يختار التونسيون، اليوم الأحد، رئيسهم الجديد  بين أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، ورجل الأعمال نبيل القروي، في الدور الثاني من الانتخابات الذي تأهل إليه المترشحان في مفاجأة مدوية، بعد خروج أوزان كانت توصف بالثقيلة من الدور الأول.
وكان قيس سعيّد الذي حل أولا في الدور الأول امتنع عن القيام بالحملة الانتخابية، لكون منافسه في السجن، قبل الإفراج عنه نهاية الأسبوع الفارط.
وكان الرجلان خاضا منازلة أخيرة على التلفزيون التونسي سهرة الجمعة، في مناظرة  تناولت أربعة محاور هي: الدفاع والأمن القومي، والسياسة الخارجية، وصلاحيات الرئيس فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية والتشريعية، والشأن العام.
وفيما يتعلق بمواجهة الإرهاب، اقترح القروي وضع كافة أجهزة الاستخبارات تحت رئاسة الجمهورية لتحسين عملية التنسيق فيما بينها، كما كشف عن نيته تفعيل قانون الإرهاب.
من جانبه، قال سعيد إنه « لابد من تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة» مشيرا إلى أن « هناك خططا أمنية لكن لا يمكن الإفصاح عنها في وسائل الإعلام لأن ذلك من شأنه أن يمس بالأمن القومي للبلاد».
وحول ملف الأمن القومي، قال القروي « إن الأمن القومي لا يقتصر على الدفاع ومحاربة الإرهاب، وإنما يشمل أيضا العديد من المحاور مثل الصحة والفلاحة والتكنولوجيا والسياحة»، مشيرا إلى ضرورة أن يضم مجلس الأمن القومي خبراء في هذه المجالات للتعاطي بالشكل الأمثل مع المشاكل التي تواجهها البلاد، كما اعتبر أن تحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين يدخل في إطار حماية الأمن القومي لتونس.
فيما قال قيس سعيد، إن الخبراء موجودون بالفعل في الوزارات المختلفة، ويقومون برفع تقاريرهم لمجلس الأمن القومي بصفة دورية، لافتا إلى أنه يتعين من أجل مكافحة الإرهاب تشكيل مجلس أعلى للتربية والتعليم، وتدريس مادة الفلسفة بالمرحلة الابتدائية حتى يتم تحصين الشباب من الإرهاب والتطرف، وتعليمهم الحرية والتفكير السليم من أجل نبذ الأفكار المتطرفة.
وحول السياسة الخارجية والعلاقات الدبلوماسية، قال القروي إن رئيس تونس يعد سفيرا لبلاده في كافة أنحاء العالم، ويجب أن يسعى من هذا المنطلق إلى دفع العلاقات الاقتصادية مع دول العالم، والعمل على جلب الاستثمارات لتونس واكتشاف أسواق جديدة مثل السوق الإفريقية.
من جانبه، قال قيس سعيد إن « هناك ثوابت ومعاهدات أبرمت مع الدول والمنظمات الدولية، ولابد أن تلتزم بها الدولة التونسية بغض النظر عن تغيير الحكام داخلها».
وحول الأزمة الليبية، قال القروي إنه يتعين على دول الجوار العمل بشكل فاعل لتسوية الأزمة الليبية، مشيرا إلى أنه في حال فوزه بالرئاسة فإنه يعتزم العمل مع كافة الأطراف المتناحرة في ليبيا من أجل إيجاد تسوية تضع حدًا للصراع الدائر هناك.
بدوره، قال سعيد إن «هناك شرعية دولية يجب الاحتماء بها»، مشيرا إلى استعداده، في حال فوزه بالرئاسة، لاستقبال كافة الأطراف المتناحرة بليبيا على أرض تونس لإيجاد حل للوضع المتأزم، ولمساعدة الشعب الليبي على تقرير مصيره بنفسه.
وحول أول مبادرة تشريعية يتقدم بها لمجلس نواب الشعب، قال القروي إن أول مبادرة ستكون عن مكافحة الفقر، مضيفا أنه لديه برنامج متكامل لمكافحة الفقر والتهميش.
فيما قال سعيد إن المبادرة التي سيتقدم بها تتمثل في تشكيل مجلس أعلى للتربية والتعليم، مشددا على ضرورة أن تسترجع الدولة التونسية دورها الاجتماعي في ميداني التعليم والصحة العامة، إلى جانب ضرورة مراجعة القوانين المتعلقة بالصحة العامة والضمان الاجتماعي.
وبشأن مكافحة الفساد، قال القروي إن تونس لديها القوانين اللازمة لمحاسبة الفاسدين،مشددا على ضرورة تطبيق القانون بكل صرامة وتقوية دور الحكومة الرقابي في هذا المجال.
من جانبه، قال سعيد إن الفساد تتم مكافحته عبر ما أسماه بـ»المراقبة الآلية من المواطنين على المسئولين»، مشيرا إلى أنه يتعين على المواطنين محاسبة النواب الذين قاموا بانتخابهم لتقاعسهم عن محاسبة المسؤولين الفاسدين.
وكانت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التونسية التي جرت في 15 سبتمبر الماضي، قد أسفرت عن تصدر قيس سعيد القائمة بعد حصوله على نسبة 4ر18% من أصوات الناخبين، وتلاه نبيل القروي الذي تمكن من حصد 6ر15% من أصوات الناخبين.
وسبقت انتخابات الدور الثاني للرئاسيات، انتخابات تشريعية حلت فيها حركة النهضة التي تدعم قيس سعيّد، في المرتبة الأولى لكنها لم تحصل على الأغلبية المريحة التي تمكنها من  تشكيل الحكومة.
وينظر مراقبون إلى قيس سعيّد كإلكترون حرّ دفعت به الظروف التي مرّت بها تونس، منذ ما عرف بثورة الياسمين، إلى القمّة، ويحظى بدعم الإسلاميين وفئات شعبية. في حين يعتبرون نبيل القروي مرشح الدولة العميقة و»الديمقراطيين» الخائفين على «المكاسب المحققة» في حال صعود حليف للإسلاميين لم يتردّد في الجهر برفضه لقوانين اقترحها الرئيس الراحل، في صورة المساواة في الميراث، وقوانين أخرى أريد من خلالها البرهان على «تفتح» تونس ومجاراتها للتشريعات الأوروبية في مجالات الحقوق الخاصة ببعض الفئات.
وربما كان هذا اليوم من أطول أيام تونس في التاريخ الحديث، سيكون فيه الحسم بين مشروعي مجتمع من خلال اختيار أحد
 الرجلين.                             ق- و

الرجوع إلى الأعلى