تعد حديقة الزواحف المتواجدة بقصر «تاجنينت» بلدية العطف واحدة من أبرز المحميات في ولاية غرداية، فقد حولها صاحبها عزيز حاج عيسى إلى متحف مفتوح للزوار يلتقون فيها بأندر الحيوانات ويغيرون فكرة الموت المغروسة في أذهانهم عن الثعابين والأفاعي من خلال المعلومات التي يزودهم بها عن هذه الكائنات.
إيناس كبير
استلهم مربي الزواحف من الطابع الهندسي الفريد من نوعه للبيئة الصحراوية لينشئ حديقته، فطريقة بناء الغرف التي تتواجد بها مختلف الأصناف تدل على موطن عيشها الأصلي، ورغم نقص الوسائل والإمكانيات المادية إلا أن الشاب وظف ساعديه لتجسيد حلم طفولته خصوصا وأن عائلته معروفة بتربية الحيوانات منذ عقود فكانت إرادته أقوى من كل العوائق وسعى لتعلم أي حرفة تساعده في إنشاء المحمية سواء في جانب الهندسة، البناء، العناية بالحيوانات وحجرا بحجر نمت الفكرة أمامه التي مازال يعمل على تطويرها.
الحديقة ذات طابع علمي توعوي
أخبرنا محدثنا أن تربية الحيوانات والعناية بها هي إرث عُرفت به عائلة حاج عيسى بداية من الجد بلحاج الذي نجح في المجال منذ عقود، أما بالنسبة لعزيز فقد عشق الزواحف وقرر التخصص فيها، ناهيك عن نقص هكذا مشاريع في الجزائر وقلة الاهتمام بهذه الكائنات، أما عن الهدف الأساسي من إنشاء حديقته قال إنه يقصد من خلالها تغيير نظرة الناس للزواحف بالتعرف عليها عن قرب، وحذف صورة العدوانية والشر المطلق المنتشرة حول الأفاعي والثعابين على وجه الخصوص، مضيفا أن الغاية من الحديقة ليس تجاريا بقدر ما هو تسليط الضوء على الوجه الآخر للزواحف بأسلوب علمي و توعوي.
وقد كان اكتشافه للكوبرا السوداء في الجزائر أول مرة بعد سنوات من البحث ومحاولة إقناع الناس بتواجدها، حافزا جعل عزيز يصر على إنشاء الحديقة حتى يشبع فضول الزوار حول الكائنات التي لا يستطيعون رؤيتها في طبيعتها الأم، وأوضح في حديثه مع النصر أن البيئة الجزائرية هي الموطن الأصلي للكوبرا وقد أكد على ذلك في وسائل إعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وأشار إلى أنها ليست عدوانية فليومنا هذا لم يسجلوا أي حادث هجوم لأن مهمتها الدفاع عن نفسها فحسب.
ولإنشاء حدائق للحيوانات توجد شروط يجب التقيد بها، وفقا له، على غرار الحصول على تصريح، والتمتع بالخبرة في التعامل مع الحيوانات، وعلق الشاب أن هذا العمل يتطلب أيضا الشغف به لأنه صعب وصاحبه يجد نفسه يقدم الكثير من التنازلات مردفا أن الهدف أيضا يجب أن يكون نبيلا وفيه فائدة.
حوالي 38 صنفا جمعها بوسائله الخاصة
تحتوي حديقة الزواحف على حوالي 38 صنفا وتتربع على مساحة سبعة هكتارات كما يعمل صاحبها على توسيعها ومن الأصناف التي ذكرها الثعابين، الأفاعي، العقارب، التماسيح، السحليات، وقد جمعهم في زاوية خاصة بالإضافة إلى أصناف نادرة ذكر منها العضاية، والكوبرا السوداء.
وكشف أنه جمعها بوسائله الخاصة، فهو في الأساس موثق للحياة البرية قال إنه يخرج في مغامرات إلى البرية تدوم من 15 يوما إلى شهر وقد علمه تواجده بين مختلف الكائنات الحية الكثير عنها كوظيفتها في الطبيعة والهدف من تواجدها، يضيف أنه وثق كثيرا من المقاطع المصورة عن تفاعل الزواحف في البرية وطريقة عيشها وقدمها بمثابة حقائق لمتابعيه، أما عن الصيد أخبرنا أنه في الوقت الحالي مكتف بالمجموعات التي يملكها في حديقته.
وعرج عزيز للحديث عن المخاطر التي يمكن أن تواجه جامع الحيوانات في الطبيعة، حيث أفاد أنه لم يتعرض لأي مشكلة عندما يكون وحيدا في البرية، كما أنه لا يشعر بالخوف لأنه يعرف الطريقة الصحيحة للتعامل مع كائناتها، وعلق قائلا علينا إدراك أن الإنسان هو الذي يذهب إلى مكان تواجد الحيوان وبالتالي يجب أن يحترمه مع تفادي تواجده في الطبيعة خلال فترات يكون فيها الكائن الحي عدوانيا، وذكر فترة الولادة، أو عندما يكون الحيوان مع صغاره.
ويفد أيضا طلبة وباحثون من كل ولايات الوطن إلى حديقة الزواحف بغرداية لإجراء دراسات علمية حول المخلوقات الموجودة بها، أو بغرض التعرف عليها، هناك يجدون محدثنا الذي يزودهم بكل المعلومات التي يحتاجونها، وفي هذا السياق عبر قائلا «الحديقة للجميع وأبوابها مفتوحة لكل هواة الطبيعة».
للزواحف دور بيئي وطبي
لم تكن بدايات عزيز سهلة في هذا المجال خصوصا في جانب التعامل مع ذهنيات الزوار، فقد أخبرنا أن بعضهم يتعامل بعدوانية مع الحيوان، وحتى الأشجار بكسر أغصانها، ورمي النفايات في الأرجاء، لكن مع مرور الوقت تغيرت بعض السلوكيات التي يرى صاحب الحديقة أنها مهمة الجميع فضلا عن أن ثقافة احترام الكائنات الأخرى سواء نباتات أو حيوانات تبدأ من الصغر.
وقال إنه حقق نتائج من خلال المقاطع المصورة التي يشاركها على حسابه، وذكر أن الناس سابقا كانوا يقتلون الأفاعي جاهلين أهميتها لكن من خلال متابعته أدركوا أنها غير عدوانية، وفي حالة مصادفتها يجب التواصل مع مختص لإعادتها للطبيعة أو تسليمها للمحميات، وأردف أن كل مخلوقات الكون وجدت بأسلوب خاضع للتوازن ولتأدية مهمة معينة، فعلى سبيل المثال لولا الزواحف من أفاعي، ثعابين وعقارب لتعب الإنسان كثيرا مع القوارض الصغيرة مثل الفئران التي تعيش في حقول الفلاحين وتفسد المحاصيل الزراعية فإذا تتبع نظام السلسلة الغذائية، يدرك أنه المستفيد من الحياة البرية.
وللزواحف منفعة طبية أيضا وفقا لعزيز حاج عيسى، فبالرغم من قوة سم الأفاعي والثعابين على سبيل المثال إلا أنها تستخدمه كوسيلة للدفاع عن نفسها أو لاصطياد فريستها، وأفاد محدثنا أنه في الوقت الحالي يوظف الانسان البحوث العلمية والتكنولوجيا للاستفادة من سمومها في استخراج المصل، واستخدامها في علاج بعض الأمراض، إضافة إلى سم العقرب الذي يعد الأغلى عالميا وهو مطلوب في مجال صناعة الأدوية لمنفعته الكبيرة.
وتحتوي الجزائر على سبعة أنواع من الأفاعي السامة، وفقا لما ذكره مربي الزواحف وموثق حياة البرية، وقد صنفها حسب قوة سمها أولها الكوبرا السوداء، أفعى الأهرامات وهي نوع نادر في الجزائر، الأفعى الرملية ذات القرنين، الأفعى الرملية، الأفعى الموريتانية، أفعى وحيدة القرن، أما الثعابين فيوجد حوالي 28 صنفا، و46 صنفا من العقارب بالإضافة إلى عديد الأنواع الأخرى مثل السحالي.
إ.ك
موثق الحياة البرية جمال حاج عيسى للنصر
بيئتنا فريدة ومناسبة جدا لصناعة وثائقيات عن البرية
تثير الصور ومقاطع «الفيديو» التي ينشرها موثق الحياة البرية، جمال حاج عيسى، اهتمام وفضول محبي الطبيعة فميزتها تكمن في قرب المسافة التي تفصله عن الحيوان أثناء التصوير ما يقدم تفاصيل دقيقة جدا وواقعية كبيرة للمشهد، وقد نشرت مؤخرا عدة صحف عالمية صورة جمعته بشبل صغير لاقت عفويتها تفاعلا على مواقع التواصل الاجتماعي.
إيناس كبير
لم يعلم الفتى ذي 15 سنة، حين حمل آلة تصوير أول مرة، بعدما حصل عليها كهدية من صديق بلجيكي، أن عدسته ستبدع في توثيق صور عن الحياة البرية والطبيعة، وأن صوره ستتخطى حدود وطنه وتتحدث عنها كبريات المواقع والصحف الأجنبية.
وقد اختار أن يتميز عمن سبقه إلى المجال بالنظرة الفنية، مبرزا التفاصيل في الصورة ليجعلها أكثر حيوية، فالذي يرى أعماله يُبهر بدقة ملامح الكائنات الحية التي تظهر سواء الحشرات، أو الطيور، أو الأفاعي وغيرها، كما يدفعه عمله المتقن إلى التأمل طويلا في ألوانها وتناسق وجودها في الطبيعة.
وقد أوضح المصور للنصر، أن صوره تؤكد للإنسان أن كائنات البرية غير ضارة وإنما تتخذ وضعية الهجوم في حالة الدفاع عن نفسها فقط، لذلك من الواجب عدم الاعتداء عليها في بيئتها تحت مبرر الخوف.
المخاطرة لالتقاط صور مميزة
تعلم مصور الحياة البرية جمال حاج عيسى، التصوير في سن صغيرة جدا ثم بدأ هذا النشاط بطريقة منظمة من بوابة الصحافة التي عمل بها سنوات التسعينيات إلى غاية الألفينيات، قبل أن يصبح مصورا مستقلا، بعد ذلك شجعه أصدقاء سبقوه إلى البرية للالتحاق بهم، ويقول إنه كان يملك تصورا مسبقا عن المجال، لأن إخوته يملكون حوالي سبع حدائق للحيوانات في ولايات جزائرية مختلفة ذكر منها، سطيف، تلمسان، أم البواقي، غرداية، ووهران. وعن أهم الصور والفيديوهات التي وثقها، أوضح أن عدسته رصدت حيوانات اكتشفت لأول مرة في الجزائر من طرف الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، منها عشرات الطيور التي سجلت في الجزائر، بالإضافة إلى توثيق حيوان الثعلب الشاحب في «تين زاواتين». تنال صور جمال ثناء كثيرا من متابعيه الذين يُبهرون بدقتها والتفاصيل التي تكشفها لهم مثل «فيديو» لكوبرا تستعرض قوامها فوق رمال الصحراء الذهبية، حيث أخبرنا أنه يعتمد على الصورة المقربة جدا التي ينقل من خلالها رسالة للناس، بأن القرب من هذه الحيوانات لا يشكل خطرا كبيرا.
ويضيف أنه لالتقاط هذا النوع من الصور يجب أن يمتلك الموثق آلة تصوير متطورة، وعدسة تصوير عن بعد تقرب الأجزاء المراد تصويرها جيدا، بالإضافة إلى اختيار المخبأ المناسب.
وأوضح، أن المخبأ قد يتمثل أحيانا في لباس خاص، وشبكة، كما قد يضطر المصور أحيانا أخرى لصناعة خيمة صغيرة من أغصان الشجر تكون مموهة حتى يتمكن من التقاط صور لبعض الحيوانات، أو الطيور في بيئتها الطبيعية، ورصد أسلوب عيشها وتفاعلها مع الطبيعة، لأن شعورها بقرب الإنسان منها سيدفعها إلى تغيير عاداتها. وقد سرد علينا جمال، قصة الصورة العفوية التي جمعته بشبل ونشرتها صحيفة «ديلي إيكسبريس» على صفحاتها، قائلا إن الحيوان ولد في حديقة ملك لأخيه حمله معه إلى الصحراء وكان الكائن يلتقي لأول مرة بالبرية فجلس فوق الكرسي وبقي يشاهد أجواءها، مضيفا أن ابن أخيه استغل الفرصة ووثق تلك اللحظة الجميلة التي تأثر بها كثير من المتابعين، كما اتصلت به عدة مواقع أجنبية وعربية للحصول على ترخيص بنشر الصورة، منها مواقع من أمريكا، وشيلي، وبريطانيا، ومصر، ولبنان، ودول أخرى. لا تنحصر مغامرات جمال حاج عيسى في البرية على اللحظات العفوية والصور الجميلة فقط، بل قد تتحول أحيانا إلى مواقف صعبة وخطيرة، وعن أخطر حادث تعرض له، قال إنه حدث يوم أمسك بيديه أفعى قرناء من الأنواع الخطيرة جدا، غرست نابها في ظفره ثم سحبته عندما كان بصدد إطلاقها، وقد نجا بأعجوبة حسبه، فلو وصلت اللدغة إلى اللحم لكانت ستتسبب في موته مباشرة، لأن المصاب وفقا له لا يملك أكثر من 72 ساعة للمقاومة إن لم يتحصل على الإسعافات، وأوضح أن آلام وأعراض اللدغة تستمر إلى أكثر من شهرين أحيانا حتى بعد التدخل الطبي.
لا نفتقر للجودة
نشر المصور مؤخرا، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» تجربته الأولى في صناعة فيلم قصير من 4 دقائق صُور في إحدى بحيرات ولاية غرداية يتحدث عن طائر الكرسوع أبيض الرأس. وفي حديثنا معه حول صناعة الأفلام الوثائقية، أوضح أنها ما تزال فكرة فتية لأن هذا المجال يحتاج إلى دعم مالي كبير، لأنه من الصعب أن يتنقل المصور ويسافر معتمدا على أمواله الخاصة فقط لإنجاز فيلم، بالإضافة إلى الوقت والجهد المطلوبين.ويرى محدثنا، أن الجزائر تملك كل المؤهلات لتقدم أفلاما وثائقية عن البرية بجودة عالية، خصوصا في ظل تجاوز العوائق التي كانت معروفة سابقا، وأفاد أن ظهور «الجمعية الجزائرية لتوثيق حياة البرية» سهل على الموثقين الحصول على التصريحات التي تساعدهم في العمل الميداني.
الحيوانات في البيئة الجزائرية ليست عدوانية
من جهة أخرى، علق جمال حاج عيسى، أن قضاءه ساعات في البرية مع كائناتها علمه أن هذه الحيوانات هي «أمم مثلنا» كل له دور خُلق من أجله في البيئة ولم تخلق عبثا، لذلك لا يجب قتلها دون مبرر.مردفا أن رصد «الكوبرا» على سبيل المثال يُعد إنجازا بالنسبة للمصور لأنها تختبئ فور شعورها بتواجد الإنسان بالقرب منها، وبحسبه فمن النادر جدا أن تلدغ هذه الأفاعي إنسانا ما لم يشكل تهديدا مباشرا لها، أما الوضعيات التي تظهر بها في الصور فهي للدفاع. وعقب عضو الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، أن الحيوانات الموجودة في الجزائر أغلبها غير عدوانية، واعتبر أن المشكل الحقيقي هو الإنسان لأن الكائنات التي يتعامل معها كلها تهرب في حالة وجوده مثل الوشق.وقال، إن هذا الحيوان بالرغم من عيشه في الجزائر، إلا أنه من النادر رؤيته كونه مسالم ويتفادى الأماكن التي يتواجد فيها البشر خوفا من الاصطياد، كذلك الأمر بالنسبة للذئب والثعلب، وكلها حيوانات من الصعب رصدها ما لم يختبئ المصور جيدا في انتظار أن تظهر فجأة.وقال محدثنا، إن أعضاء الجمعية يعملون على توعية الناس، وتغيير بعض الأفكار النمطية بخصوص الحيوانات البرية قصد حمايتها، كما يحاولون التقليل من الخوف المرتبط بها و الذي يؤدي أحيانا إلى قتلها دون الانتباه إلى أهميتها في الطبيعة، وعقب قائلا :»في السنوات الأخيرة قُتل أكثر من 30 ضبعا مخططا وهذا التصرف خاطئ، فهذا الحيوان يتغذى على الحيوانات النافقة فحسب ومهمته تنظيف المحيط منها».مضيفا، أن رؤيته صعبة أيضا، لأنه يخاف من الإنسان وحتى باقي الحيوانات ولا يعترض الحيوانات الأخرى إلا نادرا جدا في حال لم يجد ما يأكله لفترة.
إ.ك
بهدف توسيع استخدام الطاقة النظيفة إلى المنازل بقالمة
إطلاق دورة للتدريب على إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية
أطلقت غرفة الصناعة التقليدية و الحرف لولاية قالمة، دورة جديدة للتكوين و تحسين المستوى، في مجال تقنيات الطاقة الشمسية النظيفة، التي بدأت تكتسح مختلف القطاعات بالجزائر، في خضم التحول الكبير نحو الطاقات النظيفة المتجددة.
و ستتولى مدرسة التكوين و تحسين المستوى بالغرفة، مهمة تدريب الشباب الراغب في اكتساب المهارات و خوض تجربة ممتعة و مفيدة في تركيب و صيانة الألواح الشمسية، بما في ذلك حرفيي الكهرباء و محترفي قطاع البناء، و تقنيي المؤسسات العاملة في مجال الطاقة و المبتدئين، الذين سيخوضون تجربة الطاقة الشمسية، التي تعرف رواجا كبيرا في السنوات الأخيرة.
و حسب غرفة الصناعة التقليدية و الحرف بقالمة، فإن الدورة تهدف إلى توسيع إنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة بالمنازل و المؤسسات، و كيفية تحديد الاحتياجات، و معرفة أنظمة الطاقة الشمسية الضوئية، و مراحل تركيب أنظمة الطاقة الشمسية واختيار المعدات اللازمة لذلك، و هذا من خلال الحصول على المعارف النظرية و التطبيقية الضرورية لتركيب نظام طاقة شمسية بموقع معزول، و اختيار نظام مكيف يلبي احتياجات الزبون، وتحقيق معيار الأمان و السلامة.
وسيتولى مدربون ذوو خبرة الإشراف على دورة التدريب التي ترتكز على الجانب النظري و الجانب التطبيقي الميداني، حيث يتلقى المشاركون في الدورة مفاهيم وافية عن عالم الكهرباء و الطاقة الشمسية الضوئية، الحقل الشمسي، و إمكانيات الطاقة الشمسية في الجزائر، و مكونات المولد، و الأنظمة الضوئية، و كيفية تركيب نظام ضوئي ذاتي، و حماية المواد و الأشخاص، و التصليح و طرق الصيانة الدورية للمعدات، و مفاهيم أساسية حول الحساب في الكهرباء، و مقياس الكهرباء، و مخطط النظام الشمسي الضوئي. و دعت الغرفة كل المهتمين بالطاقة الشمسية إلى المشاركة في الدورة لكسب المعارف العلمية الصحيحة، و التوجه نحو الاستثمار و إنشاء المؤسسات الصغيرة، التي سيكون لها شأن كبير في المستقبل، في ظل التحول الكبير الذي تخوضه الجزائر نحو الطاقة النظيفة المتجددة، التي ستحدث تغيرات جذرية في مجال الاقتصاد و البيئة و الحياة الاجتماعية للسكان.
فريد.غ
يعرض نادي بيتروليوم العلمي، المؤسس من قبل طلبة بجامعة 20 أوت 1955 بسكيكدة، عدة مشاريع ابتكارية منها ما صممت نماذجه الأولية، وهي أفكار تخدم توجه الدولة في مجال الطاقات المتجددة، ومتعلقة أساسا بإنتاج الهيدروجين الأخضر من مصادر الطاقات المتجددة باستغلال أحدث التكنولوجيات والتقنيات، وتقديم بدائل تستغل الطاقة الشمسية والنفايات في إنتاج الوقود.
أسماء بوقرن
يعد نادي بيتروليوم سكيكدة من النوادي العلمية التي تمكنت من البروز بفضل تقديم أفكار ابتكارية مميزة وتجسيد الكثير منها، بفضل نشاط وكفاءة أعضائه من تخصصات علمية مختلفة، والذين بلغ عددهم 50 عضوا، يستغلون هذا الفضاء العلمي لتبادل المعارف والاستفادة من خبراء في المجال، ويعتبرون النادي حقلا خصبا للابتكار ولتشجيع الطلبة على تقديم أفكار حديثة مسايرة لمتطلبات العصر.
النادي مقسم لفرق حسب التخصص والمهام، والمشاريع المسطرة، بحيث توكل مهمة كل مشروع لفريق، حسب مسؤول النادي، الذي أكد للنصر بأن عدد الفرق غير محدد، ويتغير حسب عدد المشاريع وطبيعتها، مشيرا إلى أنه من الفرق الناشطة حاليا، فريق مكلف بمشروع خاص بالطاقة الشمسية وآخر بمشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر، ولهما مشروع مشترك لتقديم فكرة مشروع تربط بين المجالين، إلى جانب فرق أخرى بالنادي.
مشاريع لاستغلال النفايات البلاستيكية كمصدر للطاقة
الطالب أشرف بوكلوة سنة ثانية ماستر تخصص تكرير وبيتروكيمياء، من الأعضاء الناشطين بالنادي، الذي تم تأسيسه سنة 2016 من قبل طلبة البيتروكيمياء، تحدث للنصر عن توجه النادي واهتماماته العلمية في قطاع المحروقات، بالقول بأن هناك ثلاثة مشاريع قيد التطوير، من بينها مشروع إعادة استخراج الوقود من النفايات البلاستيكية، والتي يعد البترول مادتها الأولية، حيث يتم إعادة هذه النفايات لحالتها الابتدائية، للتمكن من استخدامها كمصدر للطاقة، وتعد أيضا حلا لمشكلة التخلص من النفايات البلاستيكية، وحماية البيئة من التلوث الذي تسببه، مردفا بأن فكرة المشروع توجت بالجائزة الأولى لأحسن فكرة مشروع في الصالون الوطني للابتكار والمؤسسات الناشئة، المنظم بجامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 02.
من جهته تحدث مسؤول النادي، الطالب إياد زكريا وضاح، سنة أولى ماستر تخصص هندسة كيميائية، للنصر عن أنشطة ومشاريع النادي، التي منها ما تم الإنهاء من ضبط فكرته وتجسيد نموذجه الأولى وينتظر الحصول على براءة الاختراع للانتقال لمرحلة التسويق، ومنها ما سطرت أفكارها ويتم العمل على تطويرها واختبار جدواها ودراسة السوق.
فيما يتعلق بالأفكار الإبتكارية المجسدة، ذكر مبتكر درون لاستشعار تسربات الغاز ودخان الحرائق، حيث تم تقديم نموذجها الأولي واختبار فعاليتها، وتم تحقيق نتائج مبهرة، والتأكد من قدرة الجهاز على القيام بدوره بفعالية عالية في استشعار دخان الحرائق ما يساعد على التدخل الفوري، فالدرون مزودة بكاميرا حرارية وبخاصية الكشف عن مكان تواجد الأشخاص وتحديد أماكنهم بدقة، وتتيح سرعة التدخل ولها قدرة على التغلغل في الأماكن الوعرة.
كما تم تجريب «الدرون» في استشعار التسربات في حينها وتم اثبات نجاعتها، مردفا بأن للجهاز دور آخر صناعي، وذلك لإمكانية ربطه بقاعة المراقبة على مستوى المصانع، وقيامه بمهام متعددة في المجال الصناعي والبترولي، موضحا بأن الفريق لم يصل بعد لمرحلة تسويق المنتج، حيث يتم العمل حاليا من أجل الحصول على براءة الاختراع، ليتم تسجيله كفكرة مشروع شركة ناشئة، حائزة على جائزة أفضل فكرة مشروع.
سلة نفايات ذكية للحد من خطر النفايات الطبية
إلى جانب المشروع سابق الذكر، قدم النادي مشاريع أخرى في ميدان البحث العلمي كمشروع القمامة الآلية الذكية والتي تفتح آليا بمجرد تمرير اليد أمامها، وهي فكرة جديدة لم يسبق تطرق فرق بحثية لها، فالسلة الذكية مزودة بنظام استشعار ذكي وبرنامج آلي، موجهة للمستشفيات بدرجة أولى كما يمكن استعمالها في الفضاءات العمومية، وهذا لتجنب الاحتكاك المباشر مع النفايات، خاصة الطبية التي تشكل خطورة كبيرة على صحة الأفراد، مردفا بأنه تم تجسيد النموذج الأولي واختبار الفعالية في انتظار الحصول على براءة الاختراع كشركة ناشئة.
تحويل مياه البحر إلى مصدر للطاقة النظيفة
كما طرح مسؤول النادي، أفكار مشاريع جديدة يتم دراستها حاليا ووضع لبناتها الأساسية، تصب في مجملها في ميدان الطاقات المتجددة، وتركز على الهيدروجين الأخضر، كتوجه طاقوي عالمي، وإستراتيجية جديدة للدولة، حيث تتمحور المشاريع المسطرة حول آليات إنتاجه وتخزينه كطاقة نظيفة وصحية له استعمالات عديدة، واعتماده كبديل صحي وبيئي لكل ما يضر ويلوث البيئة، ومن المشاريع التي يتم العمل عليها أعمدة الطاقة الشمسية المزودة ببطاقة أردوينو لتقليل استعمال الطاقة.
منصف قرقور، أحد أعضاء النادي، سنة ثانية ليسانس تخصص آلية وتحكم صناعي، ومن عناصر الفريق المكلف بمشروع خاص بالطاقات المتجددة في مجال البيتروكيمياء للحد من ملوثات البيئة، قال بأن المشروع يتمحور حول إدماج محطات للطاقة الشمسية في مختلف أقسام مصفاة سوناطراك سكيكدة، الواقعة على الساحل، من أجل تحويل مياه البحر إلى مصدر للطاقة النظيفة عبر عملية التحليل الكهربائي. وتعتمد هذه المحطات، حسب المتحدث على استغلال الطاقة الشمسية لتحقيق هدفين رئيسيين، هما تزويد القسم الذي تتواجد فيه المحطة بالطاقة الكهربائية اللازمة لتسيير نشاطاته الصناعية، وتشغيل وحدة خاصة للتحليل الكهربائي لمياه البحر، بهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر والأوكسجين.
يتم تخزين الهيدروجين الناتج، كما أوضح، عن هذه العملية في خزانات مخصصة ونقله إلى وحدة تفاعل كيميائي، حيث يلعب دورا حاسما في التخلص من المواد الفائضة والشوائب الناتجة عن عملية تكرير البترول، وبدلا من حرق هذه المخلفات وانبعاث غازات سامة خاصة مع وجودها في منطقة مأهولة بالسكان، يتم إدخالها في تفاعلات نظيفة مع الهيدروجين الأخضر الناتج عن عملية التحليل الكهربائي للماء الذي يمتاز بقدرته العالية على التفاعل مع مختلف المركبات وتفكيكها إلى عناصر غير ضارة، مما يساهم بشكل مباشر في تقليص انبعاث الغازات السامة وتخفيف التأثير البيئي للمصفاة، أما الأوكسجين المُنتج، فيُعاد توجيهه إلى مجالات حيوية، خاصة القطاع الطبي، ما يعزز من قيمة المشروع كمصدر متعدد الفوائد.
أنظمة مراقبة ذكية ودرون لصيانة الألواح الشمسية
ولضمان استمرارية وكفاءة عمل محطات الطاقة الشمسية، حسب المتحدث، يتضمن المشروع أنظمة مراقبة ذكية وطائرات درون مخصصة لمتابعة وصيانة الألواح الشمسية، نظرا لحساسيتها وتأثرها السريع بالعوامل الخارجية، مردفا بأن النادي شارك في المسابقة الوطنية بين النوادي العلمية، وحصد المرتبة الثالثة وطنيا عن مشروع مبتكر يجمع بين الطاقات المتجددة والحلول البيئية الذكية في قطاع البيتروكيماويات.
هذه أنشطة النادي
وبخصوص أنشطة النادي، يتم تنظيم دورات تكوينية لأعضاء النادي وكذا للطلبة الجامعيين غير المنخرطين، في تخصصات مختلفة تشمل المقاولاتية وتعليم مهارات الإلقاء أمام الجمهور والتواصل عموما وكذا البرمجة، بالاعتماد على مكونين مختصين أو الاعتماد على الأعضاء الذين لهم خبرة في المجال، ودعم الأعضاء للتمكن من تقديم أفكارهم ووضع مشاريع جديدة، وغرس ثقافة المقاولاتية وتكوين الطلبة الراغبين في خوض هذا المجال، وتنظيم مسابقات وطنية ودولية، بالتنسيق مع هيئات علمية، وتعزيز التوجه نحو تطوير البحث العلمي، إلى جانب تنظيم منافسات علمية.
أ ب
مختصة تقترح إنشاء مؤسسات مصغرة خاصة للتكفل بها
تعدّد الفاعلين أثر على تسيير النفايات المنزلية
تقترح الدكتورة بمعهد تسيير التقنيات الحضرية بجامعة قسنطينة 3، عائشة بن عزوز، إدراج القطاع الخاص في مجال تسيير النفايات المنزلية بخلق مؤسسات تتكفّل بهذه العملية، مؤكّدة أنّ الاستراتيجية الجزائرية للتسيير المدمج للنفايات آفاق 2035 تحمل رهانات طموحة ومستدامة، لم تطبّق ميدانيا.
إسلام. ق
وذكرت الدكتورة بمعهد التقنيات الحضرية بجامعة قسنطينة 3 صالح بوبنيدر، في حديث مع النّصر على هامش الملتقى الوطني حول الأمن البيئي في الجزائر، الذي انعقد أول أمس، بقسنطينة، وشاركت خلاله بمداخلة بعنوان «مدينة قسنطينة بين واقع تسيير النفايات المنزلية وآفاق الاستراتيجية الجزائرية 2035 للتسيير المدمج للنفايات المنزلية لتحقيق الأمن البيئي» إنّ توجّهات هذه الاستراتيجية جاءت برهانات طموحة على أساس الحصول على نسب مرتفعة من الرسكلة والتسميد وما إلى ذلك، حيث تضمّنت منذ سنة 2018 برامج وخططا توجيهية على المستوى القريب، المتوسّط وحتى البعيد تمثّلت أهمها في ترقية الاستثمار في سوق النفايات، تصميم استراتيجية اتصال بيئي وطني، كذلك تدعيم تقنيات التسيير والتدبير عن طريق إكمال وتحيين البرامج والمخططات الحالية وخاصة تحديث الخطط البلدية لتسيير النفايات المنزلية.
ودعت إلى جانب ذلك لتفعيل مخطط «الإيكو- جمع»، كما أبدت رغبة قوية في التحوّل إلى نموذج اقتصاد تدويري من خلال وضع سيناريوهات طموحة لرفع نسبة الرسكلة والتسميد، حيث تعتقد المتحدّثة أنّ هذه الاستراتيجية كانت لتكون فعالة في حالة تطبيقها على أرض الواقع كما أنها تسير وفق مبادئ التنمية المستدامة والتوجّهات الدولية كما وصفت قانون 2025 الذي صدر مؤخرا بالطموح، حيث دعّم وأكمل قانون سنة 2001، غير أنّ هذه المعطيات تظل توجيهات نظرية.
وأضافت ذات المتحدثة أنّه على الصعيد الميداني لم يتم تطبيق أي برنامج في مدينة قسنطينة، رغم مرور 7 سنوات على انطلاق الاستراتيجية الجزائرية سنة 2018، بحيث لا يزال ملف تسيير النفايات المنزلية بمدينة قسنطينة يؤثر سلبا على البيئة والصحة العمومية للأفراد، فسيرورة إدارة النفايات المنزلية بمدينة قسنطينة تمثّلت في أنّه بعد قانون سنة 2001 تم إعداد بموجبه مخطط بلدي لتسيير النفايات المنزلية سنة 2005 وجاء كذلك بقرار لخلق مركز الردم التقني «بوغرب» سنة 2008 ليدخل حيز الخدمة سنة 2010، غير أنه أحرق كما أردفت المتحدّثة بعد أربع سنوات من الرّدم، بحيث تحوّل إلى مفرغة عمومية إلى غاية سنة 2019 ليتم حرقه مرة ثانية مع خروجه عن الخدمة نهائيا مخلفا أضرارا كبيرة عن البيئة على غرار تسرّب عصارة النفايات.
وتمّ وفق المتحدّثة العودة إلى نقطة الصفر سنة 2025 من خلال الرمي العشوائي والمختلط بالمفرغة العمومية ببلدية عين اسمارة وهو الأمر الذي كان يتم قبل سنة2001 فتجدها تحتوي على نفايات المذابح والزجاج على سبيل المثال، رغم عديد البرامج المجرّبة على غرار الفرز الانتقائي والحاويات نصف المطمورة، الأحياء النموذجية وغيرها، مضيفة أنّه تم ضمن برنامج الرسكلة خلق محطة فرز وتحويل ببلدية عين اسمارة غير أنّ تطبيقها فعليا تمّ فقط خلال سنة 2018، إذ تمت رسكلة البلاستيك بأنواعه، الكرتون، الحديد والنحاس ثم تعرّضت للحرق.
وترى المتحدّثة أنّ تعدّد الفاعلين حال دون نجاح أي عملية أو استراتيجية، حيث أوضحت، بن عزوز، بمثال حول تطبيق «نظيف» الذي يلفت الأفراد إلى أنّه في حالة رؤية مفرغة عمومية أو أشياء مرمية يتم تصويرها وإرسالها إلى الوكالة الوطنية للنفايات التي بدورها تراسل البلدية وهي الأخرى تراسل المؤسسات العمومية للرّفع، غير أنّ تعدّد الفاعلين وكل منها يخضع لسلطة جهة معينة فمديرية البيئة والوكالة الوطنية للنفايات تابعتان لوزارة البيئة بينما البلديات تنتمي لوزارة الداخلية وبالتالي مديرية البيئة لا تمتلك سلطة تّجاه البلدية. وتعتقد المتحدّثة أنّه يمكن معالجة المشكلة بخلق فاعل موجّه لتسيير النفايات عبر استحداث مؤسسات مصغّرة خاصة تتحمل مسؤولية إدارة النفايات المنزلية في حدود البلديات، بعيدا عن المؤسسات العمومية التي تفوّضها البلدية للقيام بعملية جمع النفايات في قطاعها الخاص، إذ لفتت إلى أنّ الاستراتيجية الجزائرية لآفاق 2035 دعت إلى تدعيم القطاع البيئي بالخواص، مضيفة أنّ هذا الطرح تعمل وفقه بلدان ناجحة تعتمد على هذه المؤسسات الخاصة التي تتكفّل بعمليات الجمع والنّقل وحتى الرّدم والتسميد واستخراج «الميثان»، إذ ترى المتحدّثة أنّه كلما اتّجه هذا القطاع إلى الخوصصة كلما وجدت حلول، رغم المصاريف المهدورة فالعملية لا تتعلق بالميزانيات إذ أنّ الدولة تستثمر في هذا المجال.
في إطار الجهود الرامية إلى الحد من الغازات الدفيئة بالجزائر
نحو إنشاء حوض لامتصاص الكربون بنصف مليون شجرة بقالمة
قالت محافظة الغابات بقالمة، بأن المنطقة الواقعة بأقصى شرق البلاد، معنية بالمشروع الوطني الكبير، لإنشاء أحواض معتمدة لامتصاص الكربون، و الحد من انبعاث الغازات الدفيئة، التي تعد المتسبب الرئيسي في التغيرات المناخية، و تدهور الحياة على كوكب الأرض.
و تقدر حصة ولاية قالمة من المشروع بنحو نصف مليون شجرة، سيتم غرسها على مساحة تتجاوز 500 هكتار من الأراضي التي تعرف تدهورا في الغطاء النباتي، و يمكن تحويلها إلى حوض غابي يساهم في امتصاص الكربون، إلى جانب الغابات الحالية التي تعد رئة المنطقة، بينها غابات بني صالح، و غابات بوعربيد، و غابات ماونة و هوارة و جبال الركنية، و بوعاتي محمود.
و تعمل المحافظة على بناء حوض طبيعي واسع، لامتصاص الكربون المنبعث من الوحدات الصناعية و وسائل النقل، و غيرها من الأنشطة البشرية الأخرى، المنتجة للكربون و غازات دفيئة أخرى.
و تعد الأشجار بمثابة خزان طبيعي، للحد من الانبعاثات الغازية و تحسين جودة الهواء، و كلما زاد الغطاء الغابي داخل المدن و حولها، كلما كان انبعاث الغازات الدفيئة قليلا، لكن هذا السد الطبيعي المضاد لهذه الغازات، يعرف تدهورا مستمرا بولاية قالمة، بسبب الحرائق و التوسع العمراني، و عمليات التجريف و القطع، و الرعي العشوائي، و الجفاف و الأمراض النباتية. و تبدو اغلب مدن ولاية قالمة خالية من الغطاء الغابي، و لذا فإنه من غير الممكن السيطرة على الغازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري، و من المتوقع أن تبادر محافظة الغابات بإنشاء أحواض صغيرة للكربون، داخل هذه المدن و حولها، بالتنسيق مع هيئات العمران و البلديات، و ذلك في إطار المشروع الوطني الكبير، الذي تساهم فيه شركة سوناطراك .
و منذ أن وقعت الجزائر على اتفاقية باريس للمناخ 2016 ، لم تتوقف الجهود الوطنية الرامية إلى تنفيذ الالتزامات الدولية حول المناخ، حيث تم في هذا الإطار إطلاق المشروع الغابي الوطني، في شهر ديسمبر 2024 لإنشاء أحواض الكربون عبر العديد من ولايات الوطن، وفق اتفاق بين المديرية العامة للغابات، و شركة سوناطراك الوطنية، التي تعمل منذ عدة سنوات على خفض الانبعاثات الغازية، و المساهمة في الجهد الوطني و الدولي، لحماية كوكب الأرض و الحد من الاحترار و التغيرات المناخية المتسارعة. و تعتزم الجزائر غرس 423 مليون شجرة على مساحة نصف مليون هكتار بحلول 2030، لإنشاء ما يعرف بأحواض الكربون المعتمدة (pfcpcc) للمساهمة في الجهد الدولي لخفض الانبعاثات الغازية، و الحد من ارتفاع حرارة كوكب الأرض التي زادت 1.5 درجة عقب الثورة الصناعية، و يخشى علماء المناخ و حماة البيئة، من وصول الاحترار الى 2 درجة مئوية في غضون السنوات القليلة القادمة، إذا تواصل انبعاث الغازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري حول العالم.
و تعد البرامج الحكومية المحلية، الحلقة الأقوى في مواجهة الكربون، و غيره من الغازات الدفيئة الأخرى، و يعد البرنامج الجزائري المستمر منذ عدة سنوات الأهم في منطقة حوض المتوسط و شمال إفريقيا، حيث تعمل البلاد بجدية كبيرة، على التحول إلى الطاقة النظيفة، و تكثيف مشاريع التشجير، و سن المزيد من القوانين لحماية الثروة الغابية، و البيئة و تحسين جودة الحياة.
فريد.غ
حقق فريق بحث من جامعة 8 ماي 1945 بولاية قالمة اكتشافا علميا جديدا، حيث تمكن من كشف بكتيريا مسببة للأمراض تظهر لأول مرة بالقرب من البحر المتوسط في دراسة بيئية ووبائية رائدة حول خطر انتشار الأمراض حيوانية المنشأ نتيجة تجارة الحيوانات البرية الغريبة في 5 ولايات شرقية. وعزل الباحثون خلال الدراسة التي امتدت على 3 سنوات 17 نوعا من البكتيريا المسببة للأمراض والقابلة للانتقال إلى الإنسان، وذلك من خلال تحليل عينات من عدة أنواع من الحيوانات البرية التي يجلبها المربون من مناطق بعيدة من القارة الإفريقية، كما أبرزوا غيابا تاما للوعي لدى المربين بالمخاطر المذكورة.
إعداد: سامي حباطي
ونشر باحثون من جامعة 8 ماي 1945 بولاية قالمة ورقة علميّة جديدة في العدد الفصلي الأول لسنة 2025 من المجلة العلمية الدولية المسماة Acta Microbiologica Bulgarica بعنوان «معدل انتشار وتأثير تجارة الحياة البرية في «خطر انتشار الأمراض حيوانية المنشأ» وظهور البكتيريا في شمال شرق الجزائر: منظور بيئي ووبائي». وينتمي الباحثون الذين أعدوا الدراسة إلى قسم علم البيئة وهندسة المحيط ومخبر البيولوجيا والمياه والبيئة التابعين لكلية علوم الطبيعة والحياة وعلوم الأرض والكون بالجامعة المذكورة، حيث أنجزت ما بين سنوات 2022 و2023 و2024، وشملت فحص عينات من حيوانات برية غريبة Exotic Pets تُسوّق في ولايات الطارف وسوق أهراس وقالمة وقسنطينة وسكيكدة.
الحياة البرية مصدر 75 بالمئة من الأمراض حيوانية المنشأ
وأفاد الباحثون في الدراسة التي اطلعنا على المقال المنشور حولها بأن الحيوانات الغريبة، التي أصبح يستألفها المربون، تمثل مستودعا طبيعيا لمخاطر انتشار الأمراض حيوانية المنشأ Zoonoses، حيث اعتبروا أن تجارة الحياة البرية تمثل عاملا رئيسيا لهذا الأمر، كما أشاروا من خلال مراجع الدراسات السابقة إلى أن 75 بالمئة من الأمراض حيوانية المنشأ تعود إلى تجارة الحياة البرية، بينما تمثل البكتيريا 55 بالمئة من أسباب ظهور هذه الأمراض. وفحص فريق البحث 54 حيوانا خلال الدراسة، حيث تشمل 44 حيوانا من فصيلة الطيور وحيوانا زاحفا واحدا و9 حيوانات من الثديات، إذ جمعوا عينيتين من كل حيوان. واعتمد فريق البحث على منهج عام في التعريف البكتيري لتحليل مختلف خصائصها، حيث يتبنى معهد باستور الجزائر هذه الطريقة وتخضع لمعيار المنظمة العالمية للمقاييس ISO 15189:2012، مثلما بينوا.
وتوصلت نتائج الدراسة إلى أن 63 بالمئة من دوافع امتلاك الحيوانات البرية الغريبة يكمن في التجارة، بينما ذكر 37 بالمئة من مربيها أنهم يمتلكونها من باب الهواية أو انجذابا لخصائصها الجمالية، كما بينت الدراسة أن تجارة هذه الحيوانات يمكن أن توفر عائدات مادية معتبرة، فضلا عن أن البيع والشراء يتم على المستوى المحلي بشكل أساسي، إذ يعتمد 70 بالمئة من ملاك هذه الحيوانات على شبكة معارفهم في عمليات البيع والشراء، بينما يعتمد 30 بالمئة الآخرون على وسائل التواصل الاجتماعي. وذكر 90 بالمئة من ملاك الحيوانات المعروضة للبيع أن مصدرها من الجزء الجنوبي من إفريقيا، على غرار موزمبيق ووسط إفريقيا مثل الغابون والكونغو ومنطقة الساحل. وبينت الدراسة أن هذه الحيوانات تجلب من مناطق مختلفة، على غرار الكناري أصفر الجبهة «سورا» الذي يؤتى به من موزمبيق وينتشر في أسواق الولايات الشرقية المذكورة، في حين نبه الباحثون في النتائج أن أصحاب الحيوانات المذكورة ذكروا بأن تجارتهم عرفت نموا كبيرا بنسبة 80 بالمئة خلال العقود الأخيرة، إلا أن الدراسة لفتت إلى أن جميع ملاك هذه الحيوانات الذين شملهم البحث يعتقدون، بنسبة 100 بالمئة، أنها لا يمكن أن تنقل أمراضا حيوانية المنشأ، أي بما يمثل غيابا تاما للوعي بإمكانية تسببها في أمراض.
أسعار مرتفعة مقابل حيوانات برية مهددة بخطر الانقراض
وأبرز فريق الباحثين وضعية 6 حيوانات برية تسوق على مستوى الولايات المذكورة بحسب ملحقات التصنيف للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة واتفاقية التجارة الدولية بالأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية، حيث وجدوا فيها طائر الحسون الذهبي Carduelis carduelis المصنف في خانة الأنواع «المهددة بخطر انقراض أدنى»، والببغاء الرمادي Psittacus erithacus المصنف في خانة الأنواع «المهددة بالانقراض» والأرنب البري الأوروبي Oryctolagus cuniculus المصنف في خانة الأنواع «المهددة بالانقراض» أيضا. وتصنف السلحفاة الإغريقية Testudo graeca في خانة الحيوانات «المهددة بخطر انقراض أدنى»، فيما يصنف الهامستر الأوراسي Cricetus cricetus في خانة الحيوانات «المهددة بخطر انقراض أقصى»، إلى جانب الهامستر السوري Mesocricetus auratus المصنف في خانة الحيوانات «المهددة بخطر انقراض أدنى».
وكشفت الدراسة عن الأسعار المتداولة في سوق الحيوانات البرية، حيث وجد فريق الباحثين أنها تبلغ متوسط 800 دولار للحيوان الواحد، بما يقترب من 11 مليون سنتيم، بحسب سعر الصرف الرسمي، في حين نبهوا أن سعر الببغاء الرمادي وصل إلى 1500 دولار، أي بما يتجاوز 20 مليون سنتيم، بينما يصل سعر القط الفارسي إلى 120 دولارا بما يعادل حوالي مليوني سنتيم. وقد قصدنا بعض بائعي الحيوانات عبر مدينة قسنطينة، حيث سألنا أحد البائعين عن الببغاء الرمادي فأوضح لنا أنه غير متوفر لديه، فيما لم نلاحظ في المحل حيوانات غريبة، باستثناء بعض القطط السيامية التي أخبرنا أن سعرها يصل إلى 6 آلاف دينار والعصافير المعهودة، مثل الكناري، وبعض الكلاب والأسماك. وقال صاحب المحل إن سعر الببغاء الرمادي يمكن أن يتراوح ما بين 15 إلى 20 مليون سنتيم، مشيرا إلى أنه «يتكلم».
ولاحظنا عبر المحلات المذكورة أن الحيوانات الغريبة غير معروضة، باستثناء بعض السلاحف الإغريقية التي وجدناها لدى صاحب محل بالمدينة، حيث سعينا إلى البحث عن أنواع الحيوانات نفسها التي شملتها دراسة الباحثين، من أجل معاينة أسعارها. من جهة أخرى، لاحظنا الكثير من عروض بيع الحيوانات المذكورة في الدراسة عبر شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
الكشف عن أنواع بكتيرية تهدد صحة الحيوان والإنسان
وقاد الفحص الباحثين إلى إيجاد تنوع كبير في البكتيريا المعزولة من الحيوانات المدروسة، حيث كشفوا عن 17 نوعا من البكتيريا، سجلت أربعة أنواع منها على امتداد سنتين وسجل النوع المسمى Photobactertum damsella لثلاث سنوات، واعتبر الباحثون أنها من أكبر مسببات الأمراض البكتيرية حيوانية المنشأ وتصيب الحيوان والإنسان معا، في حين سجل 12 نوعا آخر في سنة واحدة. وتمكنت الدراسة من عزل البكتيريا المسماة Plesiomonas shigelloide لأول مرة في منطقة قريبة من البحر الأبيض المتوسط خلال فحصهم لعينات الحيوانات البرية في الولايات الشمالية الشرقية المذكورة، ما يعتبر اكتشافا جديدا، حيث ذكروا أنها يمكن أن تنتقل عبر الطيور وتعتبر من أكبر مسببات الأمراض، فضلا عن عزلهم للبكتيريا المسماة Pasteurella pneumotropica في 2024 في الولايات الشرقية المذكورة، ويعتبر تسجيلها في هذه المنطقة من البلاد أمرا جديدا، كما أنها يمكن أن تنتقل من الحيوانات إلى البشر، بالإضافة إلى حمل الحيوانات البرية الغريبة للبكتيريا المسماة Raoultella ormithinolytica.
وقدم فريق البحث تحليلات لمصادر بعض الأنواع البكتيرية المسجلة في دراسة العينات، حيث أوضحوا في مناقشة النتائج أن الطيور والثديات القادمة من الغابات الإستوائية تحمل بكتيريا Aeromonas hudrophila، ويمكن أن تنتقل عن طريق قرد الطمارين قطني الرأس، بينما أكدوا عزل البكتيريا المسماة Enterobacter sakazakii في سنتي 2022 و2024، مفترضين أنها بكتيريا انتهازية ولا تظهر إلا في ظروف محددة. وسجل الباحثون أيضا البكتيريا المسماة Chryseobacterium indolegenes، حيث أكدوا أنها عزلت لأول مرة من ثعبان الكرة Python regius في إيران، رغم أن الموطن الأصلي لهذا الحيوان يتمثل في الجهة الغربية لجنوب الصحراء، في حين ذهب الباحثون إلى أن تسجيل هذه البكتيريا يعود إلى سلوك مربي الحيوانات الغريبة الذي يتجه إلى امتلاك أنواع جديدة من الحيوانات، مثل الثعابين.
المسؤول عن البحث: كوفيد- 19 دليل على خطر الأمراض حيوانية المنشأ
وتحدثنا إلى البروفيسور مسلم بارة، المختص في دراسة البيئة والبيولوجيا المجهرية من جامعة 8 ماي 1945 بقالمة حول الدراسة التي قادها رفقة طلبة الجامعة، حيث أوضح أن الدافع الأول لاقتراح هذا البحث يعود إلى التغيرات المناخية وظهور أمراض جديدة، خصوصا الأمراض المتنقلة عن طريق الحيوانات البرية إلى الإنسان بما يهدد صحته. وأضاف المصدر نفسه أن جائحة كوفيد- 19 تعتبر دليلا نموذجيا على هذه الأمراض، حيث نبه أن الهدف الأساسي للدراسة يتمثل في وضع خريطة توزع البكتيريا في شمال شرق الجزائر، لاسيما البكتيريا المتنقلة عن طريق الحيوانات البرية التي يربيها الإنسان في المنزل، مشيرا إلى أن الفرد في شمال شرق الجزائر أصبح يربي أنواعا جديدة من الحيوانات البرية، على غرار الطيور. وقدم البروفيسور بارة، الذي نشرت له من قبل عدة مقالات ومساهمات علمية في مجال البيئة، مثالا عن الطيور التي أصبح يربيها الأفراد في الولايات التي شملتها الدراسة، مثل العصفور المسمى “سورا موزمبيق”، المعروفة بين المربين بتسمية “السورا”، وهو الكناري أصفر الجبهة، كما ذكر أنواعا أخرى من الحيوانات، مثل الزواحف التي تشمل بعض الحشرات والعناكب. وأضاف المصدر نفسه أن هذه الحيوانات تُجلب من مناطق أخرى من العالم ذات بيئة مختلفة، مثل المناطق الإستوائية في إفريقيا وجنوب إفريقيا. ونبه محدثنا بأن الدراسة المذكورة تندرج في إطار مشروع بحث في مجال الأمن الصحي، أين شرح لنا أنها شملت حيوانات غير أليفة في الأصل، على عكس الحيوانات الأليفة المعتادة مثل الكلاب والقطط، وإنما تتمثل في حيوانات برية تعيش في الطبيعة ويصطادها الإنسان محاولا تربيتها.
وعزا المتحدث دوافع الأفراد لتربية هذه الحيوانات البرية الغريبة إلى عدة أسباب، مثل أشكالها وألوانها الجذابة أو تغريدها، مثلما يسجل مع الطيور، لكنه نبه أن هذه الحيوانات قادمة من بيئة ذات مناخ مختلف تماما عن البيئة في الجزائر، ما يجعلها قادرة على حمل بكتيريا خطيرة تهدد صحة الإنسان لأنها “تكون في احتكاك معه”، مثلما أضاف. وفي رد البروفيسور بارة على سؤالنا حول إمكانية حمل الحيوانات الأليفة المعتادة مثل القطط والكلاب للبكتيريا، أكد الباحث أنها يمكن أن تحملها، لكنه نبه أنها تكون محل مراقبة من قبل الطبيب البيطري من خلال المتابعة والتلقيح اللازم، في حين لا تخضع الحيوانات البرية للمراقبة بشكل عام، ما يشكل خطرا على الصحة.
ولفت المتحدث إلى أن الحيوانات الأليفة المعتادة يمكن أن تنقل أمراضا، مثل داء الكلب، فضلا عن إمكانية انتقال أمراض أيضا من الحيوانات التي تحتك بالإنسان في العادة، على غرار الخرفان أو الأبقار، مثل مرض الحمى المالطية، رغم تأكيده بأن السلطات العمومية تنتهج إستراتيجيات وبروتوكولات لحماية الأفراد من هذه الأمراض، لذلك لا تسجل إصابات ناجمة عنها، على عكس الحيوانات البرية التي تشكل خطرا. أما بخصوص الأمراض التي يمكن أن تنتقل إلى الإنسان عن طريق الحيوانات البرية، فقد أوضح محدثنا أن بعض الأمراض تصيب الجهاز الهضمي والدورة الدموية مسببة أمراض الدم، بالإضافة إلى الأمراض الجلدية التي قد تنجم عن الاحتكاك بها بسبب البكتيريا، مثل بكتيريا “ستافيلوكوك” الذهبية The Golden Staphylococcus التي يمكن أن تنتقل عن طريق الهواء من الحيوان البري الذي قد يحملها في ريشه أو شعره إلى الإنسان مباشرة، «وتعتبر خطيرة جدا»، مثلما أوضح. وقد أخذت العينات التي شملتها الدراسة من داخل أجسام الحيوانات، خصوصا فضلاتها، أو من الأجزاء الخارجية مثل ريش العصافير وشعرها، حيث بحث الفريق من خلالها عن البكتيريا، مثلما أكده لنا البروفيسور بارة، في حين شرح لنا بأن ظهور بكتيريا جديدة في مناطق غير معهودة، على غرار البكتيريا المسجلة لأول مرة في الولايات الشمالية الشرقية، يرتبط أيضا بالعوامل المناخية. وأوضح المتحدث أن فريق البحث يتألف من طلبة في طور الماستر، حيث يتكون من الباحثات زينب بريش وآسيا لوصيف وحنان مسعودي ووصال حدادي وشبيلة حزام وفاتن طراد خوجة وأسماء محمودي ودنيا رحامنية. وقد نبه محدثنا أنهن تخرجن جميعهن من الجامعة. وتجدر الإشارة إلى أن الدراسة منشورة باللغة الإنجليزية تحت عنوان Incidence and Effect of Wildlife Trae in «Zoonotic Spillover Risk» and Bacteria Emergence in Northeastern Algeria: Ecological and Epidemiological Perspective». س.ح
تدمج بين التكنولوجيا والتعليم والوعي المجتمعي
جيل مبتكر يطور مشاريع تخدم البيئة والتنمية المستدامة
يشتغل تلاميذ وشباب جزائريون لا تتعدى أعمارهم 18 سنة، على مشاريع ابتكارية تخدم البيئة وتدعم التنمية المستدامة، وذلك في إطار التحضير للمشاركة قريبا في فعاليات المسابقة الدولية للذكاء الاصطناعي والبرمجة و الروبوتات المزمع إجراؤها بدولة قطر، والهادفة إلى تشجيع الإبداع الشبابي في مواجهة التحديات البيئية العالمية.
لينــــــة دلول
وقد عرض مبتكرون مشاريعهم مؤخرا خلال التصفيات الوطنية للمسابقة بقسنطينة، أين أكدوا بأنهم يسعون إلى تحقيق نقلة نوعية في التعامل مع القضايا البيئية عبر حلول مبتكرة تدمج بين التكنولوجيا، والتعليم، والوعي المجتمعي.
غرفة ذكية لإنبات الشعير.. فكرة من قلب الحظيرة
طور أسيم بعيبن، رفقة صديقه براء بن رحال، غرفة ذكية لإنبات الشعير، تجمع بين التكنولوجيا الحديثة والحلول البيئية المستدامة، بهدف إنتاج علف عالي الجودة وبأقل التكاليف.
قال أسيم البالغ من العمر 24 سنة، وهو طالب بمؤسسة الجزري للروبوتيك، إنه رغم حبه لعالم البرمجيات، إلا أن جذوره مرتبطة بالفلاحة وتربية المواشي، بحكم أن والدته تعمل بيطرية، وقد كان هذا الارتباط بمثابة جسر قاده نحو فكرة مشروعه.
معلقا:» كنت أرافق أمي إلى أماكن عملها وأراقب عن قرب الحيوانات وطبيعة تغذيتها، وذات مرة رأيت الشعير المستنبت وسألت عنه، فقيل لي إنه مفيد جدا لكن ثمنه باهظ، ومن هنا بدأت أفكر لماذا لا ننتجه بطريقة ذكية وبأقل تكلفة خاصة وأنني كنت أتعلم الروبوتيك وقتها.
وأكد أسيم، أنه شرع في تصميم الغرفة الذكية، التي تتيح التحكم التام في كل تفاصيل إنبات الشعير، بدءا من الإضاءة إلى التهوية والري، وحتى النظام الأمني.
وشرح، بأن الغرفة مزودة بأضواء LED بالأزرق والأحمر، تعمل 19 ساعة يوميا لتحفيز التركيب الضوئي، ما يسرع النمو ويعزز جودة الشعير، كما تحتوي على نظام تهوية مبرمج للعمل 3 إلى 4 ساعات يوميا لتجديد الهواء ومنع تكون العفن.
وأوضح المتحدث، أن الغرفة تحتوي على نظام الري بالتنقيط، بمعدل خمس مرات يوميا، ولمدة 30 ثانية في كل مرة، لتوفير الماء دون تبذير مؤكدا، أنه زود الغرفة بنظام التعرف على الوجه، فلا تفتح إلا لصاحب المشروع، مع دعم إضافي بكلمة مرور لتعزيز الحماية.
أقل تكلفة و أعلى جودة
وأكد أسيم، أن هذا النموذج الذكي يوفر الطاقة والماء بشكل ملحوظ، ويتيح إنتاج شعير عالي الجودة دون الحاجة للمتابعة اليومية أو الجهد المتواصل، وهو ما يجعله مناسبا للفلاحين أو المستثمرين في القطاع الزراعي، وأضاف المتحدث، بأنه ينصح الفلاح باعتماد هذه الغرفة لأنها ليست اقتصادية فقط، بل تنتج شعيرا مغذيا في وقت قصير دون مشقة أو تعقيد.
الشعير المستنبت… الغذاء الأخضر للمواشي
وأشار ، إلى أن زراعة الشعير بنظام»الهيدروبونيك» من الحلول الزراعية الحديثة التي تستجيب لحاجيات المربين، سواء من حيث القيمة الغذائية أو التكلفة.
لأن الشعير المستنبت يزرع دون تربة، ويستهلك كمية قليلة من الماء وهو سريع النمو ويحصد خلال 7 إلى 10 أيام فقط.
وأكد المتحدث، أن له العديد من الفوائد أيضا، أهمها أنه غني بالبروتينات، والألياف، والفيتامينات والمعادن، كما أنه سهل الهضم ويعزز مناعة الحيوانات، لا يحتاج إلى مبيدات أو أسمدة، علاوة على ذلك فهو يقلل الاعتماد على المراعي ويحد من تدهور الأراضي.
وشرح طريقة زراعة الشعير، حيث تحضر البذور عبر غسلها ونقعها، ثم يتم استعمال صواني لتجميعها مع ضبط الحرارة والرطوبة، و ضمان التهوية والري المنتظمين.
وأكد المتحدث، أن عملية النمو والحصاد تتم خلال 7 إلى 10 أيام، بطول 15 إلى 20 سم، مشددا في سياق متصل على ضرورة تقديمه طازجا خلال 24 ساعة.
وأوضح المطور، بأن الشعير مفيد جدا للإنسان حيث يمكن أن يكون مكملا غذائيا صحيا، يحتوي على فيتامينات مثل A، B، C، E، K، إلى جانب الحديد والكالسيوم، ويساهم في تقوية المناعة، تنظيم مستوى السكر في الدم، ودعم صحة القلب، والمساعدة على فقدان الوزن.
وأكد، أنه يتم تقديم الشعير المستنبت حسب نوع الحيوان، فعلى سبيل المثال، تقدم للأبقار الحلوب كمية تتراوح بين 10و15 كغ، وتخصص لعجول للتسمين 7إلى 10 كغ، أما الأغنام والماعز، فتستهلك 2إلى 4 كغ في حين تقدم الجمال كمية بين 8إلى 12 كغ، و الأرانب من 200إلى 300 غ، مقابل 50إلى 100 غ للدواجن. ويشدد أسيم، على ضرورة دمج الشعير المستنبت مع أعلاف أخرى لضمان توازن غذائي، مع تقديمه طازجا للحفاظ على قيمته.
مدينة ذكية تعمل بالطاقات المتجددة
وبرز في مجال الابتكار كذلك، كل من الشابين محمد أمين بدالي ومعتصم بالله، من ولاية الجزائر، وقد انطلقا في مجال الروبوتيك كما علمنا منهما، خلال مشاركتهما في مخيم شتوي نظمته أكاديمية «آم بي أكاديميك» خلال عطلة الشتاء، و توجت جهودهما بابتكار مشروع لمدينة ذكية تعتمد بالكامل على الطاقات المتجددة، مما يعكس رؤيتهما لمستقبل مستدام ومتكامل.
تقوم فكرة المدينة الذكية التي صممها محمد أمين ومعتصم بالله، على استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والمائية وطاقة الرياح لتشغيل مختلف المرافق.
ومن أبرز معالم هذه المدينة كما شرحا لنا، مستشفى يعمل بالطاقة المتجددة حيث يتميز بنظام لكشف تسرب الغاز، بحيث تفتح الأبواب أوتوماتيكيا لإنقاذ الأفراد المتواجدين بالداخل، بالإضافة إلى حاضنة بيض ذكية قادرة على التحكم في درجة الحرارة تلقائيا، مما يضمن بيئة مثالية لتفقيس البيض، فضلا عن محطة شحن للسيارات الكهربائية تعمل بطاقة الرياح، مما يوفر حلا صديقا للبيئة لشحن المركبات الكهربائية، مع توفر مساحة مخصصة للأطفال ذوي التوحد، لتنمية الجانب الإبداعي لديهم و يعزز اندماجهم في المجتمع.
الاستفادة من التجارب العالمية والمواد المعاد تدويرها
وأكد معتصم ومحمد، بأنهما استلهما العديد من الأفكار من بلدان متطورة لبناء مدينة ذكية ومريحة، مثل تقنيات الزراعة المائية والعمودية على الأسطح، كما اعتمدا على استخدام المواد المعاد تدويرها في البناء، بهدف تشجيع إعادة التدوير والحفاظ على البيئة.
و قاما على سبيل المثال، باستخدام الخشب القديم لصناعة مقاعد للزوار وتظليلها بألواح شمسية لتوفير الإنارة الليلية، كما تم تدوير الأنابيب والإطارات كحاويات للزراعة، مما يساهم في حماية النباتات من العوامل الطبيعية الضارة وتوفير الرطوبة اللازمة للتربة.و تضمنت المدينة أيضا، نظام إنارة أوتوماتيكيا حيث تضاء المصابيح عند وجود الأشخاص فقط، مما يساهم في ترشيد استهلاك الطاقة.وأكد المتحدثان، بأنهما من خلال هذا المشروع، أظهرا كيف يمكن للتكنولوجيا والابتكار أن يساهما في بناء مدن مستدامة وصديقة للبيئة، مع التركيز على تحسين جودة الحياة للمجتمع.
لعبة مسلية لترسيخ الوعي البيئي لدى الأطفال
من جهتهما، اختارت التلميذتان منار بوعرعور وآية قعاص، أن تسهما بطريقتهما الخاصة في حماية البيئة، عبر تصميم لعبة تعليمية تفاعلية موجهة للأطفال بعنوان «OCEAN PURIFICATION»، هدفها الأساسي ترسيخ سلوكيات بيئية إيجابية بطريقة ممتعة وتحفيزية.
تقوم فكرة اللعبة حسب منار بوعرعار صاحبة 10 سنوات، على تعليم الأطفال كيف يحافظون على المحيطات نظيفة و التخلص من النفايات في الأماكن الصحيحة، من خلال محاكاة واقعية داخل اللعبة ترصد تصرفات اللاعب وتكافئه على كل سلوك بيئي سليم.
وأكدت منار، بأن هذه المبادرة تندرج في إطار مشاركتهما في مسابقة موجهة للمشاريع البيئية المبتكرة «كودافور»، التي تسعى إلى دعم الحلول المستدامة وتشجيع الشباب على الانخراط في العمل المناخي.
وأكدت منار، بأنها لاحظت هي و زميلتها أية، أن الأطفال يتأثرون كثيرا باللعب، لذا قررتا توجيه هذا التأثير نحو غرس قيم بيئية لديهم منذ الصغر، خصوصا وأن تلوث المحيطات في الآونة الأخيرة صار يؤذي الكائنات البحرية ويجعل الماء غير نظيف.
أما آية، فتؤكد أن اللعبة ليست ترفيها فقط، بل وسيلة لبناء جيل أكثر وعيا بمشاكل البيئة، من خلال مكافأة السلوك الإيجابي وتعزيز مبدأ المسؤولية.
وأكدت منار، أن مشروع «OCEAN PURIFICATION» لا يكتفي فقط بتقديم محتوى ترفيهي، بل يتقاطع مع عدد من أهداف التنمية المستدامة، على غرار العمل المناخي، الاستهلاك المسؤول، الحياة تحت الماء والمدن المستدامة.
و أوضحت الفتاتان أنهما تسعيان، إلى تطوير اللعبة مستقبلا لتشمل مستويات تعليمية متعددة، وتوسيع نطاق التوعية إلى فئات عمرية أكبر، كما تهدفان إلى عرضها على منصات تعليمية وتطبيقات موجهة للأطفال.
وأكدت منار، أن التأثير المتوقع من اللعبة يتمثل في تعزيز الوعي البيئي تحفيز العادات الصحيحة لدى الأطفال عبر التعلم، وذلك من خلال اللعب مع اكتساب مهارات حل المشكلات، وتنمية روح التحدي والمثابرة وإلهام الأطفال للمشاركة في مبادرات بيئية حقيقية.
تعترف معظم دول العالم اليوم بالهيدروجين الأخضر، كحل مثالي لإدارة الطاقة في المستقبل، وتدعم تطويره بعمل مكثف سعيا لتحقيق اقتصاد خال من الكربون، عبر استراتيجيات وخطط لتطوير البنية التحتية للدول وإنتاج هيدروجين نظيف يجسد عصرا جديدا من الطاقة المستدامة في ظل رهانات بأن يلعب دورا رئيسيا في تحول الطاقة العالمي بحلول العام 2050.
وتتكاتف جهود الدول والمنظمات العالمية للبحث عن حلول لمواجهة التغيرات المناخية، ووضع حد للبصمة الكربونية، ليبرز الهيدروجين الأخضر كحل فعال يكون قادرا على حل "المعضلة الثلاثية للطاقة" كما يطلق عليها المكتب الدولي للطاقة، وذلك من خلال تحقيق معادلة تأمين استمرار وجود الطاقة، والحصول عليها بسهولة، مع ضمان حماية مناخ كوكب الأرض وقابلية العيش عليه.
آمال الكوكب يرسمها الانتقال الطاقوي
ويتابع العالم ملف الهيدروجين الأخضر بحماس وتفاؤل كبيرين خاصة المهتمين بالشأن البيئي والمناخ، الذين يرون أنه يساعد بشكل كبير وسريع في تحقيق أهدافهم الرئيسية والمتمثلة في حماية كوكب الأرض. فضلا عن المهتمين بالشأن الطاقوي، الذين يعتبرونه حلقة مهمة في تنويع سلسلة مراكز الإمداد الطاقوي، في حين يراهن المهتمون بالمساواة بين الدول بأن يصنع الفارق خلال السنوات المقبلة ويساهم في تقليل الفجوة بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها، خاصة وأنه ينتج في الغالب في مناطق الشمس والرياح في جنوب الكرة الأرضية.
وفي ظل تطورات متسارعة لسوق الهيدروجين الأخضر،تضمن هذه الطاقة النظيفة والمستدامة باستخداماتها الحالية والمستقبلية، إزاحة الوقود الأحفوري من العديد من القطاعات كالصناعة، خاصة البيتروكيمياء والكيمياء، وصناعة الحديد والصلب والزجاج، كونها تتطلب درجات حرارة عالية لتحويل المواد وكذا البناء، وبالتالي تجنيب كوكب الأرض مزيدا من الإفرازات التي تزيد من نسبة البصمة الكاربونية. ويسمح هذا المورد كذلك، بإعطاء مرونة أكثـر للطاقات المتجددة من خلال استمراريته، على عكس طاقتي الشمس والرياح المعرضتين للانخفاض في بعض الأوقات، ليأتي الهيدروجين الأخضر الذي ينتج من التحليل الكهربائي للماء عبر الطاقات المتجددة، فضلا عن احتراقه غير الملوث، بما يدعم عملية الانتقال الطاقوي، ويعزز خفض الانبعاثات الكربونية والغازات الحبيسة.
* خبيرة الهيدروجين الأخضر نهال منصوري
للجزائــر حظـــوظ كبيــرة في ســـوق الهيدروجيــــن الأخضـــــــر
ترى الخبيرة في الهيدروجين الأخضر، وسفيرة شمال إفريقيا وجمعية نساء في الهيدروجين الأخضر، نهال منصوري، أن الانتقال الطاقوي نحو الهيدروجين الأخضر يشكل حتمية في عصر التنافس على بدائل طاقوية، إلا أن العملية قد تكون جزئية حسبها، في ظل الانتقال التدريجي لعديد البلدان نظرا لتكاليف العملية، مضيفة أن هذا الانتقال مهما تباطأ يعتبر وسيلة فعالة لتحقيق الأهداف المتعلقة بالمناخ، وترشيد استهلاك الطاقة والفعالية الطاقوية.
وتقول الخبيرة، أن الأسماء التي أطلقها الخبراء على الهيدروجين كانت متعددة خاصة عند الحديث عن علاقته بالانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة، بحيث توجد ألوان ارتبطت بطبيعة مصدر الطاقة المساهم في إنتاج الهيدروجين، مشيرة إلى ثلاثة ألوان أساسية خاصة عند الحديث عن تطوير الهيدروجين في الجزائر، هي الهيدروجين الرمادي ومصدره الطاقة الأحفورية في مراحل تكريرها، والأزرق ويمثل الهيدروجين الرمادي مع استعمال تقنيات التقاط الكربون و الالتقاط، وكذا الهيدروجين الأخضر، وهو الأكثر رواجا من ناحية الانتقال نحو استعمال مصادر نظيفة وأقل انبعاثا للغازات الدفيئة.
ولإنتاج هذه المادة، تقول الخبيرة أنه يشترط توفر تيار كهربائي من طاقات متجددة، وكذا مياه ذات نوعية معينة تتعلق بطبيعة التقنية المستعملة، ومنها مياه البحر المحلاة، وكل ذلك يجعل الهيدروجين الأخضر مهما في تقليل الانبعاثات الكربونية.
مرجعة الأمر، إلى تكنولوجيا التحليل الكهربائي التي تقوم على مرور تيار كهربائي، وبذلك يتم فصل جزيئات الهيدروجين وجزيئات الأوكسجين فلا تكون هناك انبعاثات لثاني أكسيد الكربون.وفيما يتعلق بتكلفة الإنتاج، أوضحت السيدة منصوري أن الأبحاث المتعلقة بالهيدروجين الأخضر ليست حديثة العهد، بينما يعد الحديث عنه كمصدر طاقوي موجه للتصدير نقطة جديدة، وهذا ما يفسر حسبها ارتفاع تكلفة الإنتاج المرتبطة أساسا بتكلفة تكنولوجيا التحليل الكهربائي مرتفع القدرات الإنتاجية. ولأن تكلفة الإنتاج والتصدير عالية جدا، ترى الخبيرة أن العمل على هذا النوع ما يزال ضئيلا بالمقارنة مع الهيدروجين الرمادي، بفعل التكنولوجيات الحديثة عالية الكلفة، وهو ما يجعل الأبحاث ومشاريع التطوير تركز على أهم الخطوات التي من شأنها أن تساهم في جعل تكلفة الإنتاج تنافسية، وفتح أسواق عالمية للهيدروجين الأخضر.
سوق واعد للجزائر
وعن فرصة الجزائر في سوق الهيدروجين الأخضر، أكدت الخبيرة أنها كبيرة بالنظر للمزايا التي تتمتع بها بلادنا، معتبرة أن الهيدروجين الأخضر يساهم في تنويع المصادر الطاقوية، وهو ما يضمن تنوع العلاقات مع الدول الأوروبية في مجال الطاقة من جهة، ويساهم في ضمان مجال اقتصادي جديد من شأنه أن ينعش المبادلات، ويوفر الوظائف. وقالت إن شركة سوناطراك، من أهم الشركات الوطنية التي ركزت في استراتيجياتها على تطوير الهيدروجين الأخضر، بالشراكة مع عدة دول أوروبية مثل إيطاليا، التي يمتد التعاون معها إلى آخر ثلاث سنوات، وذلك من ناحية المشاريع التجريبية للإنتاج استعدادا لعملية الإنتاج الفعلية.وأكدت منصوري، أن الجزائر اعتمدت إستراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو ملف تشرف عليه وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، من خلال اللجنة الوزارية المكونة من ممثلي عدة هيئات حكومية وعمومية، أين يتم التركيز على التوصل لتحقيق ما تضمنته الإستراتيجية خاصة فيما يتعلق بالشراكات والإطار التنظيمي، والنسيج الصناعي، واليد العاملة، إضافة إلى الشراكات والتعاون الدولي واعتبار موضوع الهيدروجين وسيلة ديناميكية ضمن الانتقال الطاقوي.
* خبيرة السياسات البيئية والتنمية المستدامة منال سخري
الحــــل الواعــــد لمستقبـــل الطاقــــــة
وصفت خبيرة السياسات البيئية والتنمية المستدامة الدكتورة منال سخري، الهيدروجين الأخضر بالحل الواعد لمستقبل الطاقة، وتحقيق الحياد الكربوني في ظل التحديات البيئية المتزايدة، وأزمة تغير المناخ المتفاقمة، متحدثة عن توجه مستقبلي نحو اقتصاد هيدروجيني، في ظل انخفاض تكاليف إنتاج الطاقات المتجدد وزيادة الدعم الحكومي، وهو ما يرفع مستوى التوقعات لأن يصبح جزءا أساسيا في نظام الطاقة العالمي.وتعرف الدكتورة سخري، الهيدروجين الأخضر على أنه هيدروجين يتم إنتاجه عبر التحليل الكهربائي للماء، باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة كطاقة الشمس أو الرياح، بحيث يتم فصل جزيئات الماء إلى هيدروجين وأوكسجين بواسطة تيار كهربائي ناتج عن مصادر نظيفة.وأوضحت، أن الهيدروجين أنواع، فمنه الرمادي الذي ينتج عن الغاز الطبيعي أو الفحم وتنتج عنه انبعاثات كربونية عالية، والهيدروجين الأزرق الذي يشبه النوع الأول، إلا أنه يتم خلال إنتاجه التقاط وتخزين جزء من انبعاثات الكربون المتسرب، بينما لا ينتج الهيدروجين الأخضر أي انبعاثات مما يجعله الخيار الأكثر استدامة.
الهيدروجين الأخضر تعزيز لأمن الطاقة
وترى الخبيرة، أنه في سياق تحول الطاقة العالمي، يعتبر الهيدروجين الأخضر أملا جديدا لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وذلك بالنظر لخصائصه المميزة والكبيرة التي تساهم في الحد من الانبعاثات في القطاعات التي يصعب خفضها، مثل الصناعات الثقيلة، كإنتاج الحديد والصلب والإسمنت، وكذا النقل البحري والجوي، مضيفة أنه يعتبر بديلا نظيفا ومستداما يمكن استعماله في هذه المجالات، بما يجعله عنصرا أساسيا في جهود خفض الانبعاثات الكربونية.من جانب آخر، تشير الدكتورة سخري إلى أن هذه المادة تعزز أمن الطاقة، خاصة بالنسبة للدول التي تعتمد على الوقود الأحفوري المستورد، إذ يعد مصدرا محليا قابلا للتجديد ويمكن إنتاجه باستعمال الطاقة المتجددة، مما يقلل من التأثر بتقلبات الأسعار والأزمات الجيوسياسية.مضيفة، أنه يشكل أيضا حلا عمليا لتحديات تخزين ونقل الطاقة المتجددة بالنظر إلى طبيعتها المتقطعة، ويمكن استعماله لتخزين فائض الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يسهم في استقرار الشبكات الكهربائية.
تحديات تعيق التوسع في إنتاجه العالمي
على الرغم من نتائجه الكبيرة في ميدان الطاقة وحماية كوكب الأرض في ظل التغيرات المناخية، إلا أن إنتاج الهيدروجين الأخضر يواجه بحسب الخبيرة تحديات عديدة أولها التحديات السياسية، إذ يعتمد بشكل كبير على وجود سياسات واضحة وآليات تنظيمية متماسكة، وهو ما تفتقر إليه العديد من الدول. مضيفة، أن عدم وجود معايير موحدة عالميا لتصنيف الهيدروجين بناء على بصمته الكربونية، يؤدي إلى تباين السياسات فيما بين الدول ويعرقل التجارة الدولية في هذا القطاع، إلى جانب تحدي السباق الجيوسياسي المتسارع حول الريادة في المجال.
وتقول الخبيرة، إنه في الوقت الذي تسعى أوروبا لتأمين إمداداتها من إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط للتقليل من اعتمادها على الغاز الروسي، تركز الصين على الهيمنة على تكنولوجيا التحليل الكهربائي، ليتشكل تنافس ترى بأنه قد يقود إلى احتكار تقني يرفع من تكاليف الإنتاج ويعيق التوسع العالمي.
موضحة، أنه رغم الإمكانيات الكبيرة لإفريقيا والشرق الأوسط، فإن الإستراتيجيات الوطنية تظل معزولة، في ظل غياب تعاون إقليمي فعال ومواصلة الدول التركيز على خططها الوطنية دون تكامل حقيقي يمكنه الاستفادة من الفرص الإستراتيجية. كما تعتبر الدكتورة سخري، الارتفاع في تكاليف الإنتاج والبنية التحتية من بين أكبر التحديات الاقتصادية للهيدروجين الأخضر، بما يتطلب استثمارات ضخمة لعملية التحليل الكهربائي في المحطات، وصولا إلى خطوط النقل، ومنشآت التخزين، ما يجعل من التمويل عقبة رئيسية رغم التوقعات بانخفاض التكاليف في المستقبل.
ويواجه نمو سوق الهيدروجين الأخضر من جانب آخر بحسب رأي الخبيرة، تحديات بيئية وصفتها بالمعقدة، أبرزها استهلاك الموارد الطبيعية خاصة المياه، إذ تتطلب عملية التحليل الكهربائي كميات كبيرة من المياه النقية، وهو ما يمثل تحديا في المناطق التي تعاني الندرة، فضلا عن أن مشاريع الهيدروجين الأخضر تؤثر على النظم البيئية نتيجة تحويل مساحات كبيرة من الأراضي إلى منشآت صناعية، ما يهدد التنوع البيولوجي ويؤثر على البيئة المحلية، فضلا عن تحديات التخزين لكون هذا الغاز شديد التطاير ويستلزم تقنيات متطورة لضمان سلامته.
إيمان زياي
* مديرة البحث بمركز تطوير الطاقات المتجددة رفيقة بودرياس
الجزائــــر ستكــــون لاعبـــــا رئيسيـــــا في المجــال مستقــبلا
ننتج وننفذ إستراتيجيات للانتقال نحو الهيدروجين الأخضر
أكدت مديرة البحث، ومسؤولة فريق إمكانات الهيدروجين ونمذجة الأنظمة الطاقوية، بمركز تطوير الطاقات المتجددة، الدكتورة رفيقة بودرياس، أن مؤسستها تلعب دورا رئيسيا في البحث والتطوير وتعزيز التقنيات المتعلقة بالطاقات المتجددة في الجزائر، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر بشكل مستدام، موضحة أنه قد تم سن الأسس لتصبح الجزائر لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال مستقبلا.وأوضحت الباحثة للنصر، أن هذا المسعى سيتحقق من خلال إعداد خارطة طريق خاصة، كما تحدثت عن تنفيذ العديد من الإجراءات لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بإطلاق مشاريع تجريبية لاختبار جدوى الإنتاج، لتنويع مزيج الطاقة والحفاظ على مكانة البلاد كعنصر فاعل و رئيسي في مجال الطاقة.
حاورتها: إيمان زياري
كيف تعرفين لنا الهيدروجين الأخضر؟
نظرًا لأن الهيدروجين يوجد بشكل قليل جدًا في حالته الحرة في الطبيعة، فإنه يجب علينا إنتاجه، وتوجد تقنيات متعددة للإنتاج، تعتمد على طبيعة المواد الخام وطريقة الإنتاج والطاقة اللازمة لتشغيل عملية الإنتاج.
ويمكن تصنيف هذه التقنيات وفقًا لبصمة الكربون في الإنتاج، أي كمية الكربون المنبعثة أثناء العملية، إذ يتم ربط كل تقنية بلون معين من الرمادي الملوِث، إلى الأخضر الذي يمثل الإنتاج الأكثر نظافة. لذلك يشير الهيدروجين الأخضر، إلى الإنتاج عموما حيث تكون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون معدومة، على عكس الهيدروجين الرمادي (المنتج من الهيدروكربونات)، أو الأزرق (المنتج من الغاز الطبيعي)واللذين يولدان انبعاثات كربونية. يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر بطريقة صديقة للبيئة، ومن مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح أو الطاقة المائية، من خلال عملية تسمى التحليل الكهربائي للماء، وهي التقنية الأكثر تطورًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر. يتم في هذه العملية، تقسيم الماء (H2O) إلى أكسجين (O2) وهيدروجين (H2) باستخدام الكهرباء الناتجة عن مصادر طاقة غير ملوثة، مما يسمح بإنتاج الهيدروجين دون انبعاث غازات دفيئة ويعتبر الهيدروجين الأخضر حلًا رئيسيًا في الانتقال الطاقوي، وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
أي دور لمركز تطوير الطاقات المتجددة في هذا المجال؟
يلعب مركز تطوير الطاقات المتجددة (CDER) دورًا رئيسيًا في البحث والتطوير وتعزيز التقنيات المتعلقة بالطاقات المتجددة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر. باعتباره مؤسسة علمية وتقنية مكلفة بدراسة مصادر الطاقات المتجددة المختلفة، وتطوير الحلول المناسبة، ومواكبة البلاد في تطوير الطاقات المتجددة والتحول الطاقي.
يشارك المركز في عدة أنشطة مثل المتعلقة بتقييم إمكانيات إنتاج الهيدروجين، وخاصة الهيدروجين الأخضر، مع مراعاة الموارد المتاحة (مثل الموارد المتجددة والموارد المائية، وغيرها) والظروف المحلية، كما تشمل الأنشطة البحثية، والتطوير التكنولوجي في سلسلة قيمة الهيدروجين (الإنتاج، التخزين، النقل، التوزيع والاستخدام). وفي هذا الصدد، يتم إجراء دراسات أساسية ودراسات جدوى بالإضافة إلى الأنشطة المتعلقة بنماذج البروتوتايب، وبراءات الاختراع، بهدف تحديد وتطوير تقنيات أكثر كفاءة وقابلة للتطبيق وأكثر توافقًا مع الظروف المحلية.
كما يقوم CDER بأنشطة توعية وتدريب حول القضايا المتعلقة بالهيدروجين، وبشكل خاص الهيدروجين الأخضر، و في هذا الإطار نشارك في أنشطة التدريب على مستوى الجامعات، وتعزيز القدرات في الشركات، كما ننشر مجلة ونشرة، وقد ننظم ندوات حول الهيدروجين.
ويشارك المركز أيضا، في الجهود الوطنية لتطوير الهيدروجين، وخاصة الهيدروجين الأخضر، ويتعاون مع فاعلين محليين ودوليين لتنفيذ المشاريع والبرامج، بمعنى أنه يلعب دورًا أساسيًا في إعداد وتنفيذ استراتيجية الجزائر لإنتاج واستخدام الهيدروجين الأخضر بشكل مستدام، مما يسهم في التحول الطاقي للبلاد.
اختبارات لجدوى إنتاج الهيدروجين على ماذا ترتكز مساهماتكم؟
يساهم مركز تطوير الطاقات المتجددة في تنفيذ البرامج الوطنية المتعلقة بالهيدروجين وخاصة الهيدروجين الأخضر، بحيث يلعب المركز دورًا مهمًا في تقييم إمكانيات الهيدروجين عموما، وتحديدا الهيدروجين الأخضر، فضلا عن التدريب، وتعزيز القدرات، والتوعية، إلى جانب البحث والتطوير.وبالإضافة إلى ذلك، يقوم المركز بإطلاق وإدارة مشاريع تجريبية لاختبار جدوى إنتاج الهيدروجين، وخاصة الهيدروجين الأخضر. وتعتبر هذه المشاريع نماذج للصناعة والتوسع المستقبلي في إنتاج الهيدروجين الأخضر على المستوى الوطني.ونقدم كذلك، الدعم للسياسات العامة في الواقع، باعتبارنا مركزًا للخبراء ومنظمة علمية وتقنية، حيث يساعد المركز الحكومة الجزائرية في تحديد استراتيجيات وسياسات دمج الهيدروجين الأخضر في مزيج الطاقة في البلاد، ويشمل ذلك اقتراح أطر تنظيمية وآليات تحفيزية لتشجيع إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.كما يتعاون المركز مع مؤسسات محلية وشركاء دوليين لتبادل المعارف والتقنيات وأفضل الممارسات في مجال الهيدروجين، وبخاصة الهيدروجين الأخضر.
وتعد هذه الشراكات أساسية لتطوير اقتصاد الهيدروجين من خلال إجراءات تساهم في جذب الاستثمارات وتعزيز التعاون العلمي والتقني.
الابتكار قادر على تقليص تكاليف الإنتاج
إلى أي مدى تساهم التقنيات المتقدمة والتكنولوجيا الحديثة في تقليص تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر، وبالتالي توسيع إنتاجه واستهلاكه على المستوى العالمي؟
تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر مرتفعة فعلاً، وذلك أساسًا بسبب مستوى تطور التقنيات والبنية التحتية المرتبطة بها وتكاليف الطاقة المتعلقة بها، ومع ذلك يمكن للتطورات التكنولوجية والابتكار أن يقلصا هذه التكاليف، ويعززا ظهور ما يسمى باقتصاد الهيدروجين.
التكلفة حاليا، لا تزال من المشكلات الرئيسية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، خصوصا تكلفة توليد الكهرباء المتجددة لتغذية أنظمة إنتاج الهيدروجين، لكن بفضل التقنيات التي أصبحت أكثر توفرًا وإمكانية الوصول إليها، بالإضافة إلى إدارة الطاقة بشكل أفضل (النظم الموزعة، التخزين، والإدارة الذكية للشبكات)، أصبح إنتاج الكهرباء المتجددة، وخاصة من الطاقة الشمسية الفوتوفولطية وطاقة الرياح، أكثر تنافسية، مما يقلل من فاتورة الهيدروجين الأخضر. هناك أيضا عوامل أخرى مثل الأداء وعمر الخلايا التحليلية، وفي الواقع يسمح استخدام مواد وتصاميم جديدة بتقليص تكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق تقليل تكلفة تصنيع الخلايا التحليلية مع تحسين العائد وتقليل تآكل المعدات. في الخلايا التحليلية مثلا، يمكن أن يقلل استبدال المواد المكلفة، مثل البلاتين، بمواد أرخص من تكلفة تصنيع الخلايا، بالإضافة إلى ذلك فإن الأجيال الجديدة من الخلايا التحليلية ذات الكفاءة العالية، مثل الخلايا التحليلية ذات الغشاء التبادلي للبروتونات (PEM) والخلايا التحليلية ذات الأوكسيد الصلب (SOEC)، تسمح بتحسين استهلاك الكهرباء لإنتاج المزيد من الهيدروجين باستخدام طاقة أقل.
والتحدي الآخر الذي يجب التغلب عليه هو مسألة تخزين الهيدروجين ونقله، من خلال اللجوء إلى حلول مبتكرة تسمح بالتطوير في المواد وخاصة الهيدريدات والمواد عالية الضغط، وتعويضها بضغط أكثر كفاءة وأمانًا، مما يقلل من تكاليف النقل والتوزيع.
بالإضافة إلى ذلك، تسمح خطوط الأنابيب المخصصة لنقل الهيدروجين بتقليص التكاليف.
وأخيرًا، هناك عامل الحجم وعامل التعلم، و ترتبط هذه العوامل مجتمعة بتكاثر المنشآت الخاصة بوحدات إنتاج الهيدروجين الأخضر وإتقان تقنيات إنتاجه، ما يؤدي إلى تقليل تكلفة إنتاج الوحدة للهيدروجين، ويجعل الهيدروجين الأخضر أكثر تنافسية.
ومن المهم أيضًا، أن نلاحظ أن السياسات الحكومية التي تشجع الابتكار والاستثمار في قطاع الهيدروجين الأخضر، من خلال المنح أو الائتمانات الضريبية، تساهم في تقليص التكاليف الأولية.
الجزائر أعدت خارطة طريقها الخاصة
أين وصلت عملية إنتاج الهيدروجين الأخضر في الجزائر، وما هي الاستراتيجيات المستقبلية؟
إنتاج الهيدروجين الأخضر في الجزائر لا يزال في مراحله الأولى ومع ذلك فقد وضعت الأسس لتصبح الجزائر لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال في المستقبل، واقعيا قمنا بإعداد خارطة طريقنا الخاصة.حاليًا، يتم تنفيذ العديد من الإجراءات لإنتاج الهيدروجين الأخضر فقد أطلقت الجزائر عدة مشاريع تجريبية لاختبار جدوى إنتاجه وغالبًا ما تتم هذه المشاريع بالتعاون مع شركاء دوليين للاستفادة من نقل التكنولوجيا المتقدمة. كما بدأت البنية التحتية الأولى اللازمة لإنتاج وتوزيع الهيدروجين في التأسيس، خاصة في المناطق المشمسة من البلاد.
كما تعتزم الجزائر تعزيز اتفاقيات الشراكة لتطوير القطاع وضمان تصدير الهيدروجين إلى أوروبا، وفي هذا السياق تم توقيع العديد من مذكرات التفاهم مع عدة دول، من بينها ألمانيا، وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، واليابان.
وفيما يخص استراتيجيتها، ترغب الجزائر في تنويع مزيجها الطاقي والحفاظ على مكانتها في مجال الطاقة، وتطمح إلى أن تصبح مزودًا مهمًا للهيدروجين الأخضر نحو أوروبا.وتخطط أيضا، لمواصلة تطوير قطاع الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر. كما ترغب في تعزيز شراكاتها الدولية، خاصة مع الدول الأوروبية للاستفادة من الخبرات التقنية والوصول إلى الأسواق العالمية، خصوصًا أوروبا، حيث الطلب على الهيدروجين الأخضر في نمو كبير.كما يتم التخطيط لإنشاء مناطق صناعية مخصصة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، لدعم جهود البحث والإنتاج وتوزيع الهيدروجين. وأخيرًا، لتشجيع نمو الهيدروجين الأخضر، تخطط الجزائر لوضع تنظيمات ملائمة وحوافز مالية للمستثمرين والشركات في هذا القطاع.باختصار، تركز الاستراتيجيات على استغلال الطاقات المتجددة المحلية، وتطوير البنى التحتية المناسبة، وتعزيز الشراكات الدولية.
هكذا نتغلب على المنافسين
يجمع الخبراء على أنه للجزائر مقومات تؤهلها لأن تكون ذات وزن في مجال إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر. في مقابل منافسة قوية في السوق العالمي للتصدير نحو أوروبا كمصر ما هي توقعاتكم بشأن ذلك؟
تمتلك الجزائر العديد من المقومات لتصبح فاعلا رئيسيا في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، ومع ذلك يجب عليها التغلب على تحديات كبيرة.
من بين المقومات القوية التي تمتلكها الجزائر، هناك إمكانيات الطاقات المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي ستتيح إنتاج الهيدروجين الأخضر بشكل قابل للاستدامة، وتمتلك الجزائر بالفعل بنية تحتية طاقية متطورة نسبيًا لاستغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى خبرة قوية في قطاع الهيدروكربونات، مما يمكنها من تسهيل الانتقال إلى أشكال جديدة من الطاقة، وخاصة الهيدروجين الأخضر.
هناك أيضًا الموقع الاستراتيجي بالقرب من أوروبا، الذي يسهل النقل الأقصر وبالتالي الأقل تكلفة للهيدروجين نحو هذه القارة، عبر خطوط الأنابيب أو البنى التحتية البحرية، و من المهم الإشارة إلى أن الجزائر قد بدأت بالفعل في إقامة شراكات مع دول أوروبية وجهات متخصصة في مجال الهيدروجين، ستتيح هذه الشراكات للجزائر الاستفادة من الخبرة الفنية والتمويلات اللازمة لتنفيذ مشاريعها لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
أما بالنسبة للتحديات التي يجب مواجهتها، بالإضافة إلى خلق بيئة مناسبة للاستثمار في قطاع الهيدروجين الأخضر، هناك بالفعل تحدي المنافسة وخاصة الإقليمية، فبعض البلدان مثل مصر منافس قوي في سوق الهيدروجين الأخضر، فمن خلال السياسات الطموحة والاستثمار الكبير في الطاقات المتجددة، تخلق هذه البلدان منافسة مباشرة للجزائر، خاصة في جذب الاستثمارات الأجنبية.التحدي الآخر هو تطوير التقنيات والبنى التحتية لإنتاج وتخزين ونقل الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع، وهناك حاجة إلى استثمارات ضخمة في تقنيات التحليل الكهربائي، وفي بناء خطوط أنابيب أو وسائل نقل مناسبة لنقل الهيدروجين إلى الأسواق.
يمكن للجزائر مواجهة هذه التحديات والتفوق على منافسيها من خلال تحسين استغلال مواردها الطبيعية، وخاصة الشمسية والريحية، وتعزيز علاقاتها مع شركائها الدوليين لجذب المزيد من الاستثمارات، وتنفيذ بنية تحتية مناسبة للتخزين والنقل لضمان تنافسية الجزائر في السوق العالمي.
ما مستقبل هذه المادة الحيوية في الاقتصاد الجزائري وكذا في حماية البيئة والمناخ؟
من الناحية الاقتصادية، يمكن استخدام الهيدروجين الأخضر كمورد خام في القطاع الصناعي، وكمصدر طاقة، ووقود بديل في قطاع الطاقة، وهذا سيسهم في تعزيز صناعتها وتنويع مزيجها الطاقي.
قد تصبح صادرات الهيدروجين الأخضر مصدرًا مهمًا للإيرادات بالنسبة للجزائر، كما أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي بالقرب من أوروبا، يعزز من إمكانياتنا كمورد رئيسي للهيدروجين الأخضر. هذا سيساهم في تعزيز مرونة البلاد الاقتصادية خاصة أمام تقلبات أسعار الهيدروكربونات، علاوة على ذلك، فإن اقتصاد الهيدروجين الأخضر يوفر قطاعات صناعية جديدة تولد فرص العمل.
وقد التزمت الجزائر بتطوير إمكانياتها الهائلة في الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية والريحية، مع ذلك وبما أن هذه الطاقات متقطعة، تبرز التحديات المرتبطة بإدارة إمدادات الطاقة المتجددة ويمكن للهيدروجين الأخضر، كعنصر عازل ووسيلة لتخزين الطاقة أن يواجه هذه التحديات، مما يسمح للجزائر بالنجاح في تحقيق انتقالها الطاقوي.
الحجة الرئيسية لصالح الهيدروجين الأخضر هي إمكانيته في تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل كبير، من خلال الانتقال من الهيدروكربونات إلى الهيدروجين الأخضر، وسيكون من الممكن تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العديد من القطاعات الصناعية وقطاع النقل، كما يمكن للهيدروجين الأخضر أن يساهم في إزالة الكربون من العمليات الصناعية مثل صناعة المعادن، ومن خلال إنتاج الهيدروجين باستخدام الطاقة الشمسية والريحية، يمكن للجزائر تقليل بصمتها الكربونية والوفاء بالتزاماتها في حماية البيئة.
تجدر هنا الإشارة إلى مشروع "SoutH2 Corridor" وهو مشروع استراتيجي لأنبوب غاز الهيدروجين الذي يربط منطقة المغرب العربي بأوروبا، ويأتي هذا المشروع في إطار الشراكة الطاقية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، ويهدف إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال استخدام الهيدروجين الأخضر كبديل للطاقة الأحفورية، وضمان الأمن الطاقي الأوروبي عبر توفير مصدر موثوق ومستدام للهيدروجين لأوروبا، وتعزيز التعاون الطاقوي بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط عن طريق شراكات في البحث والإنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر.
يبلغ طول هذا الأنبوب 3300 كيلومتر، ويمتد من حاسي مسعود (الجزائر) إلى ألمانيا مروراً بتونس وإيطاليا والنمسا. يعتمد هذا الأنبوب على البنى التحتية القائمة بالفعل، بالإضافة إلى إنشاء مقاطع جديدة إذا لزم الأمر،ويحظى بدعم سياسي من الاتحاد الأوروبي والدول المعنية، فضلاً عن الدعم القوي من الشركات المشاركة في إنتاج وتوريد الهيدروجين على طول الممر.
ومن المقرر أن يدخل الأنبوب حيز الخدمة في عام 2030، والهدف هو توفير حوالي 4 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر المنتج في الجزائر سنويًا للدول الأوروبية المعنية.
حالياً، تجري دراسات مشتركة لدراسة جدوى سلسلة القيمة الكاملة للهيدروجين الأخضر لتقييم الجدوى التقنية والاقتصادية لممر الهيدروجين الأخضر.
ما هو واقع إنتاج الهيدروجين الأخضر واستهلاكه كبديل عالميا وما درجة الحاجة للتحول نحوه؟
على المستوى العالمي، يعتبر وضع وإنتاج واستهلاك الهيدروجين الأخضر كبديل للطاقة المولدة الانبعاثات الكربون ضعيفًا، لكنه في تطور مستمر.
يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر بشكل رئيسي من خلال التحليل الكهربائي للماء باستخدام الكهرباء الناتجة عن مصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، والطاقة المائية)، حاليًا لا يزال إنتاج الهيدروجين الأخضر محدودًا، ولكنه يشهد نموًا سريعًا مدعومًا بالاستثمارات في تقنيات التحليل الكهربائي والطاقة المتجددة والبنى التحتية. في عام 2023، كان حوالي 0.1 % من الهيدروجين العالمي أخضر، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بشكل كبير في السنوات القادمة بفضل المشاريع التجريبية والاستثمارات في الطاقات المتجددة.
يستخدم الهيدروجين الأخضر بشكل رئيسي في القطاعات الصناعية مثل إنتاج الصلب، الكيمياء، والتكرير، بالإضافة إلى قطاع النقل (خصوصًا للقطارات، الشاحنات، الحافلات وبعض التطبيقات البحرية والجوية). كما بدأت محطات توزيع الهيدروجين الأخضر للسيارات التي تعمل بالهيدروجين في التوسع في بعض البلدان، وخاصة في آسيا.
إ. ز
تعرف البراميل الصناعية المستخدمة، استعمالا مكثفا بالجزائر منذ سنوات طويلة، نظرا لحاجة الناس إليها لتخزين المياه و المواد الغذائية و غيرها من الاستخدامات الأخرى الآخذة في التوسع مع ظهور المزيد من الأنواع و الأشكال و الأحجام من هذه البراميل ذات المصدر البلاستيكي و المعدني.
و يعتقد الناس بأن غسل هذه البراميل بالماء و المنظفات الكيماوية كفيل بالقضاء على بقايا المواد التي كانت مخزنة داخلها، و من ثم تتم إعادة استعمالها في الحياة اليومية دون معرفة المخاطر الصحية و البيئية الناجمة عنها، حيث يقول خبراء الصحة و البيئة بأن بعض المواد الكيماوية تترك آثارا داخل هذه البراميل، و من الصعب القضاء عليها بالتنظيف العادي، و من ثم فإن إعادة استعمالها في الحياة اليوم تنجر عنه مخاطر كبيرة مؤثرة على الصحة و البيئة، تأثيرا جديا، مازال الناس العاديون لا يعرفونه، و ربما منهم من يتجاهل الخطر و يرى في استعمال هذه البراميل أمرا عاديا.
و لتسليط الضوء على الحاويات و البراميل الصناعية في الجزائر، و كيفية إعادة استعمالها بطريقة آمنة، و تقنيات تطهيرها و تعقيمها و التخلص منها إذا دعت الضرورة إلى ذلك، تستند الصفحة الخضراء إلى دراسة هامة أنجزها خبير البيئة الجزائري كريم ومان، المدير العام السابق للوكالة الوطنية للنفايات، حصلت النصر على نسخة منها أمس الثلاثاء، يتحدث فيها عن مخاطر الاستخدام الخاطئ لهذه النفايات، و تأثيرها على الصحة و البيئة و كيفية تعقيمها و تطهيرها و تدويرها خدمة للاقتصاد الوطني و المجتمع.
يقول كريم ومان بأن إعادة استخدام البراميل التي سبق أن احتوت على مواد أولية صناعية، غالبا ما تكون سامة، هي ممارسة آخذة في التوسع بشكل كبير.
هذه الممارسة غير المنظمة بما فيه الكفاية، يمكن أن تشكل مخاطر جسيمة على صحة الإنسان والبيئة، عندما تكون قد استخدمت لتخزين المواد السامة، حيث جرت العادة أن يتم استخدام هذه البراميل من قبل الأفراد لتخزين الطعام أو الماء، بعد عملية غسل بدائية، ومع ذلك، يمكنها أن تبقى محتوية على بقايا سامة، و يمكن أن تنتقل إلى الطعام أو الماء.
قد تكون العواقب وخيمة
و يحذر كريم ومان من عواقب قد تكون خطيرة عند الاستعمال الخاطئ لهذه البراميل، بينها التسمم الحاد، والاضطرابات العصبية أو الهرمونية بسبب التعرض المطول للمواد السامة، والمخاطر المسببة للسرطان المرتبطة ببعض المواد الكيميائية.
و يقدم خبير البيئة الجزائري ما يراه حلولا لمواجهة هذه المخاطر، كإنشاء شعبة مهنية مخصصة لتنظيف وإعادة استخدام البراميل الصناعية ليس فقط التزاما تنظيما، ولكنه أيضا فرصة اجتماعية واقتصادية كبيرة، مضيفا بأن هذه المبادرة لا تحمي الصحة العمومية والبيئة فحسب، بل تعزز أيضا إنشاء فرص عمل متخصصة وتطور شركات مبتكرة في إطار إدارة هذه البراميل المصنفة على أنها نفايات خطرة، موضحا بأنه و في الجزائر، تم وضع لوائح مهمة لتجنب الاستخدام غير المناسب لهذه البراميل، ومع ذلك لا تزال هناك ممارسات غير رسمية.
ما هي المخاطر المرتبطة بالبراميل غير المطهرة؟
حسب الدراسة التي أعدها كريم ومان، فإن البراميل الصناعية، المصممة لاحتواء مواد كيميائية قد تكون شديدة السمية، فهي تحتفظ ببقايا حتى بعد الشفط بالماء، و يمكن أن تنتقل هذه البقايا إلى المواد الغذائية أو المياه المخزنة، مما يعرض المستهلكين لمواد خطرة، حيث يمكن أن تشمل العواقب التسمم الغذائي الحاد، اضطرابات عصبية أو هرمونية بسبب التعرض المطول للمواد السامة، إلى جانب مخاطر الأمراض السرطانية.
كما يمكن أن يؤدي نفوذ المخلفات من البراميل أو مياه الشطف المرتبطة بهذه المعدات في البيئة إلى تلوث التربة والمياه الجوفية، و تلوث النظم البيئية الأرضية والمائية، و زيادة الصعوبات في معالجة التربة الملوثة. و من هنا، يقول صاحب الدراسة، بأن هذه المخاطر الجدية تؤكد على ضرورة اتباع نهج صارم لإدارة هذه الحاويات، وتجنب إعادة استخدامها بشكل غير احترافي وتفضيل الحلول المهنية والمستدامة.
هل التنظيف المهني حل آمن؟
يتساءل كريم ومان هل التنظيف المهني حل آمن لتفادي المخاطر الناجمة عن البراميل الصناعية الملوثة بمواد سامة؟ موضحا بأن تطهير البراميل الصناعية هو عملية معقدة تتطلب بنى تحتية متخصصة، ومعدات مناسبة وعمال مؤهلين، مقدما الخطوات الرئيسية لبروتوكول تطهير صارم، يبدأ بالتقييم الأولي، الذي عرفه بأنه عملية ضرورية تبدأ بالتحديد الدقيق للمحتوى الأصلي، و تسمح هذه الخطوة بمعرفة طبيعة المخلفات المراد إزالتها، بعد ذلك يتم إجراء تقييم لمستوى التلوث لتحديد المخاطر المرتبطة به، و أخيرا من الضروري التحقق من السلامة الهيكلية للبرميل، للتأكد من أنه في حالة جيدة وأنه لا توجد به تسريبات، مما يضمن التعامل الآمن.
و يتضمن بروتوكول التطهير عدة خطوات أساسية لتحقيق أقصى قدر من الفعالية، حيث يجب أن يكون التنظيف المسبق بالشطف عالي الضغط لإزالة المخلفات المرئية، وبالتالي إعداد السطح للخطوات التالية، بعد ذلك، تتضمن المعالجة الرئيسية تنظيفا كيميائيا مناسبا، مصحوبا بتحييد المواد الخطرة، ثم دورات شطف متكررة للتأكد من إزالة جميع الملوثات، و في الأخير تتضمن التشطيبات تجفيفا محكما وفحصا شاملاً للجودة، لضمان إجراء عملية التطهير بنجاح و التأكد من أن البراميل صارت آمنة للاستخدام في المستقبل.
و تعد مراقبة الجودة والتتبع من الخطوات التي لا غنى عنها في عملية إدارة البراميل المستعملة، و تكون البداية بتحليل كيميائي يهدف إلى الكشف عن المخلفات الموجودة، مما يضمن إزالة جميع المواد الخطرة بشكل صحيح. بعد ذلك، يتم إجراء اختبارات التسرب مصحوبة بفحص دقيق لهيكل البراميل لضمان سلامتها، و أخيرا، و لضمان إمكانية التتبع الكامل، يتم تحديد تعريف فريد لكل برميل، مما يسمح بتتبع تاريخه وضمان المتابعة الدقيقة طوال دورة حياته.
إدارة البراميل الصناعية تمثل قطاعا واعدا للفرص الاقتصادية
و يرى كريم ومان، بأن إعادة تدوير البراميل و تطهيرها من السموم، و إعادة استعمالها في الحياة اليومية و الدورة الاقتصادية، تشكل مجالا آخذًا في التوسع، نظرا للنشاط الصناعي والزراعي المكثف الذي تعرفه الجزائر، مما يفتح الطريق أمام العديد من الفرص الاجتماعية والاقتصادية، بينها إنشاء شركات متخصصة في التطهير وإعادة التدوير، و علاوة على ذلك، ستظهر شركات ناشئة لتطوير حلول التتبع الرقمي، و التحليل الكيميائي الآلي، مما يعزز المتابعة الفورية لهذه العبوات الملوثة. كما يمكن إنشاء وظائف مؤهلة، حيث يتطلب تطوير هذا القطاع موظفين مؤهلين ومدربين على المخاطر الكيميائية وعمليات التطهير، و يشمل ذلك فنيين متخصصين في التنظيف الصناعي، ومهندسين في إدارة المخاطر البيئية، ومشغلين مدربين على معايير السلامة و التتبع.
و من خلال تعزيز إعادة الاستخدام الآمن للبراميل بعد التطهير، تندرج هذه النشاطات تماما في نهج الاقتصاد الدائري، مما يقلل من استهلاك المواد الخام ويحد من إنتاج النفايات.
دعوة إلى العمل وتحويل التحدي إلى فرصة
و خلص خبير البيئة الجزائري كريم ومان في دراسته، إلى القول بأن إدارة وتطهير و إعادة استخدام البراميل الصناعية تمثل تحديا كبيرا للصحة العمومية والبيئة، ولكنها أيضا فرصة اقتصادية هائلة تعتمد على نهج متكامل ومنسق، و من الممكن تحويل هذا التحدي إلى قوة داعمة للنمو الاقتصادي الوطني المستدام، موضحا بأن هذا النشاط، الذي يقع على مفترق طرق الاهتمامات الصحية والبيئية والاقتصادية، يتوفر على إمكانات هائلة لخلق فرص العمل والتنمية المحلية، والانتقال إلى اقتصاد دائري حيث تتوفر في الجزائر قوانين و لوائح تمثل إطارا قويا لهذا التحول المستقبلي، في مجال إدارة النفايات و الحد من المخاطر الصحية و البيئية الناجمة عنها. فريد.غ
البروفيسور جيمس ماكلين يحاضر في الجزائر ويؤكد
دراسة علم الزلازل القديمة مهمة لتقييم المخاطر
نشط مطلع الأسبوع، البروفيسور الأمريكي في مجال الزلازل القديمة جيمس ماكلين، ندوة مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والفيزياء الأرضية بالجزائر، تحدث خلالها عن آليات رصد الحركة الزلزالية و جديد هذا العمل العملي الدقيق على المستوى العالمي، موضحا أنه في منتصف وأواخر الستينيات، لم يتمكن علماء الزلازل إلا من تقديم توصيف عام لمصادر النشاط الزلزالي، وذلك استنادا إلى سجل زلزالي قصير لم يتجاوز 175 عاما، لكن الوضع اختلف كليا اليوم.
وتطرق العالم، خلال الندوة التي تمت بشكل مباشر على منصة فيسبوك إلى التطور التاريخي لعلم الزلازل وأهم تطبيقاته في الدراسات الزلزالية والتكتونية، حيث استهدفت المحاضرة التي جاءت بالتعاون مع مجموعة «جيو هازارد كوميونيتي»، وكذا منصة «جيوليرن هيب»، الباحثين والطلبة المهتمين بجيولوجيا الزلازل والنشاط التكتوني، إلى جانب المختصين في تقييم المخاطر الزلزالية.
و تمت الإشارة من قبل البروفيسور جيمس ماكلين، إلى أنه قبل 175 عاما، لم تكن هناك طرق معروفة لـتحديد مواقع الفوالق النشطة، بل كان العمل ينحصر في تعيين منحنيات التكرار و قوة الفوالق، لرصد الحد الأقصى لقوة الزلازل، أو اتجاه الحركة، و تقدير دورات التكرار أو مقدار الإزاحة لكل حدث زلزالي. وقال ماكلين، بأن المشكلة سالفة الذكر، كانت محط دراسة للبروفيسور كلارنس آر. ألين، من معهد كالتيك، وقد فصل فيها خلال توليه رئاسة جمعية الجيولوجيا الأمريكية عام 1974، إذ أوضح القيود التي واجهها العلماء في تقييم النشاط الزلزالي، بحيث ساهمت ملاحظاته في تشجيع تطوير علم الزلازل القديمة، الذي أصبح لاحقا أداة أساسية في دراسة الزلازل والتنبؤ بها.
واستعان الباحث، بتجربة الولايات المتحدة الأميركية للحديث عن تطور هذا العلم، وأوضح كيفية الاستفادة منها، مشيرا إلى أن بلاده عندما بدأت التخطيط لمحطات الطاقة النووية في منتصف الستينيات، التزمت بتقييم مخاطر الحركة الزلزالية للأرض بشكل كمي.
وقد أصبح ذلك ممكنا بحسبه، في عام 1968 مع تطوير نموذج التحليل الاحتمالي للمخاطر الزلزالية، على يد كورنيل سي الين، كما ورد في بحثه «تحليل المخاطر الزلزالية الهندسية».
وقال، بأن كورنيل قدم خلال أطروحة الدكتوراه الخاصة به، في معهد ماساتشوستش للتكنولوجيا، طريقة لتقييم المخاطر الزلزالية في مواقع المشاريع الهندسية، بحيث تقاس النتائج بناء على معايير حركة الأرض « مثل التسارع الأقصى» مقابل متوسط فترة العودة. وأكد المتحدث، بأنه ورغم مرور 57 عاما، على تطوير هذا النموذج، إلا أنه لا يزال يستخدم حتى اليوم كأساس في تقييم المخاطر الزلزالية، وقال بأن الولايات المتحدة الأمريكية سجلت سجلا زلزاليا تاريخيا، وادواتيا قصيرا نسبيا، حيث لم يتجاوز 175 عاما، في الغرب التكتوني النشط، و200 إلى 275 عاما في المناطق الوسطى والشرقية الأقل نشطا زلزاليا.
لينة دلول
منها النحام الوردي و بط أبو خصلة
50 بالمائة من الطيور المهاجرة والمستقرة حطت رحالها بالطارف
شكل مركب المناطق الرطبة للحظيرة الوطنية للقالة هذه السنة، قبلة لآلاف الطيور المهاجرة من مختلف أصقاع العالم للتعشيش وقضاء فترة الشتاء في البحيرات والمسطحات المائية للحظيرة، حيث كشفت عملية الإحصاء التي قامت بها الشبكة الجزائرية لملاحظي الطيور عن استقبال المناطق الرطبة للولاية لأكثر من 50بالمائة من أعداد الطيور المهاجرة والمحلية في الجزائر.
ويعد الرقم مهما جدا مقارنة بما تم رصده في البلدان المجاورة، حيث تم إحصاء 158 الف طائر من 23صنفا، منها أزيد من 100ألف طائر من عائلة البطيات، وحوالي 20ألف طائر من الغر، إضافة إلى طائر الخواضات والبلشونيات والدجاجات المائية، و الجوارح حسب ما لوحظ خلال حملة الإحصاء التي اختتمت مؤخرا.
وذكر رئيس الناحية الشرقية رقم 1 للشبكة الجزائرية لملاحظي الطيور عبد السلام قريرة، أن هذه السنة عرفت توافد أعداد كبيرة من البط السطحي على بحيرات والمسطحات المائية بولاية الطارف، مع ملاحظة وجود أعداد من البط الغطاس من بينها بط أبوخصلة الذي سجل عودته لمركب المناطق الرطبة للحظيرة بعد غياب تجاوز 15سنة، إلى جانب طائر بوقليقة أسود الذيل، الذي عاد من جديد بعد غياب فاق 10سنوات وطائر النحام الوردي، وأعداد أخرى كبيرة من طائر سقد الشمال.
وأشار، إلى أن تهاطل الأمطار والظروف المناخية التي ميزت السنة الجارية والأشهر التي سبقتها بقليل، وامتلاء المناطق الرطبة بالمياه بعد فترة شبه جفاف، ناهيك عن ارتفاع منسوب مياه المسطحات المائية المؤقتة، جعل توافد الطيور المهاجرة و المستقرة عليها كبيرا، وذلك لأجل التعشيش وقضاء فترة الشتاء هربا من تدني درجة الحرارة والبرد الذي يضرب شمال أوروبا.
تجدر الإشارة إلى أن ولاية الطارف تضم 10 مناطق رطبة طبيعية، تستوعب ما يقارب 30 نوعا من الطيور البرية المهاجرة مثل أبو ساق، أبو ملعقة، الغراب الكبير، وأبوسبولة أو الغطاس الكبير، والنحام الوردي، والشهرمان، والغرة، وحذف الشتاء، والنكات والكركري الرمادي، وهي مناطق متنوعة الثروات ومصنفة ضمن اتفاقية رمسار ذات الأهمية العالمية.
نوري حو
سجلت الجزائر ولأول مرة، ظهور طائر البجع الرمادي بسد حمام قروز بوادي العثمانية بولاية ميلة، وهو رصد وصف بالاكتشاف لأن وجود الطائر نادر جدا في شمال إفريقيا و يقتصر فقط على الجانب الجنوبي للقارة الإفريقية وشرق آسيا بيئته الأصلية.
وأعلنت الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، عن تأكيد وجود الطائر بعد أن تمت ملاحظته من قبل مصالح مديرية البيئة لولاية ميلة، والناشط البيئي عبد المالك لمغورب، ليجري تنسيق العمل مع خلية مراقبة الطيور بالولاية بالتعاون مع الجمعية للجزائرية للحياة البرية، التي انتقل فريق منها رفقة فريق مراقبين مشترك، لتأكيد وجود طائر البجع الرمادي الذي يشاهد ولأول مرة في الجزائر.
وفي بيان صادر عن الجمعية، أوضحت أن هذا التسجيل الذي وصفته بالتاريخي والإضافة إلى قائمة الطيور المسجلة بالجزائر، قد جاء تزامنا وانطلاق حملة إحصاء الطيور المائية المهاجرة في 20 من شهر جانفي الفارط، أين تم رصد أنواع عديدة من الطيور بمختلف سدود ولاية ميلة، كما اعتبرت أن تسجيل أنواع جديدة من الطيور المهاجرة كالبجع الرمادي والبط البري، تأكيد على ثراء وتنوع النظم البيئية في الجزائر وصحتها.
من جانبها، أكدت مصالح الغابات بولاية ميلة، رصد طائر البجع الرمادي بسد قروز، فيما كانت قد تمت ملاحظته في وقت سابق بسد بني هارون خلال سنوات 2017 و2018 دون توثيق ذلك، موضحة أن هذا الطائر من الأصناف المهاجرة من شرق آسيا وجنوب إفريقيا، وقد حط رحاله مؤخرا، بميلة التي تتوفر مسطحات مائية فريدة من نوعها أغرته للهجرة، نظرا لقدرته الهائلة على التكيف مع الظروف البيئية المتغيرة، مما يضمن استمرارية وجوده في حياة الأجيال القادمة مهما أزعجته التغيرات المناخية.
يذكر أن طائر البجع الرمادي واحد من أنواع البجع التي تختلف في أحجامها وألوانها وتوزيعها الجغرافي، إلا أنها تشترك في العديد من الخصائص البيولوجية والسلوكية، كقدرتها على الطيران لمسافات طويلة وتعاونها في صيد السمك، كما أنها تعتبر من الطيور الاجتماعية التي تعيش في مجموعات كبيرة وغالبا ما تشاهد وهي تقوم بعروض طيران جماعية.
كما تتميز الأسراب برحلاتها الطويلة التي تمتد من أوروبا وآسيا إلى إفريقيا، حيث تبدأ هجرتها أواخر فصل الصيف، مغادرة مستعمراتها في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى باتجاه الجنوب، لتعبر البحر الأبيض المتوسط وتستمر في التحليق فوق الصحراء الكبرى حتى تصل إلى مناطق الشتاء في إفريقيا.
إيمان زياري
رصدت في 10 مواقع رطبة
إحصاء أزيد من 3200 طير مهاجر بولاية الوادي
أحصت فرقة مراقبة الطيور التابعة للمحافظة الولائية للغابات بالوادي، أزيد من 3200 طير مهاجر من 19 نوعا، تم رصدها على مستوى 10 مناطق رطبة متواجدة عبر تراب الولاية، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 19 و22 جانفي 2025.
وذكرت مصالح الغابات، أن فرقة مراقبة الطيور المهاجرة التابعة لها أحصت خلال الفترة الشتوية المخصصة لإحصاء الطيور المهاجرة، أزيد من 3200 طير مهاجر، على مستوى 10 مواقع رطبة، منها 08 مواقع ذات أهمية إيكولوجية على غرار بعض البحيرات التي تشكلت جراء ظاهرة صعود المياه، بالإضافة إلى شط مروان، ووادي خروف، وشط ملغيغ بالحمراية، المصنفين دوليا حسب اتفاقية “رامسار»، ناهيك عن محطات لتصفية مياه الصرف، ومصب للصرف الصحي.
وقالت محافظة الغابات، إن من بين الطيور التي تم إحصاؤها 754 طيرا من نوع «أبو مجرفة شمالي» غير المحمي، و528 طائرا من نوع «شرشير المخطط»، إلى جانب 276 من الطير المعروف باسم «الشهرمان الأمغر»، أو بط أبو فروة المحميان.
وتمت الإشارة إلى أن فترة التعداد والمواعيد النهائية متطابقة في جميع أنحاء المنطقة الأفرو- أوراسية، وتنفذ سنويا بالتنسيق مع منظمة الأراضي الرطبة الدولية أواخر شهر جانفي من كل سنة، عندما تكون الطيور مستقرة بعد هجرات ما بعد التكاثر.
منصر البشير
حسب تقرير المخاطر العالمية لسنة 2025
المخاطر البيئية من أكبر التهديدات طويلة وقصيرة الأمد
حذر تقرير المخاطر العالمية لسنة 2025، من تفاقم شدة وتكرار المخاطر البيئية، وتواصل تسجيل أحداث مناخية متطرفة، وفقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظم الإيكولوجية.كما أشار التقرير إلى التأثير المباشر للتكنولوجيا المتسارعة والتضليل في كل ما يحدث، وهو ما وضع التحديات البيئية على رأس قائمة المخاطر العالمية قصيرة و طويلة الأمد، ما يعكس حاجة ماسة إلى تعاون دولي مكثف وإجراءات جماعية
لمواجهة تحديات متداخلة ومتزايدة.وقد أبرز المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره الجديد، حجم الأخطار المتزايدة التي تواجه العالم على المديين القصير والطويل، برؤى أكثر من 900 خبير من جميع أنحاء العالم في قطاعات الأعمال، الحكومة والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني، أجمعوا على أن التوقعات بشأن المخاطر البيئية على مدى العقد المقبل مثيرة للقلق.
تهديدات مقلقة
وجاءت الأحداث المناخية القياسية، إلى جانب تهديد النظم الإيكولوجية والتغير الحرج في أنظمة الأرض، ونقص الموارد الطبيعية، في صدارة التصنيف ضمن قائمة المخاطر على مدى 10 سنوات المقبلة، وهو ما ينظر إليه على أنه خطر رئيسي في الأمد القريب.
ويعكس الترتيب السادس في هذا التصنيف، اعترافا متزايدا بالتأثيرات الصحية والبيئية الخطيرة لمجموعة واسعة من الملوثات في الهواء والماء والأرض، إذ صنفت الأحداث المناخية المتطرفة بشكل بارز كمخاطر فورية قصيرة وطويلة الأجل في الوقت ذاته. يسلط التقرير الضوء كذلك على جميع الأخطار البيئية، والصحية، والجيو سياسية، وقد صنفت المخاطر البيئية والتدهور من بين الأكثر أهمية عالميا، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تصبح الأحداث المناخية المتطرفة مصدر قلق أكبر مما هي عليه بالفعل، كونها تحتل المرتبة الأولى ضمن قائمة المخاطر على مدى 10 سنوات مقبلة، وذلك للعام الثاني على التوالي، ويحتل فقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظم الإيكولوجية المرتبة الثانية على مدى نفس الأفق الزمني، مع تسجيل تدهور كبير مقارنة بترتيبه طوال عامين.
الجيل الجديد الأكثر وعيا بحجم المخاطر البيئية
وأوضح تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي في نسخته العشرين، أن المسح العالمي لآراء المستهلكين يظهر تباينا بين الأجيال فيما يتعلق بإدراك المخاطر المرتبطة بالقضايا البيئية، إذ أبدت الفئات الأصغر سنا في استطلاع خاص قلقا أكبر بشأن هذا الموضوع على مدى العشر سنوات القادمة مقارنة بالفئات العمرية الأكبر سنا.ويضرب التقرير مثالا على ذلك بمشكلة التلوث التي صنفها الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة، كثالث أشد المخاطر خطورة في عام 2035، وهو أعلى مستوى بين أي فئة شملها المسح.
كما كان تقرير سنة 2024، قد أشار إلى أن هناك تباينا في كيفية تصنيف التلوث حسب الجهات المعنية، حيث يضع القطاع العام التلوث ضمن قائمة المخاطر العشرة الأولى في التصنيف على مدى العشر سنوات المقبلة، فيما لم يقدم القطاع الخاص نفس التقييم، ليقيم التقريران التلوث كمفترق طرق يستدعي العمل من أجل سد فجوات الوعي، عن طريق استكشاف مخاطر الملوثات غير المقدرة والتي تحتاج إلى أن تصبح أكثر بروزا في أجندات السياسات بحلول العام 2035، خاصة بالنظر لتأثيراتها السلبية والكبيرة على الصحة والنظم الإيكولوجية.
التكنولوجيا المتسارعة والتضليل.. مخاطر تحت المجهر
وأشار المنتدى الاقتصادي العالمي في أهم تقرير دولي للمخاطر، أن العام 2024 شهد تجارب كبيرة من قبل الشركات والأفراد في تحقيق أفضل استخدامات لأدوات الذكاء الاصطناعي، في ظل تسجيل انخفاض من حيث المخاوف بشأن النتائج السلبية لتقنيات الذكاء الاصطناعي على مدى العامين المقبلين.
ودعا التقرير رغم ذلك، إلى ضرورة تجنب ما اعتبره رضا عن المخاطر المترتبة عن مثل هذه التقنيات نظرا للطبيعة السريعة للتغيير في مجال الذكاء الاصطناعي وانتشاره المتزايد.
وأوضح المصدر، أنه وإلى غاية اليوم، فإن النتائج السلبية لتقنيات الذكاء الاصطناعي تعد واحدة من المخاطر التي ترتفع أكثر في تصنيف المخاطر على مدى 10 سنوات مقبلة.
كما أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورا في إنتاج محتوى زائف أومضلل توليدي على نطاق واسع، كما يضع التكنولوجيا من بين المخاطر الأوسع نطاقا نتيجة زيادة الاتصال والنمو السريع في قوة الحوسبة وأدوات الذكاء الاصطناعي الأكثر قوة.
ومن بين المجالات التي تشهد أسرع التطورات التكنولوجية بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي، قطاع التكنولوجيا الحيوية، وذلك في ظل فقدان السيطرة على التكنولوجيا ووجود مخاطر منخفضة الاحتمال وعالية التأثير، مثل النتائج السلبية للتكنولوجيات الرائدة التي تنطوي على إساءة استخدام عرضي أو سيئ لتقنيات تحرير الجينات مثلا، أو حتى واجهات الدماغ والحاسوب، وفي الوقت نفسه لا تقلل مثل هذه المخاطر من التقدم الفعلي والمحتمل الهائل للبشرية الناتج عن التكنولوجيا الحيوية.
وفي خريطة تفاعلية للمخاطر، يوضح التقرير ترابط المخاطر العالمية، إذ يؤثر كل خطر على الآخر، كتأثير التغير المناخي على الاقتصاد والهجرة، كما يظهر أن التعامل مع المخاطر المركزية كالأحداث المناخية القياسية يمكنه التخفيف من تحديات متعددة.
يأتي كل ذلك في ظل تأكيد على أهمية التعاون الدولي لإدارة المخاطر الكبرى، ودور التكنولوجيا كفرصة وتهديد في الوقت ذاته، إذ يساعد الفهم الشامل لهذه العلاقات على وضع حلول إستراتيجية فعالة للتحديات العالمية، وأهمية الابتكار والاستثمار في تقنيات الاستدامة.
إيمان زياري
الفائزة في مسابقة الشباب العربي المبتكر سارة مفرج
أطور تقنيات زراعية مستدامة لتحقيق إنتاج بيئي وصحي
قالت سارة مفرج، المتوجة مؤخرا بالميدالية الذهبية في مسابقة الشباب العربي المبتكر، إنها تشتغل على مشروع مبتكر لتحسين زراعة الأزولا والعدس المائي في أحواض مؤمّنة، بالاعتماد على تقنيات مستدامة تهدف إلى تحقيق إنتاج بيئي وصحي لفائدة الإنسان وكذلك المواشي.
وأوضحت صاحبة ذهبية مسابقة الابتكار التي نظمتها جامعة قطر للعلوم والتكنولوجيا، أن الأزولا والعدس المائي اللذين يرتكز عليهما مشروعها المتوج، لا يستهلكان كميات كبيرة من المياه مقارنة بالمحاصيل العلفية الأخرى، وهو ما جعلها تختار العمل عليهما، فيما تسعى لتوسيع نطاق بحثها مستقبلا كي يشمل الاستزراع السمكي، مؤكدة أن التقنية يمكن أن توفر حلا اقتصاديا وبيئيا لدعم إنتاج الأسماك محليا.
من إدارة الأقاليم إلى ابتكارات البيئة المستدامة
لم يكن اختيار الطالبة المتألقة بجامعة صالح بوبنيدر قسنطينة 3، سارة مفرج، للتخصص البيئي وليد الصدفة، بل جاء نتيجة شغف متجذر وحب لاستكشاف الحلول المستدامة التي من شأنها أن تساهم في مواجهة التغيرات المناخية، حيث بدأت مسيرتها الأكاديمية في تخصص إدارة الأقاليم و كانت الأولى على دفعتها.
اهتمامها العميق بالقضايا البيئية دفعها إلى البحث عن مجال أكثر توافقا مع طموحاتها، خاصة بعد فتح تخصص جديد في تسيير التغيرات البيئية في البحر الأبيض المتوسط بالجامعة ذاتها، لذلك لم تتردد في خوض التحدي، فشاركت في المسابقة التي نظمتها الجامعة لاختيار الطلبة المؤهلين للالتحاق بالماستر الجديد، و قد نجحت في اجتيازها، مؤكدة أنها تفوقت في التخصص وأثبتت جدارتها ضمن الأوائل طوال مسارها الجامعي. لم يكن هذا التحول الأكاديمي بحسب الشابة، مجرد تغيير في التخصص بل كان خطوة حاسمة في مسيرتها البحثية، حيث وجدت نفسها منخرطة في مشاريع علمية تسعى إلى تطوير حلول مبتكرة لمشكلات الأمن الغذائي والمائي.
أشتغل على مشاريع الاستزراع السمكي الوطني
تزامن اشتغال الطالبة على مذكرة التخرج، مع صدور المرسوم الوزاري 12/75 الخاص بالمؤسسات الناشئة والمصغرة، وهو ما شكل دافعا إضافيا لها للعمل على مشاريع ذات طابع تطبيقي وابتكاري.
موضحة، أنها أنجزت مذكرتين خلال مسيرتها البحثية الأولى تناولت التلوث المائي، أما الثانية فتمحورت حول تحسين زراعة الأزولا والعدس المائي في أحواض مؤمّنة، بهدف إنتاج أعلاف عضوية مغذية وذات تكلفة منخفضة مقارنة بفول الصويا والأعلاف التقليدية الأخرى.
مشيرة في سياق منفصل، إلى أن هذه النباتات تنتمي إلى الفئة المائية، وتعد من أسرع النباتات نموا في العالم، كما أنها من بين أغنى النباتات بالبروتين على الإطلاق. وأكدت مفرج، أن تطوير زراعتها بأساليب مبتكرة يمكن أن يكون حلا فعالا لتعزيز الأمن الغذائي للحيوانات، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف التقليدية واعتماد القطاع الفلاحي عليها بشكل كبير. وحسبما أوضحته الشابة، فإنه ومن خلال تكوينها الجديد بكلية تسيير التقنيات الحضرية، استطاعت الجمع بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي، مما أهلها لإنجاز مشروعها الرائد حول زراعة الأزولا والعدس المائي، والذي توج بالميدالية الذهبية في مسابقة الشباب العربي المبتكر بالدوحة. وما زاد من قيمة هذا الإنجاز حسبها، هو أن شهادة الماستر التي حصلت عليها تُعد شهادة دولية، مما يفتح أمامها آفاقا أوسع في مجالات البحث العلمي والابتكار البيئي. كما قالت المبتكرة، بأن مشروعها يعتمد على تقنيات مستدامة تهدف إلى تحقيق إنتاج بيئي وصحي، مع تقليل الأثر السلبي على الموارد المائية، فالأزولا والعدس المائي لا يستهلكان كميات كبيرة من المياه مقارنة بالمحاصيل العلفية الأخرى، كما أنهما يساعدان في تقليل الانبعاثات الكربونية، مما يجعلهما خيارا مثاليا في سياق التغيرات المناخية الحالية.
اعتمدت على التكنولوجيا الحديثة والأحواض الذكية والأوتوماتيكية
اعتمدت سارة مفرج، في مشروعها على التكنولوجيا الحديثة والأحواض الذكية والأوتوماتيكية، وهي نفس التقنيات المستخدمة في معالجة الطيور، مثل Les Alce وLes Spululule، لكنها تساءلت لماذا لا يتم استغلال هذه الأحواض لاستخراج الأطعمة الحيوانية؟ كانت هذه الفكرة هي نقطة الانطلاق لمشروعها.وحسبما أوضحت المتحدثة، فإن الدراسات أثبتت أن الأزولا تساعد الأبقار في مضاعفة إنتاج الحليب بنسبة 20 % عند تناولها، كما أنها تحسن من جودة البيض عند الدواجن.
ولم يتوقف تأثير هذا الابتكار عند الثروة الحيوانية بحسبها، بل امتد ليشمل مشروع الاستزراع السمكي الوطني، خاصة ما يتعلق بتربية السمك الأحمر في الأحواض، وهو نوع يتطلب غذاء خاصا مرتفع التكلفة. هنا، وجدت سارة أن الأزولا يمكن أن تكون بديلا اقتصاديا ومستداما، حيث يستهلكها السمك بسهولة، مما يجعلها قريبة المذاق للأسماك البحرية، كما أنها تعمل على تحسين مناعته ضد الأمراض.
من هنا كانت الانطلاقة الحقيقية في عالم الابتكار
أكدت سارة، أنه وبعد إنهاء دراستها، حصلت في أكتوبر 2023 على مشروع «لابال»، ثم تمكنت من الحصول على علامة «لابال» رسميا في 2024، وهي شهادة اعتماد تُمنح للمشاريع البحثية المبتكرة.
موضحة، أن مديرة مخبر «LIPE»، البروفيسور سهام عراس، لعبت دورا أساسيا في الإشراف على بحثها، ومساعدتها في تحليل النتائج المخبرية، كما ساهم معهد تسيير التقنيات الحضرية في مساعدتها على تصميم النموذج الأولي للمشروع، من خلال تركيب أجهزة الاستشعار، وإنشاء بيئة مثالية لزراعة الأزولا. وقالت سارة، إنه وبعد الحصول على علامة لابال، فكرت في طلب التمويل، لكنها قررت تأجيل الأمر إلى غاية استكمال التكوينات الجامعية، خاصة وأن مشروعها أصبح معتمدا على مستوى هضبة تكنوبول جامعة قسنطينة 3 ، مما أتاح لها فرصة تطويره بشكل أكبر.
التتويج في قطر…
وأضافت سارة، أن أستاذتها هي من شجعتها على المشاركة في المسابقة الدولية المنظمة بقطر حول الأمن الغذائي والمائي، مؤكدة أن هذه الأخيرة شهدت مشاركين من 106 دول وجامعات عربية وعالمية، اختيرت من بينها أفضل المشاريع الرائدة وعددها 12، على غرار مشروعها الذي طلب منها إعداده باللغة الإنجليزية. وأوضحت الشابة، أن مشروعها مر على لجنة تحكيم دولية ضمت خبراء من أمريكا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، الهند، ودول أخرى، وبعد التأكد من جودته، تم استدعاؤها رسميا إلى قطر للمشاركة في المسابقة.
الكفاءات البحثية في الجزائر متفوقة جدا
تضمنت المنافسة حسبما أوضحت، مرحلتين الأولى تقديم ملصق إشهاري للمشروع والذي تم تقييمه من قبل ثلاثة حكام دوليين بشكل منفصل حيث أوضحت أن الحكام كانوا من فرنسا، وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، استغرقت هذه المرحلة بين 20 إلى 30 دقيقة، ليقدم كل حكم تقييمه للمشروع بناء على الملصق. أما المرحلة الثانية، فكان التقديم فيها شفويا للمشروع، وتم باللغة الإنجليزية أمام لجنة تحكيم تضم خبراء من مختلف دول العالم، و كان على سارة إقناع اللجنة خلال 5 دقائق فقط بأهمية مشروعها وجدواه الاقتصادية والبيئية. وفي اليوم الموالي، تم الإعلان عن النتائج، بدءا من المرتبة الأخيرة وصولا إلى المرتبة الأولى، التي كانت من نصيبها، وقد أوضحت أن أغلب المشاريع المشاركة ركزت على جانب واحد فقط، إما الأمن الغذائي أو الأمن المائي، في حين أن مشروعها كان يجمع بين الاثنين، وهو ما جعله محط إعجاب اللجنة وانبهارها، لكونه يقدم حلا شاملا ومستداما لمشكلتين عالميتين.
وأشارت سارة، إلى أن أستاذتها الدكتورة سهام عريس، كانت تتوقع لها الفوز منذ البداية، لكن إحساسها الحقيقي بالانتصار بدأ عندما شاهدت باقي المشاريع المنافسة، حيث أدركت حينها قوة مشروعها وتميزه عن البقية، خاصة من حيث شموليته وتأثيره على الأمن الغذائي والمائي معا. كما لاحظت خلال المسابقة أن الطلبة الجزائريين يتميزون بالابتكار في مشاريعهم، وهو ما يعكس قدرات البحث العلمي في الجزائر، رغم التحديات التي تواجه الباحثين الشباب. وقالت سارة، بأنها حظيت بتكريم رسمي من قبل مدير جامعة قطر، بالإضافة إلى وزير البيئة، في اعتراف واضح بجهودها وإسهامها العلمي المتميز في مجال الابتكار البيئي
مشروع متعدد الأبعاد
لا يقتصر مشروع سارة مفرج على تحقيق الأمن الغذائي الحيواني فقط، بل يمتد ليشمل مجالات أخرى ذات أهمية بيئية وصحية، حيث أوضحت أن زراعة الأزولا والعدس المائي يمكن أن تستخدم أيضا في إنتاج مخصبات حيوية للتربة، مما يساهم في تعزيز خصوبة الأراضي الزراعية بطريقة طبيعية ومستدامة ويخدم غذاء الإنسان.
إضافة إلى ذلك، فإن هذه النباتات تمتلك خصائص غذائية مهمة، ما يجعلها مادة أولية لإنتاج مساحيق طبيعية مخصصة للاستهلاك البشري، خاصة للرياضيين، نظرا لغناها بالبروتينات والعناصر المغذية.أما عن طموحاتها المستقبلية، فقد أكدت أنها تسعى إلى نشر مقالات علمية بالتعاون مع أستاذتها الدكتورة سهام عريس، وتركز على دراسة كيفية استخراج مواد غذائية وبيئية من الأزولا والعدس المائي، وهو ما قد يفتح آفاقا جديدة في مجال الزراعة المستدامة والتكنولوجيا الحيوية. كما تسعى إلى تجسيد مشروعها على نطاق أوسع، من خلال الاستزراع السمكي الوطني، حيث ترى أنه يمكن أن يكون حلا اقتصاديا وبيئيا لدعم إنتاج الأسماك محليا. وفي ختام حديثها، وجهت سارة رسالة إلى الشباب الجزائري المهتم بالابتكار والبحث العلمي، داعية إياه للإيمان بقدراته والعمل بجد لتحقيق الريادة، مشددة على أن الإصرار والالتزام والمثابرة هي مفاتيح نجاح مضمونة لأي مشروع علمي أو ابتكاري.
لينة دلول
تنشر جمعية الدراجة الخضراء «غرين بايك»، المتواجدة بولاية عنابة، الوعي البيئي من خلال تجسيد أفكار مبتكرة تؤثر بها في كل شرائح المجتمع على رأسها الشباب والأطفال، كما تربط في عملها التطوعي بين رياضة ركوب الدراجات والنظافة، لتقدم نموذجا حضاريا عن المواطن الجزائري الذي يهمه الترويج لصورة جميلة عن بلده، خصوصا وأن هذا المشروع الوطني اكتسب صدى دوليا أيضا.
تتشارك سواعد من كل الشرائح العمرية في مشروع «الدراجة الخضراء» وكلها عزم على تغيير السلوكيات التي تضر بالبيئة، فتجد شباب الجمعية منتشرا في الشواطئ، والحدائق العامة، والغابات، وفي الشوارع حاملا شعارات تنمي بذرة الصلاح في المواطن، وتحثه على العناية بالأمكنة التي يُرَوح فيها عن نفسه ويقضي فيها أوقات فراغه، وذاك من خلال تعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه المحيط، وتشجيع سلوكيات حسنة كعدم ترك النفايات في الطبيعة، أو حتى تنظيف بعض الأماكن التي طالتها أياد لم تعرف قيمتها الحقيقية.
يوظف أعضاء الجمعية مواقع التواصل الاجتماعي كذلك لإيصال رسالتهم والتأثير والتعريف بالأنشطة التي يقومون بها، حيث تحصي صفحة الدراجة الخضراء «غرين بايك»، حوالي 550 ألف متابع، و تضم صورا لأنشطة الأعضاء، فضلا عن صور المشاركات التي تصلهم من متطوعين في ولايات جزائرية أُعجبوا بالفكرة وطبقوها.تبين من خلال تصفحنا للتعليقات أنها إيجابية جدا، وتشجع المشروع وتحث أصحابه على المواصلة في تفعيل الفكرة وتعميمها على كل ولايات الوطن. وفي هذا السياق، أكد صاحب الفكرة والمدرب في الفريق الوطني للدراجات، عبد الحكيم لعشيشي، أن سنة 2025 ستكون سنة بيئية بامتياز بما سيقدمونه في الجمعية من مبادرات متنوعة، وبأفكار مبتكرة تشرك كل مواطن في الحفاظ على البيئة.
تقبل الفكرة كان صعبا في البداية
بدأت فكرة «الدراجة الخضراء» سنة 2015، وقد ساعدها الفراغ الكبير في ميدان التطوع البيئي في البروز و التبلور سريعا، وذلك وفقا لصاحبها عبد الحكيم لعشيشي، الذي أوضح أن مشروعه كان ضمن أولى المبادرات البيئية، مضيفا أنهم وظفوا اللغة الإنجليزية للاسم «غرين بايك» لتتوسع المبادرة وتأخذ طابعا بيئيا.
سنة 2018 حصل أول تواصل بين الجمعية و المسؤولين البيئيين بعنابة، حيث اقترح على أعضائها تجسيد أنشطتهم على أرض الواقع لتتحول المبادرة إلى جمعية ولائية نشطة، تبلغ ذروة فعاليتها خلال موسم الاصطياف تزامنا مع تضاعف عدد السياح، إذ قال المتحدث إن الحركية الكبيرة تتسبب عادة في تراكم النفايات على الشريط الساحلي، وهو ما دفعهم لإطلاق مبادرات مثل «الموجة الخضراء» التي لاقت رواجا كبيرا خصوصا وأن تطبيق الفكرة تم بطريقة ذكية.
أخبرنا لعشيشي، أنهم كانوا يستهدفون العائلات من خلال نشاطهم، ويحاولون إقناع أفرادها بالانضمام إليهم، من خلال إرسال الأطفال للحديث معهم، وأردف أن هذا التعاون جعل المهمة تتم في وقت قياسي لا يتجاوز 20 دقيقة، ثم توالت مبادرات أخرى تحث المواطنين على عدم رمي نفاياتهم.
وقد مست نشاطات «غرين بايك» كل أرجاء الوطن بالتنسيق مع جمعية «دزاير بينيفول» المتواجدة في العاصمة، وأثرت في كثير من الأشخاص، وذكر لعشيشي أنهم في إحدى مبادراتهم الخاصة بتنظيف بالوعات في ولاية عنابة اختاروا شعار «بلادي ما نحبكش تغرقي»، ليتفاجؤوا برسائل وصور من ولايات عديدة في الشرق الجزائري، وحتى غربا أرسلها مواطنون إلى بريد الصفحة يعبرون فيها عن التحاقهم بالمبادرة.
وعلق الدراج قائلا :»لا يجب أن يكون حضورنا كجمعية في كل الولايات، صحيح أن الجمعية ولائية لكن لها مشجعون كثر»، وتطرق إلى شعار «ليست قمامتي لكنه وطني» الذي أطلقوه سنة 2019، وكان له صدى دولي وصل إلى دول عربية مثل مصر، والعراق، وقطر، والسعودية، واليمن، وليبيا أبن بادر شباب إلى إطلاق عمليات تنظيف وتهيئة واسعة.
قال محدثنا، إن ترسيخ الفكرة كان صعبا في بدايتها، فالمواطنون كانوا يترددون في الالتحاق بركب العمل التطوعي، لكن تكثيف النشر على مواقع التواصل الاجتماعي أوجد طريقا للرسالة، موضحا أن الشباب في المدينة أصبحوا يتعرفون على أعضاء الجمعية بسهولة كبيرة، وذلك بفضل نشاطهم الدائم، فما إن يشاهدوا شخصا يحمل كيسا أخضر يبادرون إلى مساعدته بصدر رحب ودون أي إحراج.
«تبني» مبادرة لتعزيز روح المواطنة
ومن المبادرات الفاعلة والجميلة التي أطلقتها الدراجة الخضراء هذه السنة مبادرة «تبني»، وتعني وفقا للعشيشي، أن يصبح كل شخص مسؤولا عن نظافة بالوعة، أو شاطئ، أو مكان معين، وأوضح أن الفكرة طُبقت في الولايات المتحدة الأمريكية، ولاقت رواجا كبيرا لدى عائلات تبنوا أحياء تحتوي على بالوعات يعتنون بتنظيفها بشكل دائم، وذكر أن الجمعية تبنت مجرى مائيا طوله 280 مترا وشارك شباب وأساتذة وأطباء في عملية تنظيفه.
مضيفا أن المقطع المصور الذي وثق العملية لاقى رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعقب أن عدد البالوعات التي تبنوها وصل إلى 164 بالوعة، وهي عملية استباقية لتفادي الفيضانات شتاء، كما طبقوا الفكرة أيضا في شاطئ «النصر» في مدينة عنابة بالتعاون مع السكان، ووصل عدد عمليات تنظيفه إلى 44، تمت غالبيتها خلال تقلب الأحوال الجوية لأن الشواطئ تمتلئ بالنفايات التي يخرجها البحر، فيقومون هم بجمعها قبل أن تعود إليه، بالإضافة إلى اهتمامهم بنظافة حديقة عمومية، وبعض المقاعد الموجودة على واجهة البحر و التي يتدخلون لتنظيفها دوريا.
لهذا السبب اخترنا التأثير بالرياضة
يتحلى الرياضيون بعدة صفات تجعلهم مؤثرين في المجتمع، ومن بين الصفات التي يرى مدرب الفريق الوطني للدراجات عبد الحكيم لعشيشي، أنها يجب تلازم الرياضي، صفة النظافة والمحافظة على البيئة، وقال إن ميثاق اللجنة الأولمبية يحتوي على بند يذكر بهذا الجانب، وعبر أنه كمدرب ودراج سابق، يدرك أهمية هذه الوسيلة في خدمة البيئة.
من جهة أخرى، فقد جاء ربط الرياضة بالبيئة كما أوضح، من باب القناعة بأن الشعب الجزائري محب لهذا المجال، ففي كل عائلة تقريبا يوجد عاشق للرياضة، ولذلك فقد اختاروا في الجمعية استغلال هذا الشغف لتشجيع الناس على الانخراط في مبادرة «الرياضة الخضراء»، التي شملت مجالات رياضية متعددة، وتضمنت عدة محاور أهمها تحسيس المناصرين وإشراكهم في عملية تنظيف المدرجات في الملاعب، تحت شعار»مناصر حاضر ومتحضر»، و»مناصر نظيف في ملعب نظيف»، وقال إن المبادرة ميزت المقابلات السبعة لكأس إفريقيا سنة 2019، وطبعت مشاركة الجمعية في كأس العرب، وعدة تظاهرات رياضية أخرى، أما الفكرة الجديدة التي أطلقوها بصفة شريك إيكولوجي فقائمة حسبه، على إقناع الأنصار والرياضيين بعملية فرز النفايات في المنافسات الرياضية.
أخبرنا، أن هذه المهمة اصطدمت أيضا بالصورة النمطية للملاعب لدى المناصرين، والتي تربط المكان بالترفيه والتسلية فقط، لكن الإصرار والالتزام بالإقناع الإيجابي ساهم في تغيير هذه الذهنية، حيث استعان لعشيشي بخبرته في التعامل مع الشباب والتي اكتسبها خلال ثلاثين سنة قضاها في التعليم، واستطاع التقرب منهم والتحدث إليهم بأسلوب يُطَبِّع الفكرة لديهم، إلى أن حقق التأثير المطلوب.
سنقحم كل أفراد المجتمع في العمل البيئي التطوعي
وتحضر جمعية «الدراجة الخضراء» لمبادرات عديدة ستُنفذ سنة 2025 وفقا لصاحبها، بالتركيز أكثر على التنظيف باستخدام الدراجة، وذكر عددا منها مثل «دراجة الطفل الصغير»، التي ستعطي الفرصة للأطفال ابتداء من سنتين إلى خمس سنوات للتعرف على العمل التطوعي البيئي، ومبادرة «مدرسة الكبار»، حيث سيقومون بتعليم المسنين رياضة ركوب الدراجة، وكذا مشروع «ليدي بايك» الخاص بالنساء بالتعاون مع مدربات الجمعية.
كما كشف لعشيشي، أنهم تواصلوا مع اللجنة الأولمبية لتنظيم الألعاب الإفريقية المدرسية المقررة بولايات عنابة، وقسنطينة، وسطيف، خلال صائفة 2025، وستكون الجمعية شريكا إيكولوجيا في الحدث، من خلال برمجة عدة أنشطة بيئية، وكذا إشراك المتنافسين في مبادرة «الدراجة الخضراء» لتنتشر في بلدان إفريقية أيضا.
من جهة أخرى، أوضح المتحدث، أنه بالرغم من السنوات العشر التي قضاها في العمل التطوعي والتوعوي بشكل يومي، فضلا عن المبادرات واستغلال المنصات الإلكترونية إلا أن التلوث موجود دائما، وهو ما جعلهم يغيرون استراتيجيتهم واعتماد شعار «ترمي تخلص» منذ أربع سنوات، وهو شعار تشارك صفحات أخرى على نشره، ويهدف إلى تفعيل القانون 19-01 الذي تنص المادة 55 منه على «تكبيد كل من يرمي النفايات غرامة مالية»، وعلق قائلا :»تمادي الأشخاص في التعدي على الطبيعة يتطلب ردعا مثلما هو الحال في كل دول العالم».
مضيفا، أن الجمعية تُعنى بالحفاظ على البيئة ويهمهم أن تكون الصحوة حقيقية وأكثر جدية، و ليست مجرد موجة نركبها أو «ترند»، كما أكد على تسجيل تغير في بعض الذهنيات تجاه الطبيعة مقارنة بسنوات مضت، خصوصا وأن المواطنين أصبحوا يحبون تقليد المبادرات المفيدة التي تلقى رواجا على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونصح رئيس جمعية الدراجة الخضراء، الشباب بحب وطنهم لأن المواطن الذي يسكنه هذا الشعور لا يمكن أن يترك نفاياته تخل بالمظهر العام لولايته، أو الأماكن التي يزورها، وعبر:»يحز في نفسي كثيرا أن أقصد الشاطئ حتى أنظفه، أريد أن أجد شواطئ وغابات نظيفة حتى أتنزه وأخفف عن نفسي، لا أن أخرج القفازات والأكياس لجمع النفايات». إيناس كبير
أكثـر النظم البيئية تهديدا على الكوكب
تحديات غير مسبوقة لإنقاذ الأراضي الرطبة
تواجه الأراضي الرطبة عبر العالم تحديات كبيرة وتتقلص مساحتها بشكل يوصف بالمقلق بفعل تغيرات المناخ، وهو ما يضاعف المساعي الدولية والدعوات لإنقاذ أكثر النظم البيئية تهديدا على كوكب الأرض وحماية 40 بالمائة من جميع أنواع النباتات والحيوانات التي تعيش أو تتكاثر في هذه المناطق.
جاءت احتفالية هذا العام، باليوم العالمي للأراضي الرطبة تحت شعار «حماية الأراضي الرطبة من أجل مستقبلنا المشترك»، وهو شعار يعكس حجم التحديات التي تواجه مختلف دول العالم في حماية أكثر النظم الإيكولوجية تهديدا على مستوى الكوكب، بحسب ما تؤكده دراسات وتقارير أممية أعلنتها بأن الأراضي الرطبة تعتبر الأكثر عرضة لأعلى معدلات الانحسار والفقدان والتدهور.
ويذكر آخر تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة، أنه من المتوقع تواصل تردي مؤشرات الاتجاهات السلبية الراهنة في التنوع البيولوجي العالمي ووظائف النظم الإيكولوجية، نتيجة لمسببات مباشرة وغير مباشرة كالنمو السكاني السريع والإنتاج والاستهلاك غير المستدامين، إلى جانب التطور التكنولوجي الكبير والآثار السلبية للتغيرات المناخية الكبيرة.
البشر والتغيرات المناخية يعصفان بالأراضي الرطبة
وتحذر هيئة الأمم المتحدة، من معدل فقدان الأراضي الرطبة التي تشكل 6 بالمائة من إجمالي مساحة الكرة الأرضية، بينما يشكل التنوع البيولوجي لها عنصرا أساسيا في الصحة البشرية والإمداد الغذائي والسياحة والوظائف
وقالت الهيئة في تقارير لها، إن التدهور يتسارع بمعدل أكبر بثلاث مرات مما تتعرض له الغابات، إذ تشير الأرقام إلى أنه وفي غضون 50 عاما فقط أي منذ سنة 1970، فقد العالم 35 بالمائة من الأراضي الرطبة، نتيجة للأنشطة البشرية وما يفرز من ملوثات الصرف الصحي، والحفر من أجل السقي، والبناء، والتلوث والصيد الجائر، وتغير المناخ.
وبفقدان مساحات مهمة من الأراضي الرطبة، يزيد تهديد التنوع البيولوجي و تتقلص البيئة الحاضنة للكائنات التي تشكل هذه الأراضي، أهمية كبرى لها، علما أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن شخصا واحدا من بين 8 أشخاص، يعتمد على سبل العيش التي توفرها مصادر الأراضي الرطبة المختلفة مثل المياه، والغذاء والنقل والترفيه، كما تساهم في حماية 60 بالمائة من البشر على كوكب الأرض، خصوصا المقيمين على طول السواحل، كونها تخفف وطأة العواصف والأعاصير وأمواج التسونامي. وعلى الرغم من أهميتها، فإن المناطق الرطبة تختفي بسرعة كبيرة بحسب ما يوضحه برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ولذلك تعمل اتفاقية المناطق الرطبة على حمايتها في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الأنهار والبحيرات وحقول الأرز، ما يجعل الجميع ملزما بالحفاظ على النظم البيئية المائية التي تعد منها هذه المناطق، عن طريق اعتماد حلول مبتكرة وتحسين جودة المياه، ودعم التكيف مع تغير المناخ، وتعزيز القدرة على الصمود.
خبيرة السياسات البيئية والتنمية المستدامة الدكتورة منال سخري
الأراضي الرطبة صمام أمان وحمايتها تحتاج مقاربة شاملة
أكدت الخبيرة في السياسات البيئية والتنمية المستدامة، الدكتور منال سخري، أن المناطق الرطبة تؤدي دورا محوريا في مكافحة تغير المناخ، الذي قالت إنه يتسبب إلى جانب الأنشطة البشرية الجائرة، في تراجع مساحات الأراضي وطنيا ودوليا وتدهور وظائفها البيئية. وأوضحت الخبيرة، أن المناطق الرطبة تعد من بين أكثر الأنظمة البيئية عرضة للخطر نتيجة لعدة عوامل، أبرزها ارتفاع درجات الحرارة وتزايد موجات الجفاف بفعل التغيرات المناخية، ولأنها تعد موطنا لعدد كبير من الأنواع النباتية والحيوانية بما في ذلك المهددة بالانقراض، فإن هذه التغيرات و التدهور البيئي، قد أديا بحسبها لانخفاض أعداد الكثير من الكائنات، وتسببت في تغير أنماط هجرتها وتكاثرها، وأضافت الخبيرة أن بعض الكائنات اضطرت إلى البحث عن بيئات جديدة، في حين اختفى بعضها كليا بسبب فقدان الموائل الطبيعية.
تراجع مساحتها يهدد استقرار النظم البيئية المرتبطة بها
وأكدت الخبيرة البيئية، أن الجفاف المستمر وتراجع التساقطات المطرية يؤثران بشكل مباشر على المناطق الرطبة، بحيث يؤدي كل ذلك إلى تقلص مساحات البحيرات والمسطحات المائية، وبالتالي تراجع التنوع البيولوجي. وقالت سخري، إن الأمر أصبح واضحا من خلال تراجع أعداد الطيور المهاجرة بعد أن كانت تعتمد على هذه المناطق كمحطات للراحة والتكاثر، ناهيك عن اختفاء بعض الأنواع النباتية التي تحتاج إلى مستوى معين من الرطوبة من أجل الاستمرار، مؤكدة أن انخفاض منسوب المياه الجوفية يعمق كذلك من تأثيرات هذا التغير مما يهدد استقرار النظم البيئية.
وحذرت، من خطر تحويل الأراضي الرطبة إلى مناطق زراعية أو عمرانية، مما يؤدي إلى فقدان موائل العديد من الأنواع الحيوانية، إلى جانب التلوث الناتج عن الأنشطة الصناعية والزراعية والرعي الجائر والاستخدام المفرط للموارد المائية، ما يؤدي لاختفاء هذه المناطق على المستوى العالمي، ويهدد الأمن الغذائي والموارد المائية للعديد من المجتمعات. وأكدت الخبيرة، أن دور المناطق الرطبة محوري للغاية، حيث تساهم وبشكل كبير في مكافحة تغير المناخ، وذلك من خلال تخزين الكربون في التربة والنباتات، بما يساعد على تقليل مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مضيفة أنها تعمل أيضا كمنظومة طبيعية لتنظيم المياه، حيث تقوم بتخزين الفائض أثناء الفيضانات، لتعيد إطلاقه خلال فترات الجفاف.
50 موقعا في الجزائر على قائمة «رامسار»
وعن واقع المناطق الرطبة في الجزائر، قالت محدثتنا بأن بلادنا تصنف ضمن قائمة الدول التي تزخر بتنوع بيئي هام يشمل مناطق رطبة تمتد عبر مختلف أقاليمها من السواحل إلى المناطق الداخلية، بحيث تضم أكثر من 2500 موقع، من بينها 50 موقعا مدرجا ضمن قائمة «رامسار» للمناطق الرطبة ذات الأهمية الدولية، وتشمل هذه المناطق البحيرات الطبيعية، والمستنقعات والسبخات، وتؤدي دورا رئيسيا في حفظ التوازن البيئي ودعم التنوع البيولوجي. وأكدت الخبيرة، أنه وعلى الرغم من ثراء الجزائر بهذا التنوع، إلا أن الأراضي الرطبة تواجه تحديات متزايدة بفعل التغيرات المناخية والأنشطة البشرية، مما أدى حسبها إلى تسجيل تراجع في مساحاتها وتدهور وظائفها البيئية. وشددت المتحدثة، على ضرورة التعجيل في حمايتها محليا ودوليا من خلال تبني مقاربة شاملة تدمج بين التشريعات البيئية وإعادة تأهيل المناطق المتدهورة، وكذا إشراك المجتمعات المحلية في جهود الحفاظ عليها، وأشارت أيضا إلى ضرورة تحسين طرق إدارة المياه والحد من الأنشطة الجائرة والضارة، كالبناء العشوائي والاستغلال المفرط للموارد المائية، كما تحدثت عن إمكانية تعزيز السياحة البيئية المستدامة كبديل يحافظ على هذه المناطق ويوفر فرصا اقتصادية للمجتمعات المحيطة بها.
مديرة المعهد الوطني للتكوينات البيئية حياة عاشور
هطول الأمطار بعث الحياة في المناطق الرطبة بالجزائر
أكدت مديرة المعهد الوطني للتكوينات البيئية، السيدة حياة عاشور، أن واقع المناطق الرطبة في الجزائر لا يشبه مثيله في باقي دول العالم، موضحة أنها انتعشت محليا ودبت فيها الحياة من جديد، في وقت فقد العديد منها في دول أخرى بفعل التغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة والتلوث، كما أدى الوضع إلى اختفاء جميع الأنظمة الإيكولوجية.
وأوضحت، أن الجهود تتكاتف في الجزائر ويتم تنسيقها بين مختلف الوزارات والفاعلين مثل الفلاحة، والبيئة، والغابات، لإعادة تهيئة المناطق الرطبة، مشيرة إلى مشروع واد الحراش الضخم، الذي يجري العمل على تنقيته ووضع حد للتلوث على مستواه، حيث قامت وزارة البيئة وجودة الحياة بفرض محطات تصفية على المؤسسات المتسببة في التلوث لإلزامها بتصفية إفرازاتها ومعالجتها قبل صبها في الوادي، أو إعادة تدويرها واستغلالها، مؤكدة أن صرامة القانون حققت استجابة ونتائج إيجابية خاصة وأن الخرق يقابله الغلق النهائي للمؤسسة.
كما تحدثت المسؤولة، عن مشاريع كبرى عبر مختلف ولايات الوطن من أجل إعادة تهيئة المناطق الرطبة، تحت إشراف وزارة البيئة التي تقوم أساسا على منع سبل تلوث هذه المناطق وإعادة بعثها مجددا، فضلا عن استرجاع عديد الأصناف النباتية التي اختفت بهذه المناطق. وبفضل كميات مياه الأمطار والثلوج التي تساقطت خلال السنوات الأخيرة، أكدت المديرة، أنها ساهمت في إعادة إحياء الكثير من المناطق الرطبة بما فيها الوديان، البحيرات والواحات، بما ساهم في بعث التنوع البيولوجي والإيكولوجي بهذه المناطق، وهو ما من شأنه أن يساهم في إنعاش السياحة المحلية حتى على مستوى الحمامات المعدنية التي تصنف أيضا ضمن خانة المناطق الرطبة المحمية.
عمل مشترك لتأمين المناطق الرطبة ومشاريع لأخرى اصطناعية
وأضافت السيدة عاشور، أن حماية المناطق الرطبة في ظل تغيرات كثيرة تهددها بالاختفاء، تعتبر مسؤولية مشتركة مما يستدعي حسبها مساهمة جميع الفاعلين، والعمل على تحسيس فئة الأطفال والجمعيات والشباب حاملي المشاريع، من أجل التعريف بأهميتها في زيادة التنوع البيولوجي وسبل حمايتها، و أكدت أنه مشروع يندرج ضمن رزنامة المعهد ووزارة البيئة وجودة الحياة،وقد تم التركيز عليه في احتفالية هذا العام بالمناطق الرطبة على مستوى جميع دور البيئة عبر 58 ولاية. وأوضحت المسؤولة، أن العملية تمت بالتعاون مع محافظة الغابات على مستوى كل ولايات الوطن، وجمعيات الصيد بهدف التوعية بخطر الصيد الجائر، وكذا مديرية الموارد المائية التي تشكل حلقة في سلسلة حماية الأراضي الرطبة، متحدثة أيضا عن مشاريع جديدة لتنويع المناطق الرطبة وذلك عبر استحداث أخرى صناعية كـ»دنيا بارك» بالجزائر العاصمة، لزيادة الرطوبة واستقطاب الحيوانات.
إيمان زياري
عمليات قطع عشوائي في قلب الغابة
اعتداءات على أشجار الزان ببلديتي الشحنة و وجانة بجيجل
تشهد، غابة الزان بين بلديتي وجانة و الشحنة بأعالي جبال جيجل، اعتداءات متكررة على أشجار الزان، إذ تتعرض هذه الثروة الغابية لتقطيع ممنهج عبر عدة مناطق لاسيما المعزولة و البعيدة.
عرفت مؤخرا، مساحات غابية بجيجل، استفحالا في ظاهرة قطع الأشجار، وأكد مواطنون ورياضيون أنهم قدموا تبليغات للجهات المختصة للتنديد بما تتعرض له غابة الزان بين بلديتي وجانة والشحنة، من تخريب، داعين إلى حماية هذه الرئة البيئية الممتدة على مساحة 7400 هكتار تقريبا بين إقليم البلديتين معا، وحوالي 3086 هكتارا ببلدية الشحنة وحدها، وهي غابة مشتركة تتكون من عدة أصناف من الأشجار، أبرزها أشجار الزان التي تعتبر موطنا للتنوع البيولوجي، تتواجد به بعض الطيور النادرة على غرار طائر كاسر الجوز القبائلي، والرخمة المصرية وعدة أنواع وأصناف من النباتات والحشرات.
وتعتبر المنطقة بمثابة كنز إيكولوجي بفضل الغطاء النباتي الكثيف من أشجار الزان الذي يسمح بنمو بيئة متوازنة، كما أن شجرة الزان محمية وفق قانون الغابات، لكن المنطقة المشتركة بين بلديتي وجانة و الشحنة تتعرض للاعتداء منذ الأشهر القليلة الماضية حسبما رصد، وهي عملية تخريب وقطع غير شرعي للأشجار على مستوى عدة نقاط متفرقة.
وقد أوضح مواطنون وشباب يمارسون رياضة الجري في المنطقة، بأنهم وقفوا على تزايد عمليات التخريب، بعدما كانت في السابق معزولة جدا لكنهم تفاجؤوا مؤخرا، باتساع رقعة الأشجار المقطوعة، وأن العملية طالت عددا ملحوظا جدا منها، علما أن هذا القطع يستهدف مناطق معزولة و متشعبة داخل الغابة، لاسيما الشعاب أين يوجد عدد كبير من الأشجار الكبيرة و المعمرة، وقد وصل الأمر حسبهم، إلى قطع ما يفوق 6 أشجار في نفس المكان.
وأوضح المتحدثون للنصر، أنه بسبب شساعة الغابة تكثر الاعتداءات على الشجرة المحمية، مؤكدين بأنهم قاموا بتبليغ الجهات المختصة عدة مرات.
يذكر، أن أشجار الزان الكثيفة في الغابة تساهم في جعلها ملاذا لعشاق الطبيعة و الهدوء، حيث أضحت المنطقة في الآونة الأخيرة قبلة للعائلات و لممارسي الرياضة، وتم بها تنظيم تظاهرات عديدة على غرار سباق الزان الذي عرف مشاركة أزيد من 300 رياضي من مختلف ولايات الوطن، أين أعجب المشاركون بجمال الطبيعة و المناظر الخلابة و الهواء العليل.
كما يقبل على الغابات العشرات من الرياضيين الذين يفضلون المنطقة بسبب الجو المعتدل الذي تضمنه أشجار الزان، إذ تعتبر فضاء طبيعيا مناسبا جدا لهم بالنظر إلى طبيعة التضاريس، و المسلك الترابي غير المتعب، كما أنها وجهة سياحية بامتياز وتعرف توافدا كبيرا لعائلات بفضل اعتدال الحرارة وقلة الرطوبة و كثافة الأشجار الباسقة، كما تتميز المنطقة بانتشار الينابيع العذبة والبرك المائية الباردة. ك.طويل