
يسعى شباب جزائري شغوف بعالم البحار والمحيطات إلى حماية الثروة البحرية وترميم الشعب المرجانية المتضررة على طول السواحل، وذلك بعدما أصبح البحر الأبيض المتوسط يواجه تدهورا بيئيا سببه الصيد الجائر والتغيرات المناخية، وتهدف هذه الجهود والمبادرات الجمعوية والتطوعية الفردية، إلى استحداث بيئة اصطناعية تحت الماء لإعادة التوازن للنظام البيئي وجذب الكائنات البحرية.
لينة دلول
الغواص محمد إلياس بن دريس، واحد من الشباب النشط في المجال البيئي، حيث يسعى من خلال عمله إلى تعزيز الوعي بضرورة حماية الحياة البحرية، فإلى جانب تصوير الكائنات والتعريف بها و الإحاطة بالمخاطر التي تتهددها، يعتزم مستقبلا خوض تجربة ترميم المرجان في الجزائر، وذلك بعد أن كانت له تجربة سابقة مماثلة في دولة أجنبية سنة 2019، شارك خلالها في عملية ترميم للشعاب المرجانية رفقة مجموعة من الغواصين من مختلف الجنسيات.
قال للنصر، إن تلك التجربة كانت تطوعية وإنسانية بامتياز، وقد أتاحت له التعرف عن قرب على عالم المرجان وتقنيات التعامل معه، مشيرا إلى أنها كانت فرصة تعليمية ثمينة فتحت أمامه آفاقا جديدة لفهم البيئة البحرية. وأوضح الغواص، أن المرجان ليس نباتا كما يعتقد الكثيرون، بل هو كائن حي من فصيلة الحيوانات، يعيش في مجموعات ضخمة تعرف بالشعاب المرجانية، وهي من أكثر النظم البيئية حساسية وضعفا تتأثر بسرعة بأي تغير بيئي أو تدخل بشري.
وأضاف، أن تجربته جعلته يدرك أن البحر بيئة هشة تحتاج إلى حماية دائمة، وأن انقراض المرجان أو تدميره سيؤدي إلى اختفاء العديد من الكائنات البحرية الأخرى التي تعتمد عليه في التوازن البيئي.
وأشار الغواص، إلى أن عملية ترميم المرجان الطبيعي في الجزائر ممكنة جدا، خاصة في مناطق مثل القالة التي تحتوي على المرجان الأحمر، مؤكدا أن هذه الثروة البحرية تحتاج إلى توعية مجتمعية أكبر لمنع الغوص العشوائي أو جمع المرجان بطريقة غير قانونية.
ودعا، إلى تفعيل المبادرات التطوعية ومرافقة الجمعيات البيئية التي تملك الخبرة والقدرة على العمل الميداني، مشددا على ضرورة دعم الجهات المعنية للغواصين والباحثين الراغبين في المساهمة في ترميم المرجان.وتعتبر الجوانب التقنية لعملية الترميم مهمة دقيقة ومعقدة تمر بعدة مراحل تبدأ بجمع القصاصات المرجانية من الشعاب المتضررة، ثم صنع قاعدة اصطناعية تزرع عليها هذه القصاصات.
تصنع هذه القواعد عادة من كتل خرسانية تثبت بأسلاك حديدية من جميع الجهات لضمان ثباتها في قاع البحر، ثم تستخدم مادة لاصقة خاصة تعرف باسم الإيبوكسي، وهي مادة مكونة من أنبوبين أحدهما رمادي والآخر أزرق، يتم خلطهما معا للحصول على خليط متماسك يمكن استخدامه تحت الماء لتثبيت القطع المرجانية على القاعدة. وأكد، أن نجاح مثل هذه المشاريع في الجزائر يتطلب تعاونا مشتركا بين الغواصين والباحثين والجمعيات البيئية والسلطات البحرية، معتبرا أن ترميم المرجان ليس مجرد عمل بيئي، بل هو استثمار في مستقبل البحر والثروة الحيوية التي تمثل رئة الكوكب الزرقاء.
جمعيات تتجند لتجديد قاع البحر الساحلي
من جهتها، أطلقت جمعيات من مختلف المدن الجزائرية مثل وهران وعنابة، والجزائر العاصمة، وبومرداس، مشروعا طموحا لإنشاء شعاب مرجانية اصطناعية لتجديد قاع البحر الساحلي، وحماية الحياة البحرية.
ورغم أن هذه الفكرة اعتبرت في البداية شبه مستحيلة حسب ناشطين، إلا أنها تبلورت تدريجيا بفضل الإصرار، مما زاد الوعي بالحاجة الملحة لحماية النظم البيئية البحرية المعرضة لآثار التلوث.
