سجلت أسعار مختلف المواد الغذائية منذ بداية العام الجاري، ارتفاعا مفاجئا لدى تجار الجملة والتجزئة على حد سواء، حيث قفز ثمن قارورة الزيت ذات سعة 5 لترات إلى 620 دينارا بعدما كان ثمنه لا يتجاوز 590 دينارا قبل نهاية العام الماضي، حيث ذكر تجار تجزئة بقسنطينة، أن سعره في الجملة كان يقدر بـ 570 دينارا، في حين ارتفع إلى 595 دينارا وهو ما أدى بهم إلى رفع ثمنه.
وبخصوص قارورة الزيت ذات سعة لترين فقد وصل سعرها إلى 260 دينارا بعد أن كان ثمنها 250 دينارا، كما لفت تاجر الجملة أنه يقتنيها بـ 233 دينارا ويبيعها إلى تجار التجزئة بـ 241 دينارا، في حين قدرت الزيادات في سعر السكر بعشرة دنانير، حيث وصل ثمنه لدى التجزئة إلى 85 دينارا، بعد أن أصبح سعره في الجملة يقدر بـ 80 دينارا علما أن ثمنه السابق كان بـ 75 دينارا لدى التجزئة و 70 لدى الجملة.
وسجلت أسعار مشتقات الحليب ارتفاعا هي الأخرى، فقد عرف سعر اللتر من اللبن زيادات تترواح بين 10 و 15 دينارا لدى تجار التجزئة، فيما عرفت أسعار الياغورت زيادات لدى التجزئة تقدر بـ 5 دنانير في غالبية الأنواع ، فيما ذكر تاجر جملة أن كل المنتجات المحلية سجلت زيادات تتراوح فيما بين 2 و 10 دنانير، بحسب حجم كل علبة مبرزا أن الناشطين بالتجزئة يلجأون إلى فرض زيادات بخمسة أو عشرة دنانير نظرا لعدم تداول أو تعامل المواطنين بالعملات النقدية الصغيرة.
ولم تسلم حتى أسعار الزبدة من الارتفاع، فقد ارتفعت أسعار العلبة ذات سعة 250 غراما من 130 دينارا إلى 145 دينارا في التجزئة، علما أن ثمنها بالجملة كان محددا بـ 115 دينارا قبل أن يرتفع بداية العام إلى حدود 130 دينارا، أما خميرة الخبز فقد عرفت هي الأخرى زيادات محسوسة تتراوح فيما بين 20 و 25 دينارا سواء لدى الجملة أو التجزئة.
وبالنسبة للعجائن، فقد سجلت زيادات في مختلف الأنواع تقدر بـ 30 دينارا علما أن الارتفاع قد بدأ منذ غلق أحد مصانع الخواص، وهو ما فتح المجال لرفع الأسعار رغم وفرة المنتوج بمختلف الوحدات الإنتاجية الأخرى، في حين أوضح تاجر جملة لمختلف المواد الغذائية أنهم تفاجأوا مثل غيرهم بهذه الزيادات غير المبررة إلى الآن.
وقال مصطفى زبدي، رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، خلال تدخل له أمس في منتدى جريدة «الشعب» أن الزيادات في الأسعار بدأت في نهاية 2020 المنصرمة، وأوضح بأن كل الزيادات كانت تقع عادة في نهاية العام وبداية العام الجديد كونها مرتبطة بالزيادات والرسوم التي يأتي بها قانون المالية الجديد.
 لكن –يضيف ذات المتحدث – أن قانون المالية للسنة الجارية 2021 لم يأت بأي زيادات ورغم ذلك فقد ارتفعت الأسعار في الأيام الأخيرة بشكل كبير، وأكد أن بعض الزيادات لا مبرر ولا سبب لها، أما حجة الصناعيين والمنتجين فهي دائما تدهور قيمة الدينار وتحولات الأسعار في البورصات العالمية.
 وقدم زبدي في مداخلته عينات عن الزيادات التي عرفتها بعض المواد الغذائية وغير الغذائية على غرار العجائن التي ارتفع سعرها بما يقارب 40 من المائة، اللحوم بين 5 و 7 من المائة، حديد البناء وصلت الزيادة به إلى 40 من المائة وكل المنتجات المرتبطة به زادت بأكثر من 15 من المائة.
 ويضيف بأن مشتقات الحليب ارتفعت بين 10 إلى 15 من المائة، وارتفعت أسعار المواد الكهرومنزلية والمكتبية والإعلام الآلي بين 20 و 40 من المائة، أما مواد التوضيب والتغليف فقد ارتفعت أسعارها بين 5 و7 من المائة، ووصلا الزيادات في أسعار بعض الخردوات إلى 300 من المائة حسب ذات المتحدث.
 من جهته قال، زكي حريز، رئيس الفيدرالية الوطنية لحماية المستهلك بأن الزيادات في الأسعار لم تمس المواد الغذائية فقط بل العديد من المواد على غرار مواد البناء والتنظيف  والمواد المكتبية وغيرها، ووصف حريز في اتصال «بالنصر» أمس بعض الزيادات «بالمهولة وبالكارثية» التي ستتعب القدرة الشرائية للمواطن.
و أضاف محدثنا بأن الزيادات في العجائن مثلا غير مبررة لأن الحكومة التي أصدرت  في وقت سابق مرسوما لتحرير سعر القمح الموجه لهذا النوع من الصناعات جمدت هذا القرار لكن المنتجين الذين رفعوا الأسعار تبعا لذلك لم يراجعوها  بعد تجميد المرسوم، وعليه يدعو حريز زكي الدولة إلى التدخل ولعب دور المنظم والتحقيق في الميدان عما إذا كانت الزيادات مبررة أم لا.
و ارجع كل هذه الزيادات إلى  كون اقتصادنا مبني على الريع البترولي وغياب التنوع الاقتصادي وهو ما يؤدي إلى تدهور مستمر في قيمة العملة الوطنية، كما يمكن المشكل أيضا- حسبه- في كون الأجور مجمدة منذ سنة 2012 ولم تعرف أي زيادات، وطبيعي أن ترتفع أسعار المواد  مع مرور الوقت لكن لابد أن ترتفع الأجور أيضا بالتوازي مع ذلك.
كما دعا رئيس الفيدرالية الوطنية لحماية المستهلك المنتجين إلى بناء نوع من الاتصال والتواصل مع المواطنين وتبرير الزيادات التي يقدمون عليها بتقديم الأسباب الحقيقية لها، كما على السلطات العمومية أن تخلق حوارا دائما مع المنتجين والصناعيين وأخذ وعطاء معهم حتى تكون على علم دقيق بكل الزيادات المحتملة وإعلام المواطن بكل زيادة في نهاية الأمر، و رافع أيضا من أجل تشجيع إنشاء الجمعيات المهنية التي تلعب دور الوسيط والمراقب في نفس الوقت.
وقدم  زكي حريز  عينات عن بعض الزيادات المسجلة، مثل ارتفاع سعر علبة الكسكسي من 110 دينار للكلغ الواحد إلى 145 دج و 150 دينارا، وارتفع سعر علبة المنظف إزيس من 150 دج إلى 160 دج، وارتفع سعر الكلغ الواحد من السكر بالنسبة للصناعيين بين 5 إلى 10 دينار وهو ما سيؤدي بصورة آلية إلى الزيادة في المواد التي يدخل في صناعتها، أما سعره بالنسبة للمواطن فهو مسقف ولا يمكن رفعه.
 من جانبه أوضح، حزاب بن شهرة، الأمين العام والناطق الرسمي للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين بأن الزيادات في الاسعار كانت متوقعة بالنظر للظروف الحالية التي تمر بها البلاد على غرار دول العالم، حيث الحدود مغلقة منذ مدة والاستيراد قل والمخزون نفد وتدهورت قيمة الدينار.
 وقال في تصريح «للنصر» أمس أن الزيادة في سعر المواد المستوردة كان متوقعا لأن مخزونها بدأ يتقلص بفعل التدابير المتخذة لمكافحة وباء كوفيد 19، متوقعا تراجع بعض الأسعار في المستقبل، لكنه حث وزارة التجارة والسلطات العمومية على التدخل للقيام  بعملية الضبط.
وأرجع الزيادات في أسعار بعض المواد على غرار العجائن ومشتقات الحليب إلى بعض القرارات التي اتخذتها الدولة بإلغاء الدعم عن بعض المواد و فرض عدم تحويل المواد المدعمة إلى وجهات أخرى على غرار الحليب الذي فرض على أن يذهب إلى المستهلك فقط، في حين كان الصناعيون يوجهونه إلى صناعة مشتقات الحليب من ياغورت وغيره، فعندما فرضت الدولة ذلك زاد الصناعيون  في أسعار مشتقات الحليب لأنهم أصبحوا يشترون الحليب غير المدعم، ونفس الشيء بالنسبة للعجائن- يضيف بن شهرة.
من جهته أوضح الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعتي قسنطينة وتبسة أحمد طرطار، أن هذه الزيادات المفاجئة عبر مختلف ولايات الوطن تعود إلى جشع كبار التجار والمستوردين، إذ لا يعقل،كما قال، أن يتحكم 7 مستوردين في أسعار الزيت ، حيث يفرضون، كما أبرز، الأسعار التي يريدونها دون الأخذ بعين الاعتبار الأسعار الدولية المتداولة في هذه المواد، ليكون ،بحسبه، المستهلك هو الحلقة الأضعف في النهاية.
وأبرز المتحدث، أن المستوردين اتخذوا من تراجع قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية مطية لفرض الزيادات، داعيا الحكومة والمصالح الرقابية إلى تكثيف الرقابة للحفاظ على توازن السوق، الذي يخضع إلى قاعدتي العرض والطلب مع تفعيل الرقابة البعدية في أسعار المواد الأساسية واسعة الاستهلاك، مشيرا إلى أن الدولة تدعم أسعار السميد والحليب فضلا عن السكر والزيت ولا يمكن في أي حال من الأحوال فرض زيادات بها.
لقمان-ق/ إلياس-ب

الرجوع إلى الأعلى