كشف المركز العربي للمناخ، عن تسجيل مؤشرات لاحتمال عودة احترار مياه البحر الأبيض المتوسط خلال الفترة المقبلة، بما يعطي مؤشرا لإمكانية نشوء عواصف متوسطة، أو حالات جوية وصفها بالقوية جدا خلال فصل الخريف الحالي، إلى جانب تسجيل مؤشرات لاقتراب أحواض باردة نسبيا وأمطار رعدية منتصف الشهر الجاري.
وأوضح المركز، في آخر تقرير له ، أن عملية التنبؤ بعيدة المدى التي يقوم بها، كشفت عن أن سطح الماء في البحر الأبيض المتوسط معرض لارتفاع الحرارة خلال الفترة المقبلة، على الرغم من انخفاضها مؤخرا بشكل وصفه بالطفيف، بفعل تموضع كتل هوائية معتدلة الحرارة في محيطه، بينما ما تزال حرارة سطح الماء في المحيط مرتفعة عن المعدل العام خاصة في جزئه الشرقي.
وحذر التقرير، من أن هذا الارتفاع في حرارة سطح الماء، كمؤشر لاحتمال نشوء عواصف قوية جدا خلال فصل الخريف، وذلك تزامنا مع بداية نمو القبة القطبية الشمالية ووصول الرياح الباردة إلى المنطقة، وأضاف التقرير، بأن احترار مياه البحر الأبيض المتوسط والحالات الجوية الشديدة تظهر من خلال عدة آليات، مشيرا إلى أن ذلك يؤدي إلى زيادة معدل التبخر، وبالتالي زيادة كمية بخار الماء في الهواء، ما يشكل وقودا للأنظمة الجوية القوية.
ورجح المركز، إمكانية تكوين سحب كثيفة وعواصف رعدية، وكذا تغيير أنماط الضغط الجوي في المنطقة، مشيرا إلى أن ارتفاع درجة حرارة مياه سطح البحر قد يؤدي إلى انخفاض الضغط في بعض المناطق، ما يمكن أن يسبب تدفق الهواء من مناطق ذات ضغط أعلى، وبالتالي تكوين عواصف قوية ومنخفضات جوية عميقة، مثلما وقع مع عاصفة دانيال، التي تسببت بكارثة درنة في ليبيا، معتبرا أن احترار مياه البحر الأبيض المتوسط من العوامل الرئيسية التي تزيد العواصف والحالات الجوية الشديدة في المنطقة ككل.
كما أشار المركز العربي للمناخ، في تقرير آخر، إلى أنه مع بدء نشاط القبة القطبية تزامنا وحلول فصل الخريف، فمن المتوقع خلال الفترة المقبلة ومع بداية تمدد الهواء البارد في العروض العليا أن تبدأ بعض الكتل الهوائية الباردة نسبيا في التوجه إلى العروض الوسطى وأجزاء من العروض الدنيا في النصف الشمالي من الأرض، لتزداد فرص نشوء منخفضات جوية أو حالات من عدم الاستقرار الجوي في العديد من المناطق.
وأوضح التقرير أنه واستنادا إلى المعطيات المناخية المسيطرة حاليا، فهنالك فرصة مرتفعة مع نهاية الثلث الأول من أكتوبر الجاري وانتصاف الثلث الثاني، لزيادة كتل هوائية باردة نسبيا ذات طابع خريفي لحوض البحر الأبيض المتوسط، تزامنا ووجود أجزاء واسعة منه تعاني من الاحترار السطحي، بما يشكل حافزا قويا لتطور حالات ماطرة وذات طابع رعدي نتيجة لكون مؤشر الأحمال الحرارية مرتفع، مما يزيد من فرص تشكل غيوم ركامية شاهقة الارتفاع قد تؤثر على دول بلاد الشام ومصر، وصولا إلى دول المغرب العربي وعلى فترات حسب حركة وتمركز وموعد وصول الكتل الهوائية.
وكانت درجة حرارة مياه المتوسط بدأت في الارتفاع منذ 3 سنوات بشكل ملحوظ، بينما كان الارتفاع أكبر وأوضح خلال سنة 2023، أين وصل إلى حده الأقصى، بحيث زادت حرارة سطح الماء بحوالي 2-3 درجات مئوية عن معدلاتها العامة في مساحات واسعة من البحر، الذي يعتبر البيئة الأساسية لنشوء المنخفضات الجوية التي تؤثر على بلاد الشام والعراق ومصر ودول المغرب العربي.
و يصل تأثير المنخفضات الجوية التي تتشكل داخل المتوسط إلى شبه الجزيرة العربية في بعض الحالات، فضلا عن أنه يتحكم في مسار الكتل الهوائية الباردة ومنظومة الضغط الجوي في المنطقة خاصة في المواسم المطرية.
إ.زياري