أصدرت محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء قسنطينة، أمس، حكما بالسجن لمدة 6 أشهر غير نافذة، في حق طبيب عام، يعمل بالمركز الصحي لمدينة فرجيوة بولاية ميلة، بعد أن اتهم بترك رجل عاجز داخل المستشفى من دون تكفل طبي لعدة أيام، ما أدى إلى وفاته. وقائع القضية تعود إلى يوم 5 أكتوبر من سنة 2005، حيث تعرض الضحية «س م ا»، و هو متشرد و معاق حركيا، إلى حادث مرور، بعد أن صدمته سيارة على مستوى حي المنظر الجميل بفرجيوة، فنقل إلى مصلحة الاستعجالات بمستشفى المدينة، حوالي الساعة الرابعة، لكن الطبيب المناوب « ب ع»، و هو المتهم في قضية الحال، كان غائبا، فتدخل زميله الذي كان يهم بالمغادرة، و قدم الإسعافات للضحية، من خلال خياطة بعض الجروح على مستوى رأسه، و قبل ذلك حقنه بجرعة مقدراها 10 ملغ، من مادة الفاليوم، حتى يسكن ألامه و يتمكن من تقطيب جراحه.  
و بعد أن حضر الطبيب المناوب «ب ع»، قام بوضع المريض تحت المراقبة و زوده بقارورة مصل، و في تلك الليلة، تقيأ الضحية مرتين، لكن المتهم لم يقم بأي إجراء، حسبما جاء في المحاضر، و قبل مغادرته في الثامنة صباحا، أخبر الطبيب الذي استخلفه بأن المريض يفترض أن يغادر، و ظلت هذه الملاحظة تتداول من طبيب لآخر، حيث بقي الضحية بنفس المصلحة في حالة خطيرة، و لم يقدم له علاج أو توجيه طبي كما لم يزود بالأكل أو المصل المغذي، رغم أنه كان في غيبوبة، إلى غاية يوم 9 أكتوبر، حيث قام الطبيب الذي أسعفه لأول مرة، بتحرير أمر بالقبول و شهادة وصفية. و كان الأطباء الذين عملوا في هذه الفترة يتلقون التوصيات فيما بينهم شفاهة بأن المريض خارج تعداد مرضى المصلحة، و يوجد في انتظار أهله ليأخذوه، و بعد الشكاوي المتكررة من سائق السيارة التي صدمته و الذي حاول الاطمئنان على الضحية، تفطنت إدارة المستشفى إلى الأمر، و تم نقل المريض إلى عيادة خاصة بشلغوم العيد، أين أجريت له أشعة «سكانير»، حيث تبين أنه مصاب بارتجاج بالمخ، لينقل بعدها إلى المستشفى الجامعي بقسنطينة، و يعاين هناك في قسم الأعصاب، حيث طلب من مرافقيه إعادته إلى فرجيوة، أين وافته المنية يوم 13 أكتوبر 2005. المتهم «ب ع»، و الذي توبع بجناية ترك عاجز غير قادر على حماية نفسه في مكان غير خال من الناس أدت إلى وفاته، صرح خلال المحاكمة بأنه لم يكن بإمكانه تشخيص حالة المريض، الذي كان، حسبه، تحت تأثير مادة الفاليوم، كما أن الطبيب الذي قام بمعاينته في المرة الأولى، أخبره، على حد تأكيده، بأن المريض يمكن أن يغادر فور استيقاظه. أما القاضي فأكد للمتهم بأنه كان عليه تحويل المريض لإجراء الأشعة، موضحا له بأن الأخصائيين يؤكدون بأن تأثير مادة الفاليوم لا يتجاوز 6 ساعات، كما قال القاضي للمتهم بأنه كان وراء تغليط باقي الأطباء، من خلال التوصية التي تركها بأن الضحية خارج تعداد المرضى، و سيغادر فور قدوم أهله لاستلامه، و تساءل القاضي حول سبب عدم تحرير وثيقة قبول، أو أية ملاحظات عن حالة المريض، رغم مكوثه لأيام بمصلحة الاستعجالات، فيما التمس ممثل النيابة العامة عقوبة 7 سنوات سجنا في حق المتهم.              
ق.م