الثلوج تفرض حظر التجول على النساء
يفرض تساقط الثلج على مدننا حظر التجول على النساء اللائي يشكل هذا الزائر الأبيض الجميل هاجسا بالنسبة إليهن، لا يفرحن به بقدر ما يخفن من السلوكات العدوانية التي ترتبط به ، خصوصا و أن الكثيرات منهن يحملن ذكرى سيئة عن اعتداء تعرضن له على يد مراهقين يميلون إلى اللعب العنيف، أو تعثر أو سقوط أدخل بعضهن المستشفى.
الثلج الذي يعتبر فرصة للاستمتاع بالنسبة للكثيرين على اختلاف أعمارهم، هو بمثابة مؤشر عن الخطر للنساء الجزائريات عموما، وفي قسنطينة تحديدا، ما يدفعهن إلى ملازمة المنزل و التغيب عن العمل و تأجيل أشغالهن و اهتماماتهن إلى غاية ذوبانه، و السبب وراء ذلك الخوف و الحذر، فلا يقتصر الأمر فقط على صعوبة الحركة و التنقل ، بل هو راجع لحوادث قاسية سبق لهن و أن تجرعن مرارتها في عديد المرات، ما خلف لديهن آثارا نفسية جعلتهن يتمنين عدم سقوطه من جديد.
لم يجدوا ثلجا على الأرض فاستخدموا الجليد على السيارات
منال صحفية ، قالت بأنها كانت من بين أولى ضحايا موجة الثلوج التي تعرفها المدينة منذ أول أمس، إذ أنها تعرضت لهجوم مراهقين بحي جبل الوحش، كانوا يتربصون بكل فتاة تمر قربهم، و لأنهم لم يجدوا ما يكفي من الثلج على الأرض لرشقها، قاموا بجمع الجليد الموجود على زجاج السيارات و شكلوا كريات منه و رشقوها بها .
كرة محشوة بحجر تسببت لها في كسر
أما دلال سيدة في عقدها الثالث، فتتذكر حادثة وقعت لها أيام دراستها الجامعية، إذ تعرضت لكسر على مستوى مشط قدمها اليمنى أقعدها الفراش لمدة 15 يوما، و ذلك بسبب مراهقين رشقوها بكريات الثلج بمجرد خروجها من المنزل، وصادف أن كانت واحدة من الكريات محشوة بحجر قاس، تسبب لها في كسر من الدرجة الأولى، تقول محدثتنا «لا أزال أذكر الألم إلى يومنا هذا رغم أنني الآن أم لطفلين، كان البرد شديدا سقطت أرضا و كنت أبكي و لم أستطع الوقوف، أما هم فكانوا يضحكون دون تأنيب ضمير، و لولا تدخل أحد المارة لبقيت جالسة على الأرض لساعة كاملة، لقد أسعفني و نقلني إلى المستشفى الجامعي».
نُقلت إلى المستشفى على وجه السرعة بسبب قطعة زجاج داخل كرة ثلج
بسمة معلمة بمتوسطة الشهيد بوكرزازة بعين سمارة ، تعرضت قبل أربع سنوات لحادثة خطيرة وهي تغادر المؤسسة، بعدما ألغي يوم العمل بسبب الثلوج، إذ اعترضها شابان و قاما برشقها بكريات ثلج اتضح في ما بعد بأن احداها محشوة بقطعة زجاج أصابتها في وجهها و تحديدا على مستوى الذقن، ما تسبب لها في نزيف. محدثتنا قالت بأنها اضطرت للعودة إلى المؤسسة التعليمية لطلب المساعدة و نقلت على وجه السرعة نحو عيادة متعددة الخدمات، أين قام المختصون بتقطيب جرحها الذي لا يزال أثره بارزا إلى اليوم.
أسقطوها أرضا فتمزق معطفها
أميرة قالت بأنها اضطرت أمس للخروج و التوجه إلى عيادة طبيب بسبب ألم حاد في ضرسها، لكنها ندمت وتمنت لو تحملت الألم إلى غاية ذوبان الثلج، بعدما تعرضت لموقف وصفته بالـ»مزعج «، حيث أخبرتنا بأن مراهقين نصبوا ما يشبه الحاجز في الطريق المؤدي إلى محطة الحافلات بحي المحاربين وسط مدينة قسنطينة، و باشروا رشق المواطنين بالحجارة، فلم يسلم منهم السائقون و لا كبار السن، لكنهم أصبحوا أكثر عدوانية عندما اقتربت منهم هي، فعندما شعروا بأنها تحاول تجنب المرور قربهم، هجموا عليها بكريات الثلج و تسببوا في انزلاقها و سقوطها أرضا، ليزيد الوضع سوءا بعد تمزق معطفها وهو مشهد قالت بأنهم وجدوه مضحكا و مسليا.
أستاذة علم الاجتماع : كريمة دراجالعدوانية انعكاس لمشكل تعبير و تواصل اجتماعي
ترجع أستاذة علم الاجتماع بجامعة قسنطينة كريمة دراج، السبب في هذه العدائية اتجاه المرأة و المرتبطة بالثلوج على سبيل الحصر، إلى خصوصية المجتمع في حد ذاته، و طريقته في التعبير و التواصل مع الطرف الآخر، مشيرة إلى أن استهداف الإناث من قبل المراهقين، ليس ظاهرة خطيرة يمكن ربطها بذكورية المجتمع، لأن الأمر لا يتعدى كونه سلوكا منفردا، هو وليد تربية و محيط ضيق، فالعدائية إزاء الفتيات، قد تكون سلوكا متفشيا في حي معين، لكنه قد ينعدم في حي آخر، وهنا يمكن تفسير هذا السلوك ، على أنه نوع من أنواع العجز عن التعبير عن الفرح بالثلج مثلا، و إيجاد الطريقة السليمة للتواصل مع الطرف الآخر، و مشاركته هذه الفرحة، و بالتالي يميل بعض الشباب و المراهقين إلى التعبير عنها بعدوانية، و هي بالضرورة نتاج لتراكمات نفسية سوسيولوجية عديدة. وتؤكد المختصة بأن هذه الممارسات تراجعت نوعا ما في السنوات الأخيرة، بفضل تحسن المستوى التعليمي في الأسر و تأثير الوسائل التكنولوجية و وسائط التواصل التي أسست لما يعرف بالتثقف، أو التأثر بثقافات أخرى تشكل نموذجا حضاريا مختلفا.
ن/ط