يعتبر مشروع بلدنا المشترك بين الجزائر و قطر، لتربية الأبقار و إنتاج الحليب و مشتقاته بالجنوب، واحدا من بين المشاريع الاقتصادية العملاقة التي أطلقتها الجزائر لتطوير قدراتها الاقتصادية، و إنشاء الثروة و مناصب العمل، و تحقيق الأمن الغذائي و الحد من الاستيراد المنهك لخزينة البلاد.
فريد .غ
و قد دخل المشروع مرحلة التنفيذ الفعلي على أرض الواقع، وسط تحديات بيئية جديرة بالاهتمام و الدراسة، حتى لا يتحول هذا المشروع إلى خطر على بيئة المنطقة حيث موارد المياه الجوفية و مكونات الوسط البيئي الصحراوي الغني بالتنوع، و المعرض للهشاشة تجاه المؤثرات الصناعية و الزراعية الناجمة عن تنفيذ المشروع، الذي يغطي مساحة واسعة من الأراضي التي ستتحول مستقبلا الى مزارع للأبقار، و مركبات تنتج اللحوم و الحليب المجفف و مشتقاته، معتمدة على مصادر المياه الجوفية و الأعلاف الخضراء المسقية.
و تولي وزارة البيئة و خبراء البيئة الجزائريين و الشركة القطرية «بلدنا» الشريكة في المشروع أهمية كبيرة للجانب البيئي، لتحقيق الاستدامة و الجدوى الاقتصادية و المحافظة على طبيعة المنطقة و مواردها الطبيعية حتى تبقى للأجيال القادمة.
و قد بدأت تدابير حماية البيئة على أرض الواقع، مع انطلاق أحد أضخم المشاريع الاقتصادية التي تطلقها الجزائر لإنتاج الغذاء بالجنوب الكبير، حيث الأراضي الشاسعة القادرة على إنتاج الأعلاف و المحاصيل الزراعية الاستراتيجية كالقمح و الذرة، غير أن طبيعة المنطقة تبقى في حاجة إلى تدابير صارمة لحمايتها من تأثير النشاطات الزراعية و الصناعية المكثفة، و هو ما يعمل عليه الطرفان الجزائري و القطري عشية انطلاق مشروع «بلدنا» الذي تعول عليه الجزائر لسد احتياجاتها من الحليب و الأجبان اللحوم.
وزارة البيئة تحضر لنصوص قانونية خاصة بالمشروع
و قالت وزارة البيئة و الطاقات المتجددة، بأنه و في إطار الشراكة الجزائرية القطرية من أجل تجسيد مشروع إنتاج مسحوق الحليب في ولاية أدرار استقبلت الوزيرة فازية دحلب بمقر الوزارة الأحد الماضي، السيد علي العلي مستشار بشركة « بلدنا « القطرية لإنتاج الحليب معربة عن استعداد دائرتها الوزارية للمرافقة التقنية لجميع مراحل هذا المشروع خاصة في شقه المتعلق بالبيئة و التنمية المستدامة، حيث طلبت من الجانب القطري إفادتها بتفاصيل أكثر حول مختلف النشاطات المزمع إنجازها، و ذلك لتمكين مصالحها من تصنيفها وفقا للقوانين الجزائرية سارية المفعول قصد استصدار مختلف القرارات و التراخيص الخاصة بقطاع البيئة في آجالها المحددة.
و قد استمعت وزيرة البيئة الجزائرية باهتمام كبير الى العرض الذي قدمه ممثل شركة «بلدنا» حول مختلف الجوانب المتعلقة بالمشروع و مدى أهميته الاستراتيجية، مؤكدة بان قطاعها الوزاري يولي أهمية كبيرة لهذا المشروع الضخم كونه يساهم في تنويع الاقتصاد خارج المحروقات و يعزز قدرات بلادنا في مجال إنتاج هذه المادة الأساسية.
و تندرج تقنيات استخراج المياه، و النفايات الناجمة عن نشاط تربية الأبقار، و إنتاج مسحوق الحليب المجفف و اللحوم و مشتقات أخرى، في صلب اهتمامات خبراء البيئة الحريصين على ضرورة ملاءمة هذه الأنشطة مع الوسط الذي تتواجد فيه، سواء كان وسطا طبيعيا أو وسطا ديموغرافيا يتسم بالهشاشة تجاه الأنشطة الصناعية و الزراعية المكثفة.
القطريون حريصون على البيئة و استدامة مشروع «بلدنا»
و يتقاسم الشريك القطري نفس الاهتمام بقطاع البيئة مع الطرف الجزائري، حيث نقلت وكالة الأنباء القطرية «قنا» عن مسؤولي شركة «بلدنا» قولهم أن أعمال حفر الآبار تهدف إلى دراسة طبيعة المياه الجوفية والوصول إلى التصميم الأمثل لها وذلك بهدف ضمان استدامة المياه والحفاظ عليها لفائدة المشروع وللأجيال القادمة، وأكدت الشركة أنها تعتزم استخدام أفضل التقنيات لرصد وتعزيز كفاءة استخدام المياه الجوفية، عن طريق دمج البيانات من محطات الأرصاد الجوية وصور الأقمار الصناعية.
و قد أعرب علي العلي ممثل شركة بلدنا عن سعادته ببدء الأعمال التمهيدية للمشروع، قائلا «هذه الصحراء سوف تتحول إلى منارة للتميز والابتكار، باحتضانها أكبر مزرعة رأسية متكاملة في العالم، تضم أكثر من 270 ألف رأس من الأبقار، وتنتج نحو 1.7 مليار لتر من الحليب سنويا، وأضاف: «سنقوم باستخدام أحدث التقنيات الزراعية وأساليب تربية الأبقار وصناعة الألبان، مع الالتزام بأعلى معايير الجودة والاستدامة البيئية».
و لفت إلى أن شركة بلدنا ستقوم بتطبيق أفضل طرق الري، للحد من الاستخدام الجائر للمياه خلال جميع مراحل المشروع، واستكمالا لجهودها في وضع آليات متكاملة لترشيد استهلاك المياه، سوف تقوم شركة بلدنا باستخدام المجسات التي تقوم بقياس رطوبة وملوحة التربة، وذلك لتحديد كميات المياه اللازمة لكل محصول.
ومن جهته أكد السيد رامز الخياط، عضو مجلس إدارة شركة بلدنا على أهمية المشروع الاستراتيجي قائلا «هذا المشروع السباق هو حلقة جديدة تعزز أواصر الترابط والتعاون بين البلدين، ونتاج لشراكتنا مع الصندوق الوطني للاستثمار، مضيفا «نحن إذ نشهد اليوم انطلاق الخطوات التمهيدية الأولى للمشروع، نؤكد على أهميته الاستراتيجية للشركة، حيث نقوم من خلاله بنقل خبراتنا و ريادتنا في قطاع إنتاج الألبان ومشتقاتها، تجسيدا لرؤية الحكومة الجزائرية في تحقيق الاكتفاء الذاتي».
وكانت شركة بلدنا قد أعلنت في وقت سابق من العام الجاري عن توقيعها اتفاقية مع الحكومة الجزائرية ممثلة في الصندوق الوطني للاستثمار لتنفيذ المشروع الذي يتوقع أن يغطي 50 بالمئة من حاجة الجزائر للحليب المجفف، وهو مشروع من ثلاث مراحل أولها استصلاح مزارع للأعلاف، ثم إنشاء مزرعة لتربية قطيع الأبقار، ثم إنشاء مصنع لإنتاج الحليب المجفف، للحد من اعتماد الجزائر على استيراد معظم احتياجاتها من الحليب المجفف وتوفير أكثر من 5000 فرصة عمل، والإسهام في زيادة الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء، وتوطين إنتاج الحليب وصولا إلى الاكتفاء الذاتي.
وكان المشروع قد تم توقيعه في 24 أفريل الماضي بين وزارة الفلاحة والتنمية الريفية الجزائرية وشركة بلدنا لإنتاج الحليب المجفف بقيمة 3.5 مليار دولار.
* خبير البيئة الجزائري كريم وامان
مشروع «بلدنا» نموذج للتنمية المستدامة
قال كريم وامان، خبير البيئة الجزائري و المدير العام السابق للوكالة الوطنية للنفايات متحدثا للنصر، بأن مشروع «بلدنا» يعد نموذجا جيدا للتوجه التنموي المستدام الذي أرصاه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مضيفا بأن هذا المشروع الجزائري القطري لتربية الأبقار وإنتاج الحليب في ولاية أدرار، يعد مبادرة جريئة وواعدة، سواء من الناحية البيئية أو الاجتماعية أو الاقتصادية حيث يجسد هذا النوع من المشاريع خطوة استباقية نحو الاستدامة والاكتفاء الذاتي والانفتاح على المحيط الإفريقي للجزائر.
و حسب الخبير كريم وامان، يمثل دمج تربية الأبقار في الأنظمة الزراعية الصحراوية رؤية مستقبلية تجسد التناغم بين الإنسان وبيئته، كأحد أهم الأهداف، معتبرا المشروع الطموح بمثابة فرصة لتعزيز التحول من الممارسات الزراعية التقليدية إلى أساليب أكثر تكاملا، حيث إن الاستفادة من مخلفات الأبقار كسماد طبيعي لا تساهم فقط في تحسين خصوبة التربة، بل تقلل أيضا من الاعتماد على الأسمدة الكيميائية، ما يعزز الزراعة المستدامة والصديقة للبيئة.
علاوة على ذلك، يضيف المتحدث، فإن اعتماد تقنيات تربية مبتكرة وإدارة المراعي بشكل مسؤول، سيمكن من الحفاظ على موارد المياه، وهو أمر حيوي إذا أخذنا بعين الاعتبار الشح في الأمطار وضرورة ترشيد استعمال الموارد المائية، كما يمكن أيضا للمشروع أن يحمي ويعزز التنوع البيولوجي المحلي.
و من الناحية الاقتصادية، يرى الخبير الجزائري بأن هذا المشروع يعد محركا للتنمية المحلية والإقليمية، من خلال خلق فرص عمل وتطوير النشاطات التجارية الوطنية ومع دول الجوار.
و خلص المتحدث إلى القول بان هذا المشروع يقدم منصة مثالية لزيادة الوعي وتثقيف المجتمع بشأن الممارسات المستدامة، والإدارة المسؤولة للموارد الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، من خلال هذا النوع من الاستثمارات في المناطق الصحراوية، نسعى للتكيف مع التحديات الجديدة التي يفرضها التغير المناخي.
تحذيرات من خطر انقراضها
الثعابين غير السامة مهمة للتوازن البيئي
تنتشر في العالم 85 بالمائة من الثعابين غير السامة، أو التي تمتلك سما ضعيفا بحسب الدراسات، ويتحدد الفرق بينها وبين الأفاعي السامة من خلال الشكل وكذا سلوكها في البيئة التي يُعثر عليها فيها، وهي لا تشكل ضررا كبيرا على الإنسان، بحسب أخصائيين فضلا عن مساهمتها في تنقية البيئة، والمحافظة على توازن السلسلة الغذائية.
إيناس كبير
وقد ساهمت الخرافات المنتشرة حول الثعابين، خصوصا الواردة في بعض الأساطير، في تشكيل معتقدات خاطئة عن هذه الكائنات لدى الإنسان، تدفعه مباشرة إلى التفكير في اصطيادها وقتلها خوفا على حياته من لدغاتها الخطيرة السامة دون دراية بنوعها خصوصا عند العثور عليها في الحقول والمزارع، ما جعلها مهددة بالانقراض وبالتالي حرمان البيئة من منافعها، ناهيك عن اختلال السلسلة الغذائية وفقدان بعض الأنواع سواء التي تتغذى على الثعابين، أو التي تكون مصدرا لغذائها.
وينبه أخصائيون، إلى أهمية الوعي بنوعية الثعابين وتجاوز الشائعات والمعتقدات الخاطئة المنتشرة حولها، خصوصا وأن خبراء يوظفونها في دراسات علمية وصيدلانية للتعرف على سلوكها واستخلاص أدوية منها.
* مراد حرز الله عضو الجمعية الوطنية لتوثيق الحياة البرية
يوجد 22 نوعا من الثعابين في الجزائر
يبدأ التعرف على هذه الكائنات بحسب موثق حياة البرية، وعضو الجمعية الوطنية لتوثيق الحياة البرية في الجزائر، مراد حرز الله، من تصحيح الخطأ الشائع في التفريق بين الأنواع الموجودة، موضحا، بأن «الأفاعي والحيات» تعد النوع الذي يشكل خطرا على حياة الإنسان لأنها سامة، بينما تُسمى غير السامة أو ضعيفة السم «بالثعابين»، وتكون ذات أنياب داخلية لا تسبب لدغتها أية خطورة.
ويوجد في الجزائر نوع آخر لا يلدغ أساسا، يعيش تحت الأرض ويتغذى على الحشرات، ووثق حرز الله صورا لحوالي 15 ثعبانا من أصل 22 نوعا موجودا في كامل الجزائر، وذلك بحسب ما جاء في موقع «ايناتيراليسث العالمي».
وذكر، بأن الأنواع التي تنتشر بكثرة هي الخضيري، ثعبان حدوة الحصان، النطريق ثعبان الماء، وكلها مسالمة لا تشكل خطرا على الإنسان وفقا لما أفاد به.
وقال عضو الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، إن دراسات عديدة تُجرى على الثعابين غير السامة، وتتنوع أغراضها بين علمية وبيئية. وتهدف الدراسات الإيكولوجية إلى فهم دور الثعابين في النظم البيئية، كونها جزءا من السلسلة الغذائية، خصوصا لدى طائر العُقاب الذي يزور المنطقة صيفا وتمثل الثعابين غذاء أساسيا له. وذكر المتحدث أيضا، الدراسات السلوكية، وهي التي تراقب سلوك الأفاعي والثعابين في بيئتها بغرض فهمها من أجل المحافظة عليها، وكذا الدراسات الوراثية التي تهتم بجيناتها، لفهم قدراتها في تحمل الظروف البيئية.
أما في الدراسات الطبية والصيدلانية، فيمكن للخبراء من خلال التعامل مع سم الثعابين، استخلاص مركبات كيميائية منه، تستخدم في علاج أمراض ضغط الدم وجلطات دموية، وحتى صناعة مسكنات ومهدئات.
وتوجد أيضا وفقا لذات المتحدث، دراسات متعلقة بالسموم والتسمم، تُعنى بفهم تأثير السم على الكائنات الحية، ومعرفة آليات التسمم مما يساهم في توفير مضادات السموم وزيادة الوعي بكيفية التعامل مع اللدغات.
هكذا نفرق بين الثعابين غير السامة والأفاعي السامة
وبحسب حرز الله، يمكن التفريق بين الأفاعي السامة والثعابين غير السامة من خلال ميزاتها الشكلية وكذا حركتها في الطبيعة، يقول، هناك صفات تساعد على التمييز بين النوعين، موضحا بأن الأفاعي والحيات يكون شكل بؤبؤ عينيها بيضويا طويلا، والعكس عند الثعابين يكون ضئيلا.
أما شكل رأس الأولى، فيكون مثلثا وهو أشهر معيار يميزها عن غير السامة، بالإضافة إلى الطول، حيث يكون طول الثعبان غير السام حوالي مترين أو متر، بينما لا يتعدى طول الأفاعي عموما 60 سنتيمترا.
وأضاف، بأنه وجبت الإشارة إلى أصناف خاصة موجودة في ولايات خنشلة و باتنة و تبسة و بسكرة، أين يكون طول الأفعى السامة في حدود مترين، ويُطلق عليها «كوبرا دونيل» أو كوبرا الأطلس، وفي هذه الحالة أفاد موثق الحياة البرية، بأن الإنسان يمكنه التعرف على النوعين من خلال اللون، فإذا كان لون الأفعى أسود داكنا فهي «كوبرا»، فضلا عن الحركة، فحركة الأفاعي ، تكون بطيئة عموما، عكس الثعابين التي تتحرك بسرعة.
التصور الخاطئ عن الثعابين زاد من خطر انقراضها
والثعابين غير السامة في الجزائر مهددة بخطر الانقراض، واعتبر حرز الله، بأن الإنسان هو السبب الأول في ذلك، بسبب استخدام مبيدات الحشرات والقوارض، حيث أدت هذه المواد الكيميائية إلى تدني أعداد هذه الكائنات، وأتبع المتحدث، بأنه كموثق للحياة البرية فقد دق ناقوس الخطر مرارا، وبادر إلى نشر مقالات علمية حول هذا الموضوع، وكذا إبلاغ محافظة الغابات والجامعات.
وتتسبب التغيرات المناخية كذلك، في تهديد هذا النوع وتراجع أعداده، كما ذكر أيضا، اختلال السلسلة الغذائية بتناقص أعداد الكائنات التي تعد مصدر غذاء للثعابين غير السامة، وكذا مهاجمتها من طرف القطط المنزلية، وأشار حرز الله، إلى دراسات ذكرت، بأن القطط تقضي على آلاف الثعابين سنويا.
بالإضافة إلى الصيد والقتل العشوائي للثعابين، إما بسبب الخوف من لدغاتها أو لاستخدامها في أمور الشعوذة، وقد أرجع عضو الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، هذه الممارسات إلى نظرة المجتمع الخاطئة للثعابين والأفاعي والتي غذتها الخرافات والمعتقدات القديمة ورسخت صورة سيئة عنها، وقد أثر هذا الجانب على تعامل الإنسان معها وضاعف خوفه منها.
التوعية تبدأ من نفي الخرافات المنتشرة حول الثعابين
وأفاد المتحدث، بأن التوعية بأهمية الثعابين غير السامة في النظام البيئي تبدأ من كسر حاجز الخوف منها، وإبراز قيمتها وفوائدها لدى الفلاح، وأردف بأنهم كأعضاء في الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية أطلقوا مبادرات توعوية في المدارس، لإبراز جمال تلك الكائنات وعرض لوحات فنية جميلة لصورها لمحو التصورات الخاطئة عنها، كما يمكن حسبه، عرض عينات أمام التلاميذ والسماح لهم بلمسها، مثل ثعبان «أصالة الرمال» وهو ثعبان لا يلدغ أصلا كما قال وتحقيقا لهذا الغرض أنشأ مراد حرز الله، صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، خاصة بعالم الحياة البرية في الجزائر، هدفها التوعية وإبراز جمال الطبيعة للمجتمع، وعلق قائلا :»فيما سبق كنت عندما أنشر صورة لثعبان، أغلبية المتابعين يخطؤون في تحديد نوعه، لكنني استطعت التعريف بعدة أصناف وطريقة التمييز بينها».
