ووري أمس الثرى بمقبرة بن عكنون بالعاصمة جثمان الفقيد، مراد مدلسي، رئيس المجلس الدستوري الذي وافته المنية صبيحة أمس، وهذا بحضور رسمي كبير من أعلى السلطات في البلاد، وفي جو جنائزي مهيب.
وقد شيّع جثمان الراحل مراد مدلسي إلى مثواه الأخير بعد صلاة الظهر بمقبرة بن عكنون التي كانت قد غصت بالمشيّعين من كبار المسؤولين الرسميين والمواطنين وعائلة وأصدقاء الفقيد، وكان رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، والوزير الأول أحمد أويحيى، ورئيس مجلس الأمة معاذ بوشارب، والأمين العام لرئاسة الجمهورية حبة العقبي، ومستشاري الرئيس الطيب بلعيز ومحمد علي بوغازي، و كل أعضاء الحكومة تقريبا، والمدير العام للأمن الوطني مصطفى لهبيري في مقدمة المشيّعين.
كما حضر إلى مقبرة بن عكنون لتوديع مدلسي أيضا مسؤولون سابقون في الدولة على غرار وزير الدفاع الأسبق خالد نزار وعضو المجلس الأعلى للدولة علي هارون، ورئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق محمد العربي ولد خليفة، والوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال، ووزراء سابقين، وعسكريين متقاعدين ومسؤولين في مختلف هيئات الدولة ومنظمات المجتمع المدني.
 وحضر الجنازة كذلك رؤساء ومسؤولو بعض الأحزاب السياسية على غرار الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، و عمار غول رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، وعمارة بن يونس رئيس الحركة الشعبية الجزائرية، وبلقاسم ساحلي رئيس التحالف الوطني الجمهوري وقيادات من أحزاب أخرى ونواب في البرلمان، فضلا عن رفقاء الفقيد وأفراد عائلته ومواطنين و بعض ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد في بلادنا.
وقد وصل جثمان الفقيد بعد صلاة الظهر محمولا على أكتاف أفراد من الحماية المدنية حيث دفن مباشرة بعد تلاوة فاتحة الكتاب، ووصف الإمام في كلمة له الفقيد بـ"الإنسان المتواضع"، وقال إن " الجزائر فقدت ابنا بارا من أبنائها ورجلا من رجالاتها الكبار.. لقد كان مراد مدلسي رجلا متواضعا يحب كل الناس ومحبوب من الجميع خدم وطنه بكل تفان وصدق وإخلاص وساهم في بناء الجزائر".
 كما وصف المتحدث الراحل بأنه كان "رجل دولة أفنى عمره في بناء بلده وساهم في بناء الجزائر والوصول بها إلى بر الآمان رفقة أخيه عبد العزيز بوتفليقة".
وقد أجمع كل الذين حضروا الجنازة على صفة التواضع التي يتميز بها الفقيد، وحبه للجميع والتزامه بأداء المهام التي تسند إليه في كل مرة.
وكان رئيس المجلس الدستوري قد توفي صبيحة أمس الاثنين في بيته العائلي بالعاصمة بعد مرض عضال وبعد رحلة علاج في الخارج لم تكلل بالنجاح، وقد ولد الراحل في 30 أفريل 1943 بولاية تلمسان، وبعد تخرجه من جامعة الجزائر في تخصص الاقتصاد تولى العديد من المهام والمناصب في مؤسسات وطنية عديدة قبل أن يعيّن في سنة 1988 وزيرا للتجارة، ثم وزيرا منتدبا للخزينة في سنة 1991، ثم عاد إلى وزارة التجارة بين سنوات 1999 و 2012، فوزيرا للمالية بين سنوات 2001 و 2002، ثم وزيرا للمالية أيضا بين 2005 و 2007، وهي السنة التي عيّن فيها وزيرا للشؤون الخارجية إلى غاية 2013.
وفي 15 سبتمبر من سنة 2013 يعيّن مدلسي رئيسا للمجلس الدستوري خلفا للراحل بوعلام بسايح ويظل في هذا المنصب إلى غاية وفاته أمس عن عمر 76 سنة.    
إلياس -ب

الرئيس بوتفليقة
 الجزائر فقدت برحيل مدلسي قامة من قامات رجال الدولة
بعث رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة برقية تعزية لأسرة الفقيد مراد مدلسي, رئيس المجلس الدستوري, الذي وافته المنية فجر يوم الاثنين, أكد من خلالها أن الجزائر فقدت برحيله «قامة من قامات رجال الدولة في الجزائر الحديثة».
و كتب رئيس الجمهورية في برقيته «قضى الله جل جلاله أن يرحل عنا أخونا مراد مدلسي إلى جوار ربه بعد أن أفنى جل عمره وهو يسهم مع رفاقه في بناء الدولة الجزائرية في مجالات عدة، وفي مناصب مختلفة، كان في جميعها كفئا في أداء مهامه، جادا في الاضطلاع بمسؤولياته لاسيما في وزارة المالية، وفي وزارة الخارجية، وفي المجلس الدستوري».و تابع الرئيس بوتفليقة معدّدا مناقب الفقيد الذي كان «دمث الخلق، حسن المعشر والمظهر، حلو الحديث، لا يرى إلا باسم الثغر بشوش الوجه طلق الأسارير», كما كان «يعمل بتواضع مع كل من عمل معه بحيث كان الجميع يعده صديقا، فأحبوه وعملوا معه بإخلاص وجدية، فبادلهم محبة بمحبة وإخلاصا بإخلاص، فكان يشاورهم فيقتنع ويعطيهم التعليمات فيقنع، فتحولت بذلك كل مؤسسة ترأسها إلى فريق عمل يسوده الانسجام والوئام».
كما أردف رئيس الدولة  «لقد فقدت فيه الجزائر ابنا بارا مؤمنا ومناضلا مخلصا، وقامة من قامات رجال الدولة في الجزائر الحديثة، فضلا عن دماثة خلقه وعلو همته وفيض في الإنسانية الطاهرة، ولقد فقدت فيه الأخ الودود والصديق والمعين الدائم، لكن ما حيلة المرء وهذا قضاء المولى وقدره يحي ويميت وهو على كل شيء قدير».
و استرسل رئيس الجمهورية مخاطبا أسرة الفقيد «يشهد الله أنه عزّ علي أن يرحل أخونا هذا ويترك فراغا يعز العوض فيه ولا يعزينا في مصابنا فيه سوى علمنا بأنه سبقنا، بمشيئته تعالى، إلى رياض المولى نسأله أن يبر بروحه، ويكافئه على جلائل أعماله، ويسقيه من غدق جناته، وينزل على قلوب أسرته العزيزة وبنيه وذويه وكل رفاقه الصبر الجميل», مضيفا «و لئن وارى الفقيد الثرى، فسيبقى حيا في ذاكرة الجزائريين منقوشا اسمه في ثبت التاريخ، ويظل لهم فيه أسوة وقدوة».
و خلص الرئيس بوتفليقة إلى القول «أمام قضاء الله وحكمه الذي لا مرد له، لا يسعني ، وقلبي يعتصره الحزن والأسى، إلا أن أعرب لكم عن أصدق التعازي وأخلص مشاعر التعاطف والمواساة، سائلا الله تعالى أن يشمل الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه مع الصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا، وأن يلهمكم وأهله ورفاقه جميل الصبر والسلوان إنه سميع الدعاء مجيب».
«وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون».

مسؤولون يعزّون عائلة الفقيد
مدلــسي أحــد رجــالات الجزائـــر الذيـن خدموهـــا بإخـــلاص
أجمع المسؤولون وإطارات الدولة الذين عرفوا مراد مدلسي، الذي وافته المنية فجر الاثنين، على الخصال الحميدة التي تمتع بها الرجل طيلة الفترة التي قضاها في خدمة البلاد، وكل المناصب التي تقلدها طيلة مسيرته المهنية، وأكدوا بأن الجزائر قد فقدت أحد رجالاتها الذين خدموها بإخلاص من مختلف مواقع المسؤوليات التي تقلدها.
و كتب رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح في برقية التعزية :»نفقد رجلاً سمَتْ به مكارم سيرته، ورفعت مقامه مسيرته الحافلة ليُعدَّ بجدارة في صف رجالات الجزائر الذين خدموها بإخلاص من مواقع مسؤوليات ومهام سامية عديدة، تقلدها على مدى سنوات طويلة بتواضع وكفاءة فاستحق واسع التقدير والاحترام».
و تابع قائلا «وإننا إذ نودع ببالغ الأسى والحسرة أخًا وصديقًا قضى حياته في خدمة الوطن والأمة نتضرع إلى المولى عز وجل أن يُكرم مثواه، ويلحقه في جنة الفردوس بإخوانه المجاهدين والشهداء وأن يُلهم عائلته الكريمة جميل الصبر والسلوان و يتغمده برحمته الواسعة، إنه سميع مجيب».
من جانبه، أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني أن الفقيد مراد مدلسي ساهم من خلال مختلف المناصب التي تقلدها بعد الاستقلال في بناء الدولة «من منطلق حبه الصادق للجزائر وتفانيه في خدمتها»، مضيفا أن الراحل «بعد أن واكب وشارك في الثورة التحريرية ساهم في معركة بناء جزائر قوية، نامية، مستقرة ومزدهرة».
و شدد على أن «روحه الوطنية التي ميزته طيلة مشواره، تبقى حاضرة دائما في أذهاننا بما تركه المرحوم من أثر بالغ في نفس كل من حظي بالعمل والتعامل معه»، متقدما باسمه ونيابة عن كافة نواب المجلس الشعبي الوطني لعائلة الفقيد بـ«أصدق التعازي وأخلص المواساة».
و أشاد الوزير الأول في برقيته بتفاني المرحوم «في خدمة بلاده من خلال المناصب السياسية والوزارية العديدة التي تولاها وشغلها بكفاءة واقتدار قبل أن يصبح رئيسا للمجلس الدستوري إلى أن وافته المنية». كما تابع مخاطبا أسرة الراحل «وإذ أشاطركم الآلام والأحزان على رحيل هذا الرجل الذي، أخلص في خدمة بلاده، فإنه لا يسعني وقد قضى الله أمره، إلا أن أتقدم إليكم وإلى ذوي الفقيد جميعا، بأخلص عبارات العزاء وأصدق المواساة والتعاطف، داعيا المولى العلي القدير أن يتغمد روحه الطاهرة بواسع رحمته وغفرانه وأن يجعل مثواه جنة النعيم مع الصديقين والأبرار، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يلهمكم جميل الصبر وعظيم السلوان ويجازيكم عنه خير الثواب، إنه السميع المجيب».
كما وجهت عدة أحزاب سياسية ومنظمات وطنية، رسائل تعزية إلى عائلة الفقيد مراد مدلسي الذي توفي أمس الاثنين عن عمر ناهز 76 سنة إثر مرض عضال.
وزيرة العدل الفرنسية تقدم تعازي حكومة بلدها
تقدمت وزيرة العدل الفرنسية، نيكول بيلوبات، أمس، بتعازي الحكومة الفرنسية اثر وفاة رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي الذي قالت إنه كان «رجلا سياسيا هاما». و صرحت وزيرة العدل الفرنسية أمام الصحافة، على هامش زيارتها الى مقر المديرية العامة لعصرنة العدالة، «علمت ببالغ الحزن و الأسى وفاة رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي. و أود بهذه المناسبة أن أعرب عن حزن الحكومة الفرنسية وأن أتقدم بالتعازي للسلطات و الشعب الجزائريين و كذا لأعضاء المجلس الدستوري و لأسرته».
وذكرت الوزيرة الفرنسية التي وصفت الراحل مراد مدلسي بـ «الرجل السياسي الهام بالنسبة للجزائر» أنه كان لها «شرف الالتقاء به سنة 2017 عندما وجه لي دعوة للمشاركة في الملتقى حول إدراج الدفع بعدم الدستورية في الجزائر» و كذا في مناسبات أخرى حيث كانت «لها محادثات معه» كما قالت.
الاتحاد العربي الإفريقي للتنمية المستدامة يُعزي عائلة مدلسي
تقدّم الاتحاد العربي الإفريقي للتنمية المستدامة المتكاملة بالجزائر،بتعازيه لعائلة المرحوم مراد مدلسي الوزير الأسبق ورئيس المجلس الدستوري. وجاء في بيان الاتحاد: "ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة المغفور له بإذن الله تعالى المرحوم مراد مدلسي الوزير الأسبق ورئيس المجلس الدستوري”. مضيفا:”أنّه على إثر هذا المصاب الجلل تتقدم الأمانة العامة للاتحاد العربي الإفريقي للتنمية المستدامة المتكاملة بالجزائر بالتعازي الخالصة إلى عائلة الفقيد داعين المولى عزّ وجل أن يتغمد روح الفقيد ويسكنه فسيح جناته ويلهم ذويه جميل الصبر والسلوان".

 

الرجوع إلى الأعلى