"بؤبؤ العين".. رؤى كاتب شاب  حول التطرف وصراع الإيديولوجيات
 عرض الكاتب الشاب رياض حدير أول أمس، أول مؤلف له و هو كتاب «بيبي» أو «بؤبؤ العين» الذي حاز بفضله على جائزة محمد ذيب ضمن قائمة الرواية الطويلة باللغة الفرنسية سنة 2016، ليكون رمزا للموجة الشبابية التي تتجه للكتابة التي تستنطق الواقع من خلال خيال مدروس و سخرية هادفة، قد تحمل بعض التناقضات التي وجد لها الكاتب رياض تبريرات مختلفة، خلال جلسة البيع بالتوقيع الثانية ، التي نظمها بمقر جمعية القارئ الصغير في وهران.
مهدي.. بطل الرواية الذي يعيش مع أبويه حالة إغتراب وتساؤل، فمن خلالها عاش عالمين منقسمين إيديولوجيا على جميع المستويات، لكن في الواقع يكتشف مهدي أنهما يتقاسمان الكثير من الأمور المشتركة، خاصة التطرف، التضييق على الحريات، غياب بعض القيم الإنسانية، مثل التعايش مع الآخر وغيرها، من المظاهر التي يلمسها مهدي في العالم المغاربي من والد جزائري و والدته الغربية، حيث كان يعيش في الغرب رفقتهما، وهناك شعر بالإغتراب وكثرة الصراعات وغيرها من المظاهر التي تمكن من الفرار منها بأعجوبة، نحو العالم المغاربي البلد الأصلي لوالده ، بحثا عن السلم الإنساني والحريات الشخصية والإيديولوجيات الهادئة، ليصدم مجددا بأنه لا فرق بين العالمين إلا بنسب متفاوتة وبطرق مختلفة، ليرسم مخياله فضاءا للتساؤلات و الأطروحات التي تسمح للقارئ، مهما كان توجهه وفكره ، أن يسكن في ذلك الفضاء المعبر عنه بسخرية تشبه «سخرية القدر».
وقال الكاتب أثناء جلسة البيع بالتوقيع، أن فعل الكتابة بدأ معه منذ سن مبكرة، لكن اليوم و هو في  35 عاما من عمره، شعر بإمكانية نشر مؤلف عن أفكاره، هو وأطروحاته التي تجد من يوافقها في المجتمع، لكن حسب رياض، فحتى الذين لا يتوافقون مع أفكاره ، سيجدون ضالتهم في المؤلف الذي ترك نافذة مفتوحة لإستقبال الإختلافات والرؤى، المهم بالنسبة إليه كما قال «لقد أفرغت ما في جعبتي من كلام وأفكار راودتني لسنوات، ولا ألزم القارئ بها، بل له حرية تفسيرها، وفق الرسالة التي استوعبها».
ووسط طرحه المميز للقصص التي تضمنتها الرواية، نفى الكاتب أن يكون قد تعرض للقص أو الرقابة أو الحذف، رغم أنه فضل طبع مؤلفه لدى الوكالة الوطنية للنشر والإشهار «أناب»، مبرزا أيضا أنه حاول أن يقدم منتوجا كاملا حتى لا يشعر القارئ بعدم إكتمال القصة، منتقدا بعض الكتاب، خاصة الشباب، الذين يتركون القارئ دون إشباع نهمه الأدبي من خلال عدم إكمال القصة، و كان هذا رده على أسئلة الحاضرين خلال جلسة البيع بالتوقيع.
عن هذه النقطة أوضح رياض أنه يفضل الخيارات التي لا يقع عليها الإجماع حتى يخوض تجربة مميزة و يكتسب خبرة، وهو ما حدث له، مثلما قال، مع دار النشر «أناب»، مشيرا في هذا الإطار إلى أنه هو من صمم غلاف الكتاب بالنظر لمهنته «مصمم أنفوغرافي» ، وبهذا الغلاف يكون قد عكس عدة معان كامنة في الرواية وأعطاها البعد الإفريقي الذي ركز عليه أثناء النقاش، حيث أكد رياض حدير أنه يسعى لترجمة الرواية للغة العربية وتسويقها كذلك نحو الجنوب أي دول المغرب العربي و إفريقيا.
 وأوضح المتحدث أن الرواية تحمل عدة إشكاليات مطروحة على المستوى الإفريقي، وبالتالي من شأنها أن تظفي على المؤلف بعد القارة السمراء، مشيرا إلى أن الغلاف يعبر كثيرا عن هذا العمق القاري الإفريقي الذي يستهوي رياض حدير ويدفعه للتفكير في بلوغ قراء القارة، مركزا على الإمتداد الثقافي والتقارب التاريخي بين شعوب «أفريكا».  
وقد لفت إنتباه الجميع سؤال أحد الطلبة الأفارقة الذي قال أن شباب دول وسط وجنوب إفريقيا، لهم بعض القناعات والرؤى التي ربما فرضت عليهم أو تأثروا بها من خلال الإنفتاح الذي طرحته شبكة الأنترنت وهو أن «الأفضل تجده في الأعلى»، ومعنى «الأعلى» بالنسبة لهم، هو دول شمال إفريقيا ، منها الجزائر التي تعد نموذجا راقيا بالنسبة إليهم، ثم الدول الأوروبية، وربما هذا الاعتقاد هو ما يجر آلاف الأفارقة للمغامرة والهجرة بكل الطرق، نحو «الأعلى»، ليكتشفوا عالما ربما أدنى من الصورة التي رسمت له.
وعلى صعيد آخر، قال الكاتب، أنه اليوم لا يمكن إنتظار دور النشر لتقوم بتوزيع و ترويج للمؤلفات الأدبية، بل يوجد عدة قنوات خاصة الإلكترونية التي يمكن من خلالها أن يبادر الكاتب للترويج لمؤلفه،  وبالتالي استقطاب القراء لشرائه والإهتمام به، وضرب لقرائه موعدا ثالثا للبيع بالتوقيع في أكتوبر القادم، وربما تكون حينها قد نضجت لديه الرواية الثانية التي قال أنها ستكون مختلفة تماما عن الأولى.
بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى