الاعـتـداء على حرمة الحياة الخاصة أخذ منحى خطيرا
حذر أمس مختصون في حقوق الإنسان و الشريعة و القانون خلال يوم دراسي وطني احتضنته جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، من تفشي ظاهرة انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين في مجتمعنا ، مؤكدين بأن منصات التواصل و بعض الوسائل الإعلامية أصبحت وسائل اعتداء على خصوصية الفرد و الشخصيات العمومية و التشهير بها و ابتزازها ، و دعوا إلى ضرورة أن يضع المشرع الجزائري آليات عملية واضحة ، لوضع حد للظاهرة.
وقال الباحثون إن التشهير بالمواطنين و الشخصيات العمومية، أصبح ظاهرة ذات أبعاد خطيرة، خاصة في ظل ما تشهده الساحة الإعلامية من حراك في الفترة الأخيرة ، و ما يتعلق أساسا بانتهاك خصوصية الحياة الخاصة لمتهمين في قضايا معينة و التشهير بهم و تداول صورهم، و قد تقضي المحكمة في نهاية المطاف ببراءتهم، مؤكدين  في ذات السياق أن المشرع الجزائري لم يكن صارما و واضحا في حماية قرينة البراءة في مواجهة وسائل الاتصال و الإعلام .
الأستاذ عمار بن جدة  المختص في حقوق الإنسان بجامعة الأمير عبد القادر، قال في مداخلته التي ارتكزت على علاقة الإعلام بالقضايا الشائكة المطروحة أمام المحاكم ، إن الجزائر شهدت تطورا ملحوظا في مجال حرية الرأي و التعبير و فتح مجال السمعي البصري أمام الخواص ، لكن في المقابل تزايدت حالات الاعتداء على قرينة البراءة ، فالشخص المتابع قضائيا يعتبر في نظر القانون متهم حتى تثبت إدانته أو براءته، متأسفا لكون بعض وسائل الإعلام تخلت عن وظائفها الرئيسية و تحولت إلى محاكم موازية ، تصدر أحكاما على الأفراد.
و أضاف المتحدث أنه و حتى و إن ثبتت براءته ، لا يلقى ردا للاعتبار من قبل هذه الوسائل، و في كثير من الأحيان لا تتم متابعة القضية و نشر الحكم النهائي للعدالة، موضحا بأن القانون موجود ، كالقانون العضوي 02/15 المتعلق بالإعلام ، الذي يجرم مثل هذه الأفعال ،  لكن تفعيله غير موجود.
 و أشار الأستاذ بن جدة إلى أن التشهير و القذف من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، فتسريب مثلا فيديوهات عن شخصيات عمومية تمس بحياتهم الخاصة، ينجر عنه معاقبة الطرفين، مشيرا إلى أنه لا يحق لأي كان أن ينصب نفسه رقيبا على شخصية ما ، و إن توفرت لديه معلومات ،عليه التوجه للضبطية القضائية ، فهي المسؤولة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة.
من جهتها قالت الدكتورة مليكة خشمون بأن هناك تغييب للمبادئ الإسلامية في الحياة العامة ، إذ أصبحنا نشاهد المساس بحرمة بالحياة الخاصة من باب حرية التعبير، و لم يعد هناك حاجز يجعل حياتنا الخاصة في مأمن عن الابتزاز و التشهير ، و أصبحت حقوق الإنسان تنتهك باسم حرية التعبير ، مؤكدة بأن الشريعة الإسلامية تنظر إليها في إطار المنظومة التشريعية ككل و الأحكام الشرعية التي لها طبيعة خاصة، مخالفة تماما للمنظومة القانونية و الحقوقية ، معتبرة بأن الحياة الخاصة، تكتسي القداسة و  يجب عدم المساس بها.
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى