الأربعاء 19 نوفمبر 2025 الموافق لـ 28 جمادى الأولى 1447
Accueil Top Pub

خطوة لمجابهة التغيرات المناخية: «مليون شجرة».. صحوة خضراء

24102528 

حققت المبادرة الوطنية لغرس مليون شجرة في يوم واحد بالجزائر، نجاحا فاق كل التوقعات، مشكلة صحوة بيئية بأبعاد رمزية تهدف لاستعادة الغطاء النباتي للجزائر وحمايتها من التصحر، لتقف كسد منيع في وجه التغيرات المناخية، وسط تشديد من قبل مختصين على ضرورة رعايتها من أجل تحقيق الاستدامة والفوائد البيئية المرجوة.
في مشهد أخضر يبعث الحياة في الأرض، أطلقت الجزائر مبادرتها البيئية واسعة النطاق تحت شعار «غرس مليون شجرة»، على شكل حملة وطنية تهدف إلى غرس هذا العدد الضخم من الأشجار على مستوى 58 ولاية في يوم واحد. وهي خطوة رمزية وعملية نحو استعادة الغطاء النباتي وفي إطار الجهود الحكومية والمجتمعية لمواجهة آثار التغير المناخي والتصحر والحرائق التي أتت على آلاف الهكتارات من الغابات خلال السنوات الماضية، لتشكل مبادرة وطنية شارك فيها متطوعون من الجمعيات البيئية، وطلبة الجامعات والمدارس، إلى جانب أفراد المجتمع المدني، وحتى عناصر من الجيش الشعبي الوطني والحماية المدنية في يوم الشجرة الوطني.
uمحافظ الغابات بإليزي
حدوشي نورة
ملايين الأشجار تغرس
في الجزائر سنويا وبرامج ضخمة مستقبلا
قالت محافظ الغابات لولاية إليزي، السيدة حدوشي نورة، إن حملة المليون شجرة حملة وطنية مهمة، صنعت الحدث وسجلت حضورا للمواطنين فاق أعداد الأشجار الممنوحة لكل ولاية، وخاصة في ولايتها إلا أن التحدي الأكبر يكمن في رعايتها فيما بعد من خلال السقي والمرافقة، في ظل وجود الاحتمالات لفشلها وتعرضها لخطر الجفاف والموت والرعي العشوائي، هذه الظاهرة التي تكون في الجنوب أكثر منه في الشمال، موضحة أن السقي يبقى الإشكال الأكبر خاصة في المناطق الجنوبية باعتبار مناطق الشمال تشهد أمطارا أكثر.

24102527
وأكدت، أن التشجير برنامج سنوي مستمر للمديرية العامة للغابات لتحقيق نجاح يفوق 50 بالمائة من البرامج المسطرة، مضيفة أن غرس مليون شجرة في يوم واحد يعتبر إنجازا فعليا، مع ذلك وجبت الإشارة إلى أن أرقاما مهمة كذلك تسجل سنويا في إطار برنامج السد الأخضر.
وقد أعلنت المديرية العامة للغابات حسبها، عن برنامج لغرس ملايين الأشجار خلال السنوات المقبلة، متحدثة عن غرس 3 ملايين شجرة في ولاية الجلفة لوحدها خلال العام الماضي. بينما تمت برمجة غرس 4 ملايين شجرة أخرى خلال موسم 2025/2026، وتم في الأغواط غرس 1 مليون و200 شجرة خلال العام الماضي، وتحضيرات لغرس 1 مليون و700 شجرة لهذا الموسم. مؤكدة على أن برنامج الدولة الجزائرية في إطار التشجير والسد الأخضر ضخم للغاية ويمتد على مستوى العديد من الولايات طيلة العام.
وأرجعت المسؤولة، الحاجة لغرس هذه الكميات الهائلة من الأشجار لمواجهة التغيرات المناخية بسبب شح الأمطار، متحدثة عن تبني استراتيجيات للسقي وضمان العملية عبر الشراكة بين العديد من الفاعلين على مستوى المدن أو في المحيط الغابي، على أن تتولى مصالح الغابات مسؤولية السقي ورعاية الشجرة، إلى جانب نشاط البلديات ومصالح المياه في المناطق بالحضر.
دراسة دقيقة وضمان للمرافقة سبقا انطلاق الحملة
وقالت، إنه وفي إطار حملة المليون شجرة، فقد اشترطت مديرية إليزي ضمان الرعاية مقابل كل شجرة تمنح للغرس، وتحدثت عن التخطيط لمشاريع السقي بالتقطير على مستوى النقاط البعيدة مثل الطريق المزدوج الوطني 3. فيما يتم سقي الأشجار بالتناوب بين مصالح المياه والأشغال العمومية إلى حين تجسيد مشروع الخزان الذي يضمن ذلك. نفس الأمر بالنسبة لباقي الولايات التي أكدت أن أي عملية تشجير يجب أن تسبقها دراسة دقيقة وتخطيط خاص لرعايتها بعد الغرس قبل أن تنطلق الحملة من أساسها.
وأكدت المتحدثة، أن الرعاية أساس نجاح الشجرة واستمرارها، موضحة أن مصالح الغابات تضمن السقي لسنتين أو 3 سنوات بعد الغرس، مع إعادة غرس الأشجار التالفة وحمايتها من الرعي العشوائي.
وأضافت، أن كل الأشجار التي غرست خاصة في الشمال كانت على مستوى المناطق التي شهدت حرائق، أو تلك التي لا تعرف نموا تلقائيا للأشجار، بحيث تم استهداف المناطق الممطرة على عكس الجنوب أين تطرح الحاجة الملحة للسقي.
uالخبيرة في البيئة والتنمية المستدامة صليحة زردوم
لا بد من تبني «المواطنة البيئية» و المشاهد أعادت ملحمة 1971
قالت خبيرة البيئة صليحة زردوم، بأن الحملة الوطنية الواسعة التي شهدتها الجزائر السبت الماضي، أعادت تحريك الشارع الجزائري من جديد لصالح البيئة والكوكب، وشجعت روح الارتباط بالأرض بعد سنوات من الحرائق والتصحر والجفاف، في مشاهد أعادت للأذهان مثيلتها التي عاشتها الجزائر مع ذكريات قوافل السد الأخضر، أين خرج آباؤنا وأجدادنا في ملحمة بيئية تاريخية سنة 1971.
واعتبرت أن تلك الصور للعائلات، والأطفال، والكشافة الإسلامية والشباب، والجمعيات، وهم يسعون نحو الغرس على مستوى كل ولايات الوطن، قد شكلت لحظة وطنية صادقة تعيد الإيمان بأن الوعي البيئي لم يعد فكرة نخبوية.
وأضافت الخبيرة، أن بروز الكثير من الأسماء الشابة والقيادات والوجوه المؤثرة إعلاميا وميدانيا، صنع حراكا بيئيا قويا بالعمل التطوعي يستحق كل الاحترام، معتبرة إياه مؤشرا حقيقيا على أن الجزائر بدأت تدخل مرحلة «المواطنية البيئية» من الباب الشعبي قبل الباب الرسمي.
مليون شجرة يساوي فوائد هامة بشرط
وأوضحت السيدة زردوم، أن غرس مليون شجرة من منظور بيئي من شأنه أن يقدم نتائج إيجابية هائلة للكوكب، بحيث يمكن أن يوفر فضاءات للتنوع البيولوجي والكائنات الدقيقة، كما يسمح بجلب طيور محلية للمناطق التي جرت فيها عملية التشجير، كما يمكن أن يساهم في خفض درجات الحرارة المحلية من درجتين إلى 3 درجات مئوية، خاصة في المناطق الساخنة.
وأضافت، أن غرس مليون شجرة يمكن له أن يساهم في امتصاص ما يقارب 20 إلى 25 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، بحيث أن الشجرة الواحدة قادرة على امتصاص من 1 إلى 5 كلغ سنويا من ثاني أكسيد الكربون، ما يعني أن مليون شجرة تمتص 5 آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، على حساب 5 كلغ لكل شجرة بعد الثلاث سنوات الأولى.
