تشهد البلاد برمتها حملة تضامن  وتبرعات غير مسبوقة، مست جميع الفئات، والقطاعات، والإطارات والعمال البسطاء، من أجل تقوية المواجهة ضد فيروس كورونا كوفيد 19 الآخذ في الانتشار.
تتوالى كل يوم حملات التضامن وتتعدد، لمواجهة تفشي وباء كورونا في الجزائر،  في وقت أصبح فيه الجميع معنيا بهذه الحرب الخفية والخطيرة، ولم يعد الوقت متاحا لمزيد من التأخر من أجل تمتين التكاثف والتضامن مع المصابين وأهاليهم، ومع الذين يشرفون على علاجهم، ومرافقة ودعم جهود الدولة بصورة عامة في هذا المجال.
 وما حدث في الأيام الأخيرة- من تبرعات متوالية من أعلى المسؤولين في الدولة إلى مختلف الإطارات وحتى عمال بعض المؤسسات والشركات الوطنية الكبرى- يشبه في الحقيقة هبة وطنية فريدة ومتميزة  من أجل التصدي لوباء كورونا، هبة لم تعرفها البلاد في تاريخها بهذا الشكل و بهذا الزخم، وهو ما يؤشر على أن المواطنين في جميع المستويات واعون تمام الوعي حقيقة بخطورة الوضع وخطورة الوباء.
فمن رئيس الجمهورية الحالي، والرؤساء السابقين، إلى إطارات الرئاسة، والضباط السامين للجيش الوطني الشعبي جميعهم، إلى الوزراء والوزراء السابقين، و ولاة الجمهورية ورؤساء الدوائر وإطارات الولايات، وإطارات الأمن الوطني، والحماية المدنية وبقية إطارات الدولة ومؤسساتها وعمال مجمع سوناطراك، كان القرار واحدا والسلوك موحدا فقد قرر هؤلاء التبرع براتب شهر واحد وصبه في الحسابات الخاصة بالتضامن التي فتحتها الجهات المختصة لمواجهة تفشي الفيروس القاتل.
والمتوقع أن هذه الحملة ستتواصل في الأيام القادمة بأشكال متعددة وستنخرط  فيها فئات اجتماعية أخرى طواعية ودون حساب، لأن الأمر يتعلق بالصحة العامة للمواطنين وبخطر يداهم البلاد ويهدد استقرارها وأمنها.
وفي هذا الخضم لابد ألا ننسى حملات التضامن والدعم التي انطلقت قبل أيام من طرف منظمات وجمعيات من المجتمع المدني، وشخصيات وطنية، ورجال أعمال وهيئات رسمية، سواء التي كانت وجهتها ولاية البليدة بعد فرض الحجر الكلي عليها قبل أسبوعين وقد قدمت من مختلف ولايات الوطن، أو تلك  الحملات التضامنية الطوعية التي كانت العائلات المعوزة  والهشة هدفا لها في أجزاء الوطن الأخرى خاصة بعد قرارات توقيف الدراسة، والنقل العام، وغلق المحلات والمساحات الكبرى وبداية الحجر الصحي الجزئي.
و إلى حملات التضامن والتبرعات الشخصية والجماعية المذكورة سلفا تضاف أيضا حملات تضامنية من نوع  خاص فرضتها طبيعة الأزمة التي نعيش فيها بسبب هذا الوباء، فقد اختارت فئة من المهندسين والشباب أصحاب الكفاءات الفكرية والتقنية توجيه جهدها الابتكاري لخدمة المرضى والذين يسهرون عليهم من الطواقم الطبية والممرضين.
فمن هؤلاء من توجه إلى صناعة أجهزة التنفس الاصطناعي بالنظر لنقصها الملحوظ في الميدان و التخوف من الحاجة إليها بعدد كبير في المستقبل، ومنهم من اختار خياطة الكمامات وتوزيعها على المستشفيات في مختلف ولايات القطر، أو صناعة ألبسة وأقنعة الحماية الخاصة بالأطباء والممرضين الذين يواجهون بشكل مباشر الوباء.
لقد عاشت الجزائر محنا وكوارث وأزمات في العقود الماضية، ولم يتخلف الجزائريون في كل مرة عن تقديم أرقى أشكال التضامن  لمساعدة المتضررين منها، لكن ما نراه هذه المرة هو بمثابة ملحمة وطنية حقيقية، وهبة لم تعرفها البلاد في تاريخها، ولا يمكن تفسير هذا إلا بوعي المواطن وإحساسه بأن الأمر يختلف هذه المرة وبأن العدو الذي يجابهه الجميع والمتمثل في فيروس كورونا خطير ويهدد حياة الجزائريين في كل مكان.
 هي حملة تضامنية وجهد وطني كبير يسجله الشعب  في هذا الظرف الصعب الذي تمر به البشرية جمعاء.
 إلياس -ب 

الرجوع إلى الأعلى