وأضاف في هذا السياق:» يمكن استغلال كل الوسائل المتاحة لتوعية الناس والأطفال، من خلال تقديم معلومات علمية عن دور الثعابين غير السامة في النظام البيئي وفوائدها، وتحديد الأنواع السامة منها وغير السامة وكيفية التفريق بينها، فضلا عن تعليم المواطنين بما في ذلك رجال الحماية المدنية ومحافظة الغابات، طرقا صحيحة لإمساكها دون الاضطرار إلى قتلها، وذلك بوضعها في دلو وإرجاعها إلى بيئتها، فضلا عن التعاون مع منظمات بيئية، مثل الجمعية الجزائرية لتوثيق حياة البرية، واستغلال مهارات أعضائها من أساتذة جامعيين، ومختصين في الزواحف وموثقين أكفاء للمحافظة على هذه الزواحف والكائنات البرية بشكل عام».
وذكر أيضا، استغلال منصات التواصل الاجتماعي لتمرير رسالة خصوصا للمتجولين والمخيمين في الغابات، مفادها أن الثعبان في الغابة يكون داخل موطنه، والإنسان زائر له، وذلك لا يجوز التعدي عليه عند مصادفته. أما المشكل الأساسي الذي يجب الوقوف عنده بالنسبة لحرز الله، فهو تفنيد الخرافات المتعلقة بالثعابين، والتقليل من أعداد قطط الشوارع من خلال التعقيم باعتبارها تشكل تهديدا لها.
* مسعود زراقنية، طبيب بيطري
عدد الثعابين يتناقص في الجزائر
كشف من جهته، الطبيب البيطري مسعود زراقنية، بأنهم كمختصين لاحظوا تناقصا كبيرا في عدد الثعابين والأفاعي في الجزائر خلال هذه السنة، عكس ما كانت عليه سابقا، إذ تتعدد العوامل وراء أمر وتختلف كما قال.
ويبدأ الأمر من التأثر بفعل الحرارة والرطوبة، إضافة إلى جفاف المسطحات المائية، وكذا الافراط في استخدام المبيدات والتوسع العمراني، وكلها عوامل تتسبب في انقراض هذا الصنف من الزواحف.
كما تحدث زراقنية، عن أهمية الأفاعي في الحفاظ على التوازن البيئي، ما يحتم وفقا له، عدم إيذائها وقتلها وتركها تؤدي الوظيفة التي وُجدت من أجلها في الطبيعة.
الحذر من المواجهة المباشرة مع الثعابين
وحذر المتحدث، من التعامل مع الأفاعي والثعابين بشكل عام موضحا، بأن الصفات التي تفرقها عن بعضها، لا تكون دقيقة أحيانا بنسبة مائة بالمائة، إذ يبقى احتمال أن يكون الصنف ساما واردا.
لذلك يجب تفادي المواجهة المباشرة معها وفقا لزراقنية، ففي الأماكن المفتوحة الأفضل استخدام عصا طويلة لإبعادها ويكون وقوف الإنسان على مسافة بعيدة عنها مهما، أما في الأماكن المغلقة، فأكد على ضرورة الاتصال بأعوان الحماية المدنية، مع تفادي قتلها في كل الحالات كونها تشكل حلقة أساسية في التوازن البيئي، فهي غذاء لبعض المفترسات، كما تتغذى بدورها على كائنات أخرى مثل القوارض والحشرات التي تؤذي الإنسان.
من جهة أخرى، قال الطبيب البيطري، إن الأفاعي غير السامة أيضا يمكن أن تشكل خطورة على الإنسان، مثل إصابته بالتهابات بسبب لدغاتها، أو حدوث رد فعل تحسسي جراء اللدغة، كما أشار إلى ضرورة مرافقة الشخص الملدوغ وطمأنته حتى لا يرتبك أو يهلع، تفاديا لزيادة دقات قلبه الأمر الذي يؤدي، في حالة الإصابة إلى سرعة انتشار السم في الجسم.وحذر أيضا، من ممارسات بدائية وخاطئة يقوم بها البعض عند تعرضهم للدغات الثعابين أو الأفاعي، مثل مص السم وسحبه من العضو الملدوغ، أو الضغط على مكان الإصابة، وأوضح الطبيب البيطري، بأن هذه التصرفات يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية، فمص السم من شأنه أن يعرض حياة الشخص الآخر إلى الخطر. وينصح في هذه الحالة، بالتوجه إلى أقرب مستوصف لأخذ المصل، وتحديد إذا كانت اللدغة سامة أو غير سامة، ويمكن التفريق بينهما من خلال شكل اللدغة، وفقا للمتحدث، ففي حالة السامة يكون هناك ثقبين لأنياب الأفعى، أما إذا كان ثعبانا غير سام فتكون اللدغة على شكل شق أو تمزق.
إ.ك
ساهمت هواية التصوير الوثائقي في اِلتقاط صور ساحرة للحياة البرية في الجزائر، وكذا التوثيق لمختلف الكائنات الحية التي تعيش في غاباتنا و محيطاتنا و تحلق في السماء، كما وجد هذا الميدان سبيلا له في مجال البحث العلمي، حيث يتعاون مصورون مع باحثين أكاديميين، في تسجيل وتصنيف اكتشافات علمية دعما للتنوع البيئي في شمال إفريقيا، وتصحيح مغالطات شائعة.
إيناس كبير
تطل عدسة يختفي خلفها بإحكام بين الأحراش أو داخل الغابات مصور ماهر، ينتظر لقطة حظه في تصوير صنف جديد من الطيور، أو حركة قام بها حيوان أثناء تفاعله مع بيئته قد تتحول لاحقا إلى مقال علمي، أو اكتشاف يُضاف إلى رصيد التنوع البيئي للبلاد.
وقد ساعد توفر العتاد التكنولوجي، وتطور آلات التصوير، لاسيما استخدام الهواتف الذكية في ظهور عدد من الهواة الذين جذبتهم الطبيعة لكشف أغوارها، وإطلاع البشر على عوالم مختلفة توازي عالمهم برا وجوا وكذا في البيئة المائية.بحسب، مصور الحياة البرية، عبد القادر بكوش، فإن انتشار صفحات لهؤلاء المصورين، سواء أجانب أو جزائريين ساعد في الاطلاع على هذا المجال والتعرف وتعلم أسلوب العمل فيه.
نصطاد بواسطة آلة التصوير
لم يشكل غياب آلات التصوير عائقا أمام موثقي البرية، فقد سهلت الهواتف الذكية نشاطهم، وفقا للمصور عبد القادر بكوش، الذي يعتمد عليها لالتقاط صور لنباتات وأزهار، وحشرات كما قال، موضحا بأن المتخصص في هذا المجال ليس في حاجة إلى التقاط صور ذات جمالية بقدر ما تهمه القيمة العلمية للصورة، فضلا عن السرعة حتى لا تفوته اللقطة التي لفتت انتباهه من البداية خصوصا في حالة الأنواع العابرة، ولتحقيق ذلك أخبرنا بأنه يستعين أحيانا بشبكة صيد صغيرة ليخرج سمكة فيصورها بوضوح أكبر قبل أن يعيدها إلى الماء.
وينشط محدثنا، في هذا المجال مع مجموعة من مصورين بولاية غليزان، مشيرا إلى أن التصوير الوثائقي هو عمل جماعي، كما ينبغي أن يقوم بتحضيرات مسبقة قبل الخروج إلى البرية، التي تكون حسب المنطقة التي سيتوجه إليها، فإذا كانت رطبة يأخذ معه عتادا للحماية على غرار الأحذية الخاصة لتسهيل السير في الماء، ولباس تمويه موافق للطبيعة للاندماج فيها حتى لا تراه الحيوانات.وعبر قائلا “يمارس موثقو البرية الصيد بواسطة عدسات كاميراتهم”، وأضاف محدثنا بأن أفضل الصور هي التي يكون فيها الحيوان على طبيعته غير مضطرب لأنه لو شعر بتواجد إنسان بقربه فإنه يصبح حذرا أو قلقا وتصدر عنه أصوات، كما يتزود أيضا بعتاد التصوير الذي يحتاجه على غرار آلة التصوير والبطاريات.ومن بين الإنجازات التي حققها كشف، بأنه والمجموعة التي يخرج معها إلى الطبيعة، تمكنوا من التقاط صور لطائر يُطلق عليه “الغرة المقنزعة” في منطقة مرج سيدي عابد، التابعة لواد ريف في غليزان، والذي يعد توثيقه قليلا في الجزائر بحسبه، فضلا عن غياب المعلومات العلمية الكافية حوله، مضيفا بأنهم رصدوا أيضا سنة 2022، أعدادا من طائر اللقلق الأسود في منطقة الغرب والتقطوا صورا له لأول مرة في ولاية غليزان.
العيش مع تفاصيل الطبيعة وجمالها
انفتح عبد القادر على الطبيعة، فأصبح أكثر قربا منها لتحقيق غاياته في التصوير الوثائقي، حيث يعتمد على خصائص الفصول الأربعة في التوثيق للبرية، ويقول بأن بعض المناطق تكون نشطة شتاء فيركز تواجده بها، ثم يتنقل إلى أخرى ربيعا، أما في أوقات الجفاف فأغلب الطيور تنتقل إلى الواحات ترقبا لتساقط المطر، لذلك يتوجه إليها المصور فتتفاعل عدسته مع سلوكها وتكون الصور مبهرة. وأتبع، بأن مناطق العبور أيضا، على غرار مضيق جبل طارق، تشهد تواجد أنواع عديدة من الطيور خلال تلك الفترة فتجذب المصورين إليها.ويركز عبد القادر، على إرفاق صوره بمعلومات علمية تفيد الباحثين والمختصين، كذكر نوعية البيئة التي التُقطت فيها الصورة « معشوشبة، هضاب، ساحلية، أو غابة»، وبهدف الوقوف أيضا على أهمية تحديد نوعية الطائر ونمط عيشه وفترة تواجده وذلك لتتبع مساره، والتفريق بين الطيور العابرة و المقيمة والمهاجرة.وأفاد، بأنهم يعتمدون أيضا على الطيور المحجلة التي بدأت الدخول إلى الجزائر مؤخرا، للحصول على معلومات من خلال الخاتم الذي يوضع في ساقها، وشرح قائلا :«مكن مراسلة الجهة التي أرسلت الطائر والتعرف على ما إذا كان نادرا أو مهددا بالانقراض، وبالتالي فإذا رُصد في أراض فلاحية يذهبون إلى الفلاح ويطلعونه على معلومات حوله حتى لا يتم اصطياده أو قتله».
تصحيح معلومات مغلوطة وتنمية الوعي بواسطة التوثيق
ويساهم التصوير الوثائقي في التزود بمعلومات دقيقة عن التنوع البيئي في الجزائر، فقد أكد لنا مصور الحياة البرية، عبد القادر بكوش، بأنهم وجدوا عدة طيور صُنفت عالميا على أنها تعيش فقط في دول أوروبا وبعض دول شمال إفريقيا من غير الجزائر، لكن بعد التوثيق لها أُضيفت إلى قائمة الطيور الخاصة بالمنطقة منها 20 نوعا غير موثق، لاسيما في الصحراء الجزائرية.
وواصل، أنه توجد كتب تنسب طائر «الذعرة البيضاء» على سبيل المثال إلى دول مجاورة تدعي بأنه اكتُشف فيها، وأكد المصور، بأن متابعته كشفت بأن الطائر يتواجد في الجزائر لاسيما في تيبازة، كما وثق له في تلمسان وهران وعين تيموشنت وغليزان، وبينت دراسة صور أخرى بأن أنواعا من الطيور لا تتواجد إلا في شمال إفريقيا مثل البومة السمراء.
وأخبرنا، أيضا بتواجد طيور في ولايتي النعامة وتلمسان فحسب، وهي مهددة بالانقراض ونادرة جدا يجب حمايتها مثل القبرة طويلة المنقار، وبحسبه، فإن عدد الطيور الموثقة في الجزائر تضاعف إلى نحو 425 طائرا.
وأرجع، سبب نقص التصوير الوثائقي في بلادنا، إلى أن الأغلبية كانت تعتمد على مراجع أنجزها علماء بيولوجيون فرنسيون، ناهيك عن أن هذا النشاط قلَّ بعد الاستقلال، إلى جانب نقص الوعي به خصوصا فيما يتعلق بالتعامل مع الحيوانات مثل قتل الأفاعي الذي اعتبره تصرفا خاطئا.
وفي هذا السياق أوضح بأن، الجزائر تتوفر على قرابة 37 نوعا من الأفاعي، 5 أنواع فقط ضارة وسامة، وذكر، «الموريتانية، الأطلسية، الكوبرا، المقرنة وأفعى الريم»، أما البقية فقال المصور، إنها تكون ضعيفة السم، أو غير سامة كما أنها مفيدة للبيئة لأنها تتغذى على الجرذان والأفاعي السامة.
وأفاد، بأنهم كفريق مصورين هواة، تواصلوا مع أعوان الحماية المدنية وزودوهم بالمعلومات الكافية لتصحيح التعامل معها، وإعادتها للغابة بدل قتلها، ومن جملة الثعابين المظلومة بحسب ما وصفها «ثعبان الماء» غير السام وقد سُمي بذلك لأن أغلب فرائسه أسماك أو ضفادع، وثعبان «حدوة الحصان»، الذي قال بأنه أكثر انتشارا ودخولا للمناطق العمرانية، و«ثعبان الخضيري» ذو السم الضعيف الذي يتغذى على الأفاعي السامة والقوارض.
وهناك أيضا، من المعلومات المغلوطة التي يصححها التصوير الوثائقي، ما يتداول عن حيوان الضبع، حيث يقول عبد القادر بكوش، إن الأشرطة الوثائقية هي التي ساهمت في انتشار معلومات عن نوع واحد فقط، بينما يعد «الضبع المخطط» مسالما ويتغذى على جثث الحيوانات والنفايات فقط، كما تطرق إلى الذئاب التي رُصدت في الجزائر، موضحا أن الأغلبية تطلق عليها «القيوط» أو «ابن آوى» فيما يوجد نوع واحد فقط وهو «ذئب شمال إفريقيا» بحسب دراسة جينية أُجريت سنة 2015 على عدة عينات وُجدت في الجزائر ودول مجاورة.
تعاون علمي بين الباحث الأكاديمي والمصور الوثائقي
وبحسب محدثنا، فإن فريقه من مصوري الحياة البرية يتعاون مع باحثين في البيئة، وأكاديميين فيوفر لهم صورا يوظفونها في البحوث وشرح الدروس، كما يستعينون كمصورين بمجال البحث العلمي للتعرف على نوعية الكائنات المرصودة وجمع معلومات حولها، خصوصا أثناء رصد سلوكيات جديدة للحيوانات، حيث يحتاجون لمعرفة الأسباب المؤدية لذلك وتوثيقها في شكل مقال علمي.
وأفاد المصور، بأنه ومجموعته، باشروا البحث عن نوع من الفئران يعيش في الأشجار، وقد أرسلوا صورا له لمختص في الثدييات ليتواصل بدوره مع خبراء من دول أجنبية، في تعاون علمي لجمع معلومات مفصلة عن الكائن وتصنيفه كنوع يعيش في الجزائر.
ويساعد التصوير الوثائقي حسبه، على دراسة حالة بعض الطرائد، وإحصاء أعدادها مثل اليمام، الذي توصلوا إلى تناقصه من خلال ملاحظة تدني أعداد أعشاشه في الطبيعة، وأيضا فيما يخص تتبع الطيور المهاجرة ومعرفة طرق هجرتها وسلوكها، فضلا عن أعمارها مثل «النحام الوردي».
فيما تستفيد مجالات أخرى من التصوير الوثائقي، بحسب ما أعلمنا به عبد القادر، وقال إن طبيبا جزائريا كان بصدد إجراء بحوث حول «التسمم العقربي»، وقد تعامل مع مصوري البرية في جانب جمع عينات له لمعاينة سلوكها.
شباب انجذبوا إلى التصوير الوثائقي
وقد زاد عدد المنضمين إلى هذا المجال كما قال محدثنا، خصوصا مع توفر آلات التصوير، وتطور الهواتف الذكية، بالإضافة إلى نشاط عدد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي مكنت من التعرف على الطبيعة، ويرى بأن ثقافة الفرد الجزائري الذي يحب قضاء عطله في الطبيعة ساهمت في تزايد عدد المصورين أيضا، والتعريف بما تزخر به بلادنا من كائنات حية.
كما أخبرنا، بأن شبابا لا يتجاوز سنهم 15 و16 سنة، يتصلون به للاستفسار عن هذا الميدان،و يرافقونه أحيانا في خرجاته، وهو ما اعتبره المصور استثمارا في الجيل الصاعد خصوصا هواة التصوير والتوثيق البري.
وبالرغم من المتعة التي تحيط بالتصوير الوثائقي والفائدة التي يوفرها، إلا أن صعوبات عديدة تكتنفه، وحسبه فإن نقص الوعي بهذا المجال أول عائق، فقد يضطرون أحيانا إلى الدخول إلى ملكيات خاصة من أجل التصوير غير أنهم يصطدمون برفض أصحابها، ومع أن المناطق المعزولة هي الأكثر تنوعا بيئيا، إلا أن القوانين تمنع الوصول إليها و التصوير فيها، حيث أخبرنا عبد القادر، بأنهم كفريق لم يتمكنوا من تصوير قط «عناق الأرض» المتواجد في المثلث بين تيسمسيلت تيارت وغليزان، ولا في منطقة بين بلعباس و سعيدة بسبب وعورة المنطقة.
وأوضح أن درجة الخطورة في هذا العمل تزيد كلما قل عدد المصورين في المجموعة، أو خرج المصور وحيدا، لأنه معرض للسقوط أو اللدغ، ناهيك عن التيهان في الصحراء في حال عدم وجود دليل على دراية بالمنطقة.
وبحسب ما ذكره، فإن تنظيم النشاط أصبح أمرا ضروريا، لذلك يقول إنهم أسسوا جمعية سنة 2020 أطلقوا عليها «جمعية توثيق الحياة البرية في الجزائر» وأغلب الاكتشافات سُجلت باسمها، كما يعملون أيضا بالشراكة مع إدارة الغابات، خصوصا خلال الإحصاء الشتوي للطيور المهاجرة ويتعاملون مع أعوانهم كدليل لتسهيل التنقل في البرية.
إ.ك
بسبب جفاف منطقة تينسيلت الرطبة بأم البواقي
مواطنـون ينقـذون 265 طـائـر نحـام وردي من المـوت
نجح، خلال الأسبوع الماضي، مواطنون وناشطون في مجال البيئة بولاية أم البواقي، في إنقاذ عدد معتبر من طيور النحام الوردي، بعد هلاك العديد منها، نتيجة الجفاف الذي مس المنطقة الرطبة تينسيلت، والذي سمح للحيوانات المفترسة بالوصول إليها، وتم نقل الطيور المتبقية إلى منطقة تتواجد بدوار لمهايدية على طريق القرزي، والتي تتوفر على الماء في انتظار تمكن جل الطيور من الطيران استعدادا لهجرتها.
وصنعت صور عملية الإنقاذ الحدث بعد تداولها على نطاق واسع، وسط استحسان لهذا السلوك . وأوضح المكلف بالإعلام ورئيس مصلحة حماية الحيوانات والنباتات بمحافظة الغابات لولاية أم البواقي عمر عبد الرؤوف للنصر، بأن تدخل المواطنين والناشطين في مجال البيئة تم بالتنسيق مع محافظة الغابات لولاية أم البواقي، نتيجة الخطر الذي بات يتهدد طيور النحام الوردي، أين هلك عدد معتبر منها نتيجة وصول الحيوانات المفترسة إليها بفعل جفاف المنطقة الرطبة التي تتواجد بها، ونظرا لعدم استطاعتها الطيران، تمكنت الحيوانات المفترسة من العديد منها، وأضاف المتحدث بأن السبب وراء جفاف المنطقة الرطبة بشط تينسيلت التي تعتبر موطنها الأول لأنهاتكاثرت على مستواها، يكمن في ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي خاصة خلال شهري ماي وجوان، أين شهد شهر جوان ولعدة أيام ارتفاع درجات الحرارة فوق 31 درجة مئوية، وتمكن المتدخلون من نشطاء ومحبين للبيئة بمعية أعوان محافظة الغابات من إنقاذ نحو 265 طيرا من طيور النحام الوردي المتبقية ونقلها لمنطقة لمهايدية المتواجدة على حافة الطريق الوطني رقم 3 باتجاه منطقة القرزي بقسنطينة، على أمل أن تستعيد الطيور عافيتها وتتمكن من الطيران والهجرة لمنطقة تجد فيها ملاذها، ونشير أن ولاية أم البواقي بها 11 منطقة رطبة طبيعية بمساحة إجمالية تقدر بحوالي 160 ألف هكتار خلال فترة التساقطات، من بينها 8 مناطق رطبة بالولاية تم تصنيفها ضمن قائمة «رامسار» الدولية، من بينها منطقة شط تينسيلت بأولاد زواي التي تتربع على مساحة 2154 هكتارا، والتي جفت كلها بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وتم خلال الموسم الحالي إحصاء 25433 طائرا من أصناف مختلفة قصدت المناطق الرطبة بالولاية، من بينها 8056 طائر نحام وردي. أحمد ذيب
نفايـات الشـواطئ.. خطـر يهـدّد البيئـة والصحـة
تشهد العديد من الشواطئ الجزائرية خلال موسم الاصطياف، انتشارا كبيرا للنفايات التي يخلفها المصطافون ، ما يتسبب في انتشار الروائح الكريهة والحشرات والقوارض، وينجم عنها إلى جانب تلويث البيئة،مشاكل صحية خطيرة ولا سيما الالتهابات الجلدية والأمراض المعدية.
يوضح المختص في الصحة العمومية الدكتور أمحمد كواش ، أن تلوث الشواطئ ومياه البحر بالنفايات الصناعية و البشرية والحيوانية وحتى المواد المستهلكة التي يتركها المصطافون ، يعتبر آفة حقيقية تهدد صحتهم لأن التلوث يستمر لعدة أشهر.
وأضاف ، أن فترة الصيف تعتبر من أخطر شهور السنة، لأن أغلب شواطئ المدن الساحلية تتحول في هذا الموسم إلى مكبات في الهواء الطلق وتتكدس النفايات بشكل كبير مثل القارورات البلاستيكية وبقايا الطعام والأكياس، إلى جانب المواد الصناعية على الرمال وفي محيط الشاطئ، ما يتسبب في انتشار القوارض والحشرات والطفيليات والبعوض التي تنقل الأمراض، فضلا عن انتشار الروائح الكريهة، مشيرا إلى أن تحلل هذه النفايات يؤدي إلى تسرب السوائل نحو الرمال وتصل إلى مياه البحر لتتسبب في تلوثها ، ما يؤدي إلى تفشي الأمراض الجلدية مثل الحساسية الجلدية والطفح الجلدي، والتهاب اللثة، بالإضافة إلى التهابات العين الخطيرة، كما ينتشر القمل بين المصطافين، مضيفا أن السباحة في مياه ملوثة بالمواد الكيميائية السامة يؤدي إلى الإصابة بالأمراض المعدية الخطيرة جدا مثل التيفوييد و الطاعون، وحمى المستنقعات، وما إلى ذلك.
وشدد الدكتور أمحمد كواش على أهمية حماية الشواطئ ومنعها من التلوث، داعيا المصطافين والأشخاص الذين يترددون عليها إلى رفع مستوى الوعي العام حول حماية هذه الشواطئ والحفاظ عليها، وذلك بجمع نفاياتهم داخل أكياس عندما يغادرون هذه الأماكن ونقلها معهم ، كما أكد على دور البلديات في رفع القمامة وتنظيف الشواطئ من الأوساخ دوريا وتخصيص حاويات محكمة الغلق على مستوى هذه الأماكن لمنع تلوث الرمال ومياه البحر بالسوائل التي تفرزها بعد تحللها وتجنب الأمراض، مضيفا أن جمع النفايات يجب أن يكون بشكل مستمر حتى لا تتكدس ولا تنتشر في كل مكان، كما لا يجب تركها لفترة طويلة حتى لا تنتشر حولها الحشرات والقوارض والروائح الكريهة.
و اعتبر المتحدث، أن الشواطئ مناطق جذب سياحي ويمكن أن يؤدي تلوثها إلى فقدان قيمتها الطبيعية، مما يؤدي إلى انخفاض عدد الزوار والمصطافين ، ويترتب على ذلك خسارة اقتصادية للمنطقة.
سامية إخليف
تتعرض الثروة البحرية في الجزائر، إلى إجهاد بسبب التغيرات المناخية المتسارعة التي كان لها الأثر الكبير على حياة العديد من الكائنات البحرية بما في ذلك الشعب المرجانية، وهو ما أكده مختصون قالوا، بأن التأثيرات صارت أوضح و باتت مثيرة للقلق.
لينة دلول
ويرى متابعون للوضع البيئي، أنه أمام هذا الوضع المناخي الصعب الذي يعرفه الشريط الساحلي الجزائري، وجب البدء في التفكير بجدية في سبل التأقلم مع المستجدات المناخية من خلال البحث عن أساليب جديدة ومستديمة للحفاظ على الثروة البحرية وحمايتها من النفوق والهجرة الاضطرارية، و الاستفادة من خبرات الدول الرائدة في هذا المجال.
تحذيرات من ارتفاع حرارة حوض المتوسط
حسب تقرير الصندوق العالمي للطبيعة فإن سرعة احترار منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط ستكون السبب في ارتفاع مستوى مياهه. وبسبب التغير المناخي، تواجه دول حوض المتوسط مستقبلا قاتما بفعل احترار البحر بنسبة 20 % زيادة على باقي مناطق العالم، بالإضافة إلى الاستغلال المفرط لموارده وتلوث مياهه أيضا.
وحذر التقرير، من أن ارتفاع مستوى سطح البحر إلى ما يقرب مترين بحلول نهاية القرن الجاري، سيهدد ملايين الأشخاص في المناطق الساحلية بفيضانات بحلول عام 2100.وأشار علماء، إلى أن ارتفاع الحرارة في حوض البحر المتوسط بلغ في السنوات الأخيرة 1.5 درجة مئوية، مقارنةً بمرحلة ما قبل الثورة الصناعية، فيما المتوسط العالمي هو 1.1 درجة مئوية.
وتوقعت دراسة جديدة أن يصل الارتفاع بحلول 2040 إلى 2.2 درجة مئوية، وقد يصل إلى 3.8 درجة في بعض مناطق حوض المتوسط في نهاية القرن الحالي.
* عضو الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية مراد حرزالله
تداعيات على نسب التكاثر والنمو البيولوجي للكائنات البحرية
أكد موثق ومستكشف الحياة البرية في الجزائر، وعضو الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، مراد حرزالله، بأن تأثيرات التغيرات المناخية على الثروة البحرية تمثل تحديا كبيرًا للبيئات البحرية والاقتصاديات الساحلية، فمع تزايد ارتفاع درجات الحرارة والتغير في أنماط هطول الأمطار والتيارات البحرية، تتعرض النظم البيئية البحرية لتأثيرات سلبية متعددة الأبعاد.
وأضاف المتحدث، أن الثروة البحرية تعتمد على توازن دقيق من الكائنات البحرية، بما في ذلك الأسماك والرخويات والطحالب والكائنات البحرية الأخرى، وتؤثر التغيرات في درجات حرارة سطح المياه، وارتفاع مستويات البحار، على توازن هذه البيئات وتتسبب في انخفاض أو تدهور في أعداد الأسماك والموارد البحرية الأخرى.
كما يؤثر التغير المناخي على الأنظمة البيئية البحرية بشكل ينعكس على السلوك التكاثري والنمو البيولوجي للكائنات البحرية، مما يؤثر على استدامة صيد الأسماك والحياة البحرية عموما.
وأوضح، بأن حرارة المياه المرتفعة، تؤثر على أماكن وطريقة توزيع الكائنات الحية في النظم البحرية، حيث تنتقل بعض الأنواع من مواطنها المعروفة إلى أماكن أكثر برودة أو العكس، ما يؤثر على التوازن البيئي وعلى الصيد البحري.
انعكاسات اقتصادية
وعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، تتأثر مجتمعات السواحل التي تعتمد بشكل كبير على الصيد والزراعة البحرية بشكل مباشر بالتغيرات في الثروة البحرية، مما يؤثر على سبل معيشتها واقتصادياتها المحلية، لذلك فإن فهم ومواجهة تأثيرات التغيرات المناخية على الثروة البحرية يتطلب تنسيق جهود وطنية للحفاظ على استدامة البيئات البحرية وتطوير استراتيجيات مبتكرة للتكيف مع التحديات القادمة
تهديدات للشعب المرجانية
وأشار المتحدث، كذلك إلى ظاهرة تحمض البحار، التي تؤثر سلبا على حياة الأصداف والشعب المرجانية والكائنات البحرية الأخرى، التي تعتمد على الكالسيوم، وهي عملية تحدث عندما ينخفض الرقم الهيدروجيني لمياه البحر، بسبب امتصاصها لثاني أكسيد الكربون الذي تطلقه الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات، والعمليات الصناعية الأخرى، حيث يذوب جزء كبير من ثاني أكسيد الكربون الزائد في المحيطات.
وعندما يذوب ثاني أكسيد الكربون في مياه البحر، فإنه يشكل حمض الكربونيك، الذي يتفكك بعد ذلك، إلى أيونات البيكربونات وأيونات الهيدروجين، ومن تم تؤدي هذه الزيادة في أيونات الهيدروجين إلى انخفاض الرقم الهيدروجيني في مياه البحر، مما يجعل مياه المحيط أكثر حمضية.
كما تقلل هذه العملية أيضا، من توافر أيونات الكربون، التي تعد لبنات بناء أساسية لعديد الكائنات البحرية، مثل الشعاب المرجانية والمحار وبعض أنواع العوالق، التي تشكل أصدافها وهياكلها العظمية.
وأضاف المتحدث، أن التغير المناخي، يؤثر كذلك على النظم البحرية الخاصة بالرمال، فعلى سبيل المثال ارتفاع مستوى سطح البحر، يزيد من تأثير العواصف البحرية، التي تؤدي إلى التآكل السريع للشواطئ ونقل الرمال.
وأضاف الخبير، بأن هناك العديد من الطيور البحرية هاجرت إلى الجزائر للاستقرار لكن وجدت ميتة، على حواف شواطئ من بينها البطاريق، مرجعا ذلك إلى تعبها أثناء الهجرة وكذا حرارة المياه المرتفعة، وأوضح بأن الطيور البحرية تعد من الكائنات الحساسة للتغيرات المناخية، خصوصا ما تعلق منها بالغذاء، إذ أن التغيرات المناخية أثرت حتى على السلسلة الغذائية البحرية، بدءا من العوالق والنباتات وصولا إلى الأسماك الكبيرة.
وتابع بالقول، بأن حركة المد والجزر الخاصة بالتيارات البحرية، أثرت على العوالق التي تعد غذاء الآلاف الأنواع من الكائنات البحرية، زيادة على ذلك فإن الظواهر الجوية القوية كالأعاصير دمرت الحياة البحرية التي تعيش في أعماق البحار، وتسببت في انخفاض أعداد معتبرة من الكائنات.
قد تكون أكبر المخاطر التي تواجه المرجانيات بحسب المتحدث، هو تعرضها للإبيضاض نتيجة لارتفاع درجة حرارة سطح البحر. ويحدث الإبيضاض عندما يتسبب طول فترة ارتفاع درجة حرارة البحر في تعطيل العلاقة التكافلية بين المرجانيات والطحالب المصاحبة لها، ويلفظ المرجان الطحالب نتيجة لذلك، ويفقد لونه ويصبح ضعيفا.
وقال، بأن الشعب المرجانية قبل أن تكون حيوانات، فهي كنز بحري ومادي في نفس الوقت، مضيفا في ذات السياق، بأن أكثر النظم الإيكولوجية التي تأثرت كثيرا بالجزائر، هي الشعب المرجانية والأعشاب البحرية، والشواطئ الرملية. وأضاف المتحدث، بأن بعض الشواطئ الجزائرية بالقالة و بجاية، تعد موطن تعشيش لبعض أنواع السلاحف البحرية، إلا أنه وبسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، واختفاء بعض النباتات البحرية، هاجرت من هذه المواقع.
شعب مرجانية مهددة بالاختفاء
من جهته، أوضح رئيس جمعية التنمية المستدامة والسياحة البيئية لولاية سكيكدة، جمال زرقوط، بأن الباحثين توقعوا بأن 60 بالمائة من الشعب المرجانية مهددة بالاختفاء بحلول 2030، لأن درجات الحراراة سترتفع كثيرا، وبالتالي حركة المياه ستتغير، وتتزايد نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، مما يشكل خطرا على الأسماك والقشريات التي كانت تعتمد على درجة حرارة معينة وعلى مواد نباتية وسقوط أمطار في مواسمها وعلى التغذية. وأكد الخبير، بأن الكثير من الأسماك المتواجدة على طول شريط البحر الأبيض المتوسط بالجزائر، تعرضت للاختناق نتيجة قلة الأوكسجين وارتفاع أكسيد الكربون، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة ستقضي مستقبلا على آلاف الكائنات البحرية والأسماك والنباتات.
وأضاف المتحدث، أن ارتفاع مستوى سطح البحر في السنوات الأخيرة أثر على بعض مواقع تكاثر وعيش الكائنات البحرية، وكذا على الأسماك المهاجرة والقاعدية، وأوضح بأن هجرة بعض أنواع الأسماك تؤثر على دورة حياتها، كما تؤثر على التنوع الحيوي وبالتالي الأنواع الأخرى تختفي وتنقرض.
وأشار زرقوط، إلى أن الشريط الساحلي الجزائري، به مناطق استراتيجية تحتوي على كائنات بحرية متنوعة وكثيرة، إلا أنه يتم القضاء عليها بطريقة خاطئة دون علم مختصين أو أصحاب القرار السياسي.
لذا وجب بحسبه، إيجاد الحلول الممكنة، سواء كانت بعيدة أو قريبة المدى من أجل التقليل من التأثيرات السلبية على الثروة البحرية، وذلك من خلال تحسيس السكان المحليين بمخاطر الصيد التقليدي، الذي يقضي على الكثير من الأنواع البحرية النادرة والمنقرضة، وبأهمية الشعب المرجانية وكذا تعريفهم بطرق الصيد الصحيحة والمستدامة.
هكذا دخلت الحيتان المفترسة إلى شواطئنا
وأرجع الخبير، سبب دخول أنواع من الحيتان المفترسة إلى الشريط الساحلي الجزائري على غرار الأوركا والقرش، إلى التلوث المائي وارتفاع درجة حرارة المحيطات، نفوق عدد كبير من الأسماك التي تعد ضمن سلسلتها الغذائية. وأشار المتحدث في سياق منفصل، إلى أن البحر الأبيض المتوسط مهدد بالاختناق والموت، لذا وجب على الدولة الجزائرية وضع ميكانيزمات وآليات للحفاظ عليه، كخلق مناطق بحرية آمنة من التلوث والصيد العشوائي.
مستشارة العدالة المناخية بمنظمة «أوكسفام» صفاء الجيوسي للنصر
تواصل الاحترار سيتسبب في الجفاف وانهيارنظم إيكولوجية
حذرت الخبيرة البيئية ومستشارة العدالة المناخية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة «أوكسفام» الدولية العاملة على التخفيف من حدة الفقر في العالم، صفاء الجيوسي، من خطر استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب، مؤكدة أن الوصول أو تجاوز 1.5 درجة مئوية سيوصل إلى نقاط تحول لا يمكن الرجوع عنها، وأوضحت أن العالم يعيش نمطا مناخيا يعد الجنوب العالمي الذي يضم دول المنطقة العربية وشمال إفريقيا الأكثر تضررا منه، علما أنها ستعاني كثيرا جراء ذلك خلال السنوات المقبلة، وأكدت الجيوسي أن التطرف سيكون شديدا خلال فصل الصيف الحالي.
حاورتها : إيمان زياري
النصر: يعاني العالم خلال السنوات الأخيرة من ظواهر متطرفة، فيما تشهد منطقة شمال إفريقيا والمنطقة العربية ككل ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة، ما تفسيركم لذلك؟
فعلا، كل هذا سببه الانبعاثات التاريخية الناجمة عن الثورة الصناعية، فالظواهر المتطرفة تتزايد من حيث التواتر والشدة، كالفيضانات والجفاف والعواصف، كلها أصبحت أشد وأكثر شيوعا، وفي الوقت نفسه ظهرت الآثار طويلة الأجل لتغير المناخ مثل انخفاض غلال المحاصيل بشكل مزمن أو شح المياه، واليوم تبلغ درجة الحرارة العالمية السنوية حوالي 1.1 درجة مئوية وهي أكثر سخونة من مستويات ما قبل الصناعة.
النصر: ما هي أعلى درجة يمكن توقعها؟ وما الذي قد تسببه للعالم؟
إن تجاوز 1.5 درجة مئوية ولو مؤقتا، يمكن أن تكون له عواقب خطيرة لا رجعة فيها، فذلك يزيد من مخاطر إثارة «نقاط التحول» مثل ذوبان التربة الصقيعية و انهيار النظام الإيكولوجي للغابات، فكل جزء من الدرجة يعد مهما للغاية.
النصر: ما هي المناطق الأكثـر تضررا من كل هذا؟
يعاد توزيع الأثر المدمر لتغير المناخ على الأشخاص الذين يعيشون في حالة فقر، و يفاقم الأثرياء والبلدان الغنية من أزمة المناخ، في حين أن الأشخاص الذين يعيشون في حالة فقر والفئات المهمشة والجنوب العالمي والدول الجزرية الصغيرة وغيرها من البلدان الضعيفة بشكل خاص هي الأشد تضررا من تأثير تغير المناخ.
النصر: يدور حديث حول تسجيل زيادة في عدد أيام الحر خلال فصل الصيف، أين سيصل الوضع بشمال إفريقيا والعالم العربي، وكيف سيؤثر ذلك على المنطقة خاصة وأنها من المناطق الأكثـر سخونة في العالم؟
للأسف، حدة التطرف في ازياد، فالجفاف سيكون سمة ونمطا بمنطقتنا العربية إلى جانب شح المياه، وهي من التبعات الرئيسية، وبحسب دراسة للبنك الدولي فإذا استمرالاحترار العالمي بالارتفاع وإذا وصلت إلى 4 درجات سيتجاوز معدل أيام الحر الشديد بالمنطقة 126 يوما، ومن أهم تبعات هذا التغير المناخي، الجفاف والتذبذب في مياه الأمطار، إلى جانب الحر الشديد خلال فصل الصيف والأمطار الوميضية التي تؤدي إلى الفيضانات خلال الشتاء، علما أن تحديات ندرة المياه ستنعكس على توافر المياه العذبة من حيث الكمية والنوعية والوصول إلى خدمات المياه والبنية التحتية والموارد المائية والقدرات المؤسساتية، كما أن تأثير هذه التغيرات سيمتد إلى الأمن الغذائي وسبل المعيشة وحتى الاستقرار الاقتصادي والسياسي، كما أن التنوع البيولوجي يتدهور بالفعل في المنطقة وسيتضرر أكثر بسبب تغير المناخ، بحيث أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين سيؤدي إلى انقراض ما يصل إلى 40 بالمائة من جميع الأنواع الموجودة في المنطقة.
النصر: إلى أي مدى سيصل التأثير في ظل استمرار استخدام الوقود الأحفوري وعدم الأخذ بعين الاعتبار حماية كوكب الأرض من أضرار استخدامه؟
بحسب الأمم المتحدة فإن أكثر من 91 بالمائة من الوفيات الناجمة عن الكوارث المرتبطة بالمناخ والطقس على مدى 50 سنة الماضية، قد حدثت في الجنوب العالمي، وتشير الأدلة إلى أن اللامساواة بين البلدان الغنية وبلدان الجنوب العالمي أكثر أصلا بنسبة 25 بالمائة مما ستكون عليه في عالم خال من الاحترار العالمي، ولذلك لا يمكننا احتساب الآثار على المستوى المادي فقط، وإذا أردنا تطبيق اتفاقية باريس والحد من الارتفاع في درجة حرارة الأرض لـ1.5 درجة، لا يجب أن يكون هنالك مكان للوقود الأحفوري.
فتغير المناخ يتسبب في خسائر وأضرار واسعة النطاق على الطبيعة والبشر، مما يعرض المجتمعات البشرية والطبيعة لمخاطر لا تطاق ولا رجعة فيها، يمكن للتكيف من أن يحسن رفاهية الناس ويقلل من المخاطر الناجمة عن تغير المناخ، ولكن هذا الشق يعاني من نقص التمويل، وإذا لم يتم بشكل جيد، فإنه يهدد بتفاقم المشاكل الاجتماعية القائمة وعدم المساواة بين المجتمعات.
تجاوز خطير للحد المسموح به من الغازات الدفيئة
النصر: هل نحن في الحد المسموح به من الغازات الدفيئة أم أنه تم تجاوزها، وإلى أي مستوى وصلت؟
نحن نعاني بسبب تقدم الدول نتيجة الثورة الصناعية وعدم اعترافها الكامل بمسؤوليتها للعمل المناخي بالجنوب العالمي بشكل عام، فالحد الأعلى الآمن المسموح به للبشرية للغازات الدفيئة هو 350 جزءا من المليون، لكنها اليوم تعدت ذاك بكثير ووصلت إلى 426 جزءا من المليون.
النصر: بما أنكم تناضلون في ظل منظمة «أوكسفام» ضد الفقر والجوع في العالم، كيف كان تأثير التغيرات المناخية على الأفراد في المناطق الفقيرة؟
شهدت «أوكسفام» عن كثب كيف يعاني الأشخاص الذين يعيشون في فقر، خاصة النساء والفتيات والمجتمعات الأصلية وبلدان الجنوب العالمي بشكل عام من التأثيرات غير المتكافئة للتغيرات المناخية، بما يزيد من الفجوة بين الشمال والجنوب، ووجدنا أن عدد الوفيات الناجمة عن الفيضانات في البلدان الأكثر عدم مساواة هو سبعة أضعاف عدد الوفيات في البلدان الأخرى، فالتغير المناخي يزيد بالفعل من حدة التفاوت بين الدول.
الجنوب العالمي الأكثر تضررا من تغيرات المناخ
النصر: ما هي الحلول المقترحة لتجنب انهيار المناخ؟
يجب أن تتحول الاقتصادات العالمية بشكل كبير وسريع إذا أردنا تجنب انهيار المناخ، فالبشرية بحاجة إلى التوقف وبسرعة عن استخدام جميع أنواع الوقود الأحفوري والاستثمار في التحول إلى الطاقة المتجددة النظيفة، بالإضافة إلى زيادة كفاءة الطاقة والموارد، كما يجب إنهاء الاستهلاك المفرط وغير الضروري من قبل أغنى الأثرياء في المجتمع العالمي، على أن تكون هنالك استثمارات وجهود لإنشاء نظام اقتصادي يعزز الرفاهية للجميع ضمن حدود كوكبنا، ومن الأهم بما كان أيضا أن يكون هذا التحول عادلا ومتساويا، ليس فقط من الناحية الاقتصادية ولكن أيضا من خلال مواجهة النظام الأبوي والعنصرية واللامساواة التي يغذيها نظامنا الاقتصادي، خاصة و أن التحول المتساوي يتطلب زيادة جذرية في المساواة مع انتقال سريع وعادل بعيدا عن الوقود الأحفوري ووضع هدف جديد لعصر جديد.
النصر: وما هي جهود «أوكسفام» للحد من تغيرات المناخ وتأثيراتها؟
تعمل منظمة «اوكسفام» على محاور مختلفة لإنهاء الفقر والجوع الذي ينتج جزء كبير منه من التغيرات المناخية، نحن نعمل في 85 دولة مع آلاف الشركاء والحلفاء لدعم المجتمعات وبناء حياة أفضل للجميع مع تعزيز الصمود وحماية الأرواح وسبل العيش أيضا في أوقات الأزمات وذلك من خلال استراتيجيتها السنوية المتمثلة في تعزيز الوصول إلى التمويل الكافي للمناخ الذي يدعم التأهب والتكيف والتخفيف والتعويض عن الخسائر لاسيما في المجتمعات الأكثر فقرا وضعفا، مع دعم وحماية الأشخاص الذين أجبروا على الهجرة بسبب أزمة المناخ، علما أن «أوكسفام» تقوم حاليا بتمكين التحولات العادلة عبر التحرك نحو إقتصاد مستدام بيئيا لا يعتمد على طاقة الوقود الأحفوري ويساهم في توفير العمل اللائق للجميع، مع بناء القدرة على الصمود مع تغير المناخ والدعوة للحصول على التمويل المتعلق بالمناخ.
إ. ز
عاشت مؤخرا، بلدية وجانة بأعالي جبال جيجل على واقع تظاهرة التجوال السياحي بالدراجات الهوائية، إذ اكتشف 80 دراجا قدموا من تسع ولايات روعة و سحر عدة أماكن طبيعية خلابة بالمنطقة، خصوصا وأن المسافة الممتدة على طول 19 كلم، من منطقة الأربعاء إلى واد أزاون كلها فضاءات طبيعية و أماكن جذب تستحق الاكتشاف.
كـ. طويل
بادرت جمعية السفير للسياحة بالتنسيق مع بلدية وجانة إلى إقامة الطبعة السابعة للتجوال السياحي بالدراجات الهوائية عبر الطريق الرابط بين منطقتي الأربعاء ببلدية وجانة و واد أزاون، بحيث تم التركيز على مسار سياحي و تاريخي يتضمن العديد من النقاط و الأماكن السياحية بالبلدية، مرورا على وسط البلدية على مسافة 19 كلم، بحيث لمس المشاركون طيبة أبناء المنطقة و اكتشفوا روعتها.
وجانة تكشف عن جمالها للرياضيين
توجهنا للمشاركة في التجوال السياحي، بحيث كانت الانطلاقة من أمام مقر بلدية جيجل، أين التقى جميع المشاركين، وقد وجدناهم متحمسين للتجوال و اكتشاف المدينة.
أخبرنا أحدهم قائلا: " قررت المشاركة في التجوال، رفقة أبنائي من أجل التعرف على بلدية وجانة المعروفة بجمالها الخلاب، حيث سمعت الكثير عن منطقة الأربعاء وواد أزاون الذي يستقطب الزوار خلال موسم الاصطياف و لم يسبق لي أن زرته، فأنا أفضل خلال هذه الفترة استعمال الدراجة الهوائية بسبب الاكتظاظ المروري الذي يحدث بعاصمة الولاية، وفور سماعي بالتظاهرة أخبرت أبنائي فسعدوا كثيرا بالتجوال و لمشاركتي، كما فرحت كثيرا بمثل هكذا نشاط ترويجي و هادف".
وذكر آخر، أنه قرر الانخراط في التجوال قصد التعرف على جمال جبال الولاية و أنها أول مشاركة له في التظاهرة، حيث قرر أن يكتشف بلدية وجانة بالدراجة الهوائية التي تفيده من الناحية الصحية و كذا إمكانية التنقل بسهولة و التوقف لالتقاط الصور.وكان أعضاء الجمعية كخلية نحل تحرص على حسن تنظيم و تنقل المشاركين في أريحية، و أخبرنا أحد الأعضاء بأن مشاركين قدموا من ثمان ولايات و قد احتضنهم مركز التكوين و التمهين بوجانة، و سيتنقلون عبر الدراجات وصولا إلى نقطة الانطلاقة، أين كان جمهور غفير بانتظارهم.
أطفال يشاركون في الطواف الرياضي السياحي
شارك في التظاهرة كذلك، أطفال قدموا رفقة مدربهم للمشاركة في طواف الدراجات الهوائية و الحصول على تجربة سياحية مختلفة، وحسب مدربهم، فإنه من المهم أن يكتشف الصغار جمال بلادهم مؤكدا أنه سبق لهم المشاركة في طبعات منقضية.
بعد لحظات انطلقت القافلة التي تضم 55 مشاركا يمثلون مختلف بلديات الولاية، جلهم من عشاق الدراجة الهوائية أو منخرطون في نواد رياضية، وقد كانت لنا دردشة مع بعضهم حول التظاهرة، أين أجمعوا على أهمية هكذا نشاطات للتشجيع على استعمال الدراجة الهوائية و كذا التعرف على المقومات السياحية للمنطقة، وقيل لنا إن الولاية تستحق أن تكتشف و تثمن سياحيا.
بعد مرورنا على بلدية الطاهير وصولا إلى بلدية وجانة، و أثناء تنقلنا إلى منطقة الأربعاء وجدنا المشاركين من خارج الولاية مجتمعين للارتواء من المياه العذبة المتدفقة من أحد الينابيع على حافة الطريق، وقد أنعشتهم برودتها الطبيعية و أحبوا صفاءها.أخبرنا أحد المشاركين من ولاية البليدة، بأنه لم يسبق و أن شاهد عددا مماثلا من الينابيع على طول طريق واحدة، و هي ميزة صنعت استثناء بلدية وجانة، وأكدت أنها الأحسن والأنسب لاحتضان هكذا تظاهرة رياضية.
سحر الطبيعة و سخاء الينابيع المائية يبهران المشاركين
وصلنا بعد دقائق إلى منطقة الأربعاء التاريخية بأعالي بلدية وجانة، وتحديدا عند نقطة الانطلاقة، وهناك أوقف المشاركون دراجاتهم وتوجهوا لالتقاط الصور، لاسيما و أن المناظر كانت خلابة وساحرة، علق بعضهم بأن سحر و جمال الطبيعية و جبال جيجل الخضراء لا يمكن وصفه و كذا الهواء العليل و النقي المنعش.أما رئيس بلدية وجانة فؤاد عسكر، فاعتبر المبادرة مهمة جدا لإحياء السياحة في المنطقة، وقال إن الانطباعات الإيجابية للمشاركين دليل على نجاح التظاهرة.وتحدث أيضا، عن حسن اختيار مسار السباق الذي تم بالتنسيق مع الجمعية، و قال إن الغرض من الفعالية هو الترويج لمناطق لم تأخذ حقها سياحيا و إعلاميا، فمنطقة الأربعاء حسبه، من أجمل المناطق المحفوفة بغابات الزان التي تعتبر من بين الغابات التي تستحق الاكتشاف.
مفاجأة واد أزاون
وأضاف، بأن المشاركين سيتعرفون عبر مسار من 19 كلم، على العديد من المناطق الخلابة و الجميلة، و ستكون المفاجأة في نقطة النهاية بواد أزاون.
كما ذكر رئيس جمعية السفير للسياحة عبد الكريم شكيرب، بأن التظاهرة تهدف لإحياء اليوم الوطني للسياحة، وقد تم اختيار مسار جديد و بلدية تحمل مقومات للنهوض بالسياحة الجبلية، أين تعرف المشاركون القادمون من تسع ولايات على جمالها الخلاب و قد انبهروا حسبه، بسحر الطبيعة و روعة الينابيع المائية المنتشرة على طول الطريق.
وقد سار المشاركون بدراجاتهم في انسجام و تناسق رائع، و قرروا اتباع تعليمات المنظمين لتكون الرحلة جولة استكشافية سياحية ممتعة، و حددت لذلك عدة نقاط للتوقف من أجل التقاط الصور و التعرف على جغرافية وجانة الساحرة.
وعند توقف الجولة، سارع الجميع لالتقط الصور و الاستفسار حول بعض الأماكن، أخبرنا أحد المشاركين بأنه لم يتوقع أن تكون وجانة جميلة لهذه الدرجة، إذ كان يظنها منطقة جبلية وعرة، وذلك لنقص الترويج الإعلامي و السياحي لها.
وأثناء المرور على وسط البلدية، صفق مواطنون بحرارة للمشاركين في التظاهرة، لاسيما الأطفال الصغار، و لدى وصولنا لواد أزاون اندهش المشاركون من روعته و برودة الجو بمحيطه، وذكر مشارك من مستغانم بأن نقطة النهاية رائعة، سمحت له باكتشاف الوادي معلقا: " المنطقة تستحق الزيارة و الاكتشاف، و مياهها منعشة و عذبة".مشاركون آخرون قرروا السباحة في الوادي بعد التأكد من عدم وجود خطورة، وحسب من تحدثنا إليهم، فإن جيجل تحوز على مؤهلات عديدة لاحتضان تظاهرات مماثلة للتجوال بالدراجة الهوائية، والتي تسمح باكتشاف التنوع البيئي الموجود في البلديات الجبلية، فكل بلدية تحمل ميزة و مؤهلات تختلف عن الأخرى.
وقال أحد المشاركين: " شاركت للمرة الرابعة في التجوال السياحي وفي كل مرة أكتشف بلدية من بلديات جيجل، فالمناطق الجبلية بالولاية تختلف و تمتلك سحرا لا يمكن وصفه، فجيجل معروفة بشواطئها و لكن لجبالها خصوصية فريدة أيضا". عند انتهاء النشاط اجتمع المشاركون لتناول وجبة الغداء على طول الوادي، و تأسف بعضهم لانقضاء الوقت، حيث وجهوا نداء للسلطات الولائية من أجل دعم السياحة الجبلية و الرياضية بالمنطقة، مؤكدين بأن بلدية وجانة ساحرة و تستحق الزيارة و عقدوا العزم على الترويج لها.
الاحترار «يحرق» القارات
توقعات بارتفاع درجة الحرارة خلال السنوات الخمس القادمة
تجتاح عديد دول العالم وبينها الجزائر منذ أيام، موجات حر شديدة، أدت لوفاة عدد كبير من الأشخاص بينهم أكثر من ألف حاج في البقاع المقدسة، في وقت تعالت تحذيرات عربية ودولية من إحتمال تجاوز درجة الحرارة العالمية السنوية 1.5 درجة وإنذار بصيف ساخن، نتيجة تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري، مع تأكيد على تسجيل إحترار في المياه السطحية للبحر المتوسط للعام الثالث على التوالي.
سجل الأسبوع الأول من النصف الثاني من شهر جوان وحتى قبل بداية فصل الصيف إرتفاعا قياسيا في درجات الحرارة إجتاحت عديد البلدان في القارات الخمس، مما تسبب في الكثير من الوفيات مثلما وقع بالسعودية بتسجيل أكثر من 1100 حالة وفاة بين الحجاج في نهاية مناسك الحج بسبب الإجهاد الحراري وبلوغ درجة حرارة 51 درجة مئوية، فضلا عن الإعلان عن وفيات في دول أخرى كالهند التي بلغت درجة الحرارة بها 35.2 درجة، وإطلاق تحذيرات في بلدان أخرى بفعل ذلك كالولايات المتحدة الأمريكية التي تجاوزت درجات الحرارة بها 43 درجة مئوية، ونشوب عدد من حرائق الغابات كتلك التي تم تسجيلها في البرتغال واليونان.
قتلى وحرائق ودرجات حرارة قياسية حول العالم
وذكرت خدمة مراقبة تغير المناخ التابعة للإتحاد الأوروبي أن موجات الحر التي إجتاحت القارات الخمس خلال الأيام القليلة الماضية، تأتي على خلفية 12 شهرا متتاليا سجل أعلى درجات حرارة على الإطلاق مقارنة بالسنوات الماضية، بينما إعتبر خبراء دوليون في المناخ أن هذه الحرارة تؤكد على أن الإحتباس الحراري العالمي وراء ذلك بما أدى ويهدد بكوارث لم تكن متوقعة غير أنها أصبحت شائعة.
وذكر آخر تقرير صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لشهر جوان، أن هنالك أرجحية بنسبة 80 بالمائة بأن يتجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية السنوية 1.5 درجة مئوية بشكل مؤقت لسنة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة، ما يرفع تحذيرا عالميا صارخا بالإقتراب وبشكل أكبر من أي وقت مضى من الغايات المحددة في إتفاقية باريس بشأن تغيرات المناخ، والتي تشير إلى إرتفاع درجات الحرارة على المدى الطويل على مدى عقود وليس خلال فترة قصيرة فقط من السنوات القليلة المقبلة.
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحذر من إرتفاع درجة الحرارة العالمي
وأوضح التقرير أنه من المتوقع تسجيل متوسط درجة حرارة عالمية قريبة من السطح لكل عام بين عامي 2024 و2028 أعلى من خط أساس الفترة 1850 و1900 بمقدار يتراوح بين 1.1 و1.9 درجة مئوية، كما أنه يرجح بنسبة 86 بالمائة أن تسجل سنة على الأقل من هذه السنوات رقما قياسيا جديدا في درجات الحرارة، متجاوزة عام 2023 الذي يعد حاليا أكثر الأعوام دفئا أو بالأحرى حرارة.
وثمة أرجحية بنسبة 47 بالمائة أن يتجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية خلال السنوات الخمس المقبلة 2024-2028 بأكملها مستوى 1.5 درجة مئوية فوق عصر ما قبل الصناعة، وهو ما أشار إليه التحديث العالمي السنوي الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وذلك بتسجيل زيادة من 32 في المائة عن تقرير العام الماضي للفترة 2023-2027.
ودقت نائبة الأمينة العامة للمنظمة «كوباريت» ناقوس الخطر بأن العالم يتوجه وبوتيرة متزايدة إلى تجاوز 1.5 درجة مئوية بشكل مؤقت، مؤكدة أن ذلك يشير إلى الاحترار طويل الأجل على مدى عقود، داعية لضرورة العمل الجاد والعاجل لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وإلا سيكون الثمن باهظا بشكل متزايد يقدر بتريليونات الدولارات من التكاليف الاقتصادية، وملايين الأرواح المتضررة من الطقس الأكثر تطرفا والأضرار الجسيمة التي لحقت بالبيئة والتنوع البيولوجي.
استمرار احترار مياه المتوسط
أشار المركز العربي للمناخ عن تسجيل إحترار في المياه السطحية للبحر الأبيض المتوسط بشكل كبير وملحوظ للعام الثالث على التوالي، وذكر أن الاحترار الحالي قد يكون الأعلى على الإطلاق استنادا إلى السجلات المناخية، بما ينذر باحتمال تأثير ذلك على الخريف المقبل من خلال تسجيل عواصف في بعض المناطق.
وأوضح مدير المركز العربي للمناخ ، أن الاحترار يرتكز بصورة رئيسية في الجزء الشرقي والأوسط من البحر الأبيض المتوسط، ما يعني أن التأثير قد يكون على دول بلاد الشام وشمال مصر وجنوب غرب تركيا، وصولا إلى ليبيا وتونس وإيطاليا واليونان.
وقد حذر المركز وطيلة الأعوام السابقة من هذه الظاهرة التي وصفها بالمستجدة، مؤكدا أنها تتسبب بحالات جوية عنيفة وقوية وصعبة التوقع، مشيرا إلى العواصف القوية التي كان قد حذر منها العام الماضي بالبحر الأبيض المتوسط، نتيجة لاحترار المياه السطحية كونها تعمل كالوقود الذي يشعل العواصف الشديدة بفعل زيادة الفروقات الحرارية بين الكتل الهوائية والمياه، لتتشكل بعدها وبفترة قصير عاصفة دانيال التي ضربت السواحل الليبية الشمالية وتسببت في كارثة درنة.
زيادة بـ26 يوما من الحرارة الشديدة
أدت التغيرات المناخية التي يشهدها العالم إلى زيادة في عدد أيام الحر بـ26 يوما في المتوسط عبر كامل أنحاء العالم خلال الـ12 شهرا الماضية، وفقا لتقرير صادر عن مركز المناخ التابع للإتحاد الدولي لجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر، وهي الأيام التي ثبت أنها نتجت عن انبعاثات غازات الدفيئة التي خلفها البشر خلال الفترة الممتدة بين 15 ماي 2023 و 15 ماي 2024.
وذكر الباحثون المشاركون في إعداد التقرير أن 26 يوما تميز بدرجات حرارة قصوى ازدادت شدتها بسبب الاحتباس الحراري، مما سمح بتصنيفها على أنها أيام حارة إضافية لأيام الحر العادية الخاصة بفصل الصيف، كما أشار التقرير إلى أن موجة الحر شملت معظم دول العالم، وتعرض لها 78 بالمائة من البشر لما يعادل 31 يوما من الحرارة الشديدة خلال سنة 2023، بتسجيل 76 موجة حر شديد في 90 دولة بمختلف القارات، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، علما أن البلدان الخمسة الأكثر تضررا تقع في أمريكا اللاتينية وهي سورينام، الإكوادور، غيانا، السلفادور وبنما.
اليونيسكو.. تضاعف معدل احترار المحيطات خلال 20 عاما
أظهر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو» شارك في إعداده أكثر من 100 عالم من 30 بلدا، مؤشرات خطيرة تثير القلق بشأن احترار المحيطات والمخاطر المحدقة بها، مبرزا التحديات الواجب مواجهتها كاحترار المحيطات وارتفاع مستوى سطح البحر والتلوث وتحمض المحيطات ونزع الأوكسجين والكربون الأزرق وفقدان التنوع البيولوجي.وقد تسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات إلى جانب التلوث في فقدها منذ ستينيات القرن الماضي لـ2 بالمائة من الأوكسجين، وهو ما يؤثر على المناطق الساحلية أين تتمركز نفس الكائنات الحية في الخطوط الأمامية في معركة البقاء على قيد الحياة، بينما تم تحديد 500 منطقة ميتة تكاد تنعدم فيها الحياة البحرية بسبب تناقص الأوكسجين، كما يشكل ارتفاع الحموضة من المشاكل الكبرى ، بحيث تمتص المحيطات من 25 إلى 30 بالمائة من الانبعاثات الناتجة عن الوقود الأحفوري والكم الهائل من ثاني أكسيد الكربون، بحيث ارتفعت نسبة حموضة المحيطات بمقدار 30 بالمائة ومن المتوقع أن تبلغ 170 بالمائة بحلول العام 2100.
بعد امتلائها خلال السنة الجارية
إطلاق 700 طائر من بط العنق الأخضر بحواجز مائية بقسنطينة
أطلقت محافظة الغابات لولاية قسنطينة خلال الأيام الماضية 700 طائر من بط العنق الأخضر بأربعة حواجز مائية اصطناعية في 3 بلديات، حيث تستهدف العملية تعزيز التنوع الإيكولوجي والحفاظ على المناطق الرطبة، بينما تأتي لسد العجز المسجل فيها بعد أن هجرت أعداد منها نتيجة نقص الأمطار المسجل خلال السنوات الماضية.
وأفاد المكلف بالإعلام على مستوى محافظة الغابات لولاية قسنطينة، علي زغرور، أن مصالح المحافظة قامت بإطلاق 700 طائر من نوع بط العنق الأخضر عبر البحيرات الاصطناعية في ثلاث بلديات، حيث أطلق أكثر من 300 طائر منها على مستوى البحيرة الاصطناعية «برغلة» في عين سمارة، وحوالي 100 على مستوى البحيرة الخامسة بجبل الوحش، فيما أطلقت البقية على مستوى الحاجزين المائيين «الأبيار» الواقع بالقرب من منطقة «كاف تاسنغة» والحاجز المسمى الهرية في بلدية ابن باديس. وأضاف المصدر نفسه أن العملية تأتي بالتنسيق مع مركز الصيد بالرغاية، حيث شرح لنا أنها تلبية للطلبات المقدمة من محافظة الغابات لولاية قسنطينة من أجل سد العجز المسجل في الطيور البرية على مستوى المسطحات المائية.
وأضاف محدثنا أن نقص الأمطار خلال السنوات الماضية تسبب في تراجع كبير لمنسوب المياه في المسطحات المائية بالولاية، ما أدى إلى هجرة أعداد كبيرة من الطيور المائية، على غرار بط العنق الأخضر، مؤكدا أن الأرقام المتوصل إليها بعد عمليات الإحصاء السنوية التي تقوم بها المحافظة تؤكد التراجع الكبير، خصوصا خلال الأعوام الأخيرة. وذكر المكلف بالإعلام أن بط العنق الأخضر يستطيع التكيف في بيئات مختلفة، حيث أوضح أن المحافظة قامت بعمليات إطلاق مختلفة خلال السنوات الأخيرة مست بط العنق الأخضر والبط الأبيض وطائر الدراج، بينما نبه أنها وجهت طلبات مختلفة للحصول على أعداد أخرى من الطيور المائية والحيوانات من أجل إطلاقها في الحظيرة الطبيعية للولاية أيضا.
وتستهدف عملية الإطلاق المحافظة على التنوع الإيكولوجي والبيئي والحفاظ على المناطق الرطبة وزيادة الثروة الحيوانية في الولاية، حيث أوضح محدثنا أن العملية الأخيرة لإطلاق بط العنق الأخضر تأتي مع ارتفاع منسوب الحواجز المائية هذه السنة، حتى بلوغها حد الامتلاء بفضل الكميات الكبيرة من الأمطار التي سجلتها قسنطينة، بينما أشار محدثنا أن المحافظة تسعى إلى إطلاق حيوانات أخرى أيضا على غرار طرائد الصيد، بالتنسيق مع مركز الصيد بزرالدة، مشيرا إلى أنها تشمل عدة أصناف من الحيوانات البرية، على غرار الأرنب البري والحجل والسمان وغيرها.
من جهة أخرى، لم تسجل ولاية قسنطينة أي حادث حريق داخل الغابات إلى غاية اليوم منذ انطلاق فترة حملة مكافحة حرائق الغابات بداية شهر ماي الماضي، حيث أكد المكلف بالإعلام على مستوى المحافظة أن إجراءات الوقاية التي وضعتها السلطات المحلية من خلال تنصيب نقاط مراقبة وتخييم متقدمة مكنت من التدخل المبكر لمنع وقوع أي حرائق، في حين ذكر محدثنا أن إدارة المحافظة عينت إطارين سيستفيدان من التكوين المتخصص في التحكم في الطائرات المسيرة المخصصة لمكافحة حرائق الغابات، في انتظار استلامها على غرار ولايات أخرى.
ويذكر أن عملية إطلاق طيور بط العنق الأخضر عرفت مشاركة الفيدرالية الولائية للصيادين وجمعية حماية الطبيعة والبيئة، في حين استعادت المناطق الرطبة في الولاية دورها الوظيفي والسياحي في السقي واستقطاب المواطنين بولاية قسنطينة بعد أن عرفت امتلاء خلال السنة الجارية، مثلما لاحظناه على مستوى الحاجز المائي برغلة بعين سمارة، حيث أصبح يقصده أفراد وبعض العائلات للنزهة، خصوصا خلال عطلة نهاية الأسبوع وخلال الساعات المسائية، بالإضافة إلى صيادي الأسماك. سامي .ح
يعول على الوظائف الخضراء، كمحرك اقتصادي هام في العديد من دول العالم ومن بينها الجزائر، التي اتبعت في السنوات الأخيرة إستراتيجية وطنية حددت فیها عددا من المهن في مجال حمایة البیئة كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، من خلال الاعتماد على الطاقات المتجددة بدل التقليدية الزائلة، و التي تعتبر إحدى العوامل الأساسية لإرساء مبادئ الاقتصاد الأخضر، كما استحدثت في نفس الوقت مؤسسات ناشئة تستغل الإمكانيات الهائلة التي یوفرها الاقتصاد الأخضر في الجزائر، لتوسيع أفاقه وفتح سوق العمل في هذا المجال الواعد.
لينة دلول
استجابية للآثار السلبیة الناتجة عن التغیر المناخي
ويُقصد بالوظائف الخضراء، تلك الوظائف التي تساهم في الحفاظ على البيئة والأرض واستعادتها، قد تعمل في قطاع تقليدي مثل التصنيع أو البناء، أو في صناعة خضراء ناشئة جديدة مثل الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة.
مبادرة الوظائف الخضراء "أطلقتها منظمة العمل الدولیة"، و هي استراتیجیة استجابية للآثار السلبیة الناتجة عن التغیر المناخي والمترتبة على العمل، تهدف إلى الدمج بین أهداف الحد من الفقر وتلك الخاصة بتخفیض مستوى انبعاث الغازات الدفیئة عبر استحداث فرص عمل لائق، ومنها الوظائف التي تحمي النظم الإیكولوجیة والتنوع البیولوجي وتقلص من استهلاك الطاقة والمواد والمیاه عبر اللجوء إلى استراتیجیات ذات فعالیة عالیة.
وتعمل الوظائف الخضراء على تخفیض تأثیرات المؤسسات والقطاعات الاقتصادیة على المحیط وجعل معدلات التأثیر في مستویات مقبولة. توجد الوظائف الخضراء في العدید من القطاعات الاقتصادیة، بدایة من تموین الطاقة إلى إعادة التدویر والزراعة والبناء والنقل، وتساعد على تخفیض استهلاك الطاقة، و المواد الأولیة والماء، انطلاقا من استراتیجیات ذات مردود عال، كما تسمح بتقلیل الكربون وتخفیض انبعاثات الغاز المضرة، بالإضافة إلى تقلیل مستویات أو اجتناب كل أشكال التبذیر والتلوث والحفاظ على التنوع البیولوجي.
جهود للتوجه نحو اقتصاد أخضر
ومن المبادرات الوطنية التي تهدف إلى خلق وظائف خضراء بالجزائر وتتوافق مع التطور الهام والسريع الحاصل في قضايا البيئة وحماية الأرض والانتقال إلى الاقتصاد الدائري، مشروع المهن الخضراء الذي أطلقه مكتب العمل الدولي سنة 2019، بالتنسيق مع وزارة العمل و التشغيل والضمان الاجتماعي و وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والذي خصص لفائدة خريجي الجامعات و مؤسسات التكوين والتعليم المهنيين و إنشاء شركات مقاولاتية للشباب في مجالات الوظائف والمهن الخضراء التي تدعم الطبيعة وتهتم بالغابات والزراعة و استرجاع و تدوير النفايات.
وكذا اتفاقية إطار الشراكة بين قطاعي التكوين المهني والبيئة التي تم توقيعها سنة 2020 ، قصد نشر ثقافة "المهن الخضراء" الخلاقة للثروة ومرافقة الشباب لإنجاز مشاريع في هذا المجال.
حاضنة للمقاولاتية الخضراء لتنمية المواطنة البيئية
كما قامت الجزائر منتصف سنة 2021، بإطلاق أول حاضنة للمقاولاتية الخضراء من أجل الارتقاء بالعمل الجمعوي إلى عمل مقاولاتي مؤسساتي يساهم في خلق مناصب عمل وتقليص البطالة، وتعزيزا لهذا المسعى تم اعتماد مبادرة الانتقال الإيكولوجي من طرف وزارة البيئة بالتنسيق مع القطاعات المعنية والفاعلين الجمعويين بهدف تنمية المواطنة البيئية.
كما تم إطلاق برامج تكوينية للتأهيل في مجال الوظائف الخضراء واستحداث شعب مختصة في مجال التدوير، بالإضافة إلى دعم ومرافقة الشباب أصحاب المشاريع الناشئة والمصغرة، لاسيما في إطار نشاطات التعاون بين الجزائر وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الجزائر والهادف إلى استحداث ديناميكية ضمن منظومة بيئة الأعمال في قطاع النفايات لخلق فرص العمل والتعريف بالفرص الاستثمارية الواعدة فيه، إلى جانب دراسة برامج الدعم وآليات التمويل المتاحة وتبادل الخبرات من أجل تطوير نماذج أعمال مستدامة النجاح والتحول الإيكوـ اجتماعي الذي يعتبر محركا أساسيا لتحقيق الأمن البيئي وتحسين الإطار والمستوى المعيشي للمواطن.
كما كثفت الوكالة الوطنية للنفايات جهودها لإنجاح هذه المساعي من خلال تشكيل قاعدة وثائقية حول إدارة النفايات وضمان نشرها على مستوى المجتمعات المحلية وقطاع الأعمال وتقديم المساعدة للشباب الراغب في النشاط والاستثمار في إطار التسيير المدمج والمستدام للنفايات بالتنسيق مع وزارة البيئة التي عملت على وضع الآليات التنظيمية التمويلية الرامية إلى حماية البيئة وترقية الشغل ومحاربة البطالة.
وتجدر الإشارة، إلى أن فئة الشباب تعد "اللبنة الأساسية في التحول من الاقتصاد الخطي التقليدي إلى الاقتصاد الدائري الأخضر والمستدام" من خلال المهن الخضراء ومشاريعهم وأفكارهم المبتكرة في مجال البيئة والتنمية المستدامة، حيث ظهرت الكثير من المؤسسات الناشئة التي يقودها شباب جامعيون في مجال الطاقة وإعادة تدوير المخلفات وفي الزراعة والتشييد والنقل.
إمكانية استحداث 1.4 مليون منصب في سنة 2025
وبحسب ما ذكرته الباحثة في العلوم الاقتصادية بجامعة سكيكدة، الدكتورة وهيبة قحام، في ورقتها البحثية الموسومة بـ "الوظائف الخضراء كمفتاح لاقتصاد مستدام"، فإن دراسة أنجزتها الوكالة الوطنية للتعاون من أجل التنمية بينت أنه من الممكن استحداث 1.4 مليون منصب شغل بالجزائر في سنة 2025، في نشاطات متعلقة بالاقتصاد الأخضر، حيث أن قدرة تطوير الشغل في ظل هذا التصور الجديد للاقتصاد تقدر بـ1421619 منصب شغل في عدة مجالات، على غرار تدوير النفايات المنزلية والفلاحة والطاقات المتجددة. وبحسب الباحثة، فقد بلغ عدد المؤسسات التي تمارس هذا النوع من النشاطات في 2012، ما لا يقل عن 27202، منها 3407 تنشط في مجال إعادة هيكلة النفايات، 1470 في تسيير المياه، 168648 في البناء الأخضر، و 631.68 في تسيير المساحات الخضراء و 30085 وحدة في خدمات متعلقة بالبيئة على غرار تدقيق الحسابات والدراسات والتكوين. وحسب تقرير أنجز مؤخرا، فإن هذه النشاطات تشهد إقبالا كبيرا من قبل الشباب والنساء الباحثين عن العمل، فهناك 14574 امرأة تنشط حاليا في المهن والوظائف المسماة الخضراء، وهو ما يمثل 9.7 من العدد الإجمالي للنساء المسجلات في السجل التجاري من بينهم 1938 مديرة، أما إحصائيات الدراسة فتشير إلى أن 7376 امرأة تنشط في قطاع البناء الأخضر، 123.3 في الخدمات و 827.3 في المساحات الخضراء، و 146 في معالجة النفايات و51 في تدوير النفايات و51 امرأة في قطاع المياه.
وجاء في الورقة البحثية، أن الحكومة وضعت التزامات طموحة ومحددة في هذا الاتجاه لدمج الاستدامة في تصميم خطط التنمية، وقد بذلت برامج واستثمارات كبيرة حيث يتم تطوير الاستثمارية الطموحة خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة وإدارة النفايات ومياه الصرف الصحي، وهي التي تحرك هذه المحاور من خلال إستراتيجية بيئية وطنية.
وأوضحت الأستاذة، أن الإستراتيجية الوطنیة للبیئة اعتمدت خطة عمل حددت فیها أنشطة معینة في مجال حمایة البیئة وتحقیق التنمیة المستدامة، بالاعتماد على مخططات تتوزع على عدة مستویات، وسخرت لذلك مجموعة من الوسائل القانونیة والتنظیمیة وحتى الاقتصادیة.
وبتقییم الإنجازات والإجراءات ذات الأولویة لبرنامج العمل البیئي الوطني (التي تم تحدیدها في التقریر الوطني للجزائر في الدورة19 ماي 2011 (للجنة المعنیة بالتنمیة المستدامة الأمم المتحدة)، نجد هناك ثراء وتنوعا في مشاریع الأنشطة الخضراء والأنشطة المرتبطة بها، فضلا عن وفرة استثمارات منجزة حققت نموا معتبرا یمكنها أن تساهم في تعزیز الإمكانات في التوظیف و ريادة الأعمال في القطاعات الخضراء في الجزائر.
المهندسة البيئية نسيمة عليوط للنصر
هذه هي معاييــر اختيـار النبـاتات المناسبـــة للأوســاط الحضريـة
يعد التشجير بحسب المهندسة البيئية بمصلحة المحافظة على التنوع البيولوجي والأنظمة البيئية، بمديرية البيئة لولاية قسنطينة نسيمة عليوط، استثمارا حيويا في الأوساط الحضرية، يساهم في تحقيق التوازن البيئي ويدعم استدامة التنمية الحضرية على المدى الطويل، لذلك يجب بحسبها الاسترشاد بمعايير اختيار النباتات المناسبة للمساحات العامة حتى لا تكون لها انعكاسات سلبية على صحة الإنسان والحيوان.
لينة دلول
وأكدت المهندسة، أن غرس الأشجار في الأوساط الحضرية يخضع للمرسوم التنفيذي، رقم 67 - 2009، المؤرخ في 07 فيفري 2009، و الذي يحدد القائمة الإسمية للأشجار الحضرية وأشجار الصف التي يمكن زرعها في المدينة وهي كالآتي: أكاسيا، تنينية، صفيراء، تين البنغال، الأبونس، ليلك، الدفلى، الخوخ، رجوان، الفلفل المستحي، جنبة الرباط، الزيزفون الكاذب، المغث، كتلبة، الخروب، السرو دائم الإخضرار، سرو الفضة، سرو إيطاليا، الأوكاليبتوس، الدردار، غلاديشية، جرافيليا، مغنولية ذات أزهار كبيرة، الأزدرخت، التوت الأبيض، الدلب الغربي، الحور الأبيض، الحور الأسود، الصنوبر الثمري، المسكة، الصفصاف الأبيض، الجكارندا بأوراق الميموزا، الطرفاء، السرو، تيبا، نخيل الكناري، نخيل الواشونطونيا.
وأكدت المهندسة، بأن جميع الأشجار المذكورة، مناسبة للمحيط الحضري بقسنطينة ولمناخها السائد، ولطبيعة فصولها الشتوية و الصيفية، وكذا تربتها، مضيفة في ذات السياق، بأن هذه النباتات تلعب دورا مهما في المحيط الحضري، بحيث تحسن من جودة الهواء و تصد الرياح الشديدة و توجه النسيم العليل، وتحجب أشعة الشمس الشديدة، كما توجه حركة المشاة، وتوفر بيئة صحية أفضل للسكان، وأيضا ترشيد استخدام المياه، و تقلل درجة الحرارة، إضافة إلى تحسين التنوع الحيوي، و تخيفض التلوث الصوتي، وكذا تحسن المظهر الجمالي بشكل عام.
و تابعت المتحدثة بالقول، بأن هنالك أربعة معايير أساسية يُسترشد بها عند اختيار النباتات للمساحات الحضرية وهي المناخ العام للمنطقة، والمناخ المحلي للموقع، ونوع المساحة العامة، والفوائد البيئية والجمالية المرجوة، مؤكدة بأن المناخ العام والمحلي يعتبران عاملين رئيسيين يؤثران على بقاء النبات المختار.
توفر بيئة معاشية مناسبة للحياة البرية
وقالت، بأن كل الأشجار الموجودة في الوسط الحضري بحسبها، توفر بيئة عيش مناسبة للحياة البرية وبالأخص الطيور، التي تتغذى منها وتتخذها ملجأ، وذلك لأنها نباتات غير سامة ومفيدة للكائنات الحية، كما يساهم ظل الأشجار في تحسين النظام الإيكولوجي للماء نظرا لأنها تُقلل من حرارة الماء والهواء. كما يجب بحسبها، عند اختيار النباتات للمساحات المفتوحة مراعاة قدرة تحملها للظروف الطبيعية وغير الطبيعية فعلى سبيل المثال تكون قادرة على تحمل التلوث الجوي، وأن تكون لها أنظمة جذر منخفضة الغازية، ويمكن أن تتحمل التربة المضغوطة، لأنه إجراء يحدد كيفية تكيف النبات مع الظروف واحتمالية ازدهارها، كما أن فهم الخصائص المختلفة لكل نوع من أنواع المساحات العامة عند اختيار النباتات لها، يحسن من استغلال المساحة ويقلل من تكاليف رعايتها.
وشددت المهندسة، على ضرورة مراعاة السلامة عند اختيار الأشجار للمساحات العامة الحضرية كتجنب النباتات السامة والشوكية وذات الحواف الحادة، وكذا الأنواع التي تتساقط منها ثمار غير ملائمة للمساحات التي تتوفر فيها حركة مستمرة للمشاة مثل الأرصفة والأدراج العامة، لأنها ستحتاج إلى تنظيف وصيانة ورعاية دائمة وقد تتسبب هذه التساقطات بإحداث انزلاقات وإعاقة الحركة وقد تلحق الأذى بالمارة من خلال التعثر بها أو التعرض للإصابة وخاصة الأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
وقالت، بأن هناك بعض الأنواع من النباتات يفضل عدم غرسها في المساحات العامة لأنها سامة وتمتص كميات كبيرة من المياه، لذا المستحسن غرسها على حواف الوديان.
وأوضحت المتحدثة، بأنه وخلال حملات التشجير التي تقوم بها مصالحها، يتم التركيز على جميع المساحات المفتوحة داخل المدن وخارجها، وفي محاور الدوران الحدائق، مداخل البلديات والمناطق السكنية و الأرصفة، مع مراعاة طبيعة مناخ كل منطقة وتربتها، والبنايات المحيطة بها. وتقوم ذات المصالح كذلك تضيف المتحدثة، مع بداية كل موسم صيف وبالتنسيق مع محافظة الغابات، بحملات تشجير في الغابات لتفادي الحرائق الناجمة عن الارتفاع الرهيب في درجات الحرارة وعبث الإنسان، مؤكدة أن الحملة شملت هذه السنة، غابة شطابة وذلك لأن الغابة بحسبها، تحتاج إلى عناية خاصة وغرس أشجار جديدة على مستواها.
وأكدت المهندسة، أن كل مساحة لها أشجار خاصة بها، فأشجار الغابات على سبيل المثال تكون غابية، أما النباتات التي تتم زراعتها في الإدارات والجامعات والمؤسسات التربوية، هدفها تجميل المنظر العام، في حين المزروعة في الوسط الحضري مهمتها جعل المكان صحيا، مضيفة بأن معايير اختيار نوع النباتات التي تنمو في وقت قصير ولا تتساقط أوراقها طيلة السنة، تتم عندما تكون المنطقة معرضة لأشعة الشمس وتحتاج إلى أشجار لتظللها كالمدينة الجديدة علي منجلي.
تحذيرات من القطع العشوائي للأشجار
وحذرت عليوط، من تفاقم ظاهرة القطع العشوائي للأشجار والاعتداء على الغطاء النباتي، رغم وجود قوانين تمنع هذه الممارسات وتفرض عقوبات ردعية على مرتكبيها، مشيرة إلى آثارها السلبية المتمثلة، في تصحر التربة وانجرافها، تهديد أساسات البنايات والمنشآت، وتهديد صحة المواطن، وتشويه المنظر العام للمدن، ناهيك عن أضرارها الكبيرة على مختلف الكائنات الحية.
وأكدت المهندسة، بأن القانون رقم 07-06 المتعلق بتسيير المساحات الخضراء وحمايتها وتنميتها، يسمح بوضع سياسة «حقيقية» تهدف إلى صيانة أصناف المساحات الخضراء الحضرية الموجودة والعمل على تحسينها وترقية إنشائها بكل أصنافها وتوسيع الفضاءات الخضراء وجعل إدماجها في كل مشاريع البناء ضرورة ملحة، وهو ما يؤدي إلى «التنمية الفعلية لتلك الفضاءات حفاظا على التوازنات الإيكولوجية والمناخية والتي تنعكس إيجابا على الصحة العمومية».
كما يرمي إلى توسيع الفضاءات الخضراء مقارنة بالفضاءات المعمرة، وجعل إدماج المساحات الخضراء في كل مشاريع البناء حتمية في الدراسات الحضرية والمعمارية العامة والخاصة.وأشارت عليوط، في سياق منفصل، إلى أن مساهمات المواطنين في عملية تشجير المساحات العامة تكون إما في شكل جمعيات تطوعية أو مساهمات فردية يقوم بها مواطنون يتمتعون بحس بيئي، مشددة على ضرورة الاطلاع على النباتات المناسبة في المساحات العامة وكيفية اختيارها وطريقة زراعتها حتى لا تكون هناك انعكاسات سلبية بدلا من الإيجابية
وأكدت المهندسة، بأن عمليات التشجير تكون خاصة في الأيام البيئية وفي إطار تهيئة المساحات الخضراء والحفاظ على الطابع الجمالي للمدينة بالتنسيق مع مديرية البيئة و إطارات وأعوان وعمال محافظة الغابات، والحماية المدنية، وكذا مع جمعية حماية الطبيعة و البيئة والمجتمع المدني.
يعيش بولاية قسنطينة 12 نوعا من الخفافيش، في موائل متفرقة، تنشط بقوة في ضواحي المناطق الحضرية، ووجوده بحسب الباحث في العلوم الزراعية، مؤشر حيوي ممتاز على صحة بيئتنا، لذلك يجب حمايته من الانقراض وفهم متطلباته البيئية وتوعية السكان المحليين بأهميته الإيكولوجية، والمحافظة على المساحات الخضراء والمسطحات المائية داخل المدن، وزيادة عددها.
والخفافيش بحسب الأستاذ في العلوم الزراعية بجامعة تيارت الدكتور منصف آيت عبد السلام من الثدييات الطائرة الوحيدة بالعالم القادرة على الطيران النشط، أي على توجيه نفسها عن طريق الطيران في اتجاهات مختلفة، وذلك من خلال تحديد موقعها بالصدى، وتوجيه نفسها والبحث عن الفريسة.
الدكتور تابع بالقول إن وجودها مؤشر حيوي ممتاز على صحة بيئتنا، على سبيل المثال فهي لا تحب الأماكن الملوثة للغاية، وبالتحديد تلوث الهواء، كما أنها تتبع الظروف المناخية فعلى سبيل المثال إن وجدنا نوع الخفافيش المسمى بترايدنت الصحراء في الشمال، فإن هذا يعني أن المناخ أصبح أكثر جفافا. وبحسب المتحدث، فإن أكثر من 1400 نوع من الخفافيش يعيش حول العالم، بينهم 2 بالمئة من فصيلة الجرابيات، 5 بالمئة من الأرتيوداكتيل 5 بالمئة من أكلات اللحوم، و 8 بالمئة من أكلات الحشرات، أما في منطقة البحر الأبيض المتوسط، فتتنوع الخفافيش بشكل معتدل، حيث يوجد 63 نوعا ينتمي إلى 8 عائلات.
ولأن قسنطينة ثالث أكبر مدينة في الجزائر، ورغم ذلك تنميتها الحضرية غير منضبطة، وخاصة في المناطق المحيطة بالمدن، أين تتواجد الأراضي ذات الإمكانات الزراعية العالية، قام الباحث، برفقة الأستاذ بوناصر من جامعة تيسمسيلت، والأستاذة عابد من جامعة تيارت والباحث التونسي دلهومي، والباحث الفرنسي أولانييه من المعهد الوطني للبحث في الزراعة والبيئة وبالتنسيق مع جمعية نادي علم الكهوف والأنشطة الجبلية قسنطينة، فحص 22 موقعا من الموائل المتاحة التي تعيش فيها الخفافيش بولاية قسنطينة مرة واحدة وخلال ظروف مناسبة لا يوجد مطر ولا رياح)، حيث بدأت عملية تسجيل النقاط بحسب المتحدث، عند غروب الشمس واستمرت لمدة ساعة واحدة، وذلك باستخدام كاشف الموجات فوق الصوتية المتصل بشريط رقمي محمول والدذي يرصد حركة الخفافيش ويسجلها. كما تم خلال هذه العملية بحسب المتحدث زيارة خمسة أماكن لاستراحة الخفافيش، وهي غار الضباع، مغارة طبيعية بجبل شطابة، ونفق ضيق يقع عند سفح مضيق وادي الرمال، ومقبرة والي سيدي سليمان، وكدا مبنى قديم لمنجمين مهجورين لحجر العقيق، يقع بجبل أولاد سالم بشرق. بلدية عين السمارة
وأكد آيت عبد السلام، بأنه تم تسجيل ما مجموعه 12 نوعا من الخفافيش في قسنطينة، والمناطق المحيطة بها، 10 أنواع تم تحديد موقعها عن طريق الصدى، وخمسة أنواع تم رصدها في مجاثمها أي في موقعها البيئي، وقد كانت تجمعات الخفافيش بحسبه أكثر تنوعا، ففي المناطق الريفية، توجد 9 أنواع و 7 أنواع في ضواحي الأرياف، أما في المواقع الحضرية فقد تم رصد 6 أنواع ، ومع ذلك لم يلحظ أي اختلاف في مؤشر نشاط الخفافيش بين المناطق الثلاث.
ففي المناطق الريفية، كان نشاط الخفافيش أقوى في المسطحات المائية والبحريات والتلال وفي مياه نبع داليا، وكان ثراء الأنواع في منبع داليا بـ 3 أنواع، أما في غابة جبل شطابة وحقول الحبوب في عين السمارة فقد كانت الأنواع أقل بكثير ، أما في ضواحي الأرياف، فقد تم الإبلاغ عن معظم نشاط الخفافيش في بستان غانترا والتي يقدر عددها 5. ويضيف الباحث، بأنه في المناطق الحضرية كانت الخفافيش نشطة للغاية في ثلاثة مواقع على طول ضفة وادي الرمال بالقرب من حي كوحيل الأخضر، الحديقة السفلى لسيدي مبروك، حديقة المنزل، مشيرا في ذات السياق بأن الخفافيش كانت أقل نشاطا في السويقة بالمدينة القديمة لكثافتها السكانية.
وأضاف ايت عبد السلام، بأن pipistrellus kuhii، النوع الأكثر شيوعا بقسنطينة تم تسجيله في 22 موقعا، يليه tadarida teniotis حيث تم تسجيله في 18 موقعا، وكان نشطا بشكل خاص في الحديقة السفلية لسيدي مبروك، وفوق وادي الرمال، بعد ذلك تم تسجيل ferromequinum amyotis punicus rhinolophus تم اكتشافهم بضواحي المدينة، وفي منجم الأونيكس بعين السمارة، وفي غار الضبعة. وأكد الباحث، بأن الدراسة التي قام بها، توصلت إلى نتائج مهمة جدا، حيث قدمت قائمة تتضمن أنواع الخفافيش التي تعيش بولاية قسنطينة وأكدت فرضية أن ثراء أنواع الخفافيش ينخفض في المناطق الحضرية، بدليل أن النشاط الإجمالي للخفافيش في المناطق الحضرية الثلاث التي تم أخذ عينات منها متشابه تماما، مما يشر إلى أن مجموعات الخفافيش المتزامنة تعوض النقص في الأنواع الأخرى.
وهو بحسبه أمر مهم لتحقيق التوازن البيئي، مؤكدا أن الدراسة توصلت بأن الطرق الصوتية لا مثيل لها في رصد الخفافيش المحبة للحجر ويجب بحسب آيت عبد السلام، إجراء المزيد من الخرجات الميدانية لفهم المتطلبات البيئية لبعض الأنواع بشكل أفضل، وإيجاد وحماية مجاثم الأنواع الأكثر عرضة للخطر في المنطقة الحضرية، مشددا على ضرورة المحافظة على المساحات الخضراء والمسطحات المائية داخل المدن وزيادة عددها.
كائن مهدد بالانقراض
وأشار المتحدث بأن جميع الأنواع الموجودة في الجزائر محمية بموجب القانون المرسوم التنفيدي عدد 12-235 المؤرخ في 24 ماي 2012 ، ورغم ذلك فإن أنواعا كثيرة من الخفافيش مهددة بالانقراض وبعضا الأخر أقل تعرضا للتهديد ، ولكن القاسم المشترك بين جميع الأنواع أنها هشة وبشكل خاص خلال أوقات معينة من دورتها السنوية، وخاصة خلال فصل الشتاء وأثناء الولادة والرضاعة.
وقال بأنه خلال الدراسة التي أجراها تمكن من تحديد بعض الأنواع المهددة بالانقراض بولاية قسنطينة، أكثرهم الفأر المغاربي، في حين النوع الكحلي ليس مهددا بالانقراض، وتواجه هذه الطيور بحسب المتحدث العديد من التهديدات، منها الطبيعية، وتتمثل في الطيور الجارحة الليلية، كالبومة، والزواحف مثل الثعابين، والقطط عندما تنام الخفافيش معلقة في مكان يسهل الوصول إليه.وتعتبر بحسبه الأنشطة البشرية أكبر تهديد للخفافيش، حيث أن التوسع الحضري في الغابات والبيئات الطبيعية يؤثر على مجاثم الخفافيش وموائل الصيد، علاوة على ذلك فإن استخدام المبيدات الحشرية في الزراعة يعرض الخفافيش وهي جميعها آكلة للحشرات في قسنطينة لاستهلاك حشرات ملوثة بهذه المواد الكيميائية الخطيرة ويؤدي بها في بعض الأحيان إلى الموت.
كما أن التغير المناخي ظاهرة طبيعية للإنسان يد فيها، يجبر الخفافيش على تغيير مكانة إقامتها بشكل متكرر.
حمايته تحقق التوازن البيئي
وأضاف الباحث أن حماية هذه الثدييات تتطلب رفع مستوى الوعي المحلي، منذ سن مبكرة جدا، حول هذه الحيوانات غير الضارة ومدى أهميتها لتوازن النظام البيئي والزراعة وصحة الإنسان، مؤكدا على حماية مجاثمها الطبيعية فضلا عن موائل الصيد الخاصة بها، ويعتبر بحسبه بناء مجاثم صناعية لجذب الخفافيش إلى موقع معين وحماية الأنواع المحلية خيارا جيدا
وأكد آيت عبد السلام، بأنه ومع تغير المناخ تشعر العديد من أنواع الخفافيش بالتهديدات، فتذهب في بعض الأحيان إلى تغيير بيئتها الطبيعية للحفاظ على بقائها على قيد الحياة، لذلك فإنه وقبل إقامة أي مشروع أو التسبب في حريق غابة، يجب أن نفكر فيما إذا كانت هذه البيئة لا تستضيف هذا الطائر، ونقوم بما نسميه بدراسة التأثير البيئي. وأشار في سياق منفصل، إلى أن الخفافيش عبارة عن مستودعات، أي حاملات صحية للعديد من الفيروسات، البيكتيريا، الطفيليات والفطريات وعدة أمراض كداء الكلب، وكورونا، التي يمكن أن تهدد البشر، لذلك عند التعامل معها يجب تجنب لمسها، وخاصة بدون قفازات.
لينة دلول
التساقطات المطرية ساهمت في ذلك
المناطق الرطبة بأم البواقي تستقطب أزيد من 25 ألف طائر
عرفت المناطق الرطبة بولاية أم البواقي هذا الموسم، عودة غير مسبوقة للطيور المهاجرة، التي وجدت مناخا ملائما ساعدها على التعشيش والتبييض والتكاثر، في مشهد دفع بعشرات الفضوليين من المصورين وعشاق الطبيعة إلى التوجه لهذه المناطق والتقاط صور ومشاهد توثق جمال الطبيعة، غير أن بعض السلوكيات باتت مؤثرة على الطيور في أعشاشها في ظل عدم احترام الشغوفين بالطبيعة لخصوصية الطيور وبيوضها.
أحمد ذيب
11 منطقة رطبة طبيعية و5 مناطق غير طبيعية بأم البواقي
المكلف بالإعلام ورئيس مصلحة حماية الحيوانات والنباتات بمحافظة الغابات لولاية أم البواقي عمر عبد الرؤوف أوضح في لقائه بالنصر، بأن ولاية أم البواقي تحتوي على 11 منطقة رطبة طبيعية بمساحة إجمالية تقدر بحوالي 160 ألف هكتار خلال فترة التساقطات، ويتعلق الأمر بمنطقة شط تينسيلت بأولاد زواي والتي تتربع على مساحة 2154 هكتارا وقرعة عنق الجمل وقرعة المغسل ببوغرارة السعودي والتي تقدر مساحتهما بـ18140 هكتارا للأولى وألف هكتار للثانية وكذا منطقة قرعة الطارف بعين الزيتون ومساحتها تقدر بـ33460 هكتارا وكذا منطقة قرعة قليف بعين الزيتون ومساحتها 24 ألف هكتار وهاته المناطق تم تصنيفها ضمن اتفاقية رامسار الدولية بتاريخ الثاني عشر من شهر ديسمبر من سنة 2004، إلى جانب منطقة شط تيمرقانين العذبة بعين الزيتون ومساحتها 1460 هكتارا وكذا سبخة الزمول بين بلديتي أولاد زواي والحرملية ومساحتها تقدر بـ6765 هكتارا ومنطقة بحيرة بولهيلات ببوغرارة السعودي التي تصل مساحتها 856 هكتارا، وهي المناطق الثلاثة التي تم تصنيفها ضمن اتفاقية رامسار الدولية بتاريخ التاسع عشر من شهر ديسمبر من سنة 2009، إضافة إلى 3 مناطق غير مصنفة ويتعلق الأمر بمنطقة شط الزهار بعين الزيتون التي تصل مساحتها 100 هكتار وكذا منطقة شط الملاح بعين الزيتون كذلك ومساحتها 860 هكتارا إضافة لمنطقة عقلة طويلة بأم البواقي ومساحتها تبلغ 200 هكتار، وأضاف المتحدث بأن 8 مناطق رطبة بالولاية تم تصنيفها ضمن قائمة «رامسار» الدولية منها 5 مناطق صنفت سنة 2004 و3 مناطق تم تصنيفها سنة 2009 وتقع أغلب هاته المناطق في الجهة الجنوبية للولاية موزعة على 5 بلديات ويتعلق الأمر بعين الزيتون وبوغرارة السعودي والحرملية وأولاد زواي وأم البواقي، ويضاف إلى هذه المناطق 5 أخرى غير طبيعية وهي اصطناعية على غرار سد أوركيس الذي يقصده نوع معين من أصناف النوارس المهاجرة، إضافة إلى البرك والأحواض المائية على غرار المتواجدة بمناطق ولمان ولحميمات.
إحصاء قدوم 25433 طائرا للمناطق الرطبة بأم البواقي
رئيس مصلحة حماية الحيوانات والنباتات بمحافظة الغابات بأم البواقي، أشار بأن الفترة الأكثر إقبالا للطيور المهاجرة على المناطق الرطبة بالولاية، تبدأ بداية الشتاء أين ينطلق موسم الهجرة بداية شهر جانفي على امتداد فترة الربيع وذلك بحسب توفر المياه، وخلال هذا العام بلغت نسبة امتلاء هذه المناطق 80 بالمائة، الأمر الذي جعلها جاذبة للطيور على عكس العام الماضي الذي ميزه الجفاف، أين لم يتجاوز عدد الطيور المهاجرة التي تم إحصاؤها ألفي طائر، وهذا الموسم تم إحصاء 25433 طائرا من أصناف مختلفة، أين يبلغ صنف الطيور المهاجرة 34 صنفا بينهم الشهرمان وهو الأكثر قدوما للمناطق الرطبة بالولاية بعدد طيور بلغ 10937 طائرا ويأتي ثانيا طائر النحام الوردي بـ8056 طائرا، في الوقت الذي تم الموسم الماضي إحصاء قدوم 957 طائر صنف شهرمان من أصل 2069 طائر قدم للمناطق الرطبة بأم البواقي، إضافة إلى أصناف مختلفة على غرار النحام الوردي وبط أبو فروة والنكات الأنيق وسقد شمالي والبط الخضاري وبط أبو مجرف وبط البلبول وحذف الشتوي وأبو طويلة وقطقاط اسكندري وكروان رمادي واللقلق الأبيض وبلشون رمادي وحمراوي شائع والبلشون الأبيض الكبير وبط أبيض الرأس.
وبخصوص طريقة الإحصاء أوضح المتحدث بأنه وبعد منتصف شهر جانفي تنطلق عملية الإحصاء، أين يتم تسخير فرق مختصة تابعة لمحافظة الغابات بمساعدة مختصين وأساتذة جامعيين وباحثين، باستعمال مناظير يتم إحصاء الطيور المهاجرة، وبين المتحدث بأنه وانطلاقا من منتصف شهر جانفي وخلال أسبوع كأقصى تقدير تتوقف عملية الإحصاء وابتداء من العاشر من شهر ماي تنطلق عملية إحصاء الطيور المعششة وفراخها، وتنتهي عملية الإحصاء نهاية شهر ماي، وبحسب المتحدث فموسم التزاوج والتعشيش ينطلق أواخر شهر أفريل وبداية شهر ماي، أين يتم إحصاء أصناف مختلفة على غرار الشهرمان والغرة السوداء، وهي التي تتكاثر عندما تجد الظروف المناسبة، وتوفر الغذاء في الماء وكذا توفر الأمن بتواجدها في مكان هادئ يساعدها على التعشيش والتكاثر، وتتميز جل أصناف الطيور المهاجرة بالمغادرة نحو مناطق أخرى بحثا عن ظروف العيش من غذاء وأمن وماء، ويبقى صنف قليل منها على مستوى المناطق الرطبة على طول العام فقط إذا توفر الماء على غرار صنفي «النكات» و»أبو طويلة».
وبحسب المتحدث فالطيور المهاجرة التي تصل المناطق الرطبة بأم البواقي، موطنها الأم هو شمال أوروبا على غرار بولندا وألمانيا الشمالية والنرويج والسويد وعند برودة الأجواء تهاجر نحو المناطق الرطبة بالجزائر، ويتم وضع أختام بلاستيكية في أرجل الطيور للدلالة على مكان ميلادها والتعريف بموطنها وأن الإحصاء شملها، وأضاف المتحدث أنه وخلال سنوات 2006 وحتى 2009 تم القيام بأول تجربة للأختام البلاستيكية للطيور المهاجرة بالجزائر، وكان أول ختم جزائري لطائر النحام الوردي، أين تضمن رمزا سريا للدلالة على دولة الميلاد وسنة الميلاد والإحصاء الذي شمله.
أسماء علمية متفق حولها عالميا وترجمات تختلف بين منطقة وأخرى
وبخصوص تسمية الطيور المهاجرة من نحام وردي وبط أبو فروة وشهرمان ونكات أنيق وغيرها من التسميات، أوضح محدثنا بأن الأسماء علمية ومتفق على بعضها عالميا خاصة الأسماء اللاتينية، أما الترجمة للعربية فهناك اختلاف بين منطقة وأخرى اختلاف المشرق عن المغرب العربي، وفي الجزائر الأسماء تم اعتمادها وطنيا، والمديرية العامة للغابات ضبطت ووحدت هذه التسميات واعتمدتها للطيور المهاجرة باللغة العربية.
مخالفات بالجملة تؤثر على تكاثر الطيور وتدفعها للهجرة بلا رجعة
يضيف محدثنا بأن المناطق الرطبة يمنع فيها الصيد منعا باتا، وبالرغم من ذلك فمصالح محافظة الغابات تتلقى بين الحين والآخر بلاغات عن وجود حالات صيد عشوائي، أين يتم القيام بدوريات ميدانية على مستوى المناطق الرطبة على غرار «شط تينسيلت» التي يتم على مستواها استهداف بيض البط وكذا على مستوى «قرعة الطارف» التي يتم بها استهداف طائر «الكرك الرمادي» المعروف محليا باسم «الغرنوق»، كما يتم بجل المناطق سرقة بيض الأعشاش، وهي ظاهرة تؤثر على التوازن البيئي وتؤثر سلبا على السلسلة الغذائية في هذه المناطق، فالتأثير يكون على التكاثر وعلى التوازن داخل هذه المناطق، الأمر الذي يدفع الطيور للهجرة، ناهيك عن ظاهرة سرقة المياه، التي تم تسجيلها عبر جل المناطق الرطبة بالولاية خاصة منها ذات المياه العذبة على غرار منطقة «تيمرقانين» وبنسبة أقل منطقة «شط تينسيلت» وذلك لاستعمالها في السقي الفلاحي، أين توجه من طرف فلاحين لسقي محاصل القمح والشعير، وأكد المتحدث بأن فرق الغابات تستقبل بلاغات عن الظاهرة دون التمكن من رصدها، في ظل قيام بعض الفلاحين باللجوء لإيصالات عشوائية مخفية تحت التراب، بالإضافة إلى ظاهرة التخلص من مياه الصرف الصحي داخل «شط تينسيلت» في انتظار تجسيد مشروع محطة لتصفية المياه القذرة بسوق نعمان.
فيما سجل تدهور مساحات خضراء لنقص الصيانة
إتــــلاف شجيـــــرات بعلــي منجلـــي في قسنطينــــــة
أتلف مجهولون في يوم واحد أزيد من 50 شجيرة بالمقاطعة الإدارية علي منجلي تم غرسها من طرف مؤسسة تهيئة مدينتي علي منجلي وعين نحاس، حيث تم تقديم شكوى لدى مصالح .
وتم، في الأيام الأخيرة إتلاف أزيد من 50 شجيرة تم غرسها على مستوى المحور الرابط بين محور دوران الوحدة الجوارية 16 والوحدة الخامسة، ليتم على إثرها تقديم شكوى لدى مصالح الأمن من طرف المقاولة، التي أوكلت لها مؤسسة تهيئة علي منجلي مشروع الغرس وتزيين بعض المحاور، فيما تم أيضا إتلاف أشجار بالوحدة الجوارية 4 بمحيط إقامات علي منجلي 3 و 4 وكذا فاطمة نسومر.
وأكد مصدر مسؤول من المؤسسة، بأنه قد تم إحصاء أزيد من ألفي شجرة تم تخريبها منذ انطلاق عملية غرس الأشجار بالمدينة، حيث يتم في كل مرة إعادة غرسها ثم تتلف عمديا في كل مرة، كما سجل حرق مساحات خضراء تم غرس العشب بها، والتي كان آخرها بساحة الوحدة الجوارية 17، فيما لاحظنا أن وضعية المساحة الخضراء بمحور دوران الوحدة 16 قد بدأت تتدهور بسبب سلوكات سلبية تصدر عن شباب يتخذون منها مكانا للسهر.
وبلغة الأرقام أوضح المتحدث، أنه قد تم غرس 225333 مترا مربعا من العشب عبر مختلف الوحدات الجوارية، التي استفادت من عمليات تهيئة شاملة، في حين تم غرس ما يزيد عن 33 ألف شجرة وشتلات ورد ، مؤكدا أن المشكلة الكبرى تكمن في نقص الصيانة التي أضحت منعدمة تماما، كما لفت إلى أن المؤسسة تبذل مجهودات مضنية من خلال إعادة إصلاح ما يتم تخريبه أو إتلافه.
وأبرز المندوب البلدي عزيز بشيري، أنه يتم في كل مرة عقد اجتماعات بين مصالح البلدية من أجل العمل على تسيير مختلف المشاريع والمساحات الخضراء المنجزة، غير أن الإمكانيات المادية، التي تتوفر عليها المؤسسات العمومية المكلفة بتسيير المساحات الخضراء والنظافة، لا تؤهلها أن تتكفل بها بشكل جيد ، كما أشار إلى تسجيل التحطيم العمدي للكثير من الأشجار أو الشجيرات.
وحذر المتحدث، من تلف مزيد من الأشجار و المساحات في حال استمرار الوضع على حاله وعدم التكفل بها، حيث قال أنه تم غرس المئات من الأشجار في حين تم إنشاء العديد من المساحات الخضراء والتي تتطلب،كما أكد، صيانة وعناية دائمة للحفاظ عليها، مقترحا منح مهام الصيانة لمؤسسة تسيير مدينتي علي منجلي وعين نحاس حفاظا عليها.
ويلاحظ أيضا ، تدهور لمختلف المساحات الخضراء بالوحدات الجوارية 7،8، 6، 17 ،1، حيث تآكل العشب الأخضر في غالبية التجمعات التي تزينت لفترة باللون الأخضر ثم عادت الوضع إلى حالها السابق بعد أن اختفى العشب بشكل نهائي، كما تدهورت وضعيته بالعديد من النقاط الأخرى على غرار تلك المنجزة بمسار الترامواي.
ويسجل أيضا بعلي منجلي، تجول قطعان الماعز والأغنام وحتى الأبقار في الأوساط الحضرية رغم أن القوانين تمنع هذه التصرفات، فيما يطالب ممثلو المجتمع المدني، بضرورة تدخل السلطات لمنع هذه التجاوزات، علما أن جمعيات المجتمع المدني مؤخرا، قد نظمت عبر مختلف الوحدات الجوارية حملات تنظيف وغرس بالتنسيق مع البلدية، حيث أكد المندوب بشيري بأنه يتم مرافقة الجمعيات بالتجهيزات والشاحنات ووسائل الغرس، كما أكد بأن تنظيمات أخرى ستنضم حملة غرس كبرى يومي 28 و 29 من الشهر الجاري.
لقمان/ق
يحذر خبراء بيئيون وفي ميدان الزراعة من خطر هدر الأطعمة ورميها في مكبات النفايات، بما يولد أزمات خطيرة في مقدمتها التغيرات المناخية، أين كشف تقرير الأمم المتحدة لمؤشر هدر الغذاء للعام لسنة 2024، أن رمي الأغذية أدى إلى توليد مابين 8 إلى 10 بالمائة من انبعاثات الغازات الدفيئة عالميا، أي ما يقرب 5 أضعاف ما ينتج عن انبعاثات قطاع الطيران لوحده.
إيمان زياري
كما أشار، إلى أنه يتسبب في تراجع التنوع البيولوجي من خلال استهلاك ما يعادل ثلث الأراضي الزراعية في العالم، فيما تكبد عملية إنتاج الغذاء وهدره الاقتصاد العالمي ككل خسائر هائلة تقدر بنحو تريليون دولار أمريكي سنويا.
ثلث الغذاء العالمي ينتهي في مكبات النفايات
وجاء في التقرير، أن إنتاج الغذاء يستهلك 30 بالمائة من الطاقة الكهربائية في العالم، والتي تأتي في معظمها من حرق الوقود الأحفوري الذي يطلق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي علما أن الزراعة تستهلك 70 بالمائة من المياه الصالحة للشرب عبر العالم، بينما تستهلك بعض المنتجات كميات مياه أكثر من غيرها، ما يضاف إلى هدر الأغذية ومختلف الموارد، خصوصا وأن الزراعة تتسبب أيضا في إطلاق حوالي 21 بالمائة من انبعاثات الغازات الدفيئة عالميا، أي 82 بالمائة من انبعاثات إمدادات الغذاء، وبذلك يعد هدر الغذاء ثالث أكبر منتج للغازات المسببة للاحتباس الحراري بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
وعلى الصعيد العالمي، تشير الأرقام إلى أن حوالي ثلث الغذاء الذي يتم إنتاجه من أجل الاستهلاك البشري، يهدر أو يفقد، ويذهب إلى مدافن النفايات التي تفرز الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إذ تتسبب العملية في انبعاث أكثر من 3 مليارات طن من هذه الغازات سنويا، والتي تمثل عاملا رئيسيا في حدوث المشاكل المناخية التي تؤثر بشكل مباشر على موارد المياه، وزيادة نسبة التصحر، وتفاقم عدم القدرة على التنبؤ وزيادة خطورة الظواهر الجوية، مما يتسبب في إتلاف المحاصيل.
19 بالمائة من النفايات المنزلية مواد غذائية مبذرة
كشف أول تقرير جزائري صادر عن الوكالة الوطنية للنفايات، عن أن نسبة معتبرة من المواد الغذائية التي يتم شراؤها من قبل المواطن الجزائري تتم بشكل غير مدروس، وهو ما يؤدي لعدم وجود استهلاك حقيقي لها، وبالتالي تتحول إلى فائض يصبح في نهاية المطاف عبارة عن نفايات منتجة يتم توجيهها إلى مراكز الردم التقني.
وأفضت دراسة خاصة بالوكالة حول ظاهرة التبذير الغذائي لشهر رمضان من سنة 2019 على مستوى المناطق الوسطى، أن 19 بالمائة من النفايات المنزلية عبارة عن مواد غذائية مهدورة، وهي المعلومات ذاتها تقريبا التي تم التوصل إليها خلال نفس الشهر من سنة 2022 ، وفق المعطيات المتحصل عليها من مؤسسات الجمع ومراكز الردم التقني على مستوى ولاية الجزائر، بالرغم من تسجيل تراجع في رمي مادة الخبز بنسبة 11 بالمائة مقارنة بشهر رمضان 2021.
وسعيا منها لمحاربة التبذير الغذائي، أنجزت الوكالة الوطنية للنفايات دراسة وطنية اعتمدت أساسا على إجراء حملة كمية ونوعية لمختلف العناصر الغذائية، من خلال متابعة النمط الاستهلاكي لدى العائلات الجزائرية على المستوى الوطني، وهذا من أجل الحصول على مؤشرات وإحصائيات تمكن من اقتراح حلول وآليات للتقليل من المواد والأنواع الغذائية التي يتم رميها.
وقد شملت الدراسة 303 عائلات موزعة على 9 ولايات بعدد أفراد بلغ 1645 فردا، وتبين من خلال النتائج المسجلة بعد متابعة المشتريات ومختلف الأنواع الغذائية المبذرة خلال أسبوع كامل، أنه تم تبذير 8.65 بالمائة من مجموع الأغذية التي تم شراؤها، بمعدل 111غ من الأغذية يوميا للفرد الواحد، وحسب مقاربة للأنواع المبذرة من الطعام، تصدرت بقايا الطعام القائمة بـ38 بالمائة من مجموع ما يبذر، يليها الخبز بنحو 18 بالمائة، ثم الخضر والفواكه بـ12 بالمائة، متبوعة بباقي الأنواع.
* الخبيرة البيئية الدكتورة فاتن الليثي
الهدر يفرز غازات مسببة للاحتباس وهو مشكل جاد جدا
أكدت الخبيرة البيئية الدكتورة فاتن الليثي، أن هدر ورمي أطنان من الأغذية الصالحة للأكل بشكل يومي في مكبات النفايات، يحدث تأثيرات سلبية تنعكس بشكل مباشر على تغير المناخ، إذ يسبب التخلص من بقايا الطعام تعفنها وبالتالي تولد انبعاثات غازية مضرة خاصة غاز الميثان، الذي يعتبر من أقوى الغازات الدفيئة التي تزيد من تغير المناخ، كما يسبب حسبها، زيادة انبعاث الكربون والمواد الأخرى الملوثة والمضرة للبيئة.
وأوضحت الخبيرة، أن تعفن بقايا الطعام في مكبات النفايات يؤدي لتوليد حوالي 80 ضعفا من قوة ثاني أكسيد الكربون، بينما يعتبر تحويل مخلفات الطعام إلى طاقة حلا ذكيا للتعامل مع النفايات العضوية الزائدة، وهي أيضا فرصة عظيمة لتوليد الطاقة النظيفة متحدثة، عن تبني عديد الدول لإستراتيجية توليد الغاز الحيوي من نفايات الأطعمة، في إطار عملية تستخدم الميكروبات لتحليل نفايات الطعام وإنتاج الغاز الحيوي الذي يعتبر مصدرا للطاقة المتجددة، التي يمكن استخدامها لتشغيل المنازل والمصانع وحتى السيارات وبالتالي ضمان مستقبل مستدام.
وربطت أيضا، هدر الطعام بهدر المياه الصالحة للشرب من أجل محاصيل زراعية تنتهي في مكبات النفايات وأحيانا حتى قبل استهلاكها بداية من مصدر الإنتاج والجمع، وصولا إلى مستهلك يقتني مواد غذائية تفوق طاقته ويتركها تفسد ليرميها دون أن يستفيد منها، بينما تستنفد عملية إنتاج هذه الأغذية موارد طبيعية عالية القيمة.
موضحة، أن آخر الأبحاث والدراسات أثبتت أن 24 بالمائة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في نظام الغذاء العالمي تكون على طول سلسلة التوريد، بينما تم تقدير حجم إجمالي الخسائر والنفايات في جميع أنحاء العالم بمعدل 527 سعرة حرارية للفرد في اليوم الواحد، وهو ما ينتج عنه بحسب ما أفادت به محدثتنا، انبعاث غازات دفيئة من زراعة المحاصيل الغذائية التي لا تستهلك وتتحول إلى مواد عضوية متحللة، علما أن الفاقد من المواد الغذائية ومخلفاتها يقدر بحوالي 8 بالمائة من مجموع الانبعاثات عالميا.
هذا ما يسببه الطعام المبذر في مكبات النفايات
وعن الآثار السلبية التي تنتج عن هذه الغازات التي تفرزها بقايا الطعام، أوضحت الخبيرة والناشطة البيئية أنها عامل مسبب لتغيرات كبيرة في المناخ، إذ تعمل على وقف الحرارة المنبعثة من الشمس والمرتدة من سطح الأرض، و لا تسمح بنفاذها إلى خارج الغلاف الجوي، ليصبح معدل حرارة الأرض ملائما لظهور الحياة واستمرارها، إلا أن ارتفاع تركيز هذه الغازات في الغلاف الجوي خاصة منذ الثورة الصناعية وإلى غاية اليوم، تسبب وبشكل مباشر في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.
كما أكدت الدكتورة، أن الأغذية المرمية تتسبب في إنتاج مليارات الأمتار المكعبة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري كل سنة، والتي تمثل ثلث إجمالي الانبعاثات العالمية، منتقدة تأخر الدول والحكومات في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتقليل من هدر الطعام الذي يخلف مشاكل مناخية وصفتها بالكبيرة والخطيرة. مؤكدة، أن كل ذلك لا يؤثر على صحتنا فحسب، بل على البيئة أيضا، من خلال جملة الخطوات التي يمر بها بداية بمرحلة النمو إلى المعالجة وصولا إلى النقل والتوزيع والتحضير والاستهلاك والتخلص من البقايا أو من منتجات كاملة في بعض الأحيان، مؤكدة، أن كل خطوة من هذه الخطوات تولد غازات دفيئة إضافية مرتبطة بالغذاء من الزراعة واستخدام الأٍراضي.
وكحل لهذه الكوارث البيئية، دعت الخبيرة، إلى ضرورة التركيز على تغيير التعامل مع الغذاء في كل مراحله، ومن المنتج إلى المستهلك، كالاعتماد على النظم الغذائية الغنية بالنباتات، والتقليل من الأطعمة الحيوانية كاللحوم والحليب، إلى جانب الاعتماد على الأعلاف المحسنة وتقنيات الأغذية المستحدثة في تخفيض كمية انبعاثات الميثان أثناء هضم الماشية والغازات التي يطلقها السماد أثناء تحلله، إلى جانب أهمية توعية المستهلك باقتناء و طهو ما يعادل حاجته فقط من الطعام وتفادي رمي كميات تزيد عن ذلك في المزابل.
* المهندسة الفلاحية هجيرة بلغربي
إنتاج المحاصيل يكلف مبالغ طائلة ومن غير المنطقي هدرها
انتقدت المهندسة الزراعية بمديرية المصالح الفلاحية لولاية البليدة، هجيرة بلغربي، ظاهرة تبذير الغذاء لدى الأسر الجزائرية، وتساءلت عن المنطق في رمي وهدر كميات هائلة من الأغذية التي تصرف لأجل إيصالها للمستهلك، لتبذر كميات هامة منها في مكبات النفايات.
وأوضحت المهندسة، أن اتباع المسار التقني سواء في زراعة البقوليات أو الخضر والفواكه الموسمية يكلف ميزانية كبيرة، تبدأ من البذور وصولا إلى عملية المتابعة والحصاد أو الجمع، مشيرة في ذلك إلى البقوليات التي لا تزال من بين الشعب التي لم تحقق فيها الدولة الاكتفاء الذاتي بعد، ويتم الاعتماد في زراعتها على بذور تصرف أموالا كبيرة لشرائها، علما أن الدولة الجزائرية قد منحتها هذا العام مجانا للفلاحين تعويضا عن الأضرار التي لحقتهم الموسم الفارط. متحدثة أيضا عن سياسة الدولة القائمة على تدعيم المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع كالحليب، إلى جانب رعاية وتربية الأبقار، ليصل المنتوج لمستهلك يرمي كميات مهمة منه في مكبات النفايات.
وأكدت المختصة، أن أي منتوج يصل للمستهلك يكون قد كلف الدولة والمنتج أموالا كبيرة، إلى جانب تحمل تأثيرات التغيرات المناخية على المحاصيل خاصة خلال السنوات الأخيرة التي يعاني فيها الفلاح من مشاكل المناخ والظواهر غير الفصلية، منتقدة سلوكيات مواطنين قالت إنهم يجهلون صعوبة سلسلة الإنتاج وما يتم صرفه، والجهود المبذولة من أجل غذاء ينتهي في المزابل دون شعور بأدنى حد من المسؤولية بحسب تعبيرها. إ.ز
قراءة في تقرير اليونيسكو حول حالة المحيطات
هل يؤثر الاحترار العالمي على حوض المتوسط وشمال إفريقيا؟
* تضاعُف معدل احترار المحيطات خلال 20 عاماً
ساهم أكثر من 100 عالم من 30 بلداً تقريباً في إعداد تقرير اليونيسكو المعني بحالة المحيطات لعام 2024، والذي يُسلط الضوء على بيانات جديدة تُثير القلق بشأن المخاطر المحدقة بالمحيطات.
ويقدّم هذا التقييم العالمي، الذي تسنى نشره بدعم من آيسلندا، تحليلاً قائماً على الأدلة للتحديات الواجب مواجهتها، مثل احترار المحيطات وارتفاع مستوى سطح البحر والتلوث وتحمض المحيطات ونزع الأوكسجين والكربون الأزرق وفقدان التنوع البيولوجي. نشير هنا إلى أن الكربون الأزرق هو الكربون الذي يتم عزله وتخزينه وإطلاقه بواسطة النظم البيئية الساحلية والبحرية، مثل أشجار المانغروف والمستنقعات المالحة والأعشاب البحرية، ولها دور مهم في عزل الكربون وتخزينه على المدى الطويل، مما يساعد على تقليل آثار تغير المناخ.
كما يكشف التقرير بأن درجات حرارة المحيطات تشهد ارتفاعاً مطرداً، حيث ارتفعت بمعدل يضاهي ضعف معدل ارتفاعها قبل 20 عاماً. وقد سُجل عام 2023 أحد أعلى معدلات ارتفاع درجات الحرارة منذ الخمسينيات. وعلى الرغم من أن اتفاق باريس يهدف إلى الإبقاء على الاحترار العالمي أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية، إلا أن درجات حرارة المحيطات ارتفعت بمعدل 1.45 درجة مئوية في المتوسط، متجاوزة سقف الدرجتين المئويتين في «المناطق شديدة التأثر» مثل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي الاستوائي والمحيط الجنوبي.
إحدى العواقب الرئيسية للاحترار العالمي هي ارتفاع مستوى سطح البحر، حيث تمتص المحيطات 90 ٪ من الحرارة الزائدة المنبعثة في الغلاف الجوي. هذا الامتصاص يؤدي إلى تمدد المياه وارتفاع منسوبها، مما يسهم بنسبة 40 ٪ في زيادة ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي، الذي تضاعف خلال العقود الثلاثة الماضية ليصل إلى 9 سنتيمترات.
وقد فقدت المحيطات منذ ستينيات القرن الماضي 2 ٪ من الأوكسجين نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والملوثات مثل مياه الصرف الصحي والمخلفات الزراعية. هذا الفقدان يؤثر بشكل كبير على المناطق الساحلية، حيث تجد الكائنات الحية نفسها تكافح للبقاء على قيد الحياة. وقد حُددت حوالي 500 «منطقة ميتة» تفتقر إلى الأوكسجين الكافي لدعم الحياة البحرية.
كما تشكل زيادة نسبة الحموضة في المحيطات مصدر قلق رئيسي، حيث تمتص المحيطات من 25 إلى 30 % من الانبعاثات الناتجة عن الوقود الأحفوري. هذه الوفرة المفرطة من ثاني أكسيد الكربون تغير التركيب الكيميائي للمحيطات. وقد ارتفعت نسبة حموضة المحيطات بمقدار 30 % منذ ما قبل الحقبة الصناعية، ومن المتوقع أن تصل إلى 170 % بحلول عام 2100. هذه التغيرات تؤثر بشكل خاص على الأنواع الحية الساحلية، حيث تواجه الأجيال الصغيرة من الحيوانات والنباتات صعوبة في التأقلم مع هذه التغيرات، مما يؤدي إلى موتها بصورة جماعية.
الكربون الأزرق والمناطق البحرية المحمية.. بارقة أمل
تُعد الغابات البحرية مثل غابات المانغروف ومروج الأعشاب البحرية والمستنقعات المتأثرة بحركة المد والجزر من أفضل الحواجز ضد الاحترار العالمي. هذه الغابات البحرية يمكنها امتصاص كميات من الكربون تفوق بخمس مرات تلك التي تمتصها الغابات على اليابسة، وتمثل ملاذاً حيوياً للتنوع البيولوجي. ومع ذلك، تشير اليونسكو إلى أن حوالي 60 % من البلدان لا تدرج استصلاح الغابات والحفاظ عليها في خططها الوطنية.
المناطق البحرية المحمية معروفة بحمايتها للتنوع البيولوجي، حيث تتوفر على 72 % من الأنواع البحرية المهددة بالانقراض. تثبت بيانات اليونيسكو أنه كلما كان مستوى الإجراءات التنظيمية أعلى في هذه المناطق، كانت فعاليتها أكبر في حماية النظم الإيكولوجية المحلية.
جهود اليونيسكو لحماية المحيطات
تتولى اليونيسكو قيادة عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة (2021-2030)، وقد أُطلق منذ بداية هذا العقد أكثر من 500 مشروع عالمي، وجرت تعبئة أكثر من مليار دولار أمريكي لتعزيز المعرفة وحماية المحيطات. تدعم المنظمة عشرات برامج التعاون العلمي في جميع أنحاء العالم، والتي تشمل مشاركة البيانات، ورسم خرائط دقيقة لقاع البحار، والوقاية من الكوارث الطبيعية، والبحث عن حلول مبتكرة لحماية النظم الإيكولوجية.
عبر أكثر من 230 محمية من محميات المحيط الحيوي البحرية، وأكثر من 50 موقعاً بحرياً مدرجاً في قائمة التراث العالمي، تقوم اليونيسكو بحماية مواقع فريدة من نوعها في المحيطات تعتبر موئلاً لتنوع بيولوجي هام.
يؤثر الاحترار العالمي للمحيطات وتغير المناخ بشكل كبير على حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا. فيما يلي نلخص بعض التأثيرات الرئيسية التي يمكن أن تحدث في منطقتنا نتيجة الاحترار العالمي وتغير المناخ:
ارتفاع درجات حرارة مياه البحر المتوسط: يؤدي ارتفاع درجات حرارة مياه البحر إلى تغييرات في الأنظمة البيئية البحرية، مما يؤثر على توزيع ونمو الكائنات البحرية، فهي حساسة للتغيرات الحرارية وقد تواجه صعوبة في البقاء على قيد الحياة أو قد تنتقل إلى مناطق أخرى بحثًا عن بيئات أكثر برودة.
أما ارتفاع مستوى سطح البحر، فهو يؤدي إلى غمر المناطق الساحلية، مما يهدد المدن والمناطق السكنية والزراعية القريبة من الشواطئ. كما يزيد من خطر الفيضانات الساحلية وتآكل الشواطئ، مما يؤثر على البنية التحتية الساحلية والنشاطات الاقتصادية مثل السياحة والزراعة.يتمثل الجانب الثاني من التأثيرات في انخفاض مستويات الأوكسجين، مما يسبب ضغوطًا كبيرة على الكائنات البحرية، خاصة في المناطق الساحلية، إلى جانب تشكّل «مناطق ميتة» حيث يكون الأوكسجين غير كافٍ لدعم هذه الحياة البحرية.
كما أن هناك مخاطر بزيادة حموضة المحيطات، فهي تؤثر على الحياة البحرية، خاصة الأنواع التي تعتمد على الكالسيوم لبناء أصدافها وهياكلها مثل الشعب المرجانية والقواقع. أما الأنواع الصغيرة والضعيفة فتكون أكثر عرضة للتأثر، مما يؤثر على السلسلة الغذائية البحرية بأكملها.
التأثير على المناخ المحلي: يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات حرارة البحر إلى تغييرات في الأنماط المناخية المحلية، مما يؤثر على هطول الأمطار وتوزيعها. وحسب آخر الأبحاث العلمية المنشورة فإن المناطق الشمالية من إفريقيا ستعاني من فترات جفاف أكثر حدة وتغيرات في الأنماط الزراعية، مما يؤثر على الأمن الغذائي والمائي. تأثيرات اجتماعية واقتصادية: يعتمد العديد من سكان حوض البحر المتوسط وشمال إفريقيا على الموارد البحرية والزراعية في معيشتهم. التغيرات في البيئة البحرية والزراعية يمكن أن تؤدي إلى فقدان الوظائف وانعدام الأمن الغذائي. كما يمكن أن يزيد ذلك من حدة الهجرة البيئية، حيث قد يضطر الناس إلى الانتقال من مناطقهم بسبب تدهور الظروف البيئية، خاصة المناطق الحدودية الجنوبية على مستوى دول الساحل الأفريقي.
جهود التكيف والتخفيف
تُبذل جهود دولية ومحلية لمحاولة التكيف مع هذه التغيرات والتخفيف من آثارها، وتشمل تعزيز المناطق البحرية المحمية، استصلاح الغابات البحرية مثل المانغروف والأعشاب البحرية، تطوير بنية تحتية مقاومة للفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر، إضافة إلى تعزيز التعاون العلمي والبحثي لفهم أفضل للتغيرات المناخية وتطوير حلول مستدامة.
يمثل الاحترار المستمر للمحيطات تحدياً كبيراً أمام الجهود العالمية للحد من تأثيرات التغير المناخي. ومن الواضح أن الاحترار العالمي وتغير المناخ لهما تأثيرات كبيرة ومتعددة على حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، مما يستدعي اتخاذ إجراءات فورية ومستدامة للتكيف والتخفيف من هذه التأثيرات. بالرغم من ذلك، فإن الإجراءات الفعالة مثل استصلاح الغابات البحرية، وحماية المناطق البحرية المحمية، والتعاون العلمي الدولي، توفر بارقة أمل للحفاظ على النظم البيئية البحرية وتحقيق التنمية المستدامة.
* للمقال مصادر