كما أنها تمتص 12 ألف طن إذا ما تم احتساب 12 كلغ للشجرة الواحدة، لكن بعد 7 سنوات من غرسها، فضلا عن أنها تمتص 25 طنا من ثاني أكسيد الكربون إذا سلمنا أن كل شجرة تمتص من 20 إلى 25 كلغ من هذا الغاز لكن بعد أن تبلغ 12 من عمرها.
وبما أن الجزائر تنتج 12 مليون من ثاني أكسيد الكربون سنويا، فـمليون شجرة بعد نضجها وإبتداء من عمر 3 سنوات، ستمتص 0.015 من الانبعاثات الوطنية، مؤكدة أنه وعلى الرغم من صغر الرقم، إلا أن التأثير الحقيقي يبدأ عندما نتحدث عن 100 مليون شجرة فما فوق، وهنا ندخل في عمليات كبيرة من نوع 500 و700 مليون شجرة.
مؤكدة أن مليون شجرة تشكل بداية جديدة شريطة أن تعيش الأشجار وأن يتم الحفاظ عليها بمسؤولية بيئية من خلال السقي والاهتمام.

المتابعة المستدامة الضمان الوحيد لبقاء الرقم بعد سنوات
وأكدت محدثتنا، أن متابعة الأشجار المغروسة وسقيها شرطان أساسيان لضمان استمراريتها وتحولها إلى أشجار كبيرة بفوائد مهمة في المستقبل، وأوضحت أنه ما لم تتم رعايتها وسقيها خلال 18 شهرا الأولى من غرسها، وهي الفترة الذهبية للغرس، فإن احتمال تضررها وعدم صمودها يعادل80 بالمائة، معتبرة أن إهمال المتابعة والسقي يجهضان كل الحملات ويخفضان العدد بشكل كبير بتوالي السنوات.
وأضافت الخبيرة، أن ضمان نجاح الغرس وحياة مليون شجرة يتطلب وعيا بيئيا وعملا ميدانيا لأجل الاستدامة والاستفادة من الأشجار، مشددة على أن السقي مسؤولية الجميع، ومن هنا يتجلى دور الجمعيات والمدارس، والمساجد في تتبع مسار التشجير، وحتى إشراك الهيئات العلمية من جامعات ومخابر، كمراقبين لتوثيق عمليات النمو والمتابعة بالخرائط والبيانات الجغرافية لكل منطقة.
مضيفة، أن الحديث عن مليون شجرة في بلدية أو في ولاية يجب أن يكون متبوعا برقابة صارمة وتقارير للبحث والمتابعة وبالتالي الاستدامة.
واعتبرت زردوم، أن الوعي البيئي الحقيقي لا يكتمل بالزرع فقط، بل يكمن في دورة حياة الأشجار، مؤكدة أن الفخر الحقيقي يكون في لحظة توثيق استمرار هذه الأشجار بعد 3 سنوات و7 و10 سنوات، وهنا نفتخر فعلا بغرس 1 مليون شجرة.
إ.ز

أحد أبرز الموثقين الميدانيين للحياة البرية

خالد عياش . . راصد الطيور وحارس التنوع البيئي في الجزائر

24102526

يعد خالد عياش، أحد أبرز الموثقين الميدانيين للحياة البرية في الجزائر، بعملٍ لا يقتصر على التقاط الصور، بل يتعدى ذلك إلى بناء وعي بيئي عميق. فهو ليس مجرد مصور هاوٍ، بل عضو مؤسس في الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، وصاحب أعلى عدد توثيقات للطيور في الجزائر، وهو إنجاز لم يأتِ من فراغ، بل من مئات الرحلات، وآلاف الساعات التي قضاها في الجبال، والصحارى، والغابات، متتبعا أثر الطيور والحيوانات في بيئاتها الطبيعية.
لا ترصد عدسته جمال الطبيعة فقط ، بل تعكس التزاما صامتا بالحفاظ عليها، فمن جبال الشريعة إلى كثبان تيميمون، ومن سهول الهضاب العليا إلى الواحات العميقة، يطارد خالد عياش لحظات نادرة، يخلدها لتبقى شاهدة على ثراء الجزائر الطبيعي، وناقوسا ينبه إلى ما قد نفقده.
في هذا الحوار، يشاركنا قصة بداياته، ويتحدث عن الطيور المهددة بالانقراض ومغامراته الميدانية في رحلات طويلة، كما يتطرق لرؤيته لمستقبل تُصبح فيه حماية الحياة البرية واجبا جماعيا ومسؤولية مشتركة لا مجرد خيار مطروح.
هكذا فاجأتني الصحراء
النصر: كيف بدأت رحلتك مع توثيق الطيور البرية؟
خالد عياش: لطالما كان شغفي بالحيوانات والطبيعة ملازما لي منذ سنوات الطفولة، لكن هذا الشغف أخذ شكلا أعمق وتجسد في مشروع حقيقي عندما انتقلت إلى مدينة جانت في أقصى جنوب الجزائر، لأداء الخدمة المدنية كطبيب، حينها كنت أظن (كما يظن كثيرون) أن الصحراء مجرد فضاء شاسع خال من الحياة، لكن الواقع فاجأني.
بدأتُ أستغل يوم الجمعة للقيام برحلات قصيرة في محيط جانت، وهناك بدأت أكتشف ثراء بيئيا مدهشا، طيورا، وزواحف، وثدييات، ونباتات متكيفة بطريقة مذهلة مع قسوة البيئة الصحراوية. كانت هذه الخرجات الأسبوعية كفيلة بأن تغيّر رؤيتي كليا، وأن توقظ في داخلي رغبة حقيقية في توثيق هذا الجمال الخفي. في بداياتي، استخدمت كاميرا بسيطة لكن الشغف لم يكن بسيطًا، كنت ألتقط الصور لا لأحتفظ بها لنفسي فقط، بل لأُعرّف الناس بهذا التنوع البيئي الذي لا يُرى بالعين المجرّدة. وهكذا أنشأت أول صفحة توثيقية حملت اسم حيوانات الطاسيلي، وكانت نافذتي الأولى لمشاركة هذه الكنوز الطبيعية مع الجمهور، وتسليط الضوء على عالم قلّ من يعرفه أو يهتم به.
ما الذي يجذبك أكثـر في هذا المجال؟
ما يجذبني في هذا المجال هي روح المغامرة التي ترافقه، إضافة إلى شغفي بتتبع الحيوانات في بيئتها الطبيعية. لطالما أردت إبراز التنوع البيولوجي الغني الذي تزخر به الجزائر، إذ تحتوي على أنواع عديدة ومميزة من الحيوانات. في ذلك الوقت لم تكن هناك صفحات أو وسائل فعالة لنشر الوعي أو تسليط الضوء على هذا الجانب، ما جعلني أشعر بالحاجة للمساهمة في تعريف الناس بهذه الثروة الطبيعية الفريدة.
خطوة واحدة كادت تودي بحياتي وكلفتني الكثير
ما هي أكثـر منطقة غنية بالطيور قمت بزيارتها؟
لا يقتصر التنوع البيئي على منطقة محددة، بل يشمل مختلف أرجاء الوطن، أين تتميز كل جهة بخصائصها الطبيعية الفريدة التي تساهم في إثراء التنوع البيولوجي، من أكثر المناطق التي أحب توثيقها بيئيا، في الشرق تبرز القالة بجمالها الساحلي وتنوعها الغابي، أما في الغرب فتجذبني مستغانم ووهران بتضاريسهما المتنوعة وسواحلهما الخلابة، وفي منطقة الهضاب، أجد في باتنة وتيسمسيلت تنوعا نباتيا وزراعيا مميزا يعكس ثراء البيئة هناك، وفي الجنوب، تأسرني تمنراست وإليزي بصحرائهما الشاسعة وتكويناتهما الطبيعية الفريدة، مما يجعل كل منطقة تجربة مختلفة تستحق التوثيق والاكتشاف.
كيف تتعامل مع الظروف المناخية القاسية أثناء التوثيق؟
بالنظر إلى الظروف المناخية الصعبة، فإننا عادة ما نُبرمج خرجاتنا مسبقا، مما يتيح لنا التحضير الجيد، نتخذ جميع الاحتياطات اللازمة، كإحضار الملابس المناسبة، والقفازات، وتجهيز السيارات بما يلزم لمواجهة الطرق والمسالك الوعرة، حرصا على سلامتنا وضمانا لسير الرحلة بسلاسة.
هل تعمل منفردا أم مع فريق؟ وما الفرق بين الطريقتين؟
أحرص دائما على الخروج مع مجموعة من الأصدقاء وخاصة مع أعضاء الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية التي أنتمي إليها كعضو مؤسس، ليس فقط من أجل المتعة وتبادل الأحاديث، بل لأن التواجد ضمن فريق يُضفي شعورا بالأمان ويزيد من فرص الترصد والانتباه لما يدور حولنا، كما أن وجود أكثر من شخص يعني تعدد العيون التي تراقب وتلاحظ، مما يُسهم في تفادي الكثير من المواقف غير المتوقعة. بالإضافة إلى ذلك، في حال حدوث أي طارئ لا قدّر الله، فإن وجود جماعة يُسهّل التعامل مع الموقف بسرعة وكفاءة، سواء كان ذلك طلب المساعدة أو تقديم الإسعافات الأولية، السلامة في الرحلات أو الخرجات لا تأتي فقط من التخطيط، بل من وعي المجموعة وتعاون أفرادها، فببساطة في الجماعة قوة وأمان.
ما هي أفضل الأوقات في السنة أو اليوم لمراقبة الطيور؟
يعد موسم الهجرة أفضل وقت للخروج إلى الطبيعة ومتابعة الحياة البرية حيث يشهد حركة مميزة ومشوقة، يبدأ موسم الهجرة صعودا عادة في شهري مارس وأفريل، وتتجه الحيوانات والطيور نحو مناطق التكاثر أما الهجرة نزولا فتحدث غالبا في شهري أكتوبر ونوفمبر حيث تعود إلى مناطقها الأصلية قبل دخول فصل الشتاء، وهذه الأشهر تُعتبر مثالية للاستمتاع بالمشاهد الطبيعية ومراقبة التنوع البيولوجي في أوج نشاطه، ما يجعله وقتا مفضلا لعشاق البر والرحلات.
كيف تتجنب إخافة الطيور أثناء التصوير؟
من أهم الاحتياطات التي نحرص عليها أثناء مراقبة الطيور، تجنب إخافتها أو إزعاجها، لذلك نلتزم بعدم الاقتراب منها بشكل مفرط ونستخدم في الحالات الضرورية معدات تصوير مزودة بعدسات طويلة تتيح لنا التقاط الصور من مسافات آمنة. وفي حال استدعت الحاجة الاقتراب أكثر نلجأ إلى ارتداء ملابس مموهة تُساعدنا على الاندماج مع البيئة، أو نستغل تضاريس المنطقة ونباتاتها كوسائل للتخفي دون التأثير على سلوك الطيور، احترامنا للطبيعة وسلوك الطيور أولوية، للحفاظ على توازنها وسلامتها أثناء المراقبة أو التوثيق.
أحلم برؤية النسر الملتحي
هل سبق وأن تعرضت لمواقف خطرة أثناء توثيق الطيور؟
من أخطر المواقف التي مررت بها كانت أثناء عبوري جسرا متهالكا حيث انهار فجأة من تحتي، وسقطت مباشرة في بحيرة ملوثة، لحسن الحظ نجوت دون إصابات تُذكر، والحمد لله كُتبت لي السلامة، لكن للأسف فقدت في تلك اللحظة كل معدات التصوير والهاتف بسبب المياه الملوثة، كانت تجربة صعبة ومفاجئة لكنها علمتني أهمية الحذر الشديد وعدم الثقة بالمنشآت القديمة أو غير المؤمنة أثناء الرحلات.
ما هي أطول رحلة قمت بها لتوثيق نوع معين من الطيور؟
أطول رحلة ميدانية قمت بها كانت إلى أقصى الجنوب، إلى مدينة تيمياوين، وكانت تجربة مميزة بكل المقاييس، خلال هذه الرحلة تمكنا من توثيق عدة أنواع من الطيور تُسجَّل لأول مرة في الجزائر، وهو إنجاز علمي مهم نفتخر به، لكن أجمل وأبرز ما حققته كان توثيق وجود نوع جديد من الثدييات في المنطقة، وهو «الثعلب الشاحب»، مما قدم إضافة كبيرة للمعلومات البيئية والحيوية عن هذه المنطقة النائية.
ما هو الطائر الذي تحلم بتوثيقه منذ زمن ولم تنجح بعد؟
النسر الملتحي هو الطائر الذي أحلم برؤيته وتوثيقه في الجزائر، إذ لم يتم تسجيله حتى الآن، يمثل هذا الطائر النادر والمهيب تحديا كبيرا لكل محبي الحياة البرية وعشاق التصوير، وأتمنى أن تتاح لي الفرصة يوما ما لتوثيقه في بلدي. وجوده سيكون إضافة كبيرة للتراث الطبيعي في الجزائر ويزيد من أهمية جهود حماية التنوع البيولوجي.
هل هناك أنواع معينة من الطيور مهددة بالانقراض في الجزائر؟
العديد من الطيور في الجزائر مهددة بالانقراض بسبب الصيد الجائر مثل طيور «الحسون» و»الحبارى» التي تزداد أعدادها انخفاضا بسبب ممارسات الصيد غير المنظمة، كما تعاني بعض الأنواع مثل طائر «كاسر الجوز القبائلي» من خطر الانقراض بسبب انحصار تواجدها في مناطق محدودة جدا، علما أن هذا الطائر لا يعيش في أي مكان آخر لذلك فإن حماية هذه الطيور والحفاظ على بيئاتها ضروريان للحفاظ على التنوع البيولوجي الفريد في البلاد.
ما هي أهمية الطيور في النظام البيئي؟
تلعب الطيور دورا أساسيا في الحفاظ على توازن النظام البيئي شأنها شأن باقي الكائنات الحية، فالجوارح مثل النسور والصقور، تساهم في تقليل أعداد الحيوانات والقوارض الضارة، مما يمنع انتشارها المفرط أما الطيور التي تتغذى على الحشرات، فهي تساعد في الحد من تكاثرها وبالتالي تحمينا من الكثير من الآفات الزراعية والأمراض. إن النظام البيئي أشبه بسلسلة مترابطة من الحلقات، وإذا فُقدت إحدى هذه الحلقات اختل التوازن البيئي، مما قد يؤدي إلى عواقب بيئية وخسائر يصعب تعويضها.
هل تشارك أعمالك في دراسات علمية أو قواعد بيانات بيئية؟
نعم، شاركت في إعداد ونشر عدة مقالات علمية، سواء بشكل جماعي مع أصدقائي الذين أقاسمهم شغف التوثيق الميداني، أو من خلال الجمعية التي أسسناها معا، وهي الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، ساهمنا من خلالها في توثيق أنواع جديدة ومهمة على المستوى الوطني من الطيور، والثدييات، والحشرات، وحتى الزواحف، و تهدف هذه الأعمال إلى إثراء المعرفة بالتنوع البيولوجي في الجزائر، وتشجيع البحث العلمي وحماية الكائنات التي تعيش في بيئتنا الطبيعية.
ما هي الرسالة التي تحاول إيصالها من خلال هذا العمل؟
الرسالة الأساسية التي يجب أن نؤمن بها هي أن حماية البيئة مسؤولية جماعية، ولكل فرد دور يمكن أن يؤديه، فالجزائر تُعد بلدا بمساحة قارة، وتتمتع بتنوع بيئي كبير يشمل البحر شمالا، والسهول والهضاب، إضافة إلى الجبال والصحراء، ورغم هذا الغنى الطبيعي يشهد التنوع البيولوجي تراجعا مقلقا بفعل الصيد الجائر، وتدمير الغابات والمناطق الرطبة بالإضافة إلى آثار الجفاف، لذلك تبرز أهمية التوعية البيئية كضرورة لحمايته، تليها مبادرات تأسيس جمعيات بيئية تسعى لإصلاح ما يمكن إصلاحه وحماية ما تبقى من هذا الإرث الطبيعي.
س.إ

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com