أئمة أمريكيون يثمنّون التعايش الديني في الجزائر
كشف أمس ممثل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف حفصي يوسف، أن الإحتفالات لأول مرة لتخليد اليوم العالمي للعيش معا يوم 16 ماي المقبل، ستكون بأعالي جبل المرجاجو بوهران حيث سيتم إعادة إفتتاح كنيسة سيدة السلام القديسة مريم، وتدشين مسجد رباط الطلبة غير البعيد عنها، مع إطلاق تسمية «ساحة العيش معا» على ساحة الكنيسة، وكذا إفتتاح مسجد الأمير عبد القادر بمدخل وهران، وهي ثلاثية رمزية لتعايش الأديان في الجزائر على مرور الأزمنة، إضافة لإقامة جمعة موحدة على المستوى الوطني وستكون أول جمعة من رمضان يوم 18 ماي وأطلق عليها «جمعة السلام».
أوضح ممثل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف حفصي يوسف أمس خلال مداخلته التي ألقاها أمام وفد الأئمة الأمريكيين الذي يزور الجزائر وكل الحاضرين بمسجد ابن باديس بوهران، أثناء الدورة التكوينية المتمحورة حول «التطرف العنيف والراديكالية»، أن تدابير المصالحة الوطنية التي أقرها رئيس الجمهورية، جاءت بالأمن والإستقرار و سمحت بالتصدي للإرهاب بكل أشكاله وكذا بضمان الفضاء المناسب لحوار الأديان والعيش معا، وإلى جانب هذا هناك ضمانات يمنحها الدستور الجزائري خاصة المادة 42 منه التي تقر بحرية ممارسة الشعائر الدينية عكس بعض الدول التي تمنعها، مبرزا في هذا الصدد أن الوزارة الجزائرية هي وزارة الشؤون الدينية وليس الشؤون الإسلامية، مما يعني ضمها لمختلف الأديان، وقال السيد حفصي أن الجزائر دفعت ثمن التطرف غاليا خلال العشرية السوداء التي تم خلالها اغتيال ما يفوق 100 إمام.
كما تطرق المحاضر لبرنامج الوزارة لإستقدام ثلة من الأئمة من كل أنحاء العالم للتعرف ومشاركة الجزائر تجربتها الرائدة في الوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف، واستشهد في مداخلته بالأعمال التي قام بها الأمير عبد القادر مع المسيحيين خاصة وإنعكاس ذلك على العلاقات بين الأديان وهي المواقف التاريخية التي يجب الإستلهام منها لخلق جو من حوار الأديان والعيش معا.
من جهتهم تداول أعضاء الوفد الامريكي الثمانية، على الكلمة مثمنين إهتمام السلطات الجزائرية بتعايش الأديان وتجربتها في التصدي للتطرف العنيف والإرهاب، وأفادوا أنهم بتواجدهم التكويني في الجزائر وقفوا على حقيقة هذه الأمور التي كانوا يسمعون عنها من خلال تقارير مختلفة، وأضافوا أن بعض الحقائق لم يكونوا يعرفونها عن وضعية ممارسة الشعائر في الجزائر وإستراتيجية وزارة الشؤون الدينية في التعامل مع غير المسلمين، وأكد الإمام بلقاسم ناهي، أحد أعضاء الوفد الأمريكي، أن الإسلام في أمريكا بخير والدليل هو الحماية القانونية التي يكفلها الدستور وكذا وجود 64 ألف طبيب مسلم في أمريكا ومئات الآلاف من المهندسين يقدمون خدماتهم للمجتمع الأمريكي كله، وأن مبالغ الزكاة تصل سنويا ل 70 مليون دولار، وأضاف السيد خان وهو عضو في الوفد ويعمل سجانا في السجون الأمريكية، أن بهذه الأخيرة يسجل سنويا دخول 15 ألف سجين للإسلام، مركزا في كلمته على أنه سينقل لهؤلاء تجربة الجزائر ومستوى التعايش بين المسلمين والمسيحيين في بلاد الأمير عبد القادر، وأضاف عضو آخر، أنه في امريكا توجد تحديات مثلما توجد في أي مجتمع، ولكن لا يوجد أي ضغط على الدين الإسلامي في إطار مبادئ حرية الأديان.
بينما قال أحد الأئمة الجزائريين، أن حوار الأديان هو أحد المخارج والحلول للأزمات التي تعيشها الدول في ظل العولمة، وبالتالي لا يمكن لأي أحد أن يصم آذانه عن ما يحدث للآخر لأن الجميع معني، مشيرا أن كل الفلسفات والأفكار في العالم إلا ولها متطرفون، يشوهون الأفكار ويسقطونها على الواقع إسقاطا فيه الكثير من التناقضات، ولكن القضاء على التطرف مثلما قال يجب أن يكون بنشر العلم وليس بطرق تصب الزيت على النار.
ومن جانب آخر، قال أسقف وهران الذي حضر اللقاء، أن مثل هذه المناسبات واللقاءات مهمة جدا في الوقت الراهن الذي يشهد فيه العالم بروز قوى تسعى للتفرقة بإسم الدين، مشيرا أن دعوته من طرف وزار الشؤون الدينية للحضور هو مؤشر جيد على تجسيد الجزائر لمبادئ التقارب وحوار الأديان، مبرزا أن الصورة التي سردها الوفد الأمريكي عن وضعية الأديان، هي نموذج أيضا يجب العمل على الإقتداء به، حيث لا يوجد أي مبرر كي لا يعيش الناس معا وسط الإختلاف الديني.
للتذكير، فإن زيارة وفد الأئمة الأمريكيين لوهران، تعد أول خرجة في إطار فترتهم التكوينية في الجزائر التي سيزورون أثناءها عدة ولايات من الوطن منها تلمسان اليوم وقسنطينة ومدن أخرى لاحقا.
بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى