وجه وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي أمس انتقادا شديدا للتجار الذين يستغلون الشهر الفضيل لربح الأموال، عن طريق احتكار السلع والمضاربة بها، وقال إن من بين من يلهبون الأسواق من يلتزمون بأداء الصلوات في المساجد، ويستمعون إلى خطب الأئمة التي تشجب هذه الممارسات.
نهى وزير الشؤون الدينية والأوقاف خلال ندوة تحسيسية حول التجارة في رمضان تم تنظيمها بالعاصمة أمس، عن الممارسات التي قد يلجأ إليها التجار لمضاعفة الأرباح خلال الشهر الفضيل، والتي يحرمها الإسلام لما تسببه من أضرار للمواطن، ودعا للاحتذاء بالسلف الصالح وممارسة التجارة بقواعدها السليمة والصحيحة بعيدا عن المضاربة والاحتكار وتكديس السلع لإخراجها خلال رمضان بعد أن يتم رفع أسعارها. وقال بلمهدي إن التجار الذين يتسببون كل سنة في رفع الأسعار خلال شهر الصيام، تجدهم يواظبون على حضور صلاة الجمعة في المساجد والإصغاء لخطب الأئمة، ثم يتوجهون إلى الأسواق ليرتكبوا ما حرمه الإسلام من احتكار وإخفاء للسلع قصد رفع الأسعار وتحقيق الأرباح على حساب المواطن البسيط. كما انتقد الوزير التجار الذين يستغلون جائحة كورونا والأوقات الصعبة التي تمر بها البلاد لجمع الأموال على حساب مصلحة العامة، قائلا إن من بين هؤلاء التجار من كانوا يتساءلون عن أسباب تأخر فتح المساجد، ويستفسرون عن مكانية إقامة صلاة التراويح.
واتهم بلمهدي تجارا بإخفاء السلع لبيعها في رمضان بأسعار مرتفعة، إلى جانب الترويج لسلع فاسدة، من بينهم من يزاحمون الناس في أداء الصلوات  بالمساجد، مما يؤكد حسبه على وجود انحراف في السلوكات لكنه نرفض تعميمها، لأن هناك التاجر الصادق والأمين الذي يعطي من ماله، ويساعد في التكفل بالمرضى، يساهم في مواجهة الوضع الصحي الاستثنائي، عبر اقتناء المستلزمات الطبية وتوزيعها على المصالح الاستشفائية.
وأوضح يوسف بلمهدي بان التاجر النزيه مكانته بين الصدقين والبررة والشهداء، لان الجشع ليس من أخلاق المسلمين ولا السوق، حتى من ناحية الذوق والنظافة لأنها من قواعد الممارسة التجارية، قائلا إن من يغش ويحتكر سيحاسب عما أخذه بغير وجه حق، وعن أكل أموال الناس بالباطل ، وذكر على سبيل المثال تغيير وجه البضاعة المعروضة للناس، أو عدم احترام نظم السوم والأسعار التي أطرها الإسلام وقننها. وعبر الوزير عن أسفه للممارسات التي طغت الكثير من الأسواق،  من بينها الترويج لسلع وبضائع خارج الأطر الشرعية، داعيا التجار إلى التقيد بما يحث الإسلام عليه في مجال تنظيم الأنشطة التجارية، والمساهمة في محاربة الظواهر السلبية التي ينهى عنها ديننا الحنيف، والتقيد بالأخلاق الإيجابية التي سار عليها السلف الصالح.
واستغرب منشط الندوة التحسيسية عن كيفية استغلال بعض التجار الظرف الصعب الناجم عن وباء كورونا، وحاجة الناس إلى المواد كثيرة الاستهلاك، بعضها من المواد الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها، لاحتكار السلع واستغلالها في رمضان الذي تنشط فيه الحركة الاقتصادية، ولا يترددون في استغلال المناسبات  للمضاربة والاحتكار ورفع الأسعار، وإرهاق المواطن في حياته اليومية.
وقال بلمهدي إن المحتكر خاطئ «ولا يحتكر إلا مخطئ»، ومن يقوم بذلك هو في الواقع قد أخطأ  حساباته لأنه يريد أن يربح ولكنه في الحقيقة قد خسر، لأنه أدخل دينارا فاسدا على ماله فبعثره، فلا يصبه ربحا ولا يجد في الدنيا فرحا، وشبه وضعه بالذي يصيبه فيروسا يفتك بصحته دون ان يدري. وأفاد المصدر بأن النهي عن الغش والاحتكار ورفع الأسعار، هو ما أراد إيصاله في اليوم التحسيسي حتى يعطي الصورة الحقيقية التي يجب ان تكون عليها الأسواق، لأنها العينة التي يقاس عليها سلامة المجتمع من الآفات والسلوكات المنحرفة، قائلا إذا أردنا أن نبحث عن أخلاق المسلمين فلنبحث عنها في السوق، والاقتراب من الميدان وحده من يعكس ما مدى التزام الفرد بما يتلقنه من مبادئ وأخلاق عبر المنظومة التربوية والجامعية.
لطيفة بلحاج

الرجوع إلى الأعلى