اتســاع الإعــلام الرقمـي يلزم الصحـافة الكـلاسيكية بضرورة التكيـّف مع الوضـع
أثار الخبير في مجال الوسائط المتعددة «نيكولا بيكات» الذي نشط ندوة أمس، بالعاصمة بعنوان « ازدهار شبكة الواب المحمول ، فرصة للصحافي»، في إطار الدورات التكوينية التي تنظمها وزارة الاتصال، ملف استحواذ الهاتف المحمول على جزء هام من وظيفة قطاع الإعلام في نقل المعلومة والأحداث بصفة آنية ومباشرة، مما أضحى يهدد مصير الصحافة الكلاسيكة التي أضحت مطالبة بالتكيف مع الوضع.
وأفاد الصحفي البلجيكي أن «الواب» أضحى يحتل مكانة القنوات التلفزيونية الكلاسيكية، بفضل السرعة في نقل المعلومة والأحداث، وكذا جودة الروبورتاجات والفيديوهات التي يبثها، والتي أصبحت تستقطب قطاعا واسعا من رواد الشبكة العنكبوتية، موضحا أن الوسائط الرقمية لها مزايا عدة، إلى جانب اختصار الوقت في إعداد المادة الإعلامية وبثها، منها عدم الحاجة إلى استخدام عتاد مكلف، أو الاستعانة بقاعة التحرير لإنتاج المادة الإعلامية، إذ يكفي فقط حيازة هاتف محمول وبعض اللواحق الخاصة به، لإنجاز روبورتاج أو فقرة إخبارية بجودة عالية. وأوضح الخبير، أن معظم الأفراد أصبحوا أكثر ميلا لاستخدام الأنترنيت مقارنة بمتابعة شاشات التلفاز، وكذا استعمال الهواتف المنقولة لولوج العالم الافتراضي، مؤكدا أن 60 في المائة من البحوث التي أجريت عن طريق الانترنيت، تمت بواسطة الهواتف المنقولة، وأن مجمل الفيديوهات التي تُبث بواسطة هذه الشبكة، تمت مشاهدتها من خلال الهواتف المحمولة.واعتبر منشط الندوة أن اتساع رقعة مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها الفايسبوك والواتساب، ساهمت في تعزيز مكانة الهاتف المحمول، الذي أضحى وسيلة أساسية للاشتراك في هذه المواقع وتصفحها، مما أضحى يهدّد المكانة التي كانت تحتلها وسائل الإعلام التقليدية، على غرار التلفزيون والراديو والصحف، بسبب تراجع الإقبال عليها، جراء الثورة الحاصلة في مجال الاتصال الرقمي، كاشفا بأن شبكة التواصل الاجتماعي «فايسبوك» أضحت تستقطب وحدها أزيد من 1.7 مليار شخص من مختلف أنحاء العالم، و 1 مليار شخص بالنسبة «للواتساب»، مقابل 300 مليون شخص ممن يترددون على التويتر. وبحسب المختص في الوسائط المتعددة، فإن ذروة استعمال الهاتف المحمول عادة ما تسجل خلال فترات الراحة، وكذا أثناء استعمال وسائل النقل الجماعية، وأن استهلاك المعلومة لم يعد عن طريق الصحف أو القنوات التلفزيونية والإذاعية فحسب، بعد أن أضحى الهاتف المحمول يقوم بدور ريادي في هذا المجال، مما أصبح يتطلب من المختصين في هذا المجال، ضرورة الحرص على استقطاب المتلقين بصفة مستمرة، عن طريق بثّ مواضيع ذات نوعية، من ناحية المضمون وكذا من ناحية التقنيات الرقمية.
وقال المحاضر، بأن الهاتف المحمول يساعد على إنتاج المعلومة وبثّ الأحداث مباشرة عند وقوعها، وأعطى على سبيل المثال التفجيرات الإرهابية التي شهدتها عواصم أوروبية مؤخرا، مع إمكانية تحيين المعلومات وتصحيحها فورا، وهي الإمكانية التي لا تتوفر عليها الصحف، وحتى القنوات التلفزيونية، كاشفا أن دراسة أعدت مؤخرا، بينت أن الأفراد يستغرقون نسبة 32 في المائة من وقتهم في اللعب عن طريق الهاتف المنقول، ويقضون 17 في المائة من الوقت في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك»، و 10 في المائة في الاطلاع على وسائط اجتماعية أخرى، لذلك برزت الحاجة إلى ضرورة إنتاج مواد إعلامية ذات نوعية وبثها عبر الهواتف المحمولة.
وأثار الصحفي البلجيكي إشكالية القلق الذي أضحى يعيشه الإعلاميون جراء تراجع الإقبال على القنوات التلفزيونية، وكذا تتبع أخبار الصحف، داعيا الوسائل الإعلامية الكلاسيكية إلى ضرورة التكيف مع هذا الواقع، موازاة مع الحرص على تطوير القنوات الرقمية، في ظل الثورة التي تعرفها الهواتف المحمولة، أو ما يعرف «بالإعلام المنقول أو المتحرك»، مبددا في ذات السياق، مخاوف البعض من إمكانية عدم الحرص على الالتزام بأخلاقيات المهنة من قبل المهتمين أو الناشطين في مجال الإعلام الرقمي، في ظل وجود قوانين تعاقب من يرتكب تجاوزات في حق الآخرين.                                                                                                                                                                             

لطيفة بلحاج

الرجوع إلى الأعلى