الأمير عبد القادر والقديس أوغستين أسسا للتعايش   ونبذ التطرف
رسم متدخلون في ملتقى الأمير عبد القادر والقديس أوغستين، أمس بعنابة، صورة راقية عن قيم الإنسانية والتعايش ونبذ العنف والفرقة ما بين الأديان، تجسدت في شخصيتين عاشتا في الجزائر في حقبتين متباعدتين، لكن مسيرتهما الغنية بروح التسامح، جعلتهما محط اهتمام الدارسين.
وأفاد السفير الايطالي في الجزائر «باسكال فرارة» في مداخلته بالمسرح الجهوي عزالدين مجوبي، خلال الملتقى الدولي الذي نظم تحت عنوان «العالمية و الإنسانية» لدى القديس أوغستين و الأمير عبد القادر، و ذلك بمبادرة من سفارة إيطاليا بالجزائر و المعهد الثقافي الإيطالي بالتعاون مع وزارة الثقافة، بأن حياة القديس أوغستين في الجزائر، كانت أحد المسارات الهامة التي ترك فيها إشعاعات ثقافية وإنسانية ستبقى خالدة عبر مر التاريخ، وستكون مادة دسمة سيتدارسها الباحثون وينقلونها للأجيال المقبلة، وقال السفير في تصريحه لوسائل الإعلام «التاريخ يشهد للجزائر بجهودها المتتالية عبر فترات تاريخية متباعدة في  ترقية قيم السلام والتعايش» وأضاف « الأمير عبد القادر كان من أبرز الشخصيات التي كرست قيم التسامح  والإنسانية ما بين الديانات وجسر تواصل فيما بينها». وأورد «باسكال» بأن مد جسور حوار الثقافات بين بلدان ضفتي المتوسط يمثل «أحد السبل لمواجهة تصاعد التطرف و إعلاء قيم التسامح بمنطقة المتوسط  والمساهمة من خلالها في ترقية قيم الإنسانية في عصر العالمية» وأثنى على جهود الجزائر في تكريس مبادئ السلام وإعطاء أهمية في الاحتفال باليوم العالمي للتعايش معا والمصادف لتاريخ 16 ماي من كل سنة .
وتنوعت مداخلات الأستاذة والباحثين حول إسهامات الأمير عبد القادر والقديس أوغستين، الذي عاش ما بين ولايتي عنابة وسوق أهراس مسقط رأسه، في نشر الوعي الإنساني وثقافة التسامح، وكان للدكتور والأستاذ الجامعي المختص في الأنثروبولوجيا محمد طيبي مداخلة مهمة بعنوان «فكران منيران نحو التقاطع في الاجتهاد « وقال بأن هاتين الشخصيتين العالميتين كان لهما «تأثير عميق في ترسيخ قيم الإنسانية وتنظيم العلاقات بين المجتمع». وأضاف بأن الشخصيتين تجتمعان فكريا في «التفتح على العالم واحترام الآخر مع التشبث بالأرض والدفاع عنها».
وحصر محمد طيبي، نقاط التقاطع والتشارك بين الشخصيتين، بالتركيز على الأبعاد النفسية والاجتماعية، فالقديس أوغستين هو صنيع أمه التي رافقته في مساره الفكري، كذلك الأمير عبد القادر الذي ختم القرآن في الخامسة من عمره، تتلمذ على يد أمه «لالة زهور» فكانت دعما وسندا له وإلى جانب ذلك هناك النقطة المتعلقة بكفاح الرجلين ونضالهما ضد أكبر القوى آنذاك، مستدلا بشواهد من التاريخ في مسيرة الأمير عبد القادر ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم، و أوغستين ضد الإمبراطورية الرومانية من خلال دعوته إلى المحبة والسلام .
والي عنابة توفيق مزهود قال في كلمته « لا شك كان للأمير عبد القادر تأثير عميق في تحولات المجتمع الجزائري كشخصية فعالة، فقد كان مؤسسا للدولة الجزائرية، كما كان قائدا عسكريا وشاعرا وعالما متصوفا» وأضاف « لقد خاطبه أعداءه باحترام وإعجاب وهو الذي انقد ألاف المسحيين في مذبحة في دمشق، وهذا لإيمانه الراسخ بمبادئ التعايش وقبول الأخر»
و ركزت الأمينة العامة لمؤسسة الأمير عبد القادر السيدة زهور بوطالب في مداخلتها على بطولات الأمير وفكره المتسامح، وقالت الأمير عبد القادر « أسس للدولة الجزائرية الحديثة على قيم الحق في الحياة و إعطائه بعدا إنسانيا وعالميا».
و يهدف هذا اللقاء الثقافي الذي يندرج في إطار برنامج «إيطاليا ثقافة متوسطية» إلى تبليغ الرسالة الإنسانية في أعمال القديس أوغستين والأمير عبد القادر وذلك في إطار حوار الثقافات ما بين دول ضفتي المتوسط، حسب المعهد الثقافي الإيطالي.                   
حسين دريدح

الرجوع إلى الأعلى