدا. لم يحدث أن ضيعت ساعة واحدة من مواقيت الدراسة طيلة ست سنوات من المرحلة الابتدائية، لم أكن في الحقيقة أشعر حينها بأن الدراسة تستحيل مع هذه الظروف، لأنها كانت الحالة العامة التي يعيشها جميع التلاميذ في القرية، لذلك لم يكن هناك نموذج أفضل لجعلنا نشعر بالفشل. زاولت دراستي الابتدائية من 1973 إلى 1979، ثم دخلت مرحلة التعليم المتوسط في متوسطة الإخوة فيلالي بفرجيوة، التي قضيت فيها أربع سنوات بنظام داخلي، وبعد نجاحي في هذه المرحلة انتقلت إلى ثانوية السعدي بشنون في فرجيوة بالنظام الداخلي أيضا، وقضيت فيها 3 سنوات.
كنت أذهب إلى المدرسة
على ظهر الحمار
في الابتدائي
بعد حصولي على البكالوريا، انتقلت إلى جامعة الإخوة منتوري بقسنطينة في 1987، حيث حصلت فيها على شهادة الدراسات العليا في الكيمياء عام 1991، وكنت طالبا في معهد الكيمياء، وبعد تخرجي زاولت التدريس لمدة سنة في التعليم المتوسط على مستوى بلدية بوحاتم.
النصر: كيف كانت نتائجك الدراسية؟
- البروفيسور عمار عزيون:كنت في الابتدائي متفوقا على زملائي الآخرين، ثم بقيت دائما ضمن المتفوقين في القسم خلال مساري، لكنني لم أكن الأول في الدفعة في الجامعة، رغم أنني كنت متفوقا وأحب الدراسة.

النصر: هل كانت دراستك في أوروبا في إطار منحة دراسية أم أنك سافرت على عاتقك؟
- البروفيسور عمار عزيون: خلال السنة التي عملت فيها مدرسا، كنت أنجز الإجراءات من أجل استكمال مساري في أوروبا من أجل الحصول على شهادة الدراسات المعمقة، حيث حظي ملفي بالقبول، فغادرت البلاد في سنة 1992، وواصلت مساري في جامعة غرونوبل بفرنسا إلى أن حصلت على شهادة الدراسات المعمقة في الكيمياء الجزيئية. بعد حصولي على هذه الشهادة، اشتغلت كيميائيا في مخبر كلية الصيدلية، فجمعت قليلا من المال ثم توجهت إلى باريس من أجل مواصلة الدراسة للحصول على شهادة الدكتوراه منذ 1997 إلى 2001.
كانت دراستي في أوروبا في عاتقي، وسأخبرك أمرا؛ عندما وصلت إلى مدينة غرونوبل في فرنسا، لم أكن أملك شيئا سوى قميص وسروال، بالإضافة إلى مبلغ 2000 فرنك فرنسي (ما يعادل حوالي 513 أورو اليوم) من أجل دفع تكاليف التسجيل في الجامعة ومصاريف أخرى، لذلك قضيت الأسبوع الأول أبيت في محطة القطار، كما نمت حتى في مأوى للمتشردين إلى أن تمكنت من الاستفادة من مسكن في الإقامة الجامعية. بعض من أصدقائي تخلوا عن مواصلة مسارهم الدراسي في الخارج بسبب الصعوبات، لكنني كنت شابا في عمر 25 سنة، وكنت مؤمنا بهدفي في الدراسة، فضلا عن أن طموحي كان أكبر من المشقة التي تكبدتها.
لقد كانت نقطة التحول عند حصولي على شهادة الدكتوراه من جامعة ديدرو بباريس، التي كانت تعرف حينها باسم باريس 7، لأنني كنت أشتغل في مخبر متعدد التخصصات تشمل البيولوجيا، الكيمياء، والفيزياء، فضلا عن أن موضوع أطروحتي كان يتمحور حول تشكيل مواد حيوية نانوية من أجل تشخيص المناعة العينية.
نمت أسبوعا في الشارع عند
وصولي إلى فرنسا للدراسة
النصر: هل كنت تفكر حينذاك في العودة إلى الجزائر؟
- البروفيسور عمار عزيون: بالطبع. كنت دائما أنوي العودة إلى الجزائر بعد إتمام الدراسة، لكن القائم على المخبر الذي كنت أشتغل فيه بعد حصولي على الدكتوراه كان يعرف مدير المخبر المتعدد التخصصات للتحليل الطيفي الإلكتروني LISE في جامعة نامور ببلجيكا، البروفيسور جان جاك بيرو Jean-Jacques Pireaux، حيث وجهني إلى أنهم يبحثون عن باحث ما بعد دكتوراه، فأرسلت سيرتي الذاتية إليه، ثم دعاني إلى ندوة على مستوى الجامعة من أجل تقييمي من قبل أعضاء المخبر، فضلا عن مرشحين آخرين للمنصب، وبعد حوالي 3 أشهر، اتصل بي مدير المخبر ليخبرني بقبولي وقد كنت الوحيد الذي حصل على المنصب. كان هذا القبول يمثل فرصة كبيرة لي، فهذا المخبر كان ينتمي إلى مُجمّع يضم 6 صناعيين و4 جامعات من أجل تجسيد مشروع أوروبي يستهدف تصميم لاقط حيوي لسرطان البروستات.
في هذا المشروع، عاينت عن قرب معنى التطوير بحسب احتياجات الاقتصاد، حيث اشتغلت مع أفضل الباحثين في المجال على المستوى الأوروبي، فضلا عن أن مؤطر أطروحة الدكتوراه الخاصة بمدير المخبر المذكور كان كاي سيغبان Kai Siegbahn بجامعة أوبسالا في السويد، وهو الحائز على جائزة نوبل للفيزياء في عام 1981، بعدما كان له الفضل في اختراع تكنولوجيا التحليل الطيفي للإلكترون الضوئي بالأشعة السينية Xray Photoelectron Spectroscopy (XPS)، لذلك كان شرفا كبيرا أن اشتغلت مع البروفيسور بيرو، فضلا عن أنه كان يحيطني بكرم وافر.
النصر: هل كانت تكنولوجيا XPS في صلب الأبحاث التي يجريها مخبر جامعة نامور؟
- البروفيسور عمار عزيون: في باريس سبق لي أن تعاملت مع هذه التكنولوجيا كتطبيق أستخدمه في الأبحاث، إلا أن البروفيسور بيرو أكد لي أنني سأكتشف الطريقة التي طورت بها في مخبر جامعة نامور، حيث أتذكر أنه طلب مني القدوم ذات يوم السبت ،من أجل أن نقوم معا بتفكيك الجهاز من أجل أن أفهم طريقة تصميمها، لقد تعلمت من هذه التجربة أن العلم يقوم على التكوين ومشاركة المعرفة، وأنا شخصيا استفدت من التكوين وحظيت بفرصة الالتقاء بعلماء يؤمنون بمشاركة المعرفة.
بعض أصدقائي تخلوا عن
مواصلة الدراسة في أوروبا
بسبب الصعوبات
النصر: كم قضيت في مخبر جامعة نامور؟
- البروفيسور عمار عزيون: في الحقيقة، التحقت بهذا المخبر في بلجيكا من أجل عام واحد، لكنني قضيت فيه خمس سنوات، أي إلى غاية 2006. لقد تعلمت الكثير في ذلك المخبر، على غرار التصنيع الميكرومتري والتصنيع النانوي وفيزياء السطوح، أي أنني كنت في مخبر يعتبر مرجعا دوليا، فضلا عن أنه ينشر عدة مجلات علمية.
في عام 2006، اطلعت على إعلان في معهد كوري في باريس Institut Curie، حيث كانوا يطلبون مهندسا باحثا للعمل على إنجاز رقاقات للخلايا، في تلك المرحلة كنت أسمع عن رقاقات الخلايا بحكم عملي على لاقطات تقوم على الموائع الدقيقة وغيرها، إلا أنني لم أتعامل مع الخلايا من قبل. حفزني هذا الإعلان حينها، فضلا عن أنني كنت أرغب بالالتحاق بالمعهد الذي أسسته ماري كوري، فذلك كان يمثل حلما بالنسبة لي. تواصلت مع المعهد وأتممت مختلف الإجراءات، فحظيت بالقبول في المنصب، بعدما خضعت للتقييم في ندوة من قبل رئيس وحدة البحث والباحثين الآخرين.

