نقاش حول رمزية المكان و الزمان في أدب كاتب ياسين  
   
انطلقت بقالمة مساء أمس السبت، فعاليات الملتقى الدولي الثامن حول حياة و مؤلفات الأديب العالمي كاتب ياسين بالمسرح الجهوي محمود تركي بحضور أساتذة جامعيين و باحثين من الجزائر و دول أجنبية جاؤوا لدراسة الظاهرة الأدبية المثيرة للجدل، و تسليط الضوء على جغرافيا الأدب الكاتبي أو ما اصطلح على تسميته بالجغرافيا الكاتبية التي تحدد عناصر المكان و الزمان على في كل أعمال كاتب ياسين، الأدبية و الشعرية و المسرحية.

و في كلمة له عند افتتاح الملتقى تساءل علي عباس رئيس الجمعية المنظمة عن رمزية المكان و الزمان عن كاتب ياسن، مؤكدا بان ذكره لقالمة، و قسنطينة، بونة و الناظور و الهند الصينية و غيرها من الأماكن التي زارها داخل الجزائر و حول العالم تدعو لمزيد من الدراسة و التحليل، لأنها ليست مجرد أماكن كما يعتقد البعض بل هي رموز و دلالات لأشياء و أحداث مثيرة ميزت تاريخ البشرية و اتخذها ياسين كمعالم خالدة لبناء النص الروائي و الشعري و المسرحي المستمد من واقع الزمان و المكان.  
و قال الباحث الأكاديمي سعد برغل من تونس بأن كاتب ياسين لم يكن كاتبا و شاعرا و مسرحيا و صحفيا بالمعني المهني الحرفي فقط، بل كان بل كان مبدعا في سفره اللغوي، و سفره الجغرافي، مضيفا بأن كاتب ياسين مارس سلطته على ثنائية المكان و الزمان و جعلها مجالا مقدسا يمارس فيه الإبداع و التميز، و يفرغ فيه كل ما بداخله من أحلام و آمال، و أحزان، و مآسي، لأن ثنائية المكان و الزمان لها دلالة رمزية عميقة في وجدان الكاتب الذي عاش غربة المكان داخل البلد و غربة المكان خارج البلد.  


و تساءل سعد برغل بكل أسى و تأثر ماذا قدمت الجامعة العربية و اتحاد الكتاب العرب و وزراء الثقافة العرب لكاتب ياسين؟.  
و طالب الأكاديمي التونسي برفع توصية من ملتقى كاتب ياسين بقالمة إلى اتحاد الكتاب العرب ليقيم دورة باسم المبدع كاتب ياسين، مؤكدا بان شعار «العالم يبدأ من قريتي» الذي أطلقه غابريال غارسيا قد سبقه إليه كاتب ياسين عندما جسد هذا الشعار على أرض الواقع من خلال روائعه التي انطلقت من بيئته الأولى و قادته إلى العالمية، لكن يواصل إجحافه في حق الأديب الجزائري و مازال ينسب الجغرافيا الأدبية لغابريال غارسيا.   
و من جهته تناول مهدي شريفي، مترجم و أستاذ اللغة الاسبانية بجامعة غرناطة و بالجامعة التونسية الافتراضية تناول مدى تأثير أدب كاتب ياسين في الأدب الجزائري من خلال الترجمة إلى لغات عالمية بينها اللغة الاسبانية و هي اللغة الأقرب إلى الفرنسية التي كان يكتب بها ياسين و يعتبرها غنيمة حرب.    
و حسب الباحث فإن حضور الأدب الجزائري في اسبانيا مازال محتشما، و النصوص المترجمة إلى اللغة الاسبانية من الأدب الجزائري لا تكاد تذكر، مرجعا السبب إلى الحركية الثقافية و الفكرية المحدودة.  
و أضاف مهدي شريفي بأنه و على الرغم من أن اللغة العربية هي إحدى اللغات الرسمية بالأمم المتحدة، و هي اللغة الرسمية لنحو 22 دولة بالجامعة العربية، و يتكلم بها أكثر من 250 مليون شخص حول العالم فهي لا تمثل إلا واحد بالمائة فقط من نشاط الترجمة عبر العالم.  
و اعتبر المتحدث الأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية الأكثر حضورا باسبانيا مقارنة بالأدب المكتوب باللغة العربية، و تتصدر مؤلفات كاتب ياسين هذا الحضور الذي يبقى محتشما.  


و حسب مهدي شرفي فإن العولمة و سيطرة التوجه التجاري و الاقتصادي للترجمة هو من جعل الأدب الجزائري قليل الحضور باسبانيا و غيرها من دول العالم الأخرى.   
و تطرقت الأكاديمية الجزائرية ليلى خلالفة إلى دلالات المكان و الزمان في أدب كاتب ياسين، مؤكدة بأن إبداعات كاتب ياسين تثمل بحق نموذجا متفردا للنصوص الأدبية المهاجرة، و المتجذرة في المكان و الزمان، و في الرمزية أيضا.  
مؤكدة بأن رمزية الفضاء الخارجي قد تجسدت في رواية نجمة، و أن كاتب ياسين استطاع تطويع المكان و تحويله إلى منطلق لنصوصه الأدبية و الشعرية بنوع من الافتخار و الاعتزاز بموطنه و جذوره الضاربة في أعماق التاريخ بالناظور و عين غرور موطن الأجداد و المأساة الدامية.  
وخلصت المتدخلة إلى القول بأنه علينا أن نكون متمكنين من الفلسفة حتى نفهم الأدباء و نعرف كيف يحولون المكان المدنس بالشر إلى مكان مقدس و مجال خصب للإبداع و التميز.  

   فريد.غ                        

الرجوع إلى الأعلى