أشادت تقارير دولية حديثة نشرت مؤخرا بالنتائج الإيجابية التي حققتها الجزائر في مجالات عدة، اقتصادية وأمنية على وجه الخصوص، بفضل السياسات والتدابير الاستباقية والجهود الصائبة التي اتخذتها الحكومة، وهو ما ساهم في تحسين صورة الجزائر على المستوى الدولي.
على عكس تقارير سابقة له أشار البنك الدولي في آخر تقرير له حول الاقتصاد الجزائري الصادر في الثالث أوت الجاري إلى قدرة هذا الأخير على الصمود والتصدي للصدمات المستقبلية بشكل أفضل، و اعتمد التقرير الجديد الصادر تحت عنوان» تعزيز الصمود في الوقت الملائم» -في إطار سلسلة من المطبوعات نصف السنوية التي تهدف إلى تحليل الاتجاهات العامة للتنمية الاقتصادية والآفاق المستقبلية في الجزائر- على البيانات والمعلومات المتاحة في 17 جوان الماضي.
وحسب هذا التقرير فإن التقديرات تشير إلى أن إجمالي الناتج المحلي في الجزائر قد تعافى في الربع الأخير من عام 2021 إلى مستواه فيما قبل الجائحة، وذلك بدعم من زيادة إنتاج المحروقات وصادراتها، وشكل قطاع المحروقات وحدوث تعافٍ أكثر قوة في قطاع الخدمات، المحركين الرئيسيين للنمو الاقتصادي في الجزائر في عام 2021.
ويشير ذات التقرير إلى أنه في مواجهة تراجع النشاط الفلاحي وتعاف غير مكتمل لقطاع الصناعة وارتفاع خفيف للتضخم طبّقت السلطات مجموعة من التدابير للحد من أثر تزايد هذه الأسعار على القدرة الشرائية للأسر، بما في ذلك تقديم إعانات بطالة للباحثين عن شغل لأول مرة.
ويخْلص التقرير إلى أن الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات على المستوى العالمي ساعد على التعويض عن ارتفاع بعض الواردات، سيما الحبوب، وأيضاً على التخلص من العجز في الحساب الجاري، الأمر الذي سمح باستقرار نسبي في احتياطيات الصرف وتقلص عجز الموازنة الكلي في 2021 من 12 من المائة إلى 7.2 من المائة من إجمالي الناتج المحلي، مدعوماً بشكل رئيسي بعائدات صادرات المحروقات التي تصب في الميزانية، والتي زادت بنسبة 36 من المائة.
 كما أدى الارتفاع المستمر في أسعار النفط والغاز عالمياً إلى حدوث تحسنٍ ملحوظٍ في موازين الاقتصاد الكلي، لذلك تحول الميزان التجاري للجزائر من عجزٍ بنسبة 9.4 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 إلى فائض بنسبة 0.7 % في عام 2021.
ويتوقع تقرير البنك الدولي في هذا الصدد أن يستمر التعافي الاقتصادي في الجزائر خلال 2022، مدعوماً بشكل خاص بعودة القطاعات خارج المحروقات إلى مستويات نشاطها فيما قبل الجائحة، كما من المتوقع أيضاً أن تظل صادرات المحروقات عند مستوى مرتفع، مما يحقق فائضاً في حساب المعاملات الجارية وزيادة ملحوظة في الإيرادات المالية العامة، رغم أن التقرير يحذر من تداعيات انخفاض متوقع في صادرات المحروقات خلال عامي 2023 و 2024 على أرصدة المعاملات الخارجية والميزانية.
ولم يكن ليتحقق هذا التعافي في الاقتصاد الوطني بعد الآثار الكبيرة التي خلفتها جائحة كورونا على جميع القطاعات لولا السياسات الرشيدة والتدابير الجريئة التي اتخذتها الحكومة قبل عامين في مواجهة تراجع الأداء الاقتصادي على المستوى الوطني والعالمي بسبب كوفيد 19،  ومنها على وجه الخصوص سياسة التقشف و عقلنة الواردات، والمساعدات التي قدمتها الدولة للفئات الهشة والضعيفة.
كما ساهم في عودة التعافي والتوازن للاقتصاد الوطني أيضا سياسات الحكومة في مجال الاستثمار العمومي التي باشرتها منذ مدة والتي كان أخرها إطلاق عملية استغلال منجم الحديد لغار جبيلات وقبله منجم الفوسفات بتبسة.
في الجانب الأمني حققت الجزائر أيضا نتائج معتبرة في مجال منع التهديدات الإرهابية و إحباط مخططات مختلف التنظيمات الإرهابية، و تفكيك شبكات الدعم و الإسناد لهذه الجماعات.
وفي هذا الإطار أكد تقرير لمعهد «أمريكان أنتربرايز» أن الجزائر تمكنت من منع التهديد الإرهابي وأحبطت مخططات مختلف التنظيمات الإرهابية التي حاولت أن تجد موطئ قدم لها في البلاد، وذلك بفضل العمل الأمني الاستباقي والرفض الشعبي الواسع للفكر المتطرف.
واعترف التقرير بالنتائج التي حققتها الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب، مشيرا أن «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» شن عدة اعتداءات إرهابية كبيرة في الجزائر في التسعينيات وبداية الألفية، لكن هذه الهجمات تراجعت على مدار السنوات العشر الأخيرة.
وأبرز التقرير الأمريكي أن عدة عوامل تقف وراء تراجع عمل التنظيمات الإرهابية، منها، تحسين القدرات العسكرية الجزائرية وتعزيز التعاون العسكري مع دول المنطقة، من جهة، وكذا تحسن الأوضاع الاجتماعية من جهة أخرى، نظرا لأن الحالة الاجتماعية غير المستقرة آنذاك كانت من أسباب انتشار الفكر المتطرف.
واعتبر ذات التقرير أن الجزائر رفقة تنزانيا تمثلان «قصة نجاح» في منع التهديد الإرهابي، لكنهما دفعا تكلفة باهظة مقابل ذلك.
ولم تكن هذه التقارير الدولية لتعترف بالنتائج الإيجابية التي حققتها الجزائر في المجالات المذكورة سلفا وفي غيرها من المجالات، لولا تلك الجهود الكبيرة التي بذلت من طرف الدولة ومؤسساتها المختلفة، وتلك السياسات و التدابير الناجعة التي اتخذتها لمواجهة أزمة عالمية متعددة الأوجه، والتي زادتها جائحة كورونا ثقلا على اقتصاديات الدول وعلى كافة المجتمعات و مناحي الحياة بصورة عامة.
وتتطلع الجزائر اليوم بعدما خفت آثار الجائحة إلى أن تجعل من السنة الجارية سنة إقلاع اقتصادي فعلي يساهم في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، ولكن أيضا في دعم وتقوية الاقتصاد الوطني، وتنويعه.                       إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى