يصوّت أعضاء المجلس الشعبي الوطني اليوم على مخطط عمل الحكومة، بعد ثلاثة أيام من المناقشة والإثراء، وقبل ذلك سيرد الوزير الأول وزير المالية على كل انشغالات وتساؤلات النواب.
يمر اليوم بالغرفة السفلى للبرلمان مخطط عمل الحكومة على "ميزان الثقة"، وهذا بمناسبة التصويت على مخطط عملها في جلسة علنية.
 و قبل هذا ستعطى الفرصة لرؤساء المجموعات البرلمانية للتدخل وإبداء مواقف أحزابهم من المخطط، ثم يرد الوزير الأول وزير المالية على كل الانشغالات و التساؤلات التي طرحت على مدى الثلاثة الأيام الأخيرة.
 و بناء على ما جاء في مداخلات النواب منذ الاثنين الماضي فإن الغالبية الساحقة منها ثمنت مخطط عمل الحكومة واعتبرت مضمونه مهم وشامل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد في السنوات القليلة القادمة.
و وفق ما هو مسجل فقد تدخل 312 نائبا في المناقشة العامة، وقد ركز هؤلاء على جملة من النقاط الأساسية في تحليلهم لمضمون  وأبعاد وأهداف مخطط عمل الحكومة، على رأسها  غياب رزنامة زمنية وآجال و آليات لتنفيذ المخطط،  وعدم التطرق للموارد والمصادر المالية لتنفيذه على أرض الواقع، وهي النقطة التي ترددت بقوة في مداخلات جل النواب المتدخلين.
وفي هذا الإطار دعا نواب إلى ضرورة  تكييف المخطط مع ما تبقى من عهدة رئيس الجمهورية على اعتبار أنه يعكس الالتزامات التي قطعها الرئيس في برنامجه الانتخابي مثلما أشار إلى ذلك أمس النائب عن جبهة التحرير الوطني بغيجة سعد.
و تطرق عدد كبير من النواب بقوة أيضا إلى مسألة عصرنة النظام البنكي والمصرفي ليواكب التطور التكنولوجي المتسارع، وبعث التسويق المصرفي، وبعث بورصة الجزائر، واعتبروه مفتاحا مهما لبعث وتحقيق التنمية وبخاصة فيما يتعلق ببعث الاستثمار، كما شددوا على ضرورة تنقية وتهيئة مناخ ملائم للاستثمار لأنه دون ذلك لا يمكن تحقيق التنمية المنشودة، وبعث النشاط الاقتصادي خارج المحروقات، فالبيروقراطية الإدارية وتخلف النظام البنكي من أكبر معوقات وعراقيل كبح الاستثمار في بلادنا، فضلا عن مشكلة العقار الصناعي.
وفي هذا الباب ألحوا أيضا على وجوب بناء وتفعيل شراكة حقيقية تكاملية بين القطاعين العمومي والخاص بما يخدم في الأخير المؤسسات الجزائرية والاقتصاد الوطني، مثمنين في السياق الاهتمام الذي أبدته الحكومة في الأيام الأخيرة للدبلوماسية الاقتصادية، و طالبوا بدمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الوطني ومعالجة مشكل السوق الموازية للعملة.
وتوقف النواب كذلك عند مشكل التغطية الصحية لما له من أهمية كبيرة في حماية المواطنين خاصة في هذا الظرف الصحي  المتميز، وطالبوا جميعهم بضرورة رفع التجميد عن المشاريع الصحية المسجلة منذ سنوات خاصة منها بناء المستشفيات في كامل أرجاء القطر الوطني وتوفير الإمكانيات، ونفس الاهتمام بالنسبة للمشاريع المجمدة في قطاعات حيوية أخرى لها علاقة بالحياة اليومية للمواطن على غرار النقل وتوفير المياه.
 مسألة القدرة الشرائية للمواطن نالت هي الأخرى نصيبها من النقاش والطرح من قبل النواب الذين تناولوا الظرف الصعب الذي تمر به البلاد على جميع الأصعدة والذي زاد من تدهور القدرة الشرائية للمواطن خاصة الفئات ضعيفة الدخل وعليه ألحوا خلال المناقشة على  ضرورة أن تولي الحكومة في مخططها الأهمية اللازمة لرفع القدرة الشرائية للمواطن وطرح البعض منهم الزيادة في الأجور.
وحظي قطاع التجارة هو الآخر باهتمام متزايد من قبل أعضاء الغرفة السفلى للبرلمان خاصة منها  التجارة الخارجية وتشجيع التصدير نحو الخارج وبالخصوص دول الجوار في الساحل والصحراء، وعليه طالبوا بتوفير المناخ الملائم للتجار حتى يتمكنوا من رفع قدرات التصدير وتوفير كل الإمكانات اللازمة لذلك.
وكان قطاع العدالة في صلب المناقشة أيضا حيث طالب الكثير من النواب بضرورة ضمان استقلالية فعلية للعدالة و الاهتمام بوضع القاضي وحماية الموظفين القضائيين ودعمهم وأكدوا أن العدالة ليست بالنصوص فقط بل بالذهنيات أيضا، معتبرين ذلك مدخلا لمحاربة الفساد ومكافحته بشكل صحيح.
 ونفس الاهتمام حظي به قطاع التربية والتعليم حيث انصبت مداخلات العديد من النواب على تبني إصلاح جذري لمنظومة التربية والتعليم من حيث المناهج والبرامج بصورة أخص وإعادة النظر في ظروف عمل الأستاذ، وفي آليات توجيه الطلبة.
  واهتم نواب آخرون بقطاع الشؤون الدينية ودعوا إلى حماية الأئمة، وقال النائب رشيد مهتور عن  حركة مجتمع السلم أمس إن القطاع لم يحظ لحد الآن بالعناية اللازمة وهو يعيش صعوبات كبيرة، داعيا إلى مراجعة القانون الأساسي للقطاع، واستقطاب خريجي المعاهد والجامعات الإسلامية لترقية الخطاب الديني ودعم المرجعية الدينية الوطنية، مثمنا في السياق إنشاء لجنة وزارية للإفتاء.
و تساءل نواب عن السبب وراء تجميد قانون استيراد السيارات خاصة في هذا الظرف وطالبوا بالسماح بذلك والسماح للجزائريين المقيمين في الخارج بجلب السيارات وهو قطاع يمكن أن يدر أموالا معتبرة على الخزينة العمومية.
 وحظي السكن باهتمام كبير أيضا لكن مخطط عمل الحكومة لم يترك الفرصة وقد  أولى الأهمية اللازمة لهذا القطاع، ونال قطاع الفلاحة اهتماما كبيرا لما له من مساهمة كبيرة في التنمية وبعث الاقتصاد الوطني، وقد لفت النائب بغداد بن عمارة عن جبهة التحرير الوطني أمس الانتباه إلى أن مخطط عمل الحكومة قد تناسى فرع تربية المواشي ضمن قطاع الفلاحة بصورة عامة.
أما مسألة استرجاع الأموال المنهوبة فقد استفسر بعض النواب عن المقصود بالتسوية الودية التي جاء بها مخطط عمل الحكومة، وبهذا الخصوص تساءل النائب عن حركة مجتمع السلم حرشاية عبد الله في تدخل له أمس عن المقصود بهذه التسوية، وطالب الوزير الأول بتقديم توضيحات بخصوص هذه المسألة.
 ولم يغفل بعض النواب قضايا أخرى على غرار ضعف تدفق الإنترنيت في الجنوب، والاهتمام بالعنصر البشري وضرورة القيام بدراسة معمقة لبعض الظواهر التي غزت المجتمع مثل العنف وازدياد حالات الانتحار وغيرها.
وقد تواصلت أمس لليوم الثالث على التوالي مداخلات  ومناقشات النواب وقد طالب العديد منهم بمنحهم وقتا أكبر لأن الست دقائق التي خصصت لكل نائب لا تكفي لطرح كل الانشغالات لكن رئيس المجلس رد بأنه من غير الممكن وبخاصة وأن عدد المتدخلين المسجلين قد فاق الثلاثمائة.
 إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى