اعتبر خبراء وباحثون، أمس، أن زيارة رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح عيسى، إلى الجزائر تأتي من أجل إطلاع الجانب الجزائري على تطورات الملف الليبي،  وأوضحوا أن هذه الزيارة،  إلى جانب زيارات قام بها مسؤولون ليبيون للجزائر في وقت سابق، دليل على مصداقية ووسطية الموقف الجزائري من الأزمة الليبية،  وأكدوا في السياق ذاته أن الجزائر تقف على نفس المسافة من كل الأطراف الليبية وهو ما يؤهلها  لتكون الوسيط الموثوق في المفاوضات أو المسار السلمي في هذا البلد الجار .
واعتبر الباحث والمحلل السياسي الدكتور بشير شايب في تصريح للنصر، أمس، أن زيارة  عقيلة صالح عيسى إلى الجزائر تأتي من أجل إطلاع الجانب الجزائري على تطورات  الملف الليبي في ظل مباحثات اللجنة العسكرية 5 +5  و في ظل ترسيم خطوط المواجهة والتماس في غرب ليبيا ،  وأوضح أن هذه الزيارة تأتي كعرض حال من الجانب الليبي، ممثلا في عقيلة صالح  لاطلاع المسؤولين في الجزائر، على ترتيبات المبادرة المصرية أو أي ترتيبات أخرى أو مطالب أو رسائل توجه عبر الجزائر إلى أطراف أخرى، وقال في السياق ذاته إن عقيلة صالح زار الجزائر، كما أن مسؤولين في حكومة الوفاق يزورون الجزائر ، و هذا يدل على المصداقية التي تتمتع بها الجزائر وعلى رجاحة وحكمة ووسطية الموقف الجزائري من الازمة الليبية وهو موقف حكيم .
و في نفس السياق، قال الباحث إن زيارة عقيلة صالح للجزائر في هذا الوقت تأتي لاطلاع المسؤولين الجزائريين على موقف حكومة شرق ليبيا ونظرتها ورؤيتها لأي مسار للمفاوضات بين طرفي النزاع في هذا البلد،  وقال إن هذا من حق الجزائر واحترام للجزائر بأن يتم إطلاعها مباشرة من خلال رئيس مجلس النواب في شرق ليبيا على تطورات المشهد الليبي وهذا من نتائج الدبلوماسية الناعمة الجزائرية اتجاه الأزمة في ليبيا.
واستبعد المحلل السياسي وجود مبادرة جزائرية جديدة لحل الأزمة في هذا البلد ، مشيرا إلى اقتناع الأطراف الليبية بضرورة مباشرة المسار السلمي من خلال مفاوضات تفضي إلى حل وقال إن الجزائر من الممكن أن تستعرض مع الجانب الليبي تجربتها في المصالحة وكيفية هندسة المصالحة الوطنية في ليبيا من خلال الميكانيزمات التي تؤدي إلى نجاح هذه المصالحة، حتى وإن كانت البداية  بمفاوضات بين طرفين عسكريين وهما الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق الوطني في غرب ليبيا .وبخصوص تجديد الجزائر لموقفها بشأن  الأزمة الليبية وتأكيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون،  أن الجزائر التي تقف على نفس المسافة من جميع الأطراف في هذا البلد مستعدة للمساعدة على إنهاء الأزمة وحقن الدماء، أوضح بشير شايب، أن هذا الموقف هو أساس قوة الموقف الجزائري فلو انحازت الجزائر إلى طرف على حساب طرف آخر لكان في هذا فقدان لكل المصداقية ، وعين الحكمة أن تكون الجزائر على هكذا مسافة -كما قال- لأن المشكلة ليست ظرفية تنتهي بعد عام أو  عامين ، هذا جار جغرافي ، تاريخي وبالتالي أي خطأ في الحسابات أو أي انحياز لطرف  على حساب طرف آخر ، وأي مشاركة من قريب أو من بعيد في سفك الدم الليبي أو تأجيج الازمة الليبية، سينعكس على العلاقات بين الشعبين وبين الدولتين لعشريات قادمة، مؤكدا في هذا الإطار أن  الجزائر تقف على نفس المسافة من كل الأطراف الليبية وهذا يؤهلها  لتكون الوسيط الأكبر  والموثوق في هكذا مفاوضات أو مسار سلمي في ليبيا.
وبالنسبة للحسم العسكري للأزمة، أوضح الباحث أن الحسم العسكري  في مجتمع قبلي لن يفضي إلى نتيجة ، فبالعودة إلى التاريخ الليبي، وكيف تكونت و سارت الدولة الليبية نعرف أن الحل الراديكالي  بمعنى أن  يتغلب طرف على طرف آخر لن يجلب الاستقرار لليبيا ولن يساهم إلا في نشر الفوضى واللاأمن، وبالتالي مادام أنه ليس هناك أي طرف ليبي بإمكانه القضاء على الطرف الآخر وهذا غير مطلوب، فهؤلاء أخوة يتقاتلون،  يبقى المخرج  مهما طال الزمن أن  يجتمع الاخوة في ليبيا حول مصالحة وطنية حقيقية، فيها تسامح وتعويض ونسيان الماضي وتأسيس دولة ليبية جديدة على أسس الديمقراطية والحرية والعدالة والتوزيع العادل للثروة بين كل أقاليم ليبيا وبين كل أطراف الشعب الليبي ومباشرة مسارات تنموية، فما ينتظر الشعب الليبي في الميدان التنموي  والنهضة أكثر  بكثير من هذا اللغط الذي تغذيه أطراف دولية من هنا ومن هناك .
ومن جهة أخرى، أوضح أن الحرب بالوكالة في ليبيا لها اهداف واستراتيجيات وأدوات فإن كان هدف الأطراف الدولية قد تم ضمانه ، فلا جدوى من استراتيجيات جديدة  ولا جدوى من الاحتفاظ بالأدوات القديمة، لكن إن لم تبلغ الأطراف الدولية المصلحة التي من أجلها تدخلت في النزاع الليبي، فستبقي على كل أدواتها وفق استراتيجيات يحددها الميدان ، مضيفا ان الحروب بالوكالة لا تطول إلى ما لانهاية لأن أهدافها عموما تضمن من خلال اتفاقيات سرية أو من خلال توافق دولي أو من خلال اتفاق معين بين طرفين تحت رعاية هذه الأطراف الدولية.وبخصوص إمكانية وجود مسعى دولي حقيقي من قبل القوى الكبرى لإنهاء الأزمة في هذا البلد، قال إنه  من السابق لأوانه أن  يكون الحل في ليبيا غدا ، كما أنه لن يكون بعد عام أو بعد عامين وإنما المهم كضرورة وأولوية ملحة حاليا  هو وقف الاقتتال، تحديد خطوط للتماس ، والحل السياسي أو المفاوضات السياسية ستعرف عثرات وانتكاسات وستعرف شروط جديدة يعني أنها ستتدحرج،  لكن المهم بالنسبة للشعب الليبي هو أن تجمع الأطراف الليبية والدولية على وحدة الإقليم الليبي ووحدة الشعب الليبي وسيادة السلطة الليبية الجديدة على كل الإقليم الليبي.
ومن جانبه، أوضح الباحث في الشأن الأمني، بن عمر بن جانة في تصريح للنصر، أمس، أن التدخلات بشأن الأزمة الليبية تأتي من مختلف الجهات وآخرها التدخل المصري في محاولة لحل  هذه الأزمة  وقد كان هذا الاجتماع الأخير أحادي في غياب للطرف الليبي الآخر ، وأضاف أن الجزائر كدولة جارة ويربطنا تاريخ كبير وبالتالي من غير المعقول أن لا تقول الجزائر كلمتها في هذه الآزمة ، وأضاف أن خطاب رئيس الجمهورية،  أكد أن الجزائر  مع الليبيين وما يهمنا هو تفاهم الليبيين والخروج من هذا المأزق، كما أن الجزائر ليس لها أي أطماع في هذا البلد.
وأكد الباحث في الشأن الأمني، أن الجزائر تقف على مسافة واحدة بين طرفي الصراع ، وما يهمنا هو محاولة جمع الطرفين على طاولة الحوار ودفعهم إلى إيجاد حل ليبي ليبي  وأضاف في نفس السياق أن هدف الجزائر هو جمع الليبيين على طاولة واحدة بدون أي انحياز إلى طرف من الأطراف، و قال إن الجزائر في كل مواقفها الخارجية كانت دائما وسيط موثوق به وطرف محايد جدا وليس لها أي أطماع وليس لها أي مواقف مخجلة.
مراد -ح

الرجوع إلى الأعلى