النصر: لماذا تجري عملية التوظيف على مستوى هذه المعاهد من خلال ندوة للتقييم؟
- البروفيسور عمار عزيون: في مخبر جامعة نامور أو في معهد كوري ينظمون ندوات أسبوعية حول مواضيع بحثية مختلفة، وفي حال وجود عملية توظيف باحثين، يدعى المرشحون لإحياء الندوة الأسبوعية، لتكون فرصة لاختبار معارف المرشح وتقييم ملاءمته للمنصب من خلال طرح الأسئلة عليه، وتقوم عملية التقييم على معايير براغماتية، إذ كانت تصب الأسئلة المطروحة في تحديد القيمة المضافة التي يمكن أن يقدمها الباحث للمشروع العلمي. في النهاية، بُلغت بالقبول في معهد كوري بعد حوالي شهر، وكنت الفائز الوحيد بالمنصب من بين مجموعة من المرشحين.
النصر: كيف تجاوزت عائق عدم تعاملك مع الخلايا في تجربتك السابقة؟
- البروفيسور عمار عزيون: في سبتمبر 2006، التحقت بالوحدة المشتركة للبحث 144 بمعهد كوري، وتحديدا بمخبر البروفيسور الراحل ميشال بورنينس Michel Bornens، الذي كان قامة علمية كبيرة ويعرف بتسمية السيد سونتروزوم (الجسيم المركزي). لقد وجدت نفسي بين قامات علمية لا تنشر إلا في أكبر المجلات العلمية، وقد أكدت للفريق الذي كنت أنتمي إليه إمكانية إيجاد حل للإشكال المطروح لتطوير تقنية التشكيل الدقيق للخلايا Cell Micro-patterning، لكن واجهتني مشكلة عدم امتلاكي خبرة في الاشتغال على البيولوجيا الخلوية، فأخبرني البروفيسور بورنينس بأن «آخر الموجودين في هذا الرواق يمكنه أن يلقنك الزراعة الخلوية»، ثم وجهني إلى مهندسة من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي من الفئة الخاصة، حيث خصصت ثلاثة أيام لتلقيني الزراعة الخلوية.
استطعت تطوير تكنولوجيا
التشكيل الدقيق للخلايا
في أقل
من 8 أشهر
هكذا كانت بداية عملي في معهد كوري، فتعلمت ووجدت أن الأمر ليس معقدا، كما شرعت في العمل والتعرف على فريق الباحثين، بالإضافة إلى الاحتكاك مع المؤسسات البحثية المحيطة بمعهد كوري، على غرار المدرسة الوطنية العليا للكيمياء، والمدرسة العليا للكيمياء الفيزيائية في باريس، التي حصدت 6 جوائز نوبل، والمدرسة العادية العليا بباريس، أي أنني كنت في مكان تجمع زبدة فرنسا العلمية والعالم أيضا، فقد كانت الوحدة المشتركة للبحث 144 بمعهد كوري تضم باحثين من الولايات المتحدة، اليابان، الصين، إنجلترا ،وألمانيا، لذلك كانت جميع اجتماعاتنا باللغة الإنجليزية. لقد وجدت نفسي في مستوى كوني من البحث العلمي ينطوي على ثقافات متعددة.
النصر: كم استغرق منك التوصل إلى حل للمشكلة المطروحة في المشروع؟
- البروفيسور عمار عزيون: في هذه البيئة استطعت التوصل إلى تطوير تكنولوجيا التشكيل الدقيق للخلايا في أقل من 8 أشهر، حيث توصلنا إلى إمكانية إنتاج الرقاقات بشكل موسع، واطلع جميع أفراد الوحدة على النتائج وكانوا سعداء بها. وكان معنا رئيس الوحدة البروفيسور بورنينس وزميلي المباشر البروفيسور ماثيو بييل Matthieu Piel، الذي درس في جامعة هارفارد ونقل هذه التكنولوجيات من هناك، لكنهم كانوا يقومون بطباعة الخلايا يدويا، في حين طورتُ طريقة لطباعتها بتدفق عال. وقد اتصل حينها رئيس الوحدة بصديق له من جامعة غرونوبل ليخبره بأننا اكتشفنا طريقة لطباعة الخلايا بتدفق عال، كما اتصل بالإدارة مباشرة من أجل رفع راتبي في المعهد، وأكد أن «سياسة معهد كوري قائمة على اختيار أفضل الأفراد، ولا ينبغي للأفضل أن يتقاضى الأجر نفسه كالآخرين». وبمجرد رفع راتبي، حصلت على قرض من أجل اقتناء شقة في الجزائر، حتى أجد مكانا لأقيم فيه عندما أعود.
النصر: هل قمتم بتسويق التقنية الجديدة التي طورتموها؟
- البروفيسور عمار عزيون: لقد أصبحت هذه التكنولوجيا بعد ذلك مستعملة من قبل جميع أفراد الوحدة، كما قمنا بالنشر العلمي حولها وحصلنا على براءة اختراع، ثم أسسنا مؤسسة ناشئة لتسويقها تسمى «سايتو» CYTOO، وهي اختصار لتسمية Cell Architect (مهندس الخلية). هذه المؤسسة الناشئة رائدة عالميا، وهي الوحيدة التي تبيع الألواح الميكرومترية والرقاقات الخلوية على مستوى الخلية الوحيدة بهندسة محددة. في بداية هذه المؤسسة الناشئة، اشتغلت على مستواها كمدير للبحث والتطوير من أجل نقل المنتج من المستوى التجريبي العلمي إلى المستوى الصناعي، وكان مقرها في الـ»ميناتيك» غرونوبل أو "مجمع التكنولوجيات الميكروية والنانوية"، وبالتالي عدت إلى غرونوبل باحثا مطورا بعدما بدأت منها مسيرتي فيها طالبا بسيطا. ووصلت قيمة رقم أعمال هذه المؤسسة الناشئة في 2022 إلى حوالي 5 ملايين أورو، مع ربح صافي بـ2.4 مليون أورو.

دخلت غرونوبل طالبا بسيطا وعدت
إليها باحثا مطورا في شركة رائدة عالميا
بعد هذه المرحلة، التحقت بالمعهد المتعدد التخصصات للعلوم العصبية بجامعة فيكتور سيغالين بمدينة بوردو، حيث دعاني صديقي من معهد كوري، البروفيسور جان باتيست سيباريتا Jean-Baptiste Sibarita، للالتحاق بفريقه البحثي في هذا المعهد من أجل العمل على تطوير الرقاقات الحيوية، بينما كان عملي في المؤسسة الناشئة يقوم على التطوير والبيع، ولم يكن ضمن اهتماماتي تكرار إنتاج الشيء نفسه.
النصر: ماذا كان هدف فريق البحث في جامعة بوردو؟
- البروفيسور عمار عزيون: تسمح التكنولوجيا التي تقوم عليها منتجات CYTOO الأولى بحمل نوع واحد من الخلايا، بينما كان هدفنا في فريق البحث ببوردو تطوير تقنية لحمل نوعين مختلفين من الخلايا بشكل متجاور، وقد تمكنا من التوصل إلى حل لهذه المشكلة في العام الأول من العمل، حيث اشتغلت إلى جانب الباحث فنسنت شتودر Vinscent Studer الذي درس بجامعة ستانفورد، وكان متمكنا من الموائع الدقيقة وغيرها من المعارف التي اكتسبها في الولايات المتحدة. وقد تضافرت جهودنا وتمكنا من التوصل إلى الحل، لكن ظل العائق في عدم القدرة على إنتاج الرقاقات بتدفق عال، لذلك قمنا بتطوير جهاز «بريمو» Primo من أجل إنتاج الرقاقات للبحث العلمي من خلال ربطها بالمجهر.
لقد حصلنا على براءة اختراع دولية لهذا التطوير التكنولوجي، حيث أسسنا مؤسسة ناشئة جديدة تسمى «آلفِيول» Alveole، ومقرها اليوم في باريس، كما أنها الشركة التي تنتج وتسوق جهاز «بريمو»، الذي يوجد واحد منه على مستوى مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة، وهو الوحيد في الجزائر.
النصر: إذن فإن مشروع الرقاقات الحيوية يعتبر في صلب مسيرتك البحثية والعلمية!
- البروفيسور عمار عزيون: في الحقيقة، كان من المفترض أن أشغل منصب المدير التنفيذي للشركة الناشئة «آلفيول»، لكنني ذات يوم كنت أقضي يوما من أواخر سنة 2013 على للشاطىء مع زوجتي وطفلي، أمين وأمينة، ففكرت أن استثمار ذاتي في هذا المشروع سيكون على حساب الاهتمام الذي أقدمه لابنيّ، اللذين أعتبرهما رأسمالي في الحياة، لذلك أخبرت زوجتي أنني سأعود إلى الجزائر لاستثمار ما حصّلته فيها، وقد اخترت أن يكون تاريخ رحلة عودتي إلى الجزائر يوم 14 جويلية 2014 على متن باخرة طارق بن زياد، كما أن اختياري لهذا التاريخ لم يكن عشوائيا.
النصر: كيف كانت تفاصيل عودتك إلى الجزائر؟
- البروفيسور عمار عزيون: إجراءات عودتي بدأت من سنة 2010، حيث أذكر أنني كنت أشاهد قناة «كنال ألجيري»، التي كنت أتابعها دائما في الخارج، فأنا كنت في الخارج لكن الجزائر كانت تسكنني دائما، رغم أنني كنت الجزائري الوحيد في جميع الفرق البحثية التي عملت معها. وأتذكر أنني شاهدت ذات يوم البروفيسور عبد الحفيظ أوراغ، مدير البحث العلمي والتطوير التكنولوجي بوزارة التعليم العالي حينها، فأعجبت بحديثه عن البحث العلمي، رغم أنني لم أكن أعرفه من قبل.
في اليوم الموالي، اتصلت بأمانة مديرية البحث العلمي في وزارة التعليم العالي وطلبت التحدث إلى البروفيسور أوراغ، فلم أجده، لكنه ترك لأمينة مكتبه رقم هاتفه الشخصي وطلب منها أن تقدمه لي إذا أعدت الاتصال. لقد تحدثت مع البروفيسور أوراغ عن رغبتي بالعودة إلى أرض الوطن والمساهمة في البحث العلمي، فأطلعني بمختلف الإجراءات الضرورية للعملية من أجل إتمام معادلة الشهادات وغيرها، كما ساعدني كثيرا، إذ أرسلت إليه ملف المعادلة عبر البريد، فقام بإيداع الملف بشكل شخصي، رغم أنني لم أكن أعرفه أبدا من قبل. أنا ممتن جدا للبروفيسور أوراغ لأنه إنسان يؤمن بالبحث العلمي بحق.
اخترت يوم 14 جويلية 2014
تاريخا لرحلة عودتي للجزائر

النصر: ماذا اشتغلت عند عودتك إلى الجزائر؟
- البروفيسور عمار عزيون: عند عودتي التحقت بالمدرسة الوطنية العليا للبيوتكنولوجيا بقسنطينة كأستاذ مع بدايتها في 2014، حيث حظيت بتجربة رائعة في تلقين الطلبة، الذين كانوا متفوقين، وقد تعلمت منهم الكثير، فضلا عن أن هؤلاء الطلبة هم من قمت بتأطيرهم بعد سنوات. وبين سنتي 2015 و2016، نشر المقال الخاص بالتقنية التي قمنا بتطويرها حول الرقاقات الحيوية في جامعة بوردو في المجلة المسماة «المواد المتطورة» Advanced Materials، فأرسلت نسخة منه إلى البروفيسور أوراغ وأخبرته برغبتي في نقل هذه التكنولوجيات إلى الجزائر، لألتقي به في الأسبوع نفسه، أين طلبت منه إنشاء أرضية للهندسة الحيوية على مستوى المدرسة العليا للبيوتكنولوجيا بقسنطينة لفائدة الطلبة، لكنها وضعت في النهاية على مستوى مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة بعدما عيُّنت مديرا له في سنة 2016.
النصر: إذن فبدايتك على رأس مركز البحث في البيوتكنولوجيا ظلت مدفوعة دائما بحلم مواصلة تطوير الرقاقات الحيوية!
