أدى الإفراط في إنفاق الأسر الجزائرية على اقتناء مختلف المواد الاستهلاكية خاصة التي تدخل في تحضير وجبة الإفطار و التحليات المختلفة خلال شهر رمضان إلى ارتفاع تكلفة الاستهلاك الشهري بنسبة تتراوح بين 70 بالمائة و100 بالمائة مقارنة بالأشهر العادية، حسب تقديرات جمعيات ومنظمات حماية المستهلك، سيما وقد تزامن هذا الشهر مع لهيب غير مسبوق للأسعار.
وفي هذا الصدد يؤكد الدكتور محمد عبيدي نائب رئيس الفدرالية الجزائرية للمستهلكين بأن تقديرات الفدرالية تشير إلى أن " الشره الاستهلاكي " الذي يطبع شهر الصيام قد جعل معدل تكلفة الاستهلاك الشهرية للأسر الجزائرية تنتقل من 75 ألف دينار حسب دراسة تم إجراؤها في 2015 إلى حوالي 95 ألف دينار هذا العام .
وأوضح عبيدي بأن معدل إنفاق الأسرة الجزائرية المكونة من 5 أفراد على الغذاء يقدر في الشهر العادية بحوالي 36 ألف دينار جزائري إلا أنه سرعان ما يتضاعف خلال شهر رمضان، بنسب متفاوتة تصل عند الأسر الميسورة إلى مستويات أعلى بكثير، ما يؤدي إلى استنزاف أغلب الأسر لمواردها من جهة واللجوء إلى الاستدانة بسبب ما أسماه المتحدث بـ " سيكولوجية الصيام " التي تدفع أغلب الأسر إلى الحرص على تنويع وتحسين الوجبات وزيادة استهلاك اللحوم بنوعيها وكذا الأجبان والفواكه، غير آبهة بأزمة الميزانية التي ستواجهها فيما بعد.
ويؤكد الدكتور عبيدي في تصريح للنصر أن ما يعقد مهمة الأسر الجزائرية التي لا تمتلك في الغالب ثقافة الادخار للشهر الـ 12 ( رمضان ) عدم قدرة السوق على الاستجابة للطلب المتزايد لمختلف المواد الاستهلاكية سيما الخضر ما يدفع أغلب التجار – كما قال – إلى استغلال هذه المناسبة الدينية للانقضاض على جيوب المواطنين بالجشع والمضاربة في الأسعار بمبررات واهية.
وبحسب المتحدث فإن لهيب الأسعار في الأسواق عبر الوطن بلغ مستويات غير مسبوقة منذ عشية الشهر الكريم، سواء بالنسبة للمواد الغذائية أو بالنسبة للخضر والفواكه أو بالنسبة للحوم بنوعيها سيما اللحوم البيضاء التي بلغت نسبة الزيادة في أسعارها بأكثر من 265 بالمائة.
كما يؤكد رئيس جمعية الأمان لحماية المستهلك، حسان منوار بدوره للنصر، أن الارتفاع الجنوني للأسعار في شهر رمضان والذي لم يبلغ هذا المستوى منذ 10 سنوات، قد ألحق ضررا بميزانية غالبية الأسر التي تضاعف إنفاقها ووصل أو جاوز الـ 80 ألف دينار، وهو إنفاق قال أنه تميز بالإسراف والتبذير والبذخ.
ولم يفوت السيد منوار الفرصة للتعبير عن استهجانه لسيطرة بارونات الوساطة على السوق في رمضان، موازاة مع التأخر في إنجاز مختلف الهياكل الرسمية الرامية لضبط السوق من شبكات التوزيع وهياكل التخزين والأسواق الجوارية، ما فسح المجال لانتشار الأسواق الفوضوية.   
من جهة أخرى سجل رئيس جمعية بأن الأمان لحماية المستهلك" إن ارتباط الأسرة الجزائرية بالعادات والتقاليد والقيم الاجتماعية الخاصة بهذا الشهر، غالبا ما تأخذ شكلاً سلبياً، في حجم الاستهلاك من خلال الإسراف المبالغ فيه وتكديس الموائد بأنواع وكميات كثيرة من الطعام في صورة إسرافية مرفوضة تماما" وهو ما يجد أغلب الأسر مع نهاية الشهر قد رفعت الراية البيضاء من كثرة الإنفاق على الطعام والشراب، ما يجعلها عاجزة عن مواجهة تكاليف الحياة العادية لاحقا.
من جهته قدر رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور مصطفى زبدي بأن الزيادة في تكلفة الاستهلاك خلال شهر رمضان قد فاقت لدى أغلب الأسر الجزائرية الـ 50 بالمائة على الأقل، مبرزا بأن حجم الإنفاق على اقتناء مختلف المواد الاستهلاكية قد جاوز الـ 50 بالمائة بالنسبة لبعض المواد.وتأسف المتحدث لغياب دراسات حول تكلفة الاستهلاك في رمضان ما يجعلها حبيسة تقديرات.
وبعد أن أشار إلى أن شهر رمضان أصبح يقترن بشهر التبذير والاستهلاك المفرط، وزيادة في الأسعار، أكد زبدي أن الثقافة الاستهلاكية للجزائريين لا يمكن تغيرها بين عشية وضحاها، وهي غير مرتبطة فقط بالمستهلك – كما قال - بل بالمتعامل الاقتصادي وبالأجهزة الرقابية والمنظومة التشريعية التي دعا في أكثر من مناسبة إلى ضرورة تحيينها.
ع.أسابع

الرجوع إلى الأعلى