الخميس 1 ماي 2025 الموافق لـ 3 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

كيف تغير الطاقات المتجددة طبيعة التعدين العالمي في عصر الاستدامة: ثــورة خضــراء في قلـب المنـاجـــم

* الجزائر تنفذ أول مشروع بإدماج الطاقات المتجددة
تلعب صناعة التعدين دورا محوريا في دعم اقتصاديات العالم من خلال توفير المواد الخام الأساسية لمختلف القطاعات، وفي المقابل، هي أيضا واحدة من أكثر الصناعات كثافة من حيث استهلاك الطاقة، وتسببا في الإنبعاثات الكربونية، وبين استمرار تسجيل ارتفاع في الطلب على المعادن وتوقعات بحدوث نقص في الإمدادات، وانخفاض في جودة الخامات، تواجه الدول والشركات ضغوطا لتحقيق أهداف الاستدامة يجمع الخبراء على أنها لن تكون إلا من خلال دمج الطاقات المتجددة في مواقع التعدين.

إعداد : إيمان زياري

يواجه قطاع التعدين إنخفاضا في جودة الخامات وتقلبا في أسعار الطاقة، فضلا عن تلوث بيئي ناتج عن انبعاثات كربونية هائلة، وفي ظل توقعات بزيادة الطلب على المواد الخام مع زيادة نمو سكان العالم وتحول العديد من الاقتصاديات منخفضة الدخل إلى متوسطة الدخل، يرجح تسجيل زيادة في الطلب على المعادن، يرافقه طلب من قطاع التعدين على الطاقة المستخدمة في أنشطة التنقيب والاستخراج، والمعالجة والتكرير، وبالنظر لبعد المناجم، فهي تواصل اعتمادها على الوقود الأحفوري مثل الديزل، والنفط الثقيل والفحم، مما يسبب كوارث بيئية ويهدد سلامة البشر والكوكب بفعل إنبعاثات كربونية كبيرة.
ولأن الضغوط العالمية تتزايد على الشركات من أجل تحقيق الاستدامة، يتجه قطاع المعادن في العالم وفي الجزائر أيضا إلى تبني الطاقات المتجددة وبوتيرة متسارعة لخفض التكاليف والحد من إنبعاثات الكربون، بحيث بدأت شركات التعدين بالتوجه إلى حلول كاستعمال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين البطاريات لتشغيل عملياتها بكفاءة، بحيث توفر هذه البدائل للطاقة النظيفة فوائد طويلة الأمد بما في ذلك تقليص الاعتماد على الوقود وتحسين الأداء البيئي وكذا تحسين جودة المواد المستخرجة.
استهلاك جنوني للطاقة
يصنف قطاع التعدين في خانة الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، إذ تستهلك 38 بالمائة من الطاقة الصناعية، و15 بالمائة من الكهرباء في العالم، بينما توفر مصدرا أساسيا للمواد الخام للعديد من الصناعات كالنقل، التصنيع، الهندسة وصناعة التعدين نفسها، ومع تزايد الطلب على المواد المعدنية وانخفاض جودة الخامات، من المتوقع أن يزداد الطلب على الطاقة بشكل حاد بنسبة 36 بالمائة مع حلول سنة 2035، على أن يبلغ الطلب 50 بالمائة في عام 2050.
ووفقا لبيانات «ماكينزي» فإن صناعة التعدين تساهم بنسبة 2 إلى 3 بالمائة من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، ويلعب القطاع دورا كبيرا في الحد من الإنبعاثات بشكل عام وذلك من أجل تحقيق هدف تغير المناخ والبالغ 1.5 درجة مئوية بحلول العام 2050، أين تحتاج صناعة التعدين إلى خفض إنبعاثاتها الكربونية إلى الصفر، في وقت لا تزال إلى اليوم الطاقة المستعملة والمنتجة يهيمن عليها الوقود الأحفوري، وفي المتوسط، تشير التقارير إلى أن 62 بالمائة من استهلاك الطاقة في صناعة المعادن تتكون من الوقود الأحفوري كالفحم والنفط.
تحديات النمو في قطاع التعدين
وضع الواقع العالمي الذي يعيشه قطاع التعدين كبرى الشركات أمام ما يعرف بـ «تحدي النمو»، أين ستكون المعادن مستقبلا بمثابة النفط الجديد للاقتصاد العالمي، مع ذلك، فإن الأرقام تؤكد أن ما يقارب 20 بالمائة من إجمالي إمدادات المعادن العالمية التي سيحتاجها العالم بحلول سنة 2035 لم يتم اكتشافها بعد، بالرغم من استثمار مليارات الدولار من أجل العثور على رواسب جديدة، بحيث تستغرق المناجم وقتا أطول للبدء في التشغيل بسبب فترات الاستكشاف والترخيص والتمويل الأطول، ما يجعل من عملية التنقيب عن مصادر جديدة مستمرة.
كما تشير التقارير إلى أن الطلب على المعادن الحيوية اللازمة لتحقيق التحول الطاقوي مثل الليثيوم يتزايد بشكل سريع، وفي المقابل من ذلك تواجه صناعة التعدين تحديات من مشكل نفاد رواسب المعادن ومخاطر بيئية واجتماعية، كما تهدد التوترات الجيوسياسية المتزايدة تدفقات التجارة وتفاقم الفجوة بين العرض والطلب، وهو ما يجعل من هذه التحديات لا تؤثر فقط على الانتقال نحو اقتصاد أخضر، بل تلقي بظلالها على قطاعات أخرى واسعة، بحيث لها تداعيات على الصناعات التحويلية وعلى تطوير التقنيات المتقدمة على سبيل المثال في تلبية الاحتياجات الهائلة لإنشاء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي أكبر حجما، وتعزيز شبكات الطاقة الكهربائية.

