- يا ليل - انعكاس لمظاهر حياة الليل و تقاطع قوى الشر
استمتع مساء أول أمس،  جمهور مسرح محمد الطاهر الفرقاني بقسنطينة، بالعرض الشرفي لمسرحية « يا ليل»، و التي أنتجها ركح ذات الخشبة هذه السنة، و اختار كاتب نصها الغوص في خبايا حياة الليل ليسلط الضوء على ظلمة قلوب البشر في وسط يسوده النفاق الإجتماعي .
عرض « يا ليل» لكاتبه المغربي عبد الكريم برشيد، كشف خبايا عالم الليل الذي كثيرا ما تطغى عليه قوى الشر، فتناول ضمن قالب كوميدي ساخر، موضوع النفاق الاجتماعي و وقف عند مختلف الرؤى المشكلة للنص، مبرزا التغييرات الكبيرة التي تنتعش في الظلام عندما تلتقي قوى الشر. يدور العمل في ساعة و نصف من الزمن، و يتقاسم بطولته 14 ممثلا من الجيلين القديم و الجديد، على غرار المسرحي حمزة محمد فوضيل، الذي جسد شخصية «البحار» ، و الممثلة هاجر سيراوي في دور الزوجة التي هاجر زوجها و وحيد عاشور في دور الكاتب الذي يعود للمدينة  يحاول إصلاح الوضع، العرض للمخرج المسرحي هارون الكيلاني، و النص لعبد الكريم برشيد، أما التأليف الموسيقي فمن إعداد جمال سنوسي. تنطلق احداث القصة، كما يرويها المخرج، من يوميات زوجة تدعى « الصافية»، تعاني مشاق الحياة بمفردها في انتظار عودة زوجها «عبد الهادي»، الذي فضل امتطاء قارب الهجرة بحثا عن المال لينعما معا لاحقا بحياة أفضل، فتتجرع مرارة الفراق و تلبس ثوب الحزن على رحيله، و تعيش صراعا مع الذات يزداد شدة كلما أسدل الليل ظلاله المعتمة، وهي تنتظر بشوق عودة زوجها الذي أحبته كثيرا، إذ تحاول في كل مرة،  التحلي بالصبر و العيش على أمل غد أفضل. لكن تشاء الاقدار، أن يعود عبد الهادي، من بلاد المهجر وهو إرهابي متطرف مشبع بروح الانتقام الأمر الذي يزيد معاناتها فتصاب بصدمة كبيرة، و تتدهور حالتها النفسية يوما بعد يوم، بسبب الأوامر التي يمليها عليها زوجها و تعنيفه لها، ما يقودها لعالم الجنون بعد قيامه بتفجير أحد الملاهي الليلية و الهروب. و يبرز العرض قصة فرقة موسيقية يتظاهر عناصرها بأنهم مكفوفون، اذ يقيمون الحفلات في كل مكان كما يؤدون كل الأنواع الموسيقية، سواء الأغاني الماجنة أو الأناشيد الدينية، لأن همهم الوحيد هو جني الكثير من المال في جنح الظلام حين يكون جل العقلاء نياما، ليكونوا في الختام ضحايا التفجير الانتحاري الذي قام به الزوج المتطرف، الذي يودي تفجيره أيضا بحياة بحار سكير يعاني ظروفا صعبة و لا يملك سكنا، يلتجئ إلى الملهى الليلي فيلقى أجله هناك.
و في ختام  العرض الذي عرف إقبالا جماهيريا لافتا، تبدأ قصة جديدة تروي تناقضات النفسية البشرية و رحلتها نحو البحث عن السلام، وصراعها مع الخير و الشر الكامنة فيها، حيث يصل المدينة المفجوعة كاتب كان يتظاهر بالعمى و يقرر بدوره ان يبدأ حياة جديدة أين لا أحد يعرفه، يعزف لحنه الخاص فيها، تماما كما كان يفعل الموسيقييون المغتالون، حيث يعمل على إيصال رسالة مفادها، أن التغيير ممكن رغم  تدهور الأوضاع .                 
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى