ثمّن أمس، أكاديميون بعض البرامج التي انتهجتها الدولة الجزائرية في سبيل ترقية مجال العمل والتشغيل والتقليل من نسبة البطالة، مؤكدين على توجه السلطات نحو إرساء نظام مختلف للتشغيل يرتكز على تمكين الأشخاص من توفير مناصب شغل عوض الاتكال عليها في الحصول على العمل، وهو ما يتم العمل به في مختلف دول العالم، وينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني.
وذكر الأستاذ المحاضر بجامعة منتوري بقسنطينة، عمر سلطان، خلال أشغال ملتقى وطني احتضنته جامعة الإخوة منتوري بقسنطينة، و الموسوم بـ «آليات التشغيل والتحولات الاقتصادية في الجزائر: تحديات وآفاق»، أن برامج تدعيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا حاضنات الأعمال، يظهر نية الدولة الجزائرية ورؤيتها في التوجه نحو إرساء نظام مختلف للتشغيل يرتكز على تمكين الأشخاص من توفير مناصب شغل عوض الاتكال عليها في الحصول على العمل.
وأضاف المتحدث أن لهذا القطاع أهمية كبيرة حيث يعتبر عماد الاقتصاد العالمي، لما له من دور في التشغيل، فميدان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حسبه يمتص ما نسبته %60 من اليد العاملة عالميا، زيادة على أن المؤسسات الكبرى تعتمد على الشركات الصغيرة والمتوسطة، في مجالي التصنيع والتوزيع للسلع.
وقالت طالبة الدكتوراه في تخصص القانون الإداري، جيملي مروة، أن الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر تساهم في الحد من انتشار البطالة، حيث تعد أداة فعالة لتوطين الأنشطة في المناطق النائية، وبالتالي تعتبر آلية عمل إيجابية لترقية وتثمين الثروة المحلية، وتعتبر إحدى وسائل الاندماج والتكامل بين المناطق، و لها دور في تحسين المستوى المعيشي للفرد من خلال الامتيازات الضريبية التي تمنحها، فهي تقدم صيغتين من التمويل الأحادي الذي يلجأ إليه بكثرة النساء الماكثات بالبيت والحرفيين، أما الثلاثي فيتوجّه إليه الحاملون للفكر المقاولاتي، والإحصائيات الموجودة تقول الأستاذة، تشير إلى أن الفئة الأكبر من المتوجهين للحصول على خدمات الوكالة هن من النساء بنسبة %63، وهو ما يعكس استراتيجية تمكين المرأة اقتصاديا خاصة الماكثات بالبيوت، كما أن نسبة المستفيدين من القروض حسب المستوى التعليمي تحتلها الفئة ذات المستوى المتوسط، ثم تليها الفئة ما دون المتوسط.
وتحدّث الأستاذ المحاضر بجامعة منتوري، ريكلي الصديق، خلال مداخلته حول «هيئات التنصيب الخاصة في الجزائر» التي تم إصدار مرسومها سنة 2007، عن منح الدولة ومن خلال هذا الإجراء، صلاحيات لهذه الهيئات بغرض فك عقدة سوق الشغل، حتى تساهم في الوساطة بين طالبي العمل والمشغلّين، ومن إيجابياتها إيجاد منافسة بين الوساطة الخاصة والعمومية ما يؤدي إلى ابتكار سياسات لإدماج طالبي الشغل، و توفير المرونة والجودة في عمليات التنصيب، و كذا توسيع دائرة الإحاطة بالنسبة للأشخاص الذين يبحثون عن عمل.
وطالبت الدكتورة و الأستاذة بكلية الحقوق بقسنطينة، زعموش فوزية، بانتهاج استراتيجيات للتشغيل على المديين المتوسط والبعيد، من أجل وضع نهج اقتصادي فعال ينظّم على أساسه ميدان التشغيل، بتنسيق الجهود بين الدولة، و منظمات أرباب العمل، وكذا المنظمات النقابية، و إشراك الأسرة الجامعية والتكوين المهني، من أجل إيجاد سبل تنظيمية فعالة لضبط ميدان العمل والتشغيل في الجزائر.
وقال متدخلون إن تقييم سياسات التشغيل يكون من منظور ما يقدّم من إحصائيات، من حيث ديمومة مناصب الشغل، و التوافق بين المؤهلات وطلبات التشغيل وما يتماشى مع سوق العمل، فضلا عن مستوى الرضا من ناحية الأجر، حيث قال الأستاذ معمر بوطبالة أنّ الجزائر بعد الاستقلال اتجهت إلى الاستثمار المكثّف، بهدف تشغيل أكبر قدر من اليد العاملة، ورغم المرور بعدة أزمات بعدها، إلا أن نسبة البطالة انخفضت من %30 إلى غاية %10، وهو ذات التوجه الذي أشار إليه الأستاذ أحمد قرماط الذي قال إن سياسات الدولة المنتهجة استطاعت التقليل جزئيا من إشكالية الشغل والتشغيل، إذ يُلاحظ تراجعا لنسبة البطالة منذ سنة 2006.   
إسلام. ق

الرجوع إلى الأعلى