الباحثة في الوكالة الوطنية للطاقات المتجددة الدكتورة سعيدة مخلوفي
تحديات كبيرة في التحول وتفاؤل بالنتائج
ترى الباحثة في الطاقات المتجددة بالوكالة الوطنية للطاقات المتجددة، الدكتورة سعيدة مخلوفي، أنه مع تزايد الطلب على المعادن الحيوية، فإن شركات التنقيب تتوجه إلى تبني استراتيجيات وتقنيات مبتكرة لزيادة إنتاجها، ولحسن الحظ، فقد ظهرت مؤخرا مجموعة من الحلول المبتكرة من أدوات حفر متطورة، وأنظمة طاقة حديثة إلى استخدامات ذكية للبيانات والذكاء الاصطناعي لمعالجة أبرز التحديات، موضحة أن الطاقة تشكل تحديا آخر للقطاع، في ظل اعتماد المناجم المتواجدة بمناطق نائية على مولدات الديزل باهظة الثمن وملوثة، فضلا عن كونها تعاني من إنقطاعات في الكهرباء بسبب ضعف البيئة التحتية.

وتؤكد الدكتورة مخلوفي على أن تبني إستراتيجيات التنمية المستدامة في قطاعي التعدين والمناجم يجب أن يتوافق مع جهود جدية لتقليص الإنبعاثات، وتقول إنه وفي الوقت الذي تساهم فيه الابتكارات التكنولوجية في تسهيل هذا التحول، لا يزال من الصعب التأكد من فعالية هذه التقنيات عند بدء تشغيل مناجم جديدة.
وتشير الباحثة إلى أنه في أواخر سنة 2024، بدأت كبرى شركات التعدين عبر العالم على غرار الجزائر بالتحرك نحو إدماج الطاقات المتجددة، فقد التزمت معظم هذه الشركات بالوصول إلى صافي إنبعاثات صفري بحلول سنة 2050 أو قبل ذلك، مع أهداف مؤقتة بحلول سنة 2030، كما تعتبر عملية تطوير الطاقات المتجددة عاملا مهما يمكن الشركات من تعويض أثر نموها، مع الحفاظ على أهدافها متوسطة الأجل وبتكلفة معقولة، وهو ما تبرزه بعض التجارب لشركات بدأت فعليا في استخدام وقود الديزل المتجدد كحل مؤقت، في انتظار تقنيات أكثر تطورا مثل الشاحنات الكهربائية.
رؤية مستقبلية خالية من الإنبعاثات في المناجم بالجزائر
تؤكد الباحثة في الوكالة الوطنية للطاقات المتجددة، الدكتورة مخلوفي، على أهمية الرؤية المستقبلية للمناجم في الجزائر خالية من الإنبعاثات، وتشير إلى أن عدة شركات بدأت تفكر في كيفية تصميم المناجم من البداية، بحيث يراعى في ذلك مكان وضع محطات الشحن، والطريقة المثلى لدمج حلول الشحن المتعددة وأحجام البطاريات المختلفة لتحسين دورة التشغيل، مؤكدة في ذات النقطة أن بعض الشركات قد بدأت فعليا بإدخال هذه الاعتبارات ضمن عملية التخطيط.
وتشير المتحدثة إلى بعض التجارب العالمية كشركة «هواوي» الصينية التي طورت أنظمة خاصة تتمثل في محطة طاقة مستقلة تجمع بين البطاريات والألواح الشمسية وأنظمة ذكية لإدارة الطاقة، مما يتيح للمناجم استخدام الطاقة حسب الحاجة بتردد وجهد مستقرين، وهي المحطات التي أضافت أنه قد تم تركيب مثيلاتها في منجم بمنغوليا بقدرة 9 ميجاوات/ساعة، حيث تم استخدام نظام الذكاء الاصطناعي لمراقبة حالة البطاريات والتنبؤ بالأعطال وتوزيع الطاقة بدقة، مما يقلل تكاليف التشغيل بنحو الثلث وفقا لما أفصحت عنه شركة «هواوي».
تحديات دمج الطاقات المتجددة لتحقيق تعدين مستدام
تشير الباحثة الطاقوية مخلوفي إلى أن عمليات التعدين وتشغيل المناجم تواجه تحديات لدى دمج أنظمة تخزين الطاقة مع الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، بحيث تتسم هذه الطاقة بالتذبذب الطبيعي، مما يؤدي إلى تقلبات في إمدادات الطاقة يمكن أن تؤثر على نطاق واسع على استقرار الشبكة خاصة في الشبكات الضعيفة، كما تؤكد على أهمية تمكين عمال المناجم من مؤهلات خاصة تساعدهم على تحسين استخدام الطاقة الشمسية والتخزين لتعظيم التوفير في التكاليف وتقليل الإنبعاثات، مشيرة إلى خصوصية بيئة مواقع المناجم التي تتميز بظروف قاسية تفرض توفير حلول تخزين قوية للطاقة لتحمل هذه الظروف، ومؤكدة على أن رحلة إدماج الطاقات المتجددة في الجزائر تتطلب تخطيطا دقيقا واستثمارات إستراتيجية.
ولعل من أبرز التحديات التي تواجه شركات التنقيب بحسب الدكتورة مخلوفي في سعيها نحو إدماج الطاقات المتجددة تكمن في التكاليف، إذ تتطلب البنى التحتية للطاقة المتجددة والشبكة الكهربائية استثمارات رأسمالية أعلى بكثير مقارنة بالمعدات التقليدية، خاصة في ظل التقلبات الحادة في أسعار المعادن في الفترة الأخيرة، مما زاد من صعوبة اتخاذ قرارات الاستثمار، وتضيف المتحدثة أنه وبعد الارتفاع الكبير خلال العامين 2021 و 2022، تراجعت أسعار المعادن الأساسية اللازمة للتقنيات الخضراء كالألواح الشمسية والبطاريات الكهربائية بشكل ملحوظ في العام 2023.
وأشارت المتحدثة أيضا إلى انخفاض سعر الليثيوم بنسبة 75 بالمائة، وتراجع أسعار الكوبالت والنيكل والجرافيت بنسب تراوحت بين 30 إلى 45 بالمائة، ومع ذلك هناك وسائل للتكييف مع هذه التقلبات الاقتصادية كالتخطيط التشغيلي المرن مع الاستفادة من الدعم الحكومي.
مفاتيح حلول الطاقة الهجينة للمناجم النائية
تشير الباحثة في الطاقات المتجددة الدكتورة مخلوفي إلى أن أنظمة الطاقة الهجينة خارج الشبكة للمناجم تقنية مجدية اقتصاديا ومثبتة، ومع ذلك تقول أنها تفرض أهداف خفض الإنبعاثات الكربونية وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة تحديات جديدة، موضحة أن محطات الطاقة الهجينة في المناجم النائية قد شهدت تطورا ملحوظا مؤخرا، بحيث تتبنى شركات التعدين حلول تخزين للطاقة بالبطاريات لتعزيز كفاءة وموثوقية هذه الأنظمة، وعلى الرغم من ذلك، لا تزال حسبها التكاليف العالية والقيود التقنية تعيق اعتمادها على نطاق واسع. من جانب آخر، تتحدث المختصة عن دور الهيدروجين الأخضر في قطاع المناجم والذي يمكن له أن يوفر تخزينا طويل الأمد للطاقة، ما تعتبره أمرا ضروريا لموازنة التغيرات الموسمية في توليد الطاقة المتجددة وتوفير مصدر طاقة احتياطي موثوق، كما تقول أنه يمكن استخدامه كوقود للمركبات الثقيلة في التعدين مما يقلل الاعتماد على الديزل وبالتالي الإنبعاثات، بحيث يمكن إنتاج الهيدروجين باستخدام الطاقة المتجددة الفائضة، مما يخلق حسبها نظاما مغلقا يعزز استخدام الموارد النظيفة.
وعلى الرغم من كل هذا، تتحدث الباحثة عن بعض القيود التي تقول أنها لا تزال تحول دون الاعتماد الواسع على تقنيات تخزين الطاقة بالبطاريات كارتفاع تكلفة الطاقة ومحدودية دورة الحياة، والتكاليف الرأسمالية العالية، فضلا عن أن البطاريات تصمم لتطبيقات محددة وتعاني من قيود في بيئات التشغيل.
وتشدد المتحدثة على دور الرقمنة الحاسم والفعال في تشغيل المحطات الهجينة من خلال تحسين كفاءة استخدام الطاقة ودمج مصادر الطاقة المتجددة، على الرغم من حديثها عن التحدي الذي يواجهه مسيرو هذه المحطات والمتمثل في تحدي «ثلاثية الطاقة»، من خلال ضمان أمان الإمداد، القدرة على تحمل التكاليف والاستدامة، بحيث تتمحور إستراتيجيات الشركات في الاستثمار في البنى التحتية والأنظمة الأساسية التي من شأنها أن تدعم التحول الصناعي الشامل وهي التي تساعد فيها تقنيات الإنترنيت في تحليل البيانات والتوائم الرقمية مما يقلل من إنبعاثات الكربون.
إ.ز

منجم غار جبيلات
تنفيذ أول مشروع في إدماج الطاقات المتجددة في قطاع المناجم بالجزائر
يمثل مشروع المحطة الشمسية لإنتاج الكهرباء بنظام بطاريات التخزين في غار جبيلات «تيندوف» خطوة إستراتيجية للجزائر نحو التحول إلى الطاقات المتجددة في قطاع المناجم، ودعم الشبكة الإقليمية بطاقة نظيفة ومستدامة، بحيث يساهم هذا المشروع في التقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري والحد من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فضلا عن أنه يشكل محفزا لتطوير إنتاج الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية من خلال تعزيز استخدام التكنولوجيات الحديثة ودعم القطاع الصناعي المرتبط بالطاقات المتجددة، كما ينتظر من هذه المحطة أن تنتج خطوة إضافية نحو تحقيق رؤية مستقبلية للطاقة النظيفة واستغلال الموارد الطبيعية بكفاءة واستدامة.

وبتشغيل المحطة، فإنها توفر إضافة اقتصادية واجتماعية وبيئية للبلاد، وذلك من خلال توفير ما يزيد عن 600 وظيفة عمل لإنشائها، و100 وظيفة أخرى فيما يتعلق بتشغيلها وصيانتها، كما تساعد في تطوير قطاعات جديدة مرتبطة بالطاقات المتجددة وتحسن من جودة الكهرباء وتضمن الإمداد الموثوق بها، بينما تقلل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية وتحد من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون والمقدرة بـ300 ألف طن سنويا، وتخفض من الاعتماد على الوقود الأحفوري، بحيث تشير أرقام وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة إلى أن حجم الغازوال الموفر حوالي 386.470 مترا مكعبا سنويا، أي ما يعادل 5410588235 دينارا جزائريا سيتم توفيرها سنويا.
المشروع الذي انطلقت به الأشغال في 30 ديسمبر 2024 وينتظر تسليمه في غضون 18 شهرا، يتكون من 26 حقلا فرعيا كهروضوئيا، وهي الحقول التي ستمنح طاقة كهروضوئية تستخدم في التخزين بغار جبيلات تقنيات متقدمة لاستقرار الشبكة الكهربائية بفضل أنظمة تخزين الطاقة والمحولات، وبفضل وظيفة تشكيل الشبكة، كما تضمن المحطة إعادة تشغيل الشبكة بشكل مستقل في حالة الانقطاع وتتأقلم مع التغيرات في الطلب على الطاقة، كما يعمل هذا النموذج الهجين على تحسين إنتاج واستهلاك الطاقة، مما يضمن إمدادا موثوقا ومستمرا، ويشكل حلا أساسيا لتلبية الاحتياجات المحلية والصناعية مع دعم التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة المستدامة والمرنة.
إيمان زياري

خلال ملتقى وطني بجامعة قسنطينة 2
دعـــــوة لتعزيـــــز وتنويــــع الاستثمــــار في الطاقـــات المتــــجدّدة
* تقرير لمنصة أمريكية يبرز قدرات الجزائر في المجال
دعا، أمس، دكاترة خلال ملتقى وطني بقسنطينة حول الأمن الطاقوي بالجزائر إلى تعزيز الاستثمار في مجال الطاقات المتجدّدة والتوجّه إلى استغلال طاقة الرياح، مؤكّدين أنّ للجزائر قدرات كبيرة في هذا المجال غير مستغلة، فيما جاء في تقرير أمريكي حديث تضمّنته إحدى المداخلات أنّ الجزائر فاعل رئيسي في مجال الطاقات المتجدّدة.

واحتضن مجمع مخابر البحث بجامعة قسنطينة 2 عبد الحميد مهري، أشغال الملتقى الوطني الموسوم بـ "الأمن الطاقوي في الجزائر: رهانات وتحديات"، حيث أرفق البروفيسور، محمد دهان، من جامعة قسنطينة 2، في مداخلته حول الهيدروجين الأخضر ما جاء في تقرير حديث الصدور عن المنصة الاستشارية الأمريكية "horizon engage" المتخصصة في تحليل الأسواق الناشئة والتحولات الجيو سياسية الذي أبرز أنّ التحول الطاقوي في الجزائر يمثّل لحظة محورية في قطاع الطاقة، كما لفت التقرير بحسب ما تضمنته المداخلة إلى اهتمام الجزائر المتزايد بالطاقة الشمسية وحلول الطاقة الخضراء مع سنة 2025 وما بعدها، وأكد التقرير، الذي أشار إليه البروفيسور، أن الجزائر بفضل إمكانياتها الهائلة تعد أحد الفاعلين الرئيسيين في مجال الطاقات المتجددة.
واستعرض المتدخّل الإمكانيات المتاحة للجزائر في هذا المجال على غرار الموقع الجغرافي والقرب من الأسواق الأوروبية التي تسعى لتأمين مصادر طاقة مستدامة، كذلك البنية التحتية للطاقة حيث تمتلك الجزائر شبكة أنابيب غاز متطورة يمكن استخدامها لنقل الهيدروجين نحو أوروبا، فضلا عن الخبرة الطويلة في إنتاج الطاقة وتصديرها ما يسهل حسب المتحدّث من الانتقال إلى اقتصاد قائم على الهيدروجين، و أوصى المتحدث بالاستثمار بكثافة في تطوير البنية التحتية، تعزيز التعاون الدولي والشراكات بين القطاعين العام والخاص وكذا وضع سياسات واستراتيجيات وطنية واضحة وطموحة.
من جهته، قال الأستاذ من ذات الجامعة، سمير جادلي، في حديث مع النّصر، إنّ الجزائر تمتلك فرصا كبيرة وتحوز على إمكانيات هائلة غير مستغلة في مجال الطاقات المتجددة، حيث تطرق لوجود فجوة بين الإمكانيات الكامنة والأداء الحالي، لافتا إلى أنّ إجمالي القدرة المتجددة بحسب إحصائيات الوكالة الدولية للطاقات المتجددة شهد ارتفاعا سنة 2024، حيث بلغ 601 "ميغاواط" بعدما كانت تقدّر بـ 266 "ميغاواط" خلال سنة 2014، كما أنّ نسبة الطاقة المتجددة من إجمالي القدرة تبلغ 2.1 بالمائة فقط، بينما طاقة الرياح ظلت ثابتة بـ 10 "ميغاواط" سنويا خلال هذه الفترة إذ أرجع محدّثنا السبب لعدم الاستثمار فيها، أما الطاقة الشمسية والشمسية الكهروضوئية فهما يتجهان للارتفاع بدورهما.
ويرى المتحدّث أنّ الطاقة الشمسية الكهروضوئية لا تكفي وحدها للاستثمار وإنما ينبغي التنويع، فمن قواعد تحقيق الأمن الطاقوي الاستثمار في عدّة مجالات من الطاقات المتجدّدة، حيث ذكر في هذا الخصوص طاقة الرياح كبعد استراتيجي كما تعتبر بديلا مناسبا بجانب الطاقة الشمسية، خاصة وأنّ هناك تطوّر تكنولوجي في العالم بخصوصها بالإضافة إلى تكاليفها المنخفضة مقارنة مع نظيرتها الشمسية التي تستدعي عمليات صيانة وتكاليف مرتفعة خلال إنشائها.
وذكر المتحدّث كذلك أنّ الجزائر تمتلك إشعاعا شمسيا يعدّ الأعلى عالميا يقدّر بـ 3500 ساعة سنويا في الصحراء وبالتالي النسب في هذا المجال معتبرة مقارنة بدول أوروبية ما يجعلها في طليعة الدول إذا استثمرت كما يجب في هذا الجانب إذ يمكن استغلالها في مجالات أخرى زيادة على إنتاج الكهرباء.
وسار في ذات التوجّه الدكتور من جامعة غرداية، سليمان هجرسي، الذي قال في مداخلته إنّ التوجّه نحو الطاقات المتجددة الشمسية والريحية يشكل فرصة استراتيجية لتقليل الاعتماد على المحروقات، إذ أنّ المناطق الساحلية والجنوبية توفّر سرعات رياح مناسبة ما يتيح إمكانيات للاستثمار في طاقة الرياح، كما أنّ قدراتها في الطاقة الشمسية تجعلها بيئة مثالية لهذه المشاريع، حيث اقترح المتحدث توفير حوافز للمستثمرين و تعزيز الاستثمار في الطاقات المتجددة وكذا تحسين وتحديث البنية التحتية لنقل وتوزيع الطاقة لزيادة الكفاءة وتقليل الفواقد مع إطلاق برامج توعية وتدريب الكوادر الوطنية حول أهمية الطاقات المتجددة وصيانتها.
إسلام. ق

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com