تنديدات متوالية بما قام به المغرب ودعوات أمام القضاء ضده
ما تزال ردود الأفعال الدولية متواصلة بشأن تورط المغرب في فضيحة تجسس عبر برمجيات «بيغاسوس» الإسرائيلية على الهواتف الخاصة لعدد من الإعلاميين والسياسيين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان، وحتى على رؤساء دول على غرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزرائه السابق، وهو ما يطرح عندنا بجدية كبيرة مسألة الأمن السيبراني و حروب الجيل الرابع على الأمن الوطني الجزائري بجميع أشكاله، ويدعو لمزيد من اليقظة والحذر.
مرة أخرى يجد نظام المخزن المغربي نفسه في قلب فضيحة مدوية نتيجة سلوكاته التآمرية الخطيرة والسرية التي أخذت في المدة الأخيرة طابعا عدوانيا ليس فقط ضد فئات من أبناء شعبه و جيرانه، بل وحتى ضد رؤساء دول كبرى.
 ما كشفت عنه التقارير الإعلامية و التحقيقات التي أجرتها 17 وسيلة إعلامية كبرى في أوروبا وأمريكا في الأيام الأخيرة، تؤكد أن النظام المغربي لن يتوانى في التحالف مع الشيطان من أجل التجسس على نشطاء و إعلاميين في المغرب نفسه لخدمة مخططاته المشبوهة،  لكن الأمر تعدى هذه المرة حدود المملكة ليصل إلى دول كبرى.
فقد تحدثت هذه التقارير عن استهداف المخابرات المغربية  هاتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء السابق إدوار فليب وهذا عبر برنامج «بيغاسوس» المنتج من قبل شركة « إن. اس. أو» الإسرائيلية، وهو برنامج خبيث يسمح باختراق الهواتف الذكية للأشخاص المستهدفين و الاطلاع على كل ما ينقل أو يدور في هذه الهواتف.
 و ما كشف عنه بخصوص هذه القضية خلق صدمة في الأوساط الفرنسية و الأوروبية و العالمية، حيث لا تزال ردود الأفعال المندّدة بهذا السلوك متواصلة من قبل دول وهيئات الدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمات إقليمية ودولية و غيرها.
وبحسب التقارير الإعلامية المتواترة فإن المغرب استعمل نظام «بيغاسوس « الإسرائيلي التجسسي ضد نشطاء  في مجال حقوق الإنسان وإعلاميين في داخل المغرب منذ مدة، لكن الأدهى في القضية أن المخابرات المغربية استهدفت عبر هذا النظام هاتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء السابق إدوار فيليب و عدد من الوزراء الفرنسيين وإعلاميين فرنسيين منذ 2019، وحتى على هاتف الملك محمد السادس نفسه.
واستهدف نظام المخزن أيضا في هذا السياق هاتف عمدة «إيفري سور سان» بسبب مواقفه المساندة لحق و نضال الشعب الصحراوي، وقد صرح هذا الأخير بأنه سيحيل الملف على العدالة.
 وهذه القضية تكبر من يوم لآخر في فرنسا وهي تأخذ شكل كرة الثلج، فقد أدانت فرنسا ما أسمته «حقائق صادمة جدا» حول قيام المغرب بالتجسس على هواتف صحفيين فرنسيين وناشطين في مجال حقوق الإنسان في المغرب، وقالت النيابة العامة الفرنسية إنها ستفتح تحقيقا في الموضوع، كما قرر الموقع الإخباري الفرنسي «ميديا بارت» تقديم شكوى أمام العدالة ضد المغرب بعد ورود ذكر رقمين من هواتف صحفييه ضمن المتجسس عليهم.
وبقطع النظر عما ستفعله الدولة الفرنسية وغيرها من دول الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة مع المغرب بشأن هذه المسألة لأنها تخصهم بالدرجة الأولى، فإن السؤال الذي يجب أن يطرح عندنا في الجزائر بكل جدية اليوم هو كيفية حماية الأمن الوطني بكل أشكاله من مثل هذه البرمجيات والبرامج الخبيثة الموجهة للتجسس وتدمير الأنظمة المعلوماتية والقرصنة التي تستعملها أنظمة لم تتوان يوما في الإساءة والتآمر على الجزائر على غرار نظام المخزن في الرباط.
