قال وزير المالية، عبد الرحمان بن خالفة، أمس الأحد بوهران، أن التهاوي المستمر لأسعار النفط يجعل الجزائر تمر بظرف إقتصادي ومالي صعب، فكل الفرضيات التي إرتكزت عليها إقتصادات الدول المنتجة و المصدرة للبترول ومن بينها الجزائر لم تكن تتنبأ بوصول سعر البرميل إلى مستوى أقل من 30 دولارا للبرميل، وهذا ما يجعل الوضعية «بتروليا» صعبة ولكن تنمويا وإقتصاديا تظل مع ذلك واعدة لأن الجزائر ـ كما أضاف ـ تتوفر على القواعد الأساسية للنهوض بالنمو والحفاظ عليه في مستوى مقبول، واستبعد بن خالفة في الوقت الحالي اللجوء إلى قانون مالية تكميلي.
وأوضح بن خالفة خلال ندوة صحفية على هامش إشرافه بوهران على افتتاح الملتقى الجهوي حول قانون المالية 2016 والمنظم من طرف المجلس الوطني للجباية، أن السلطات العمومية مجندة مع النشطاء في السوق لإجتياز مرحلة صعبة من حيث الموارد، و إن اعتبرها الوزير واعدة بالنسبة للبدائل التي يجب البحث عنها لتجاوز تهاوي أسعار البترول، مضيفا أنه يجب تحديث وعصرنة طرق التسيير لإنجاح عملية إحتواء الأموال التي تتداول خارج الإطار القانوني وخارج الإطار البنكي. وأكد الوزير بأن هناك إستجابة من طرف المعنيين بهذه العمليات ولكن بنسب متفاوتة، وأعلن في هذا الخصوص في ردّ على سؤال لأحد الصحفيين، بأن البنوك أكملت السنة المالية بمخزون قدر بـ7 آلاف مليار دج، ولكن كل التدابير المبرمجة لن تصل للنجاح المطلوب كما أشار الوزير، دون تظافر جهود الجميع وتغيير ذهنيات التسيير الذي يجب أن يكون براغماتيا مرفوقا بحذر شديد على الموارد والاستثمارات في الوقت نفسه، وفق ما عبر عنه في كلمته التي ألقاها أمام الحاضرين بالملتقى، مركزا على ضرورة البحث عن البدائل التي تزخر بها البلاد والتي من شأنها إخراج الجزائر من دائرة الأزمة ورفع مستوى النمو خلال هامش الوقت الذي حدده المتحدث بثلاث أو أربع سنوات بالعمل لتطوير و إستغلال البدائل الموجودة في كل المجالات، إلى جانب تحريك النصوص القانونية الجديدة المواكبة لهذه الحركية منها قانون الإستثمار الذي سيصدر قريبا حسبما أفاد بن خالفة، إضافة إلى هذا قانون الصفقات العمومية الذي سيعرف تغييرا في بعض مواده وكذا قانون الجمارك والمؤسسة. غير أن هذه الترسانة القانونية لن تبرز نجاعتها الميدانية إلا إذا تغيرت بحسبه سلوكات المشرفين عليها. و أوضح أن التوجه المستقبلي يجب أن يكون نحو النمو وليس التنمية وذلك بحسبه يرتكز على عدة أمور يجب القيام بها من طرف الجميع تماشيا والنظرة الإستباقية لتنفيذ البرامج. و قال في ذات الإطار" حتى لو استمرت أسعار النفط في التهاوي يجب أن تبقى وتيرة النمو صامدة وثابتة خلال السنوات المقبلة".
وأكد فيما يتعلق بالبدائل أنه سيتم خلق وتطوير أقطاب إقليمية للنمو خلال العشرية القادمة و التي ستقام بالمدن الكبرى للجزائر منها  وهران، و قال في هذا الصدد "يجب أن تتحول الجزائر لأحواض نمو بعدما عشنا خلال السنوات الماضية أعلى مستوى للتنمية في ظل البرامج الخماسية لرئيس الجمهورية". وأضاف بن خالفة أنه رغم إعتبار قانون المالية 2016 لبنة أساسية للإقتصاد الوطني، لا يمكن أن ننظر إليه بصورة معزولة عن بعض المتغيرات التي ستحدد النظرة الخماسية المقبلة التي سترتكز على تنويع الإقتصاد وجعل المداخيل الرئيسية للخزينة العمومية تأتي من خارج البترول.
وأكد وزير المالية أيضا أن قانون المالية 2016 يكمل ما جاء به قانون المالية 2015 والقوانين التي سبقت، ولكن الوضع الحالي يفرض على الجميع التركيز على العمل وفق التوجهات الكبرى لقانون المالية 2016، حيث يتمثل التوجه الأول في ضرورة تعويض مداخيل البترول بمداخيل خارج المحروقات وذلك بأي طريقة كانت، مشيرا إلى أن هذا التوجه سيستمر دون المساس بالدخل الجبائي وهذا عن طريق توسيع الوعاء الجبائي بإضافة موارد أخرى من شأنها دعم مداخيل الجباية وتحقيق مداخيل للخزينة العمومية، وهذا لن يتأتى حسب الوزير إلا بالتحضير الجيد لكل العمليات المندرجة في هذا الإطار منها مثلا، تنظيم التجار في تكتلات جديدة تسمح بجعلهم يدفعون الضريبة لإحتوائهم إقتصاديا، كما يجب كذلك تسهيل الأمور على كل المعنيين بدفع الضرائب. وفي هذا السياق أعلن وزير المالية أن هذه الإجراءات ستعطي أولى ثمارها هذه السنة، وتوقع رفع المداخيل خارج المحروقات بنسبة 1,8 بالمائة.
من جهة أخرى، انتقد الوزير ثقل وبطء الإجراءات البنكية وكذا قلّة البنوك في الجزائر، و دعا في الوقت ذاته الجزائريين لإيداع أموالهم فيها وعدم التحايل لإبعادها عن المسار التنموي.
 وأثناء زيارته الميدانية لبعض البنوك والمؤسسات المالية كان بن خالفة يدون أهم إنشغالات الموظفين ووعد بأخذها بعين الإعتبار، معلنا عن ورشة لرقمنة أصول الملكيات العقارية ضمن مخطط سيستمر على مدار سنتين لعصرنة قطاع أملاك الدولة، مشيدا عند زيارته لمديرية أملاك الدولة بجهود العمال الذي يمارسون مهامهم في ظروف صعبة وبإمكانيات محدودة.
وعن الزيادات التي مسّت عدة مجالات تزامنا وصدور قانون المالية، أكد بن خالفة أنه يجب على الإقتصاديين والمنتجين أن لا يحملوا المواطن كل أعباء الزيادات عن طريق رفع أسعار منتوجاتهم، بل عليهم مثلما قال أن يتقاسموا معه نسبة الزيادة وإلا فإن كل الجهود التنموية لن تكون لها أية جدوى، فالزيادات جاءت لتقريب نسبة الإنتاج من نسبة الإستهلاك وليس لتغليب جهة على أخرى، مشيرا إلى أن هناك مساع لموازنة هذه الزيادات وضبط نظام الأسعار وذلك حفاظاعلى الفئات الهشة والسياسة التضامنية التي تنتهجها الجزائر.
هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى