احتفل الشعب الجزائري على غرار الأمة الإسلامية قاطبة، بعيد أضحى استثنائي  فريد ومتميز الأجواء،  هذا العام بسبب الوضعية الصحية التي يعيشها العالم برمته بعد التفشي الواسع لفيروس كورونا كوفيد 19 منذ  أشهر، والذي أدى إلى تغيير طبيعة ونمط الحياة اليومية لكافة شعوب المعمورة.
وعلى الرغم من هذا الوضع العام والتهديد الجدي والمستمر لفيروس كورونا إلا أن فئات المواطنين حرصت على أداء كافة الشعائر المرتبطة بعيد الأضحى المبارك في الحدود التي تسمح بها التدابير و التوصيات الوقائية الصادرة عن السلطات العمومية الصحية في البلاد من جهة، وبالشكل الذي يحافظ على روابط التآزر و صلة الرحم بين العائلات المعروفة في مثل هذه المناسبات.
فوسط هذا الجو من التخوف والحذر استقبل المواطنون ثاني عيد في ظل تفشي جائحة كورونا بعد عيد الفطر المبارك في شهر ماي الماضي، لكن ذلك لم يمنعهم من الاحتفاء بهذه المناسبة الدينية و ذبح الأضاحي لمن استطاع إلى ذلك سبيلا، مع احترام الإجراءات الموصى بها عند عملية الذبح.
 وقد عمدت السلطات العمومية أياما قبل حلول هذه المناسبة إلى القيام بحملة تحسيسية واسعة في أوساط المواطنين  عبر كافة وسائط الإعلام والاتصال من أجل تبيان الطرق والتدابير الوقائية وشروط النظافة الواجب إتباعها خلال عملية نحر الأضاحي لمنع  انتشار فيروس كورونا والحد منه بشكل كبير.
تراجع مظاهر الذبح في الشوارع وتقيّد ملحوظ بالإجراءات الوقائية
 و الملاحظ  في اليوم الأول من عيد الأضحى غياب مظاهر ذبح الكباش في الشوارع والساحات العمومية بشكل ظاهر  كما كان  عليه الحال في الأعياد السابقة، حيث التزمت نسبة كبيرة من المواطنين بالتدابير الوقائية الصادرة عن  الحكومة في هذا الشأن، وقد تعاملت السلطات المختصة بصرامة كبيرة في هذا المجال من أجل فرض التدابير الوقائية  وإجراءات النظافة الموصى بها.
ولوحظ ذلك في المذابح العمومية التي خضعت لعملية تعقيم ونظافة كبيرة أياما قبل العيد،و الحرص على احترام شروط الذبح  والتباعد الاجتماعي والنظافة، ومراقبة الذبائح عبر تجنيد الآلاف من البياطرة، والشروع بعد ذلك من طرف مصالح الديوان الوطني للتظهير في تنظيف الشوارع ورفع كل مخلفات عملية الذبح إن وجدت والقيام بعملية تعقيم واسعة ومستمرة.
واللافت أيضا أن فئات عريضة من المواطنين تقيدت بقواعد الوقاية من وباء كورونا والتباعد الاجتماعي، بما يقتضيه الظرف الصحي الذي تمر به البلاد، فقد قلت أو انعدمت مظاهر الذبح الجماعي التي كانت تقام هنا وهناك في المواسم السابقة، و قلة خروج الأطفال إلى الشوارع والمساحات العمومية وقلة الحركة.
 وإذا كان قسط  من المواطنين قد قرروا القيام بشعيرة الذبح مع التقيد بشروط النظافة والوقاية فإن فئة أخرى فضلت التخلي عن الذبح هذا العام بالنظر للظروف الصحية التي يعيشها العالم اليوم بفعل جائحة كورونا.
وللمرة الثانية على التوالي بعد عيد الفطر يؤدي المواطنون صلاة العيد في بيوتهم على الرغم من رفع التكبيرات والتهاليل في كافة مساجد الجمهورية إيذانا بأنه يوم عيد، وقد رفضت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف إعادة فتح المساجد بعد العديد من الدعوات التي طالبت بذلك، وربطت ذلك بتطور الوضعية الوبائية في بلادنا وبرأي اللجنة العلمية المختصة في متابعة ورصد تطور كوفيد 19.
 إلا أن ذلك لم يمنع من بروز مظاهر العيد سواء عبر التكبيرات المنطلقة من المساجد أو عبر مظاهر أخرى وإن كانت باحتشام.
وتفادى المواطنون المغافرة والتقبيل حتى بين أفراد الأسرة الواحدة تجنبا لاحتمال ا انتقال العدوى وحفاظا على صحة الجميع، واكتفوا بتحية بعضهم البعض عن بعد.
وتميز عيد الأضحى لهذا العام أيضا بقلة الزيارات العائلية والتنقلات بين الأسر التي كانت تكثر في عيدي الفطر والأضحى،  مثلها مثل زيارة الموتى في المقابر وغيرها، وكل ذلك من باب الحذر و التقليص من فرص التلاقي بين الأفراد  لكبح وكسر سلسلة تنقل العدوى بين المواطنين.
 وقبل هذا كانت الحكومة قد فرضت منعا للتنقل  من وإلى 29 ولاية الأكثر تضررا من وباء كورونا، في إجراء احترازي وإضافي للإجراءات الصحية والحجر المفروض منذ مدة من أجل كسر سلسلة تنقل العدوى بين المواطنين.
 وتزامن يوما عيد الأضحى هذه المرة مع يومي العطلة الأسبوعية( الجمعة والسبت) وهما اليومان اللذان فرضت فيهما الحكومة حظرا للنقل الجماعي والخاص داخل  جميع الولايات، دائما في إطار التدابير الخاصة بمنع تفشي كورونا.
لقد فرضت جائحة كورونا منطقها على الجميع في باقي الأيام وفي أيام العيد أيضا، وهو ما جعل هذا العيد مميزا وسيبقى راسخا في أذهان الشعب وباقي المسلمين في العالم، لأنه العيد الذي لم تؤد فيه الصلاة في المساجد ولم ترفع فيها التكبيرات الخاصة بهذه المناسبة ولم يتبادل فيها المصلون وغيرهم المغافرة بينهم، ولم يزوروا ذويهم بشكل مريح.
وهو العيد الذي مر تحت رعب كورونا والتخوف الدائم  من الإصابة بها ، وهو العيد الذي مر على جزء معتبر من الجيش الأبيض وهم في المستشفيات يعالجون مرضى كوفيد 19 بعيدا عن أهلهم وذويهم، وبلا شك فإن هؤلاء المرضى لن ينسوا هذا العيد بدورهم لأنهم لم يقضوه مع أسرهم بل على الأسرة في المشافي.
 و يبقى عيد الأضحى لهذا العام مميزا أيضا لأن الآلاف من المواطنين الجزائريين الذين كانوا عالقين في بلدان عدة من العالم لشهور، والذين شرعت السلطات العمومية في جلبهم، قضوا أيام العيد تحت الحجر الصحي في الفنادق  وغيرها من هياكل الراحة.
ومن لم يقض أيام العيد في الحجر في الفنادق قضاه تحت الحجر الصحي في بيته، وهو ما يجعل من هذا العيد فريدا ولن يمحى من ذاكرة الجزائريين.
إلياس - ب

الرجوع إلى الأعلى