- البروفيسور عمار عزيون: فعلا، فقد ظل حلمي أن أواصل تطوير تكنولوجيا الرقاقات الحيوية من أجل الوصول إلى إنتاج رقاقات تحمل أكثر من نوع خلوي واحد، لكن على المستوى الصناعي، فجهاز «بريمو» لا يتيح الإنتاج بتدفق عالٍ. وقد واصلت العمل بالتعاون مع الطلبة لسنوات طويلة، إلى أن توصلنا إلى تطوير هذه التكنولوجيا الجديدة على مستوى مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة، وأقول إن مشروع تطوير الرقاقات الحيوية رافقني من الخارج إلى هنا وواصل معي، فضلا عن أنني اقترحت تدريس هذه التكنولوجيا في طور الماستر على مستوى المدرسة العليا للبيوتكنولوجيا، حيث يدرسها طلبة تخصص البيوتكنولوجيا والصحة في مقياس «التفاعلات البيولوجية السطحية»، كما أنني أستقبل الطلبة على مستوى مركز البحث في البيوتكنولوجيا من أجل تلقينهم محاضرات. أنا أدرّس تكنولوجيات قمت بتطويرها بنفسي، فضلا عن أن تكنولوجيا الرقاقات الحيوية جديدة في مجال التكنولوجيات الحيوية.
النصر: ما مستوى تقدم المؤسسة الناشئة الجزائرية «ميميكال» التي تأسست لتسويق الرقاقات الحيوية المطورة بمركز «سياربيتي»؟
- البروفيسور عمار عزيون: في الحقيقة، تعتبر المؤسسة الناشئة «ميميكال» MIMICAL شقيقة المؤسستين الناشئتين "CYTOO"و"Alveole"، حيث يعمل القائمون عليها على الانطلاق في السوق من خلال التكوينات والمحاضرات والورشات للتعريف بالمؤسسة، فضلا عن أنهم شرعوا في التفاوض مع شركة «صيدال» من أجل تكوين فرق الشركة على الزراعة الخلوية التقليدية، ثم الزراعة الذكية، لكننا نستهدف السوق الدولية أيضا، ولا تقتصر أهداف الشركة الناشئة على السوق الوطنية، وقد انطلقت أيضا أشغال تهيئة مقر الشركة على مستوى القطب التكنولوجي «هضبة قسنطينة»، فضلا عن أن تجهيزات الإنتاج الصناعي متوفرة.

لا يوجد لقب يعادل قيمة جائزة
رئيس الجمهورية للباحث المبتكر

النصر: كيف جاءت فكرة المشاركة في الطبعة الأولى من جائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر؟
- البروفيسور عمار عزيون: لم أكن أنوي المشاركة في البداية نظرا لضيق وقتي واقتراب انقضاء أجل إرسال المشاركات، فقلت في نفسي؛ إنني سأشارك العام القادم، لكن بعد تمديد الأجل، قررت اغتنام الفرصة للمشاركة، خصوصا أنني شجعت زملائي الباحثين في مركز البحث في البيوتكنولوجيا على المشاركة أيضا. لقد شاركنا بأربعة مشاريع من المركز، ولم أكن أعلم بتتويجي بالجائزة إلا لحظة الإعلان عن النتائج خلال الحفل.
النصر: ما هو انطباعك بعد هذا التتويج؟
- البروفيسور عمار عزيون: بالنسبة إلي، لا يوجد لقب معادل لجائزة رئيس الجمهورية للباحث المُبتكِر، وحتى لو منحت لقبا دوليا، فإنه لا يعادل هذا الاستحقاق، لأنني قمت بخيار العودة إلى وطني في وقت كانت تتعالى فيه أصوات المشككين، لكنني، والحمد لله، لم أشعر بالخيبة يوما واحدا منذ عودتي ولم أندم، بل على العكس من ذلك، لو يعود بي الزمان إلى الوراء، فأتخذ الخيار نفسه. في الجزائر اليوم، يوجد مشروع سياسي يشجع البحث العلمي والتطوير ويضع الجامعة كقاطرة للاقتصاد الوطني، وهذه بلادنا ويقع تطويرها على عاتقنا. س.ح

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com