ففي عام 2015، أطلقت جمعية «بربرس» في وهران أول مشروع وطني لتركيب شعاب مرجانية اصطناعية في خليج بوسفر، تلتها بعد عام جمعية «هيبون ساب» في عنابة و التي اشتغلت على مشروع لتركيب هيكل مغمور في رأس الحمراء.
أدت هذه المبادرات الرائدة إلى اعتماد مرسوم ينظم الشعاب المرجانية الاصطناعية في الجزائر، ممهدا الطريق لأفكار جديدة للحفاظ على النظم البيئية البحرية واستعادتها.
مع مرور الوقت بدأت الحياة تزدهر في قاع البحر الذي كان قاحلا في السابق. وما بدأ كمشروع متواضع سرعان ما تحول إلى تحد لعشاق الحياة البحرية في الجزائر، مستقطبا اهتمام المؤسسات الأكاديمية وباحثي الأحياء البحرية.
أعادت هذه المبادرات التي حاز بعضها على جوائز مهمة على غرار مشروع «هيبون ساب»، إحياء أكثر من 130 نوعا من الحيوانات والنباتات في المناطق البحرية المهجورة سابقا.
وقد أتت النتائج إيجابية في العموم، إذ برهنت العمليات التي تم إنجازها على إمكانات الشعاب المرجانية الاصطناعية في إنعاش النظم البيئية البحرية وتعزيز السياحة المستدامة. وقد أكسبت هذه النجاحات هذه الجمعيات تقديرا دوليا، مبرزة الأثر الإيجابي لجهودها.
يذكر كذلك أن المرسوم التنفيذي لعام 2017 شكل خطوة حاسمة من خلال لامركزية القرارات المتعلقة بالشعاب المرجانية الاصطناعية، ووضع مسؤولية إنشائها وصيانتها في أيدي السلطات المحلية.كما مهد الطريق لأنواع مختلفة من الشعاب المرجانية، بدءا من الهياكل الوقائية ضد الصيد غير المشروع وصولا إلى الشعاب المرجانية ذات المناظر الطبيعية التي تُشجع على الغوص والصيد الترفيهي.
ومنذ ذلك الحين، اُنطلقت العديد من المشاريع على امتداد الساحل الجزائري، مظهرة تعاونا مثمرا بين جمعيات الحفاظ على البيئة البحرية والجامعات الوطنية.
كما وفرت الشعاب المرجانية الاصطناعية فرصا تدريبية في المهن البحرية، مما عزز الالتزام بالحفاظ على التنوع البيولوجي البحري في الجزائر. ل.د

عدده في البرية لا يتجاوز 200 فهد
دليل جديد على تكاثر الفهد الصحراوي «أماياس» في الجزائر
أكدت الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، رصد شبل نادر للفهد الصحراوي «آماياس»، أحد أندر الحيوانات في العالم والمهدد بالانقراض بشدة.
تمكن المصور الجزائري، زكرياء إبراهيمي، من توثيق مشهد وحدث يمثل دليلا على تواجد الفهد الصحراوي «آماياس» في الصحراء الجزائرية، وذلك ضمن نشاطات الجمعية في إطار عملية رصد وتوثيق الحياة البرية عبر الوطن، أين التقط صورا لهذا الفهد الذي عثر عليه ميتا.
وأوضح المصور، أن الشبل كان قد نفق منذ مدة، ويرجح أنه مات موتا طبيعيا، مؤكدا أنه حتى في بيئات أكثر غنى بالطرائد مثل السافانا الإفريقية يعد نفوق الأشبال أمرا شائعا، وذلك نتيجة للجوع أو الافتراس، أو بسبب صراعات الفهود فيما بينها.ودقت الجمعية ناقوس الخطر عقب الاكتشاف، الذي يؤكد على أن هذا النوع الفريد لسلالة فرعية من الفهود، يعيش في قلب الصحراء الجزائرية، بينما يقدر عدده في البرية اليوم بأقل من 200 فهد فقط، تجد غالبيتها في الجزائر، داعية للعمل من أجل حماية الحيوان خوفا من انقراضه.وعلى الرغم من العثور على هذا الشبل ميتا، إلا أن المشهد يحمل في طياته جانبا إيجابيا بحسب الجمعية، وذلك بالتمكن من رصد وتوثيق حركة مجموعة من الفهود والأشبال النادرة في الجزائر، ما يؤكد أن هذا النوع الذي تكاد تنفرد به بلادنا لا يزال يتكاثر في صحرائنا. تمت العملية التي تشكل اكتشافا كبيرا للحياة البرية في الجزائر، بالتنسيق مع الجهات المختصة أين تم نقل الفهد قصد تحديد سبب النفوق وجنس الحيوان، وتوجيه ما سيتم اكتشافه من معلومات للناشطين في مجال البحث العلمي. إ.زياري

البشر تجاوزوا حدود السلامة السبعة
صحـة كوكـب الأرض ليسـت بخيـــر
حذر تقرير «فحص صحة الكوكب» لسنة 2025، من بلوغ العلامات الحيوية لكوكب الأرض خطوطا حمراء، موضحا أننا تجاوزنا سبعة من أصل تسعة حدود كوكبية، وهو ما يدعو للتحرك العاجل.
إيمان زياري
وكشف التقرير الصادر عن مؤسسة علم حدود الكواكب الدولية، أن 7 من أصل 9حدود تنظم استقرار كوكب الأرض، قد تم اختراقها، وأظهرت جميع الحدود اتجاهات للضغط المتزايد، يدخل فيها تغير المناخ، والتغيير في سلامة المحيط الحيوي، وتغير نظام الأرض، وتغير المياه العذبة، وتعديل التدفقات البيوجيوكيميائية، وإدخال كيانات جديدة، ولأول مرة تحمض المحيطات.
وأوضح التقرير، أن تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بلغ 423 جزءا في المليون سنة 2025، وهو ما يتجاوز بكثير حدود مساحة التشغيل الآمنة البالغة 350 جزءا في المليون، ما يظهر أن الاحتباس الحراري يتسارع دون أي علامة للاستقرار، بينما سجل تزايد في معدل الانقراض الذي بلغ 100 - 1000، وهو ما لا يقل عن عشرة أضعاف الحدود الكوكبية الآمنة.
وتعمل الأنشطة البشرية على تضخيم الآثار السلبية عبر الحدود، مما يزيد من خطر عبور نقاط التحول الحرجة، وهي العتبات التي يمكن أن تؤدي إلى تحولات كبيرة لا رجعة فيها في الأنظمة الفرعية الرئيسية للأرض (عناصر الإرشاد)، مثل انهيار الصفائح الجليدية القطبية أو التحولات في غابات الأمازون المطيرة.
ويحمل التقرير الأنشطة البشرية كل ذلك، معتبرا أنها قد دفعت الأرض إلى ما يتجاوز عملها الآمن، ما تسبب في ضعف مرونة الكوكب الطبيعية في ظل تسارع الاحترار العالمي، وإظهار الأنظمة البيئية لعلامات واضحة على التدهور. في حين برزت علامات مبكرة تحذر من نقاط تحول في أنظمة رئيسية، فالإجراءات البشرية مدفوعة بحرق الوقود الأحفوري، وتغيرات استخدام الأراضي والتلوث، جرت الأرض بشكل جماعي إلى ما وراء مساحة التشغيل الآمنة، ويعد البقاء داخل هذا الفضاء أمرا ضروريا لضمان بقاء أنظمة الأرض مستقرة وداعمة للحياة، وهو استقرار اعتمدت عليه البشرية منذ حوالي 12.000 عام أي عصر الهولوسين.
وجاء في التقرير «لقد دخلنا عصر الأنثروبوسين، العصر الذي يهيمن فيه النشاط البشري على نظام الأرض»، مبرزا الحاجة الملحة لإعادة الكوكب إلى حدوده الكوكبية من أجل الحفاظ على مرونة الأرض واستقرارها هذه الحدود التي تمثل حواجز علمية تضمن سلامة الأرض. وقد تم توجيه دعوة دولية للالتزام بالمسؤولية البيئية لتبقى الأرض موطن البشرية الموثوق، وانتهاك الحدود يعرض نظام دعم حياتنا لضرر لا رجعة فيه.
ويؤكد التقرير من جهة ثانية، على أن نافذة العودة إلى مساحة التشغيل الآمنة لا تزال مفتوحة وتحتفظ بها مرونة الأرض، غير أنها تغلق بسرعة، وهو ما يجعل التحدي ملحا، مع أن فرص التحسين المنهجي واضحة. تقرير «فحص صحة الكوكب» هو تقرير سنوي عن حالة كوكب الأرض، يقدم أحدث التقنيات لحدود الكوكب، ويعطي مقدمات شاملة لأحدث العلوم، كما يسلط الضوء على جوانب مهمة تتعلق بصحة الكوكب.

عمليات جني الفلين بقالمة تقترب من النهاية
تنوع بيئي و ثروة اقتصادية مستدامة
اقتربت محافظة الغابات من نهاية موسم جني الفلين، عبر مختلف الأقاليم الشهيرة، التي تعد موطنا لشجرة الفلين العريقة، التي تنمو بالمنطقة منذ عقود طويلة، حيث تعد عملية جني هذا المحصول الطبيعي، بمثابة موعد اقتصادي و بيئي متجدد، تعد له المحافظة كل الإمكانات، لإنجاحه و تحقيق الأهداف المرجوة منه، كالمزيد من الموارد المالية الداعمة لخزينة البلاد، و رعاية غابات الفلين، و حمايتها من الحرائق، و القطع و الرعي الجائرين.
و قالت المحافظة بأنها بصدد إحصاء الكميات التي تم جنيها من غابات الدولة منذ شهر جوان الماضي، موعد بداية موسم الجني كل عام، مؤكدة على أهمية العملية من حيث القيمة المالية و كذلك من حيث صيانة شجرة الفلين و تحفيزها على التجدد، و إنتاج أجود أنواع الفلين خلال دورة زمنية محددة. وتقوم فرق متخصصة هذه الأيام، بمعاينة مخازن الفلين من أجل تحديد الحجم و الوزن بدقة قبل عملية البيع للشركات العمومية و الخاصة، التي تعمل على تثمين هذا المورد الطبيعي و تحويله إلى مواد صناعية ذات قيمة كبيرة بالسوق الوطنية و الدولية، حيث يدخل الفلين المعالج في الكثير من الصناعات حول العالم.
و في المواسم الجيدة تنتج غابات قالمة أكثر من 2000 قنطار من أجود أنواع الفلين، الموجه للسوق الوطنية و حتى الدولية، عندما يسجل فائض عن حاجيات البلاد.
و قبل موسم الجني، تبدأ في شهر ماي من كل عام، تجارب التقشير لمعرفة ما إذا كان الفلين قد بلغ مرحلة الجني، و بعدها تبدأ الشركات العمومية و الخاصة عملها، مدعومة بعمالة محلية موسمية، اكتسبت خبرة كبيرة في تقنيات الجني اليدوي، الذي يعد الوسيلة الوحيدة و المعمول بها عبر العالم، حيث تتطلب عملية نزع الفلين من الجذوع مهارة و دقة حتى لا تتأذى شجرة الفلين، و لا يتعرض المحصول للتلف و التشوه، و يبقى محافظا على تماسكه و جودته. و بين سنتي 2011 و 2020 أنتجت غابات الفلين بقالمة أكثر من 18 ألف قنطار من أجود أنواع الفلين، و تعد غابات بني صالح الشهيرة، و غابات ماونة، بني مجالد، قندولة، بوعاتي محمود، هوارة، بوعسلوج، مرمورة و بوعربيد من أهم المناطق التي تنمو فيها شجرة الفلين منذ القدم.
و تعتبر المؤسسة الحكومية لأشغال الهندسة الريفية، بابور المتعامل الأول في مجال استغلال الفلين و متابعة عمليات الجني، و تحرص محافظة الغابات كل موسم على جمع كل بقايا الفلين المتساقط، و تنظيف جذع الشجرة و محيطها، للقضاء على الأمراض و حماية هذه الشجرة الاقتصادية الهامة.
و تعد شجرة الفلين عصب التنوع البيئي بغابات قالمة، القريبة من الساحل، فهي ملاذ آمن لمختلف أنواع الطيور و الحشرات، و الحيوانات البرية، و داعما قويا لبقية الأصناف النباتية المجاورة.
شجرة الفلين كائن طبيعي جميل، تنتج الفلين الثمين، و الثمار المفيدة للصحة، و المغذية للحيوانات البرية، فيها تعيش الطيور و تتكاثر، و كلما كانت غابات الفلين كثيفة كانت الأمطار الموسمية أكثر تساقطا، كما يحدث بالمحمية الطبيعية بني صالح شرقي قالمة، موطن الفلين و الزان، حيث معدلات التساقط المرتفعة رغم التغيرات المناخية المتطرفة، التي تعرفها المنطقة في السنوات الأخيرة.
و الحرائق التي تندلع كل صيف بالأقاليم الغابية بقالمة، من أكبر المخاطر التي تهدد شجرة الفلين بقالمة، إلى جانب بعض الأمراض النباتية، التي تصيب غابات الفلين بين موسم و آخر. و تعمل محافظة الغابات بقالمة على بناء الخنادق المضادة للحرائق، و تهيئة منابع المياه و شق المسالك، لحماية الأقاليم الغابية، و دعمها من خلال عمليات التشجير المستمر، حيث تنتج المشاتل كل سنة الآلاف من شجيرات الفلين، لتعويض المساحات المحترقة، و الأشجار المسنة، و المحافظة على هذه الشجرة الاقتصادية، ذات الأهمية البيئية الكبيرة.
فريد.غ