قرر رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت تقليص عدد الولايات في البلاد من 32 ولاية إلى 10 ولايات فقط ، استجابة لاقتراح رفعته المعارضة منذ خمس سنوات، مما سيمكن من إعادة تنشيط عملية السلام و المضي قدما نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية وصولا إلى إنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2013.

وذكر التلفزيون الرسمي لجنوب السودان أمس السبت أن سلفاكير أعلن عن تقسيم البلاد إلى 10 ولايات، بجانب 3 مناطق إدارية، هي "البيبور، و روينق"، بالإضافة إلى منطقة "أبيي" المتنازع عليها بين الخرطوم وجوبا.

وقال كير عقب اجتماع في جوبا لكبار مسؤولي الحكومة والجيش: "توصلنا إلى تسوية في مصلحة السلام.

أنتظر من المعارضة أن تفعل الأمر نفسه لتمهيد الطريق للاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية" تتولى إدارة شؤون البلاد في فترة انتقالية تعقبها انتخابات لتشكيل حكومة جديدة.

وكان جنوب السودان يملك عشر ولايات عند استقلاله عن السودان في عام 2011  وفقا لدستور البلاد، إلا أن الرئيس سلفاكير قرر رفع عدد الولايات إلى 28 ولاية في عام 2015، ثم إلى 32 في إجراء رفضته المعارضة في إطار الصراع على تقاسم السلطة و الثروات في البلاد.

و اعتبرت المعارضة أن الإجراء يهدف إلى "رفع عدد حلفاء سلفا كير عبر منحهم مناصب مسؤولية في هذه الولايات" .

و قال زعيم المعارضة ريك مشار حينها إنه لن يشارك في تكوين حكومة الوحدة الانتقالية "قبل حسم ملف قضيتي عدد و حدود الولايات و الترتيبات الأمنية" جاعلا من مطلب تقليص عدد الولايات أساسا للذهاب لأية تسوية أخرى.

ومع تزايد الضغوط الدولية على رئيس جنوب السودان و زعيم المعارضة لحل خلافاتهما وفق المهلة المحددة بحلول 22 فبراير الجاري، و تشكيل حكومة وحدة وطنية كجزء من اتفاق السلام الموقع بينهما، تدخلت الحكومة السودانية لحلحلة الأزمة، حيث أجرى رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك اتصالاً مع سلفاكير لإقناعه بالتخلي عن قرار زيادة عدد الولايات، حسب تقارير إعلامية.

ويعد مشكل عدد الولايات وكذلك الإخفاق في دمج مختلف القوات المقاتلة، من بين العقبات الرئيسية أمام إتمام عملية السلام في جنوب السودان علما أن كير ومشار - الذي يعيش في المنفى- تجاوزا مهلتين سابقتين للتوصل إلى سلام لإنهاء الحرب الأهلية.

وبموجب اتفاق سلام شامل توصل اليه سلفا كير و مشار في عام  2018 ، تحت ضغوط من الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول في المنطقة ، وافق الجانبان على تشكيل حكومة وحدة بحلول 12 نوفمبر 2019 إلا أنه تم تأجيل تشكيل الحكومة 100 يوم بعد انقضاء المهلة بسبب استمرار الخلافات بين الطرفين.

ودفعت تلك التأجيلات الولايات المتحدة إلى استدعاء سفيرها في جنوب السودان وفرض عقوبات على كبار المسؤولين "لدورهم في إدامة الصراع"، بينما شددت مجموعة التنمية لدول شرق إفريقيا "ايغاد" التي توسطت في النزاع في جنوب السودان أن "أي تأجيل لتشكيل حكومة وحدة وطنية غير مقبول و لا مرغوب مع وصول مسار السلام الى هذا المستوى".           

لقي قرار رئيس جنوب السودان إعادة تقسيم البلاد إداريا إلى 10 عوضا عن 32 ولاية حاليا، ترحيبا داخل و خارج البلاد حيث اعتبر "خطوة نحو تحقيق السلام" المفقود في البلاد.

و اعتبرت حكومة جنوب السودان في بيان أصدرته بالمناسبة أن "هذا القرار ليس الأفضل لشعبنا لكنه ضروري للسلام والوحدة الوطنية في جنوب السودان".

من جهتها رحبت "الحركة الشعبية" المعارضة في جنوب السودان التي يقودها ريك مشار، بقرار الرئيس سلفاكير ميارديت، فيما تحفظت على قرار أن تكون منطقة روينق "منطقة إدارية.

وقال الناطق باسم الحركة فوك بوث، في تصريح لوكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية أمس "إننا في الحركة الشعبية رحبنا بالقرار لأنه يدعم مطالب الحركة الشعبية في المعارضة والمجتمع الإقليمي والدولي وضامني الاتفاقية المنشطة". واستدرك قائلا "لكن لدينا تحفظ حول إبقاء منطقة روينق كمنطقة إدارية".

واعتبر بوث أن القرار به "شائبه حول اقتراح إنشاء إدارية روينق، وهي كانت ضمن 32 ولاية التي ضمت مقاطعتين، وهما: (فارينق) و (أيمنم)، وهي مناطق، تابعة لقبيلة" الدينكا" التي تقع بولاية" الوحدة" سابقا".

وتابع "..والمعلوم تلك المنطقتين، لا توجد بهما حدود جغرافية، لربطها مع بعضهما، لذلك تم اقتطاع ثلاثة قطع أراضي من مقاطعات مجاورة لربطهما وإنشاء ما سُميت بـ"ولاية روينق سابقاً"، وهي منطقة روينق الإدارية بحسب القرار الجديد.

وتابع الناطق باسم الحركة الشعبية "في اعتقادنا أن المسألة لم تحل بصورة شاملة، ولا تزال هناك مشاكل حدودية، وبالإمكان حلها خلال اجتماع يضم الأطراف المعنية، وبشرط أن تواصل الحكومة بنفس الإرادة السياسية روح التسوية في سبيل تجاوز كل الخلافات وإحلال السلام والاستقرار في جنوب السودان".

وبدورها رحبت الخرطوم ب ما وصفته "خطوة عظيمة من رئيس جنوب السودان من أجل استدامة السلام". ووصف الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في السودان الخطوة ب "القرار البناء والشجاع" للرئيس كير لصالح تكوين الحكومة الانتقالية في بلاده وفقا لنصوص اتفاقية السلام المنشطة.

وأكد بيان ترحيب السودان بهذه "الخطوة في مسيرة سلام دولة جنوب السودان" وحث أطراف عملية السلام فيها ب "العمل بروح تصالحية للم النسيج الاجتماعي وبناء مؤسسات دولة المواطنة والعدالة وحكم القانون".

وخلال القمة الأفريقية التي عقدت مؤخرا في أديس أبابا، أكد عدد من المسؤولين تمسكهم بالمضي قدما باتجاه تطبيق بنود اتفاق السلام في جنوب السودان وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

ومن المتوقع أن تمهد خطوة العودة إلى خيارات الولايات العشر، لاختراق جديد لصالح استدامة السلام في جنوب السودان حيث يترقب مواطنوه إحلال سلام شامل في بلادهم عبر تشكيل حكومة توافقية انتقالية "تعيد" زعيم المعارضة ريك مشار إلى السلطة حيث كان يشغل منصب نائب الرئيس.

ويطمح مواطنو جنوب السودان في أن تقود الفترة الانتقالية إلى إصلاح المؤسسات وتحقيق العدالة ومحاربة الفساد وتقديم مرتكبي الجرائم والانتهاكات للعدالة، وجميعها قضايا فشلت اتفاقية السلام الشامل في تحقيقها حتى الآن.

وأسفر النزاع في جنوب السودان منذ عام 2013 عن مقتل 380 ألف شخص على الأقل فضلا عن أزمة انسانية حادة طالت ملايين الاشخاص في هذا البلد.

وكالات

الرجوع إلى الأعلى