الباحثون أهملوا مكانة النوميديين في ظل الاحتلال الروماني
 
أكد  الأستاذ الجامعي الباحث في التاريخ و الآثار محمد فوزي معلم، في محاضرة قدمها يوم الأربعاء بالمتحف العمومي الوطني سيرتا بقسنطينة،  بعنوان «بين نوميديا و البروقنصلية»، أن الباحثين و المؤرخين في القرنين الماضيين أولوا أهمية كبيرة للرومنة في بلاد المغرب القديم، من خلال طابعها العمراني و السياسي، و أهملوا لحد كبير أحد المصادر الاقتصادية و هو الريف، الذي لم يكونوا يشيرون إليه بأنه جزء من المدن الرومانية في بلاد المغرب.
الباحث تطرق في محاضرته لكل ما يتعلق بعالم الريف القديم بين نوميديا و البروقنصلية ، و من أهم المحاور التي تعرض لها ، الجانب الاقتصادي بالحديث عن المنشآت الفلاحية الإمبراطورية و الجانب العسكري و الذي يتمثل في القلاع والحصون و أبراج المراقبة ، و كذا السياسات الإستراتيجية المنتهجة.
كما طرح إشكالية رئيسية تتمثل في  مكانة السكان المحليين في الفترة الرومانية، و هو ما لم تبرزه المدرسة الفرنسية، مؤكدا بأن نسبة كبيرة من قاطني الريف أو الفئة العاملة في القرى الفلاحية الكبرى، كانت من السكان المحليين، موضحا بأن الأبحاث التي مست عديد جوانب  عالم الريف، لا تزال غير كافية، خاصة في ما يتعلق بالفترة المتزامنة مع الاستيطان الروماني ، ما دفعه لإعداد بحث ميداني في فترة دامت نحو 10 سنوات، لتقديم رؤية جديدة، استنادا للمعطيات الأثرية المستقاة من عديد المواقع الأثرية.
و أضاف المتحدث بأن الدراسات أهملت مكانة النوميديين خلال فترة الاستيطان الروماني، ما جعله يقوم ببحث ميداني لإبراز مكانة و ثقافة النوميديين خلال تلك الحقبة، مشيرا إلى أن جل الفرنسيين الذين قاموا بأبحاث عسكريون و ضباط، إلى جانب الطوبوغرافيين و المهندسين و كذا الأطباء، و ليسوا مختصين في علم الآثار، و بالتالي نظرتهم كانت ذاتية ، هدفها التأكيد على عدم وجود مخلفات نوميدية.
ومن بينها نظرة عقيد فرنسي، الذي اعتبر كل المواقع عسكرية ، في حين ادعى باحثون أن السكان المحليين للمنطقة،  لم يتركوا مخلفات و ليس لهم حضارة، و هو ما نفاه الباحث بشكل قاطع. و فند الأستاذ معلم كل ذلك ، مؤكدا بأن اكتشاف خبايا عالم الريف، يتطلب الرجوع إلى المعالم الأثرية فقد أجرى عدة أبحاث شملت مشتة دواخة بقالمة ، وجنوب مدينة نابولي الإيطالية، فتوصل إلى أن هناك عوامل مشتركة بينها، تكشف مدى تطور و توسع الزراعة في القرون الأولى من الاحتلال الروماني، على غرار معاصر الزيتون، إلى جانب زراعة الحبوب و غرس أشجار العنب.
و هناك شواهد على انتشار الحمامات المعدنية في تلك الحقبة الغابرة، بالإضافة إلى المنشآت العسكرية ، والقلاع و الحصون ، مشيرا إلى أن هناك قلعة كانت عبارة عن منشأة فلاحية، ثم تم تحويلها لاحقا إلى منشأة عسكرية، موضحا بأن كل  إعادة استعمال شيء أو مكان ما،  ينسب إلى الفترة البيزنطية، و هذا خطأ كبير، على حد قوله .
و تابع الأستاذ المحاضر بأنه تم اكتشاف عدة شواهد أخرى،  كالملاجئ و الأبراج و الشواهد الجنائزية الميغاليتية و شبه الميغاليتية،  إلى جانب المحاجر  و الجسور.
أ بوقرن

الرجوع إلى الأعلى