اتخذ رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، أول أمس خلال الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء تدابير فورية وذات طابع استعجالي للتقليص من آثار الأزمة المالية و الاقتصادية الناتجة عن تفشي وباء كورونا و التقلب الرهيب في سوق النفط العالمية، بإمكانها أن تعيد التوازن للمالية العامة للدولة، و تعوض النقص الكبير  في مداخيل البلاد المتأتية من المحروقات.
ويمكن وصف هذه التدابير بالصارمة والحاسمة، بالنظر للوضعية المالية التي توجد عليها البلاد في الوقت الحالي والتي لا يعلم احد إلى متى ستستمر على هذا المنوال مقارنة بالمنحى الذي يأخذه تطور تفشي فيروس كورونا في العالم، وما خلفه من أثار مدمرة على اقتصاديات الدول وعلى السوق النفطية.
 وبحساب بسيط يمكن القول أن التدابير التي بادر بها الرئيس، عبد المجيد تبون، في اجتماع مجلس الوزراء والتي وصفها بالفورية، أن توفر لخزينة الدولة ما يقارب 40 مليار دولار وهو مبلغ لا يستهان به، ويعادل أو يفوق  المداخيل السنوية للبلاد من المحروقات.
 فقد أمر تبون بتقليص ميزانية الاستيراد من 41 مليار دولار إلى 31 مليار دولار، أي وضع 10 ملايير دولار سنويا كاحتياط على الجانب، وأمر أيضا بالتوقف عن إبرام عقود الدراسات والخدمات مع المكاتب الأجنبية، وهو ما سيوفر للجزائر حوالي سبعة مليارات دولار سنويا، فضلا عن تأجيل إطلاق المشاريع المسجلة  أو قيد التسجيل  التي لم يشرع في إنجازها، عدا المشاريع التي استثناها مجلس الوزراء.
 وفي نفس السياق وبذات الحساب أمر رئيس الجمهورية كذلك بتقليص ميزانية التسيير بـ 30 من المائة، وإذا علمنا اليوم أن ميزانية التسيير هي بحدود 4900 مليار دينار، فإن نسبة 30 بالمائة منها تساوي أو تعادل 1400 مليار دينار، وهو ما يعني حوالي 13 أو 14 مليار دولار.
و في إطار نفس الإجراءات أمر تبون المجمع الوطني للمحروقات سوناطراك بخفض أعباء الاستغلال ونفقات الاستثمار من 14 إلى 7 ملايير دولار في السنة، ما يعني كذلك توفير 7 ملايير دولار إضافية سنويا، وحساب ما يمكن توفيره من وقف بعض المشاريع التي لم تسجل، وأيضا بالتعجيل بعملية تحصيل الضرائب والرسوم  واسترجاع القروض الممنوحة من طرف البنوك العمومية، فإن إجمالي ما يمكن للخزينة أن توفره هذا  العام بهذا المنوال يقارب 40 مليار دولار.
وهذا الرقم الكبير الذي ستوفره المالية العامة للدولة في خلال السنة الجارية إذا واصلت على نفس المنوال يفوق في تقديره مداخيل البلاد السنوية من المحروقات التي  كانت بحدود 30 مليار دولار في سنة 2019 المنصرمة، وقبلها كانت بحدود 33 مليار دولار.وعليه فإنه وفي حال التطبيق الصارم للتدابير هذه التي اقرها رئيس الجمهورية أول أمس فإن البلاد يمكنها أن تستعيد توازنها المالي إلى حد بعيد، والتصدي بذلك للآثار التي تبدو وخيمة على البلاد وكل دول العالم للأزمة الاقتصادية العالمية.
و منه يمكن للبلاد أن تتجاوز الظرف الطارئ الذي حل بها الناجم عن تفشي فيروس كورونا،  وما كانت له من آثار  سلبية على سعر برميل النفط الذي تهاوى في الأيام  الأخيرة إلى حدود 24 دولارا للبرميل، بسبب كورونا ولكن أيضا بفعل عدم التزام الدول المنتجة بسقف الإنتاج اليومي المتفق عليه.
وكما أشار الرئيس عبد المجيد تبون في مداخلته خلال اجتماع مجلس الوزراء أول أمس فإن هذا الوضع الذي يبدو اليوم صعبا يمكن أن يكون دافعا حقيقيا للاقتصاد الوطني ولكافة المسؤولين والقطاعات للتخلص من التبعية العمياء للمحروقات، والاتكال على ما يأتي من الجباية البترولية، والتبذير المفروط والاستهلاك دون رقيب أو حسيب.
ويمكن لهذا أيضا أن يكون كذلك نقطة انطلاق  لإعادة ترتيب أولويات انطلاقة اقتصادية صلبة وحقيقية للبلاد بالبحث عن مصادر أخرى للمداخيل، وتثمين كل مقدرات البلاد في كل القطاعات وهي ثروات كبيرة وضخمة، وحشد كل الطاقات، و العمل بأسلوب جديد يليق بتحديات القرن الواحد والعشرين، وقبل ذلك كله التزام المواطن والعامل والمسؤول في كل المستويات بالوعي المطلوب لرفع هذا التحدي.
 إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى