أشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون ، أمس السبت بمقر رئاسة الجمهورية، رفقة نظيره الزيمبابوي، السيد ايمرسون منانغاغوا، على مراسم التوقيع على...
* ردع مروّجي المخدرات و المهلوسات من أولويات الأمن الحضريكشف المدير العام للأمن الوطني، علي بداوي، أمس، أنه سيتم قريبا الحصول على وثيقة «التبليغ عن...
زكّى المؤتمر السابع لحزب التجمع الوطني الديمقراطي منذر بودن، أمينا عاما جديدا للحزب لعهدة من خمس سنوات.عقد التجمع الوطني الديمقراطي، أمس، بالمركز...
* لا وجود لسياسة تقشف و يجب القضاء على الاقتصاد الموازي * سنقضي على أزمة العطش* الجزائر تتبع سياسة عدم الانحياز و علاقاتها طيبة مع الجميعأكد رئيس...
أضحت ورشات الطبخ والرسم والأشغال اليدوية، في الآونة الأخيرة، عنصر جذب واستقطاب للأولياء وأطفالهم خلال العطلة الصيفية، وبديلا ناجعا للتحرر من الضغط الذي تخلفه المواسم الدراسية الطويلة، عن طريق المواد والأشكال التي يتم تصنيعها ومداعبتها بأنامل الصغار، خصوصا مع قلة المرافق الترفيهية.
وتعج مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات مختلفة لورشات ونواد تعنى بتكوين الصغار من سن الثالثة إلى 15 سنة، في مجالات حرفية متنوعة على غرار الطبخ والرسم وصناعة الصابون والشموع والدمى وحتى الخياطة وتصميم الأزياء.
وتحمل الإعلانات في عمومها عناوين وشعارات مختلفة منها "مصمم الفخار الصغير" و"الطباخ الصغير" و"تزيين الكيك للأطفال" و"الرسام الصغير" وغيرها، وهي ورشات تدوم من يوم إلى اثنين فأكثر، وتضم برنامجا متنوعا وممتعا يتعرف من خلاله الطفل على الأدوات والتقنيات والمهارات الأساسية للنجاح في كل مجال وفق ما يسمح به سنه وقدراته الجسدية.
وتختلف تكاليف الالتحاق بالورشات من مؤسسة لأخرى، وتتحدد بحسب البرنامج المسطر وتكاليف الورشة، حيث تتراوح في الغالب بين 1000 إلى 5000 دينار، فورشة الرسم على الزجاج مثلا تقدم بسعر 3000 دينار وتبدأ ورشات "الطباخ الصغير" من 1000 دينار.
وتلقى الفكرة ترحيبا واسعا من الأولياء والأسر، بدليل التفاعل الكبير مع إعلانات الجمعيات والأكاديميات سواء على موقع "فيسبوك" أو "إنستغرام"، مع تزايد عدد المسجلين والملتحقين بالصفحات، وفق ما لاحظناه على الصفحات الرسمية لعدد من مراكز وأكاديميات التكوين والتدريب بقسنطينة، وكذا من خلال ما أكده لنا أصحاب المؤسسات الذين تواصلت النصر معهم.
قالت سيدة ثلاثينية حدثناها، إنها تسجل طفليها خلال عطلتي الشتاء والربيع في ورشات تعلم الشطرنج والمكعب السحري والسوروبان، في حين تفضل استغلال عطلة الصيف لإدراجهما في ورشات حرفية بعيدا عن الكتابة والحفظ والقراءة، حتى يأخذ العقل مساحته الكافية من الراحة، ويركز على تنشيط بقية المهارات والحواس والخيال.
مساحة إبداع تُكسب الطفل مهارات جديدة
وأوضحت الأم بأنها اعتمدت هذه الطريقة العام الماضي ولمست نتيجة إيجابية، إذ أصبح الطفلان أكثر نشاطا وحيوية واعتمادا على نفسيهما، كما استطاعا حسبها، التقليل من استعمال أجهزة الهاتف والحاسوب ومشاهدة التلفاز، وباتا أكثر ميلا إلى الأنشطة اليدوية كالرسم ومساعدتها في إعداد الطعام وتنظيم الطاولة وغسل الأطباق.
وأضافت المتحدثة، بأن مثل هذه الورشات تساعد الطفل في الخروج من إطار التفكير التقليدي، وصب كل وقته في الدراسة كما تبرمجه على نموذج معين يرتبط بالسعي للتخرج والحصول على وظيفة وراتب شهري، وتُوسع أيضا الرؤية والآفاق ليكون الصغير على استعداد لخوض تجارب مختلفة واكتشاف ذاته وقدراته ومهاراته ومواهبه بشكل أفضل.
ويطبق الأطفال في حصص الرسم بحسب الأستاذة أماني بوذراع من مركز التكوين والتدريب المهني "دار الصنعة" بعلي منجلي، تقنيات متنوعة على غرار الرسم بقلم الرصاص و"الأكوارال" و"الغواش" و"الأكريليك" و"الكولاج"، ويكتسبون عدة مهارات في الرسم حتى يصبحوا قادرين على التمييز، ومن خلال معرفة الطفل بمبادئ الرسم الأساسية تكون لديه انطلاقة صحيحة في عمله الفني.
ويتم تنويع النشاطات الفنية خلال الورشة التي تدوم شهرا ونصف بمعدل 4 ساعات في الأسبوع، من أجل إتقان الطفل لأكبر قدر من التقنيات ولإضفاء حيوية على الورشات والابتعاد عن النمطية، مع إعطاء الصغار مساحة للإبداع بطريقتهم الخاصة والتعبير عن شخصيتهم وتقديم توجيهات لتطوير مهاراتهم بشكل أسرع، وغالبا ما يظهر تقدم ملحوظ لدى الأطفال ينعكس من خلال إبداعاتهم.
وقالت معلمة الرسم، بأنها لاحظت استمتاع الأطفال بالورشة مع إبداء سعادتهم بالعمل، وبذل مجهود كبير بغرض إظهار أفضل ما يملكون من مهارات، مضيفة أن كثيرا من المشتركين لديهم مواهب رائعة يستحسن العمل عليها والوقوف على تنميتها، فيما قال آخرون بأنهم سيواصلون الرسم دون توقف.
وأوضحت المتحدثة، بأن الأطفال في بداية الورشة يتصفون بالخجل والصمت مع ضعف ثقتهم بالنفس وبقدراتهم، لكن مع التشجيع والتحفيز على المضي قدما يصبحون أكثر تفاؤلا ورغبة في تجربة كل ما هو جديد، ويتغلبون على مخاوفهم من ارتكاب الأخطاء، ويدركون أن الأخطاء ما هي إلا عقبات يمكن تخطيها وحلها، فضلا عن انفتاحهم على زملائهم بالورشة وتشارك الأعمال فيما بينهم، الأمر الذي يعزز جانب التواصل وتبادل المهارات كما يغذي المحيط حيوية. وأكدت الأستاذة ضرورة تنمية مواهب الطفل والعمل على تطويرها، فقد يكتشف شغفا جديدا وتُثمِر هذه المجهودات في المستقبل كما عبرت.
تعلم الإعتماد على النفس
وقالت مديرة أكاديمية النجاح للتكوين، شهرة كواشي، التي نظمت بالتنسيق مع أكاديمية "دولي"، ورشات "الشيف الصغير" الموجهة للأطفال بدءا من عمر ثلاث سنوات، إن هناك طلبا كبيرا على مثل هذه الورشات خصوصا مع اندفاع الأطفال نحو اكتشاف المجال سواء في الروضات أو المدارس، إذ يرغبون في تعلم الطبخ وتزيين الطاولة وتشارك تجربة الطهي مع أمهاتهم.
وأكدت المتحدثة، أن الأولياء في السنوات الماضية كانوا يفضلون ورشات الكتابة ودروس الدعم وتعليم اللغات، وقلة منهم يتجهون نحو مجالات الطبخ وصناعة الحلويات، لكن بعد أن لمس كثير منهم نتائج إيجابية وملموسة في سلوكيات وتصرفات صغارهم، أضحى الأولياء لا يفوتون فرصة تسجيل أبنائهم في الورشات دون الاهتمام بالسعر أحيانا.
ويكتسب المشاركون في هذه الورشات، على حد قول السيدة كواشي، مهارات في صناعة البيتزا التي يعشقها الصغار ويتلذذون بأكلها إلى جانب صناعة "الكيك" وحلوى أعياد الميلاد وحلويات بأشكال وأحجام مختلفة يعدونها من عجينة السكر، قائلة إن الهدف الحقيقي من تنظيم هذه الورشات، هو تنمية الذكاء الاجتماعي للطفل وانفتاحه على الأعمال التشاركية مع باقي زملائه والتعاون فيما بينهم، ما يثري رصيده اللغوي ويمكنه من تعلم مهارات جديدة في الحياة بعيدا عن المدرسة، فيخوض تجربة جديدة مع معلم من نوع آخر، الأمر الذي يؤدي إلى تطور حركة الطفل، فضلا عن حاجة الصغير خلال هذه المرحلة العمرية إلى إثبات ذاته وإبراز شخصيته وميولاته وتحديد مسار حياته، فكثير من المشتركين يبدون رغبة كبيرة في أن يكونوا طباخين أو صناع حلوى مستقبلا، مع اكتسابهم للقوة والشجاعة التي تظهر جليا في طريقة كلامهم و وضعية وقوفهم.
وتابعت كواشي حديثها قائلة، إن هذه الورشات كشفت جانبا خفيا لدى الأطفال من أول حصة يجرونها، إذ أضحت لديهم رغبة في التعاون والتشارك المنزلي، كما اكتسبوا النظام والترتيب و"الإتيكيت" والذاتية والاعتماد على النفس، في غسل الأواني وتنظيف الأرضية والملابس والسقي والنظافة الشخصية ونظافة المكان، وما يزيد من سعادة الطفل هو أخذه للحلوى التي يعدها بنفسه إلى المنزل ليشارك معه أفراد أسرته، ويثبت لهم بأنه مفيد وموهوب وهو ما يزيد من تقديره لذاته.
رميساء جبيل