 و يفسر ما قام به النظام المغربي الطبيعة العدوانية لهذا الأخير، ولكن يعطي من جهة أخرى دليلا قاطعا على توجهاته الجديدة في تمتين التعاون والتنسيق مع الكيان الصهيوني في كل المجالات وبخاصة منها مجال التجسس والحروب السيبرانية والتنصت وغيرها من أنواع الحروب الجديدة.
 وفي الواقع فإن الجزائر كانت قد نبّهت وتفطّنت لهذا النوع من الحروب منذ مدة، وقد  نظمت وزارة الدفاع الوطني في ماي المنصرم الملتقى الثاني حول « الأمن السيبراني والدفاع السيبراني ..رهانات وتحديات على ضوء التحديات الجديدة المتعددة الأبعاد» بمشاركة نخبة من الخبراء والمختصين في هذا المجال من عسكريين ومدنيين.
وقد نهبت وزارة الدفاع الوطني في أكثر من مرة إلى أن حروب الجيل الرابع وغيرها من الحروب الجديدة لا تأخذ أشكال الحروب التقليدية المألوفة بل إنها ذات طابع جديد وقد لا تظهر لمن لا يتفطن إليها، وقد نظمت الوزارة يومي 24 و 25 فبراير من العام الجاري بالمدرسة العليا الحربية ملتقى وطني حول « حروب الجيل الجديد .. التحديات وأساليب المواجهة».
 من جهته كان وزير الاتصال عمار بلحيمر، الناطق الرسمي للحكومة قبل التعديل الحكومي الأخير،  قد أكد في تصريحات صحفية له في شهر ماي الماضي بأن النظام المغربي قد اقتنى برنامج تجسس من شركة صهيونية و أن العديد من المواقع الجزائرية توجد على قائمة المستهدفين من قبل نظام المخزن في هذا المجال.
و أضاف بلحيمر في ذلك الوقت بأن الجزائر تعمل بجد لمواجهة الهجوم السيبراني الذي يستهدفها، و ما فتئ قبل ذلك  يشير في أكثر من تصريح بأن الإعلام الجديد  يهدف إلى التصدي لحروب الجيل الرابع وتحسين صورة الجزائر في المحافل الدولية، وشدد على ضرورة إنتاج محتوى إعلامي وطني نوعي على  المواقع الإلكترونية والعلمية لمواجهة كل الحملات التي تستهدف الجزائر وأمنها وشعبها.
 و انطلاقا من كل ما سبق أكد وزير الاتصال في ذات التصريحات الصحفية بأن التحذيرات التي كانت تطلقها الحكومة عن العدو الخارجي ليست  من نسج الخيال أو من أجل تحقيق أهداف داخلية محضة و آنية، بل هي واقع معاش تجابهه مؤسسات الدولة كل يوم بحزم وبجدية.
 وإذا كان النظام المغربي قد استعمل نظام التجسس «بيغاسوس» ضد نشطاء وصحفيين مغاربة وضد الرئيس الفرنسي وعدد من وزرائه، فكيف لا يمكنه أن يستعمله ضد هواتف جزائريين من مسؤولين وصحفيين وغيرهم وهو الذي ما فتئ يمتن يوما بعد يوم علاقاته وتعاونه مع الكيان الصهيوني، وهو أيضا من وزع قبل أيام في الأمم المتحدة وثيقة حول ما ادعى أنه «حق الشعب القبائلي في تقرير مصيره».
 وانطلاقا من هذا الواقع فقد بات في حكم المؤكد أن نظام المخزن لا ولن يتوب عن تآمره ضد بلادنا لذلك فالحذر و اليقظة جد ضروريتان اليوم أكثر من أي وقت مضى .
 إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى