أشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون ، أمس السبت بمقر رئاسة الجمهورية، رفقة نظيره الزيمبابوي، السيد ايمرسون منانغاغوا، على مراسم التوقيع على...
* ردع مروّجي المخدرات و المهلوسات من أولويات الأمن الحضريكشف المدير العام للأمن الوطني، علي بداوي، أمس، أنه سيتم قريبا الحصول على وثيقة «التبليغ عن...
زكّى المؤتمر السابع لحزب التجمع الوطني الديمقراطي منذر بودن، أمينا عاما جديدا للحزب لعهدة من خمس سنوات.عقد التجمع الوطني الديمقراطي، أمس، بالمركز...
* لا وجود لسياسة تقشف و يجب القضاء على الاقتصاد الموازي * سنقضي على أزمة العطش* الجزائر تتبع سياسة عدم الانحياز و علاقاتها طيبة مع الجميعأكد رئيس...
يستقطب حمام بوعربية، الواقع ببلدية تسالة لمطاعي، في الشمال الغربي لولاية ميلة، عشرات العائلات خلال فصل الصيف، حيث يعتبر وجهة مفضلة لهم، هربا من ضجيج المدينة و من الاكتظاظ الذي تعرفه شواطئ البلاد خلال هذه الفترة، حيث يقصدونه للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تتميز بها المنطقة، وكذا من أجل التداوي بمياهه العذبة ذات الخصائص العلاجية.
لاحظنا خلال رحلتنا إلى بلدية تسالة لمطاعي، التي تبعد عن عاصمة الولاية بحوالي 43 كيلومترا، تواجد الكثير من العائلات والشباب من داخل وخارج ميلة بالحمام، وبالرغم من النقائص الكبيرة التي يشهدها بفعل غياب فضاءات الراحة والاستقبال، فضلا عن اهتراء الطريق المؤدية إليه، فإن الإقبال عليه كبير، لأجل مياهه التي تحتوي على عناصر معدنية، تساعد على الشفاء من بعض الأمراض بالإضافة إلى تواجده في منطقة تزخر بالمناظر الطبيعية الخلابة وهو ما جعل منه منتجعا طبيعيا ساحرا، تميزه بركة صافية تشكلت بين الصخور، بجانب شلال واد الغول، المحاذي لمنبع الحمام.
حمام مخفي داخل الجبل
قصدنا بلدية تسالة لمطاعي بميلة، لأجل رؤية جمال الطبيعة التي تتميز بها وخاصة منطقة بوعربية وحمامها، عند وصولنا إلى وجهتنا في حدود الساعة الرابعة مساء، لم نجد ما يشير إلى مكان تواجد الحمام، رغم أننا سمعنا عنه كثيرا، حاولنا البحث عن لافتة أو إشارة تدلنا عليه، فكنا كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، لأننا كنا نعتقد أن الأمر يتعلق بحمام مجهز يتواجد في وسط البلدية أو في حي قريب، غير أن الواقع كان مخالفا.
رأينا طفلين جالسين تحت شجرة، فتقدمنا منهما وسألنا عن مكان الحمام بالضبط، فدلانا عليه وقالا لنا، بأنه لا يبعد سوى مسافة خمس دقائق سيرا على الأقدام عبر مسلك جبلي قريب، فتوجهنا مباشرة إلى الطريق المؤدي نحو وجهتنا، و بدأنا في تسلق مسلك جبلي كلما تقدمنا خطوة فيه ازداد حدة، مع ذلك فإن جمال الطبيعة كان أخاذا وقد أنسانا المزيج بين خضرة الأرض وزرقة السماء عناء التسلق، فضلا عن الهدوء الذي يطبع المكان.
حينما أنهينا صعودنا نحو الجبل الصغير، قابلنا رجل كان مستمتعا بتأمل الشلال والأشجار الخضراء التي تزين المنطقة، أحببنا المنظر لكننا لم نلمح لافتة الحمام بعد، وكأننا كنا نبحث عن مدخل سري لمكان غامض.
لا يتسع لشخصين ويعالج الكثير من الأمراض
سألنا الرجل الواقف أمامنا و هو كهل اسمه عبد السلام-ب، عن مكان الحمام، فقال لنا، بأننا نقف فيه، وأنه منتجع طبيعي لم تمسسه أيادي البشر، وبأن الدخول إليه يتطلب منا الصبر، لأن الأمر يتعلق بحوض ضيق لا يتسع لأكثر من شخصين، ولذلك يقف هو في مكانه منتظرا خروج زوجته و ابنته.
اغتنمنا فرصة الانتظار للحديث إليه، فأخبرنا، بأنه متقاعد ينحدر من منطقة الوازطة التابعة لبلدية عميرة آراس، وهو مقيم حاليا ببلدية رجاص، التي تبعد عن الحمام بحوالى 20 كلم، قال، بأنه يتردد كثيرا على الحمام رفقة عائلته، للاستفادة من خصائصه العلاجية، وأنه ليس الوحيد، فالمكان دائم الحركية، ويقصده أناس من داخل وخارج الولاية، للتداوي بمياهه المفيدة للصحة والتي تعد مناسبة لمرضى العظام والمفاصل و المصابين بالتقرحات والجروح وحب الشباب وذكر لنا، بأن العجيب في الحمام، هو مياهه المعتدلة و التي تحافظ على حرارتها صيفا و شتاء.
وقت محدد للاستحمام
المميز في هذا الحمام أيضا حسب محدثنا، هو تنظيم أهل المنطقة لمواقيت الاستحمام فيه، رغم أنه ملكية عمومية، فالجميع مطالبون باحترام الطابور و انتظار أدوارهم دون تدافع، على أن لا يزيد وقت استحمام كل شخص عن ربع ساعة، ليتسنى للجميع الاستمتاع بمياهه.
وأكد السيد عبد السلام، بأنه اكتشف هذا المصب سنة1970، وهو شاب، ولا يزال يتردد عليه إلى يومنا، وتابع قائلا، إن حنينه للمكان لم يفارقه عندما كان خارج البلاد، و أنه يزور« بوعربية» للاستحمام والتمتع بمناظر الطبيعة الخلابة كلما توفرت الفرصة، لأنه يجد الراحة و الهدوء في كل شبر منه، بداية بمياه الحوض الدافئ و مرورا بالشلال و خضرة الأشجار.
حكايات وقصص شعبية...
وأضاف المتحدث قائلا: « خلال السنوات القليلة الماضية، قامت البلدية بتوسيع الحمام و الاهتمام بهذا الكنز الطبعي، مع إقرار مشروع لتعبيد الطريق نحوه لأجل تسهيل مهمة الوصول إليه، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ جف النبع فجأة و توقفت مياهه عن التدفق، ثم عادت بعدها إلى مجاريها بنفس السرعة التي انحصرت بها، ومنذ ذلك الحين انتشرت أساطير وحكايات شعبية، ربطت النبع بالأولياء الصالحين و بأرواح قيل بأنها تحمي الموقع و تمنع أي تدخل فيه.
خلال وصولنا إلى المكان، كانت الحركة قليلة نوعا ما، و بعدها بمدة بدأ الناس بالتوافد شبابا وعائلات، تقربنا من شاب يدعى مفيد، كان في انتظار دوره، فأخبرنا، بأنه قدم من ولاية جيجل، و بالتحديد من بلدية الطاهير، و أنه اختار الاستحمام و الاستجمام هنا على التواجد في الشواطئ المكتظة، خصوصا وأن مدينته تعرف حركية كبيرة و اختناقا مروريا هذه الأيام، وأضاف قائلا، بأنه لا يملك سيارة مع ذلك فقد تحمل المسافة الطويلة و ما تتطلبه من توقف ومحطات وتغيير للحافلات، حتى بلغ مقصده، وهو غير نادم على ذلك، لأنه يستمتع فعلا بجمال الطبيعة وبزقزقة العصافير والهدوء الذي يعم المكان الذي اكتشفه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وحدثه عنه أقارب له زاروه سابقا لأجل العلاج كما قال. أما ياسين بن عسكر، وهو واحد من سكان المنطقة، فقال، بأنه مداوم على الاستحمام في « بوعربية»، رغم بعد المسافة بين بيته والحمام مع ذلك فإنه يقطع في كل مرة كيلومترات على الأقدام للاستمتاع بالتجربة، وقد سبق له أن اصطحب إليه أبنائه ثلاث مرات هذه الصائفة، مقابل مرة واحدة إلى البحر، و الغريب أنهم أحبوا الفكرة كثيرا و استمتعوا بالسباحة في الحوض المائي، حيث علق قائلا « لا أقصد المكان لأجل الحمام فقط، بل لأجل البركة التي تشكلت من مياه الشلال أيضا».غير بعيد عنه، وجدنا رجلا في عقده الخامس يدعي مصطفي قاجوج، وهو كذلك من أبناء المنطقة، أتى ومعه قارورات بلاستيكية يريد ملأها من المصب المائي الطبيعي للحمام، وقد علمنا منه، بأنه يقوم بهذه الخطوة كلما زار الحمام ووجده مكتظا، حيث يفضل نقل الماء إلى منزله واستخدامه بأريحية، خصوصا وأن له فائدة علاجية وأضاف، بأنه أتى اليوم خصيصا من أجل أخذ الماء إلى أحفاده الذين يعانون من حساسية جلدية. محدثنا أشار، إلى أنه ورغم صعوبة المسلك الجبلي المؤدي إلى الحمام إلا أن مياهه المعدنية وروعة الطبيعة المحيطة به تستحق العناء، حيث أكد، بأن زوار المكان ليسوا فقط من أبناء ميلة، بل جزائريون من مختلف الولايات، وبأنهم يترددون عليه كثيرا في فصل الصيف، لأن الطريق نحوه غير معبدة و تصبح صعبة خلال فصلي الخريف والشتاء. مكي بوغابة