تصريحــات بونـاطيـــرو حــول الإمســـاك شـــاذة ولا تستنـــد إلـى دلائـــل علـميــــة
يستغرب الباحث في الفيزياء النظرية و رئيس جمعية الشعرى لعلم الفلك، البروفيسور جمال ميموني، التصريحات الأخيرة الصادرة عن الباحث المثير للجدل لوط بوناطيرو و التي قال فيها إن الجزائريين يصومون 40 دقيقة إضافية في رمضان، حيث أكد أنها لا تستند إلى أية أسس علمية و تؤدي إلى إثارة الفتنة و زعزعة الرأي العام بالجزائر، التي تعتمد على الحسابات «الدقيقة» لمركز “الكراغ».
و قال الأستاذ بجامعة قسنطينة 1 في اتصال بالنصر يوم أمس، إن آراء بوناطيرو التي تأتي في سنة عرفت توافقا حول بداية شهر رمضان في العالم الإسلامي، «شاذة» و من شأنها «إثارة الفتنة» و خلق الشك في نفوس الجزائريين خلال صيامهم هذا الشهر المقدس، في حين أن مواعيد الإمساك تضبطها وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف بالاعتماد على الحسابات الدقيقة بنسبة 100 بالمئة، و الموضوعة من طرف مختصين بمركز البحث في علم الفلك و الفيزياء الفلكية و الجيوفيزياء «كراغ»، و ذلك وفق المعايير المعتمدة في بلدان العالم الإسلامي.
و تساءل البروفيسور ميموني عما يقصده بوناطيرو عندما قال إن الحسابات التي اعتمدت عليها الجزائر في وضع رزنامة مواقيت الصلاة و الإمساك “خاطئة منذ الاستقلال” ، معلقا في الخصوص “الحسابات أسنِدت بعد الاستقلال لباحث جزائري مختص، ثم لماذا لم يعلق بوناطيرو على حسابات ما قبل الاستقلال و ما قبل الاستعمار؟»، قبل أن يضيف أن مثل هذه التصريحات تشكك في صيام و صلاة الجزائريين طيلة السنوات الماضية، بل و في صيام الأمة الإسلامية التي تضم مليارا و نصف مليار مسلم عبر العالم.
و ذكر محدثنا أنه يوافق ما جاء في رد وزير الشؤون الدينية و الأوقاف محمد عيسى على بوناطيرو، خاصة ما تعلق بمسألة التلوث الضوئي الناجم عن الإنارة بالمدن، فهي، مثلما أوضح، تمنع مشاهدة الإضاءة غير المباشرة الناتجة عن مرور الشمس تحت الأفق بـ 18 درجة، ما يحيل البعض إلى الاعتقاد بأن هناك ظلاما شاملا و بأن وقت الفجر لم يحن، لكن الفلكيين المتخصصين يمكنهم تمييز ذلك بوضوح، فقبل لحظة الفجر التي يكون فيها الظلام دامسا، تُرى كل النجوم و حتى الخافتة منها، لكن بعد لحظة بزوغ الفجر تختفي النجوم و لا تُرى منها إلا تلك اللامعة التي تغيب عن الرؤية تدريجيا.
وردا على تصريح صحفي نقلت فيه إحدى المواقع الإخبارية الالكترونية عن بوناطيرو قوله إن جمعية الشعرى “غلّطت الجزائريين فيما يتعلق برصد الهلال”، ذكر ميموني أن ما تم الإدلاء به “بهتان” ترفضه الجمعية، التي قال إنها دأبت على تقديم معلومات علمية تبقى لوزارة الشؤون الدينية حرية اعتمادها أو لا، كونها المخولة الوحيدة بتحديد أيام بداية رمضان و العيد.
ويستغرب ميموني استمرار صدور تصريحات مثيرة للجدل كهذه، عن شخص قال محدثنا إنه لا يتردد في توقع أوقات حدوث الزلازل رغم أن علماء العالم عجزوا عن ذلك، وأيضا التنبؤ بحالة الطقس خلال رمضان قبل شهرين من حلوله، في حين أن جميع المختصين في الأحوال الجوية و الدراسات المناخية يؤكدون استحالة التنبؤ بالطقس إلى أكثر من أسبوع.
و كان لوط بوناطيرو المعروف بخرجاته الإعلامية المثيرة للجدل، قد صرح بأن الجزائريّين يصومون لأربعين دقيقة زائدة عما يقتضيه الواجب الديني، بسبب «خطأ» في حساب وقت صلاة الصبح والإمساك في الرزنامة الرسمية المعتمدة للصلوات ببلادنا، و برر ذلك باعتماد “الفجر الفلكي» وليس «الفجر الفقهي» و بأن الجزائري يصلي الفجر ثم يعود إلى النوم لأن الظلام ما يزال يملأ الأفق.
وقد رد، أول أمس، وزير الشؤون الدينية و الأوقاف على هذه التصريحات في صفحته الرسمية على موقع “فايسبوك»، حيث أكد أن الرزنامة المعتمدة بالجزائر معدّة من طرف باحثين ودكاترة من مركز البحث في الهندسة الفضائية وعلم الفلك والفيزياء الأرضية، قال إنهم يعرفون نصوص القرآن والسنة الصحيحة التي تضبط المواقيت الشرعية ويحسنون فهمها علميا وتفسيرها فلكيا، مضيفا أن خرجات بوناطيرو من شأنها إثارة الفتنة و تشكيك الجزائريين في دينهم، كما أكد أن ليس من مصلحة الدولة أن يصوم الجزائريون أكثر أو أقلّ ممّا فرضه الشرع عليهم.   
ياسمين.ب

الرجوع إلى الأعلى