الجمعة 6 ديسمبر 2024 الموافق لـ 4 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

مشكلة التمويل تطغى على « كوب 29»: العالم يفشل في تحديد هدف جماعي لمواجهة التحديات المناخية

يأتي شهر نوفمبر بثقل عمل مناخي، تجسده ثلاث قمم عالية كبيرة للعمل على إنقاذ الكوكب وحل الأزمات بداية بـ «كوب29» من تاريخ 11 إلى غاية ـ22 من نوفمبر، وقمة «أبيك» لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول آسيا والمحيط الهادي، فضلا عن اجتماعين بالبرازيل لقادة مجموعة العشرين، لوضع رؤية جديدة مشتركة لحل القضايا الراهنة وتحقيق التوازن بين حماية الكوكب وإعادة بناء الاقتصاد.

مفاوضات شائكة في «كوب29»
بعد مرور أكثر من أسبوع من المفاوضات الطويلة والشائكة بين الدول المشاركة في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين للمناخ «كوب29»، لم يتمكن المشاركون بعد من تحديد هدف جماعي لمواجهة جملة المشاكل والأزمات التي تواجه الكوكب، وسط تحذيرات أممية من خطورة الوضع، فقد حذر الأمين العام للأمم المتحدة في افتتاح الفعالية «من أن الوقت ليس في صالح القضية»، قائلا: «إن الصوت الذي تسمعونه هو صوت دقات الساعة، نحن في العد التنازلي الأخير للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، والوقت ليس في صالحنا».
واعتبر المتحدث، أن الوقت ليس في صالح العالم، مشيرا في ذلك إلى حجم التغيرات والتأثيرات التي تم تسجيلها خلال سنة 2024 والتي قال بخصوصها: « إن العام الجاري هو الأكثر حرارة على الإطلاق»، مؤكدا أنه لا يوجد بلد بمأمن عما أسماه بالدمار المناخي، الذي يتراوح بين الأعاصير وغليان البحار، إضافة إلى الجفاف الذي يدمر المحاصيل الزراعية، معتبرا أن تأثيرها يزيد التغير المناخي الذي سببه الإنسان.
فجوة التمويل تهدد البشرية
الأمين العام للأمم المتحدة عدد في كلمته 3 أولويات للعمل المناخي حول العالم، مؤكدا أنه :»يجب ألا تغادر البلدان النامية باكو خالية الوفاض»، حاثا على التركيز على ضرورة إجراء تخفيضات طارئة لانبعاثات بما مقداره 9 بالمائة كل عام، وصولا إلى 43 بالمائة من مستويات سنة 2019 إلى غاية سنة 2030، وكذا بذل المزيد من الجهد لحماية الناس مما أسماه «ويلات أزمة المناخ»، معلنا أن الفجوة بين احتياجات التكيف والتمويل يمكن أن تصل إلى 359 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030، معتبرا أن كل دولار يتأخر عن الميزانية العمومية للعملية، تهديد لأرواح تزهق ومحاصيل تفقد وتنمية يحرم منها الأشخاص.
أما عن الأولوية الثالثة، فحددها غوتيريس، في هدم الحواجز أمام التمويل المتعلق بالمناخ، وذلك عبر الاتفاق على هدف تمويل جديد يتضمن زيادة كبيرة في التمويل العام الميسر، ومن خلال الاستفادة من مصادر تمويل مبتكرة، ووضع إطار عمل لزيادة إمكانية الوصول والشفافية والمساءلة وتعزيز قدرة الإقراض لبنوك التنمية متعددة الأطراف الأكبر والأكثر جرأة.
وحذر، من خطر التقاعس فيما يتعلق بعملية التمويل، قائلا :»يجب على العالم أن يدفع، وإلا تدفع البشرية الثمن»، وأردف «يجب أن تسترشدوا أنتم وحكوماتكم بحقيقة واضحة: تمويل المناخ ليس صدقة.العمل المناخي ليس اختيارا، إنه أمر حتمي».
أما الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، فعلق: «إن تأثيرات المناخ تقتطع ما يصل إلى 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في العديد من البلدان»، بما يؤكد أن الكوارث الناجمة عن المناخ تؤدي إلى ارتفاع التكاليف على الأسر والشركات.
ودعا، قادة الدول المشاركين في القمة للإتحاد واتخاذ إجراءات جماعية سريعة قائلا: «دعونا لا نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى، إن تمويل المناخ هو تأمين عالمي ضد التضخم، وينبغي أن تكون التكاليف المناخية الباهظة هي العدو رقم 01».
التشغيل الكامل لصندوق الاستجابة للخسائر والأضرار
وفيما يتعلق بصندوق الاستجابة للخسائر والأضرار، دعمت رئاسة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، التشغيل الكامل للصندوق، بما يمكن من البدء في صرف الأموال التي تشتد الحاجة إليها والتي طال انتظارها في أقرب وقت ممكن.
كما تم التوقيع على اتفاقية الوصي واتفاقية استضافة الأمانة بين مجلس إدارة الصندوق للاستجابة للخسائر والأضرار والبنك الدولي، فضلا عن اتفاقية البلد المضيف لمجلس إدارة الصندوق، بجمهورية الفلبين، لتشكل كل هذه الإنجازات نقطة انطلاق للصندوق في إطار تمويل المشاريع عام 2025.
كما أطلقت رئاسة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون أمس كذلك، حوارا سنويا جديدا رفيع المستوى بشأن التنسيق والتكامل لترتيبات التمويل للاستجابة للخسائر والأضرار، والذي سيجمع أصحاب المصلحة من داخل وخارج عملية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وقد تطرق قادة الدول والحكومات في «كوب 29»، لعدة مواضيع في مقدمتها الحاجة إلى رفع الطموحات فيما يتعلق بالتخفيف والتكيف من خلال المساهمات المحددة وطنيا، وخطط التكيف الوطنية، وكذا إستراتيجيات التنمية طويلة الأجل منخفضة الانبعاثات، وتمكين العمل مع الهدف الكمي الجماعي الجديد بشأن المناخ، وغيرها من وسائل التنفيذ والدعم.
ضغوطات ومواجهات بين الدول الغنية والنامية
ولا تزال المواجهات تتصاعد بين الدول النامية والدول الغنية بباكو، أين تطالب الدول النامية والأكثر تضررا من تغيرات المناخ ومما تسببت فيه الدول الغنية الكبرى، بتخصيص 1.3 تريليون دولار سنويا لتمويل مكافحة تغير المناخ، الذي يمتد إلى غاية سنة 2030، وقد قال سكرتير الأمم المتحدة للمناخ سايمون ستيل،إن الطريق ما تزال طويلة بالرغم من أن الجميع يدركون تماما أن التحديات التي يواجهها العالم جادة.
وقد عرقل عدم التوصل لاتفاق فيما بين المتفاوضين، ضبط الشكل النهائي لخطة التمويل، بحيث لا تزال مسودة النص المعروضة على المؤتمر تحمل خيارات مفتوحة، في ظل استمرار ضغط الدول النامية على الدول الغنية لدفع ما عليها، خوفا من أي تقاعس من شأنه أن يعيق عملية الحل التي يراهن عليها المشاركون من الطرفين، خاصة وأن الدول النامية تطالب بتخصيص أكبر جزء من التمويل لصالحها.
وفي انتظار ما ستفرزه قمة المناخ «كوب29»، تتجه الأنظار إلى قمة مجموعة العشرين، علها تجد منفذا للطريق الذي سد في باكو، والتمكن من التوصل لحلول للمسائل المالية العالقة التي تشكل النقطة الحاسمة في قمم العالم الثلاث.
إيمان زياري

خبيرة السياسات البيئية والتنمية المستدامة الدكتورة منال سخري
ضمان التمويل المناخي مرهون بالالتزام والعالم ينتظر قرارات جادة
حذرت الخبيرة في السياسات البيئية والتنمية المستدامة، الدكتورة منال سخري، من خطر التهاون في التعامل مع قضايا البيئة والمناخ الراهنة، واعتبرت عدم الاستجابة لنداءات المنظمات وعدم الخروج بقرارات صارمة وعملية من قمة المناخ كوب29، كفيلا بمفاقمة أزمة كوكب الأرض، داعية لإيجاد حلول عملية للتعامل مع النفايات الإلكترونية عبر تشريعات بيئية دولية ملزمة، مؤكدة على توفر الالتزام وتغليب المصلحة العامة لضمان تمويل فعلي لضريبة التكيف المناخي، كما تحدثت عن مواضيع أخرى طرحت في كوب 29 بأذربيجان.

النصر: في قمة قادة العالم للعمل المناخي كوب 29 دعوة عالمية لإعادة تدوير 70 بالمائة من النفايات العضوية، إلى أي مدى يمكن تجسيد ذلك بالنظر للفروق بين الدول؟
الدكتورة منال سخري: الدعوة لتدوير 70 بالمائة من النفايات العضوية خطة وهدف طموح، إلا أن ذلك يصطدم بإشكالية التفاوت فيما بين الدول المتقدمة والمتخلفة، لأن الأمر يتعلق بالبنية التحتية وبمدى الاستثمار في هذا القطاع، ومدى فعالية الاقتصاد الدائري في هذه الدول، لاسيما الدول النامية.
ربما تقترب الدول الغنية من هذا الهدف بالنظر لبنيتها التحتية، لكن السائرة في طريق النمو ستصطدم بالفروق سواء من حيث السياسات والتشريعات المنظمة، أومدى وجود وعي بيئي بهذه المجتمعات وأمور أخرى خاصة التحدي اللوجيستيكي في هذا الشأن، وكلها عوامل تصعب من تحقيق الهدف بهذه الدول.
كشف تقرير مهم في المؤتمر، عن التخلص من 62 مليون طن من الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية سنة 2022 مع توقعات بارتفاع النسبة بمقدار الثلث سنة 2030، أي دور للمنظمات العالمية في الحد من التأثيرات السلبية للنفايات الإلكترونية؟
لما نتحدث عن النفايات الإلكترونية، فنحن نتحدث عما ينجر عنها مباشرة، وعما يعرف بالتلوث الصامت أو التلوث الإلكتروني، وبالتالي فإن خفض هذه النفايات المرشحة للارتفاع من الأمور الملحة، خاصة عندما نتحدث عن المخلفات السامة كالزئبق والذي يتواجد بكثرة في الأجهزة الإلكترونية، وإن لم تتم معالجته بشكل صحيح، فهذا سيؤدي إلى تسربه في البيئة وتلوث المياه والتربية، وذلك يؤدي فيما بعد لتهديد الأمن البيئي و صحة الإنسان والحيوان.
المطلوب اليوم، هو الدفع بعجلة الابتكار والتكنولوجيا وتبني الحلول الفعالة على المستوى البيئي من جهة، وتلك التي تكون ذات أثر بيئي سليم كذلك، وهذا الأمر الذي يتطلب تشريعات بيئية دولية فعالة وملزمة على المستوى الدولي ككل، وهو ما يدفع لترسيخ تقنيات مستدامة للتعامل مع النفايات الإلكترونية.
تحذير أممي آخر عرفته الفعالية، وتمحور حول خطر ارتفاع درجة حرارة الكوكب فوق 1.5، هل تتوقعين استجابة دولية للعمل على خفض الحرارة، أم أن المعطيات تنبؤنا بكوارث أكبر مستقبلا في حال لم تلق هذه الدعوات ردودا؟
التحذير الصريح الذي أطلقه غوتيريس، بشأن درجة حرارة الأرض يعكس القلق الدولي المتزايد، وقد عبر صراحة في تصريح سابق عن الخطر المحدق بكوكب الأرض، وأعتقد أن الاستجابة ليست بإطلاق التحذيرات، بل يجب أن تكون لدينا إرادة سياسية وأمن مجتمعي دولي يجب أن يتماشى مع الالتزام واتخاذ خطوات ملموسة لتخفيض الانبعاثات والتخفيف من آثار تغير المناخ.
لابد كذلك، أن يتماشى هذا الالتزام مع حجم التحديات العالمية، وإذا لم تتم الاستجابة للنداء، فالمستقبل سيحمل المزيد والكثير من الكوارث البيئية خاصة تداعيات وأبعاد اقتصادية وبيئية، فالبيئة ترتبط بالأمن القومي للدول وتحديدا الماء و الغذاء والطاقة.
تحدث المشاركون في «كوب29» عن حلول أسموها بالجديدة، لقضايا النزوح القسري والهجرة الناتجة عن التغيرات المناخية، كيف يؤثر هذا التغيير على حياة الناس، وما هي الحلول التي يمكن تبنيها لمواجهة الأمر؟
أجل تمحور الحديث عن النزوح والهجرة المناخية التي أثرت كثيرا على الأمن الإنساني في العديد من المناطق، فالهجرة المناخية كانت قسرا لأن الإنسان واجه أزمات بيئية مثل الجفاف، والفيضانات، وارتفاع مستوى مياه البحر، والسكان الأصليون عموما هم الأكثر تضررا في هذه المناطق.
تبحث هذه المجتمعات عن أماكن تتوفر فيها الموارد، لأن تفشي الكوارث الطبيعية يهدد سبل العيش والأمن الغذائي والأمن المائي، كما يهدد الاستقرار ورفاه الإنسان، سواء كانت هجرة داخلية أو دولية، وهذه الأخيرة تحديدا دفعت بأناس للخروج من دولها، وأعتقد أنه من بين الحلول يمكن تطوير برامج دولية تدعم اللاجئين البيئيين، وتوفير إجراءات على مستوى الدول المتضررة التي أضحت اليوم مجبرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
نتحدث اليوم، ليس فقط عن الحد من التغيرات المناخية، بل عن التكيف معها كذلك، لذلك لابد من تعزيز الأطر التشريعية والسياسية والقانونية وحتى الأطر الاقتصادية خاصة الممارسات والتقنيات المستدامة في إطار الموارد المائية، والتي يكون لها الأثر الأكبر على المجتمعات المحلية، فالهجرات المناخية تحتاج فعلا لتحسين التنسيق الدولي، من خلال تفعيل التمويل لفائدة المجتمعات المتضررة، لكن للأسف الضرر تعدى المجتمعات التي تعاني من تغير المناخ، وبلغ المجتمعات والدول التي تستقطب الهجرات المناخية والبيئية، لذلك وجب توفير الموارد وإيجاد طريقة لحماية حقوق الأفراد من خلال مبدأ الفرص وضمان حياة كريمة.
أعيد في قمة أذربيجان طرح فكرة أسواق الكربون، وسط تسجيل توافق أممي حولها بعد 10 سنوات من ولادتها، ما هي الفكرة تحديدا؟ وهل سترى النور فعلا بعد انقضاء «كوب29»؟
أسواق الكربون فكرة معروفة، وهي في الملخص تدور حول تنظيم الانبعاثات عن طريق تبادل حقوق التلوث بين الدول والشركات، لقد تم إدخال الفكرة بشكل تجريبي في إطار اتفاقية كيوتو، ومع مرور الوقت تبنت العديد من الدول والشركات الفكرة كجزء من استراتيجية الحد من الانبعاثات.
هناك توافق أممي في «كوب» على أسواق الكربون سيما أن الهدف الدولي هو تقليل الانبعاثات وتحقيق الأهداف أقل من 1.5 درجة مئوية، لكن الأمر كتحد سيصطدم بمدى وجود تنظيم فعال، وهل هناك نوع من الشفافية لضمان خفض انبعاثات الكربون الحقيقي؟ وهل ستكون شفافية حقيقية وموثوقة في النتائج؟
من جهة ثانية، فإن السؤال عن جانب المسؤولية في تقاسم الفوائد مهم، وإن كانت ستقسم بين الدول الكبرى التي تعتبر المسبب الأول للانبعاثات وبين دول نامية لا تتسبب في الكثير منها، بمعنى أن الإشكالية تكمن في تقاسم المسؤولية والفوائد في هذه الأسواق، لا شك أن تجاوز هذه النقاط من المرجح أن يلعب دورا في السياسات العالمية.
توصف هذه الدورة بالحاسمة للتمويل المناخي، هل سيتم التوصل لاتفاق مجد برأيك؟
تعتبر مشكلة التمويل نقطة أساسية ومن أكبر التحديات التي طرحت في كوب 29 وكوب 28 قبلها، ولا ننسى أن دولا مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والإتحاد الأوروبي، واليابان وبريطانيا، وكندا سويسرا، وأستراليا والنرويج وإيسلندا، تعهدت وفق اتفاقية الأمم المتحدة 1992 بدفع 100 مليار سنويا بحلول سنة 2020، و لكن هذا الهدف لم يتحقق إلا سنة 2022.
اليوم مبلغ التمويل ارتفع لأن ما يتوفر ماليا غير كاف، ولم يعد الحديث مقتصرا على اقتصاديات الدول المذكورة، بل على الاقتصاديات الكبرى الأخرى كذلك وعلى رأسها الصين، ودول الخليج وحتى الهند باعتبار هذه الدول من أكبر الملوثين في العالم. بالنسبة لفكرة التمويل كمبلغ، فهذا يتطلب تعاونا دوليا حقيقيا، وإذا كانت هناك إرادة لابد أن تتجسد على أرض الواقع، لأنه لابد من آليات الالتزام والرقابة لدعم الدول المتضررة، لأنها أكثر الدول تحملا لتبعات آثار التغير المناخي، لأن الاقتصاديات الكبرى دائما تراعي مصالحها الوطنية وتضمن الوصول لهذا الهدف.
من جهة أخرى، فإن الوصول إلى اتفاق عالمي يضمن تمويل أكثر من تريليون دولار سنويا سيكون أمرا صعبا، لأن التحديات المناخية في تزايد وكذا تحديات التمويل الدولي الذي يعتمد على وجود إرادة سياسية لدى الدول الكبرى والتزام لتحقيق هذا الهدف.
هل ستجسد الدول المشاركة التزاماتها المناخية، أم أن المصلحة الوطنية ستطغى على قضية التمويل؟
أعتقد أن ما يرهن هذه القضية هو التوازن بين المصالح الوطنية لهذه الدول والالتزامات الكبرى، هذا ما سيحدد مدى نجاح القمة في تحقيق الأهداف المناخية، تتضارب مواقف هذه الدول دائما بين التزاماتها الاقتصادية والتغيرات المناخية، والقرارات الجادة لدعم الدول المتضررة والعائق يبقى الالتزام وتحويل التوافق إلى حقيقة على أرض الواقع.
هل ستنجح الدول المشاركة في القمم البيئية الثلاث رفيعة المستوى التي جرت و ستجري هذا الشهر، في تحقيق التوازن وإنصاف المناخ والبشرية حسب تقديرك؟
إن انعقاد القمم الثلاث الكبرى في نوفمبر 2024، هو نتيجة حتمية للعديد من التحديات البيئية والاقتصادية التي يشهدها العالم، وهذه القمم تشكل فرصة لدفع التعاون الدولي لحماية المناخ وتعزيز التنمية الاقتصادية، لكن نجاحها وفعاليتها يعتمدان على مدى قدرة الدول المشاركة على تجاوز خلافاتها وتوحيد جهودها في مواجهة التحديات المشتركة، وهذا يسمح بتحقيق توازن حقيقي بين إنقاذ المناخ وتلبية احتياجات البشرية، والأمر ليس سهلا في ظل الأولويات والتحديات المختلفة، لكن يبقى الأمل معقودا على تسجيل خطوات ملموسة تضمن التزامات مناخية فعالية تضمن سير الاستدامة الاقتصادية لاسيما في الدول السائرة في طريق النمو.
حاورتها : إيمان زياري

الخبيرة والمستشارة في شؤون المناخ الدكتورة زينب مشياش
المؤتمر لم يحقق هدفه الأساسي بعد
قالت الخبيرة والمستشارة في شؤون المناخ، الدكتورة زينب مشياش، إن مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين المنعقد بباكو أذربيجان، يحمل في برنامجه كما هائلا من المواضيع المتعلقة بالمناخ والملحة جدا، إلا أن التفاوض والنقاش لم يخرجا عن دائرة ضيقة لم يتم بعد التوصل إلى اتفاق بشأنها، منتقدة تقاعس الدول الغنية بشأن قضية تمويل التكيف المناخي والتي تدفع ثمنها الدول النامية، متحدثة للنصر، عن عدم الأخذ بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة واستمرار المماطلة في حل مشاكل المناخ بشكل عاجل.

النصر: يهدف المؤتمر لوضع رؤية جديدة لمعالجة القضايا الملحة، بعد أسبوع كامل من اللقاءات والمفاوضات، هل سلطت القمة الضوء على أكبر وأهم قضايا الكوكب؟
الدكتورة زينب مشياش: أجل لقد كانت الانطلاقة قوية لمؤتمر الأطراف 29، فقد بدأ بقوة، حيث تم اعتماد قواعد سوق كربون جديدة تحت إشراف الأمم المتحدة (المادة 6.4 وفقا لمؤتمر باريس) في اليوم الأول، لكن التقدم لم يتواصل بنفس الوتيرة، فأكثر من 100 موضوع لم تدرج على جدول أعمال المؤتمر، كما أنه لم يتم تسجيل تطورات ملحوظة بخصوص التكيف والحصيلة العالمية، والخسائر والأضرار أو قضايا النوع الاجتماعي، ونتمنى أن يتحقق تقدم إيجابي في الأيام المقبلة.
ـ إلى أي مدى ستجد الدعوة لضمان تمويل عالمي سريع للعمل المناخي لحماية البشرية صدى في هذه القمة؟
نلاحظ أن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لم تلق لحد الآن الصدى ولا النجاح ولا النتيجة التي كان يطمح إليها العالم، خصوصا بلدان الجنوب التي كانت تراهن كثيرا على هذا المؤتمر الذي يسمى أيضا بمؤتمر التمويل، أين كان ينتظر من الدول الغنية بحسب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أن تتحمل مسؤولية الأزمة المناخية تاريخيا وذلك عبر مساعدة الدول الأخرى من خلال تمويل جزء من انتقالها، فالدول المستفيدة تطالب بمبلغ 1300 مليار دولار سنويا، أي ما يعادل 13 ضعفا للمبلغ الحالي المخصص لانتقال هذه الدول والذي يعادل 100 مليار دولار سنويا، كما ينص عليه اتفاق باريس للمناخ، لكن المطلب لم يتحقق إلى غاية الآن في المؤتمر الحالي.
اعتبرت هذه الدورة حاسمة للتمويل المناخي، خاصة وأن المؤتمر قدم تقارير تشير للحاجة إلى أموال ضخمة لأجل التمويل وتغطية تكاليف التكيف هل برأيك سيتم التوصل لاتفاق دولي يضمن التمويل؟
سوف نرى ذلك خلال الأيام المقبلة، نتمنى أن يتحمل كل طرف مسؤوليته، وكما قبلت دول الجنوب أن تتقاسم هذه المسؤولية المشتركة رغم التمايز، فعلى الآخرين أيضا الالتزام بموجب اتفاق باريس الخاص بالمناخ.
أشار السكرتير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ سايمن ستيل، إلى أن ثمن تغير المناخ باهظ جدا، ويبرز في شكل زيادة التضخم وارتفاع في أسعار المواد الغذائية، كيف يؤثر ذلك على دول العالم وخاصة الجزائر؟ وهل نحن ملزمون فعلا كما قال بوضع خطط تكيف وطنية؟
التغير المناخي يؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي بمختلف دول العالم بدرجات متفاوتة، ومن بين التأثيرات نلاحظ الجفاف و ارتفاع درجات الحرارة وتكرار وطول مدة موجات الحر، ناهيك عن الكوارث المناخية التي يمكن أن تتلف آلاف الهكتارات من المحاصيل...وهذه كلها عوامل تؤثر في توفير المنتجات وفي أسعارها، علما أن المؤشر العالمي للأمن الغذائي للجزائر، صنف في مقدمة الدول الإفريقية وفي المرتبة 54 من أصل 113 دولة في العالم سنة 2021، إلا أن الجهود يجب أن تتواصل من أجل نجاح برامج وزارة الفلاحة.
حاورتها: إيمان زياري

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com