أكد مدرب أمل بئر بوحوش السعيد مرزوق، بأن النجاح في تحقيق صعود تاريخي إلى قسم ما بين الجهات، كان ثمرة عمل جماعي قام به جميع الأطراف، وأوضح بأن روح المجموعة كانت السلاح الأبرز في هذه «الملحمة».
مرزوق، وفي حوار خص به النصر، رفض أن ينصب نفسه في خانة «مهندس الصعود»، بعدما حقق هذا الهدف للموسم الثاني على التوالي، واعترف بأن فلسفة العمل المبنية على المجموعة، تبقى من أهم مفاتيح النجاح، كما أنه يمنح الأولوية لأمل بئر بوحوش من أجل مواصلة العمل، وأكد بأنه أعطى الموافقة المبدئية لإدارة النادي، في انتظار اتضاح الرؤية أكثر عند الشروع في رسم خارطة الطريق الخاصة بالموسم القادم.
*في البداية، ما تعليقكم على الانجاز التاريخي الذي حققتموه مع الفريق، بالصعود إلى قسم ما بين الجهات؟
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن تواجدي على رأس العارضة الفنية لأمل بئر بوحوش، كان بنية المساهمة في تجسيد المشروع الرامي إلى تواجد الفريق في بطولة ما بين الجهات، لأن الإدارة وضعت الصعود كهدف رئيسي، ومفاوضاتنا ارتكزت على هذا الجانب، وعليه فإن تقارب وجهات النظر كان الدافع الذي قادني لخوض هذه المغامرة، ولو أن وضع القطار على السكة كان في غاية الصعوبة، لأن الانطلاقة كانت من نقطة الصفر، بتغيير التعداد بنسبة كبيرة جدا، وهي مرحلة أخلطت حساباتنا نسبيا، لكن وما أن دقت ساعة الحسم حتى قدمنا أوراق اعتمادنا كفريق مرشح للتنافس على ورقة الصعود، سيما بعد تدشين الموسم بفوز في بئر العاتر، أمام واحد من أقوى المرشحين للعب الأدوار الأولى، وبالتالي يمكن القول بأن الصعود سمح لنا بتحقيق الهدف الذي كنا قد سطرناه، والفرحة التي عشناها في آخر جولة تبقى تاريخية، لأن العرس كان كبيرا، والأنصار يستحقون هذا الإنجاز.
المستوى ارتفع والمنافسة هذا الموسم كانت مختلفة
*لكن المهمة لم تكن سهلة، بدليل أن هوية البطل لم تتحدد سوى بعد نهاية مباريات آخر جولة، أليس كذلك؟
بطولة الجهوي الأول لرابطة عنابة هذا الموسم، كانت مختلفة عن سابقاتها، بحكم خبرتي في هذا القسم الطويلة، لكن مستوى المنافسة تحسن بشكل ملحوظ، وهذا في وجود عدة فرق تتنافس على ورقة الصعود، وتضم في صفوفها لاعبين كانوا ينشطون في أقسام أعلى، الأمر الذي ساهم في الرفع من مستوى البطولة، وطريقنا نحو منصة التتويج لم يكن معبدا، بل وجدنا أنفسنا مجبرين على التعايش مع ضغط رهيب في الجولات الأخيرة من الموسم، إلا أننا عرفنا كيف نتعامل مع معطيات هذه المرحلة، من خلال المحافظة على تركيز وتوازن المجموعة، والإصرار على عدم التفريط في الصدارة، وهذا من أجل الإبقاء على مصيرنا بأيدينا، وهذا ما نجحنا في تجسيده ميدانيا.
*ألم تتخوفوا من تضييع لقب البطولة في آخر منعرج، سيما بعد تلقي أول هزيمة في سيدي عمار؟
المتتبع للبطولة، يقف للوهلة الأولى على سيطرة فريقنا على مجريات المنافسة، لأننا لم نفرط في الصدارة سوى في جولتين على مدار موسم كامل، وكان ذلك في الثلث الأول من البطولة، وقد أنهينا مرحلة الذهاب بفارق 5 نقاط عن أقرب الملاحقين، وعليه فقد حاولنا على الاستثمار بعقلانية في هذا الفارق، خلال النصف الثاني من الموسم، خاصة في المنعرجات الحاسمة، رغم أننا فقدنا التوازن الدفاعي في بعض الفترات، في غياب البدائل، بسبب محدودية الخيارات، وتثبيت نفس التركيبة طيلة موسم كامل انعكس بالسلب على آداء القاطرة الخلفية، بالمقارنة مع ما كانت عليه في الذهاب، لأن الصلابة الدفاعية كانت من أهم المفاتيح، سيما خارج الديار، لكن الهزيمة التي تلقيناها في سيدي عمار، بهدف قاتل فرضت علينا ضغطا رهيبا، لأنها قلصت الفارق إلى نقطة واحدة، كما أن «سيناريو» مقابلة مجاز عمار زاد في تعقيد وضعيتنا، بعد إهدار ضربة جزاء، فكان الضغط الأكبر في تبسة.
*وهل لنا أن نعرف سر نجاحكم في تحقيق الصعود من جهوي عنابة لموسمين متتاليين مع فريقين من ولاية سوق أهراس؟
ليس هناك أي سر، وكل ما في الأمر أن فلسفتي في العمل مبنية بالأساس على المجموعة، لأنني أراهن دوما على بناء مجموعة منسجمة ومتماسكة، ولو أن الوضع في بئر بوحوش كان مغايرا لذلك الذي كان في سدراتة، لأن مستوى اللاعبين من الناحية الفردية كان أقل، إلا أن روح المجموعة كان كافيا لتغطية النقائص الفردية المسجلة، كما أن التحضير الجيد ساهم بشكل كبير في تحقيق هذا الانجاز، والحقيقة أنني لا أملك العصا السحرية التي تعبد طريق الصعود، بل أن الاستثمار في توفر مقومات النجاح يكون بالتركيز على العمل الميداني.
الاستقرار ضروري ومنحت الموافقة المبدئية للاستمرار
*وماذا عن مستقبلكم مع الفريق، وكيف تنظرون إلى أول مغامرة للأمل في قسم ما بين الجهات؟
فرحة الصعود التي صنعها الأنصار بعد نهاية مباراة تبسة تبقى من أغلى الذكريات في مسيرتي كمدرب، لأنها أبانت عن قيمة الإنجاز المحقق، ومدى تعلق سكان المدينة بفريقهم، مع تقديرهم للأبطال الذين ساهموا في صنع هذه «الملحمة»، وهي عوامل لا بد من مراعاتها عند الحديث عن مستقبلي، لأنني اعتبر الفريق بمثابة عائلة، من خلال الجو المميز الذي عشناه طيلة الموسم، وعليه فإنني أعطي الأولوية لأمل بئر بوحوش، وقد تحدث معي رئيس النادي مؤخرا بشأن هذه القضية، فمنحته الموافقة المبدئية، لأن الاستقرار ضروري، في انتظار ترسيم الأمور، ولو أن المعطيات يجب أن تكون مغايرة تماما للموسم الفارط، لأن التعداد كان محدودا، كما أن تسيير المحيط يستوجب تغيير الذهنيات، والبقاء في قسم ما بين الجهات لن يكون سهلا.
حاوره: ص